أحد أهم أسباب مشاكل البلد حقيقة أن لدينا الكثير من أصحاب الشهادات والقليل من أصحاب الكفاءات ممن يطورون أداءهم ليصبحوا مراجع في مجال اختصاصاتهم «كحال د.إبراهيم الرشدان» وبسبب وفرة الهواة كثر الخطأ وقل الصواب.
ذهبت قبل أيام لمجمع الوزارات للمراجعة حول معاملة بسيطة جدا وقد صادفني أحد مسؤولي الوزارة المعنية عارضا علي المساعدة فرفضت كون القضية كما اعتقدت «لا تسوى» وكلها دقائق وينتهي الموضوع، وما حدث بعد ذلك أغرب من الخيال في كم الخطأ والغفلة والإهمال الشديد حتى احتاجت تلك الدقائق إلى مراجعة مستمرة لأيام عدة ولم أشعر خلالها بأن أحد الموظفين المعنيين يشعر بالمسؤولية أو الذنب عن أخطائه الشنيعة و.. ما فيها شيء.. أخطاءنا خير يا طير!
إن التحول من نهج «الهواية» الذي يثير تذمر الناس إلى نهج «الاحتراف» الذي يرضيهم يمر بسلسلة من الأعمال المهمة والرئيسية أولها تغيير مناهج التعليم التي تخرج لنا حاليا الهواة من الموظفين إلى مناهج متطورة (عبر نظام المدارس المستقلة) كي تخرج لنا المحترفين من المهنيين، ثم فرض بعد ذلك عمليات تدريب أولي للموظفين حول كيفية ممارستهم أعمالهم واستقبال المراجعين ثم تلحقها دورات تنشيطية للسنوات اللاحقة.
وجزء أساسي للتحول من نظام الهواية القائم إلى نظام الاحتراف ضرورة تعديل الوضع المعوج القائم في القطاعين العام والخاص الذي تستخدم به العصا بشكل مؤلم ضد المبدعين والجزرة الشهية كمكافأة للمهملين ضمن الفهم الخاطئ للعقلية الإدارية الكويتية التي تعتقد أن الهدف من عملها التضييق على الموظفين وقتل روح الإبداع فيهم.
لقد انتهى الوضع بنا إلى ضرورة أن يصبح كل مراجع أكثر فهما ودراية من الموظف المختص الذي أمامه حتى لا يقع في الأخطاء الجسيمة، ويمتد هذا الأمر للأسف الشديد إلى أعمال فنية شديدة الاختصاص ولا يحاسب عادة من يقعوا بتلك الأخطاء بل يتم في كثير من الأحوال الترقي السريع لهم مع كل خطأ يرتكبونه وهو أمر فريد بين الأمم.
آخر محطة:
1 ـ احدى الدلالات الهامة في انعدام الاحتراف المهني المحلي ندرة من يستضاف من المهنيين الكويتيين من قبل القنوات الفضائية العربية والعالمية.
2 ـ نصاب في بعض الأحيان بموجة تعرق شديدة عند سماع ما يقوله بعض «المختصين» المحليين لوفرة الزلل وكثرة الخطأ فيما يقولونه والذي لا يقع بمثله مبتدئ صغير في مجال تخصصهم.
3 ـ بالمثل لا نشاهد لاعبين كويتيين محترفين لدى أندية الدول الأخرى فظاهرة الهواية وعدم الاحتراف طاغية على كل المجالات.