سعيد محمد سعيد

«الحرامية»… في بيوت الله!

 

لن نتمكن من تصنيف من يندرجون تحت كلمة «الحرامية» في البلد، فهناك من يسرق قوت الناس وعرقهم، وهناك من يسرق أملاك الدولة وهناك من يسرق الحقوق، سواء كانت مالية أم شرعية أم أدبية، وهناك من يسرق حتى أهله وأقرباءه، وهناك أيضاً من يسرق راحة الناس وابتساماتهم، فالحرامية والعياذ بالله منهم ومن الحرام، كثر مع شديد الأسف… لكن أن تكبر شريحة الحرامية لتصل إلى بيوت الله، فهذا أمر خطير للغاية.

خلال السنوات الماضية، دونت السجلات الأمنية سرقات تعرضت لها مساجد في مختلف مناطق البلاد، وشملت تلك السرقات مكيفات ونوافذ وأبواب الألمنيوم، ناهيك عن محتويات بيوت الله، ولعل الكثير من الناس يتذكرون حوادث متعددة من سرقات تعرضت لها بيوت الله، وإذا عدنا إلى شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2003، ربما وقفنا على تفاصيل قضية مهمة حينما أعلنت وزارة الداخلية إلقاء القبض على لصين بحرينيين تخصصا في سرقة المساجد وصناديق التبرعات الخيرية.

حينذاك، سجل اللصان اعترافاتهما أمام قاضي التحقيق بارتكابهما عدداً من السرقات في منطقة المحرق، فبعد أن تلقت إدارة أمن منطقة المحرق عدداً من البلاغات من بعض المواطنين تفيد بتعرضهم للسرقة، أجرت التحريات التي أمسكت من خلالها بخيوط اقتفت عن طريقها آثار المتهمين وأحدهما من سكنة مدينة عيسى والثاني من سكنة الرفاع في العشرين من العمر، وتبيّن بعد التحقيق أنهما من أرباب السوابق وتورطا في تواريخ متفاوتة منذ العام 2002 في سرقة خمسة مساجد وصندوقين للتبرعات الخيرية ومحلات تجارية ولوحات لسيارتين استخدماها في سيارات أخرى للتنقلات وحمل المسروقات، وانصبت مسروقات المساجد على مكبرات الصوت فضلاً عن سرقة حصيلة عدد من الهواتف العمومية ومبالغ نقدية من محلات تجارية تم ضبط جزء منها.

وعلى رغم أن هذه الحادثة أثارت جدلاً كبيراً بين المواطنين، إلا أن السرقات استمرت، وآخرها الحكم الذي صدر مطلع شهر يونيو/ حزيران الجاري عندما قضت المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة برئاسة القاضي محمد سعيد العرادي، وأمانة سر محمود عيسى بحبس متهم لمدة سنة لسرقته مسجدين، وتمثلت تفاصيل القضية في أن قيّم أحد المسجدين قدم بلاغاً بخلع باب المسجد وسرقة مبالغ من صندوق التبرعات، فيما اعترف المتهم بسرقة مكيف من المسجد الأول، كما اعترف بسرقة أنابيب من المسجد الثاني.

قبل أيام، تفاجأ المصلون في أحد الجوامع أثناء صلاة المغرب في قرية الدراز، بأحد المسئولين في الجامع يتحدث عبر مكبر الصوت موجهاً الكلام إلى المصليات في قسم النساء بضرورة أخذ حذرهن والحفاظ على حقائبهن بعد أن وردت شكاوى من تعرض حقائب ومبالغ مالية وحاجيات خاصة أخرى للسرقة كالهواتف النقالة وما شابه، داعياً المصليات إلى وضع حقائبهن بالقرب منهن، والحذر من الحركات المريبة التي تصدر عن بعض النسوة.

وقد أبلغني قيّم بأحد المساجد قبل فترة، عن تعمد بعض النساء سرقة النقود التي يتم وضعها داخل الضريح كصدقات أو تبرعات للتبرك، بل إن البعض منهم يتفنن في طريقة سرقة النقود باستخدام ما تتفتق عنه أفكارهم الجهنمية ولو باستخدام (علاقة ملابس)، فيما كان أحد الإخوة يشير إلى قيام بعض اللصوص بسرقة محتويات سيارات أحد الجوامع في مدينة حمد حال قيام الإمام برفع تكبيرة الإحرام.

نحن لا ننكر جهود رجال الأمن وبخاصة أفراد شرطة المجتمع بل ونشكرهم على ما يقومون به من عمل، إلا أنه من اللازم أن يتعاون كل المواطنين والمقيمين في عدم التهاون مع من يظهر بمظهر الريبة في تصرفاته، ليس في المساجد فحسب، بل حتى في الأحياء السكنية والتجارية، فحسب ما يقوله القيّمون في المساجد التي تعرضت للسرقة، وأنا أتفق معهم، فإن الكثير من الناس الذين تحدثوا عن مشاهداتهم، كانوا يشعرون بحركة غريبة في تصرفات البعض، لكنهم لم يحركوا ساكناً ولم يكلفوا أنفسهم إبلاغ القيّم بما يحدث إنما تحدثوا بعد وقوع السرقة.

بقليل من الشعور بالمسئولية والقيام بالواجب الشرعي والوطني، لن يكون هناك لصوص في البلد… لكن هيهات.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *