حسن العيسى

مثلث القهر والملل

دعا رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي إلى "الابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة الفتنة في البلاد، وأوصى بالحكمة والحوار"، تأتي دعوة الخرافي كنصيحة لطرشان السلفيات المتطرفة في دولة تتأصل فيها يوماً بعد يوم النزعات الطائفية والعرقية، كما تطفو على وجه الدولة الأورام السرطانية، مقدمة لتفتت المجتمع، وبداية "للبننة" و"عرقنة" الكويت إن لم يكن بالغد القريب فمن بعد الغد وعليكم الحساب.

سؤال مشروع للنائب عدنان المطوع عن حقيقة سؤال في التربية الإسلامية عن حكم دعاء القبور وسب الصحابة.

وجاء الرد سريعاً من النائب محمد هايف، مؤكداً أن انتقاد سؤال التربية الإسلامية تشكيك في عقيدتنا، وهي عقيدة السنة والجماعة!! يعني كل من لا يتفق مع فقه السنة والجماعة عند شعبنا هو خارج على الحقيقة الصحيحة التي وكيلها الوحيد والناطق الرسمي باسمها هم أهل السنة والجماعة، هم الأكثرية الكويتية والأكثرية العروبية والأكثرية الإسلامية، بهذا الحكم هم من يقرر حقيقة التاريخ، وفقهاؤهم الذين صبوا أحكامه في قوالب تناسب مصلحة الحكام، ومصالحهم هي الحقائق والأصول الثابتة، فالزمن ثابت على المكان، وعقيدة أهل المكان، وكل ما عداهم من واقع تاريخي، مثل حروب الصحابة بينهم وبين بعض وقتلاهم في موقعة الجمل وصفين، إفك وزور وهرطقات. وتلك فتن تاريخية لا يساءل عنها أحد، فانسوها فنحن أهل السنة والجماعة الذين اجتمعنا على الحقائق، وهكذا كان "إجماعنا" سواء تم اليوم أو قبل ألف وخمسمئة عام… فلا زمن يمضي ولا يحزنون!!

سؤال وزارة التربية للطلبة تحريضي على الغير من غير أهل السنة والجماعة من الشيعة و"برين ووش" لعقول الأطفال، وهو في النهاية سؤال عقيم يناقض هو والفكر الذي أملاه حرية العقيدة، كما ينص عليها دستور الدولة، وهو ينفي مبدأ حياد الدولة المفترض في عقائد المواطنين، فالدولة تغلب مذهب على آخر، وسحقت في أيام كئيبة حقوق البشر غير المسلمين حين حرمتهم من مزاولة طقوسهم مثل طائفة السيخ، وحرمت فرقة شيعية أخرى من بلاد الهند من بناء مسجدهم، واجتهد مجلس النواب عام ٨١ من القرن الماضي بحرمان غير المسلمين من الجنسية الكويتية، وأضحى مسيحيو الكويت مهددين بالانقراض ويلحقهم مسيحيو العراق، وغيرهم من الطوائف التي تمتد جذورها لآلاف السنين…!

دروب اللاتسامح والتعصب سالكة حتى جبال تورا بورا، والمستقبل عظيم للحريات الإنسانية لدينا، وويل لمن يدعو إلى علمانية الدولة وليبرالية الديمقراطية… فهذا كفر بواح وطعن لعقيدتنا… فلمَ يتكدر سجين الحرية محمد الجاسم في معتقلات أمن الدولة…! فنحن الأقلية قابعون في زنازين المجتمع المتخلف- اقرأوا التعليقات على الخبر في موقع أوان الإلكتروني كما نقل الخبر- ونحن بدورنا أيضاً سجناء سلطة جالسة تتفرج على مشاريع الجهل في مؤسساتها، وترفع العصي الكبيرة عالية "لتلسب" ظهور المتطاولين على هيبتها… في كويت اليوم "مثلث الديمقراطية" أو مثلث الملل والقهر.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *