لم يكن في ذلك اللقاء (الخاص) الشبيه بالمنتدى، والذي استضافته إحدى الشخصيات البحرينية الكريمة في مكتبها مكان للطائفيين ولله الحمد، فعدد من أبناء البحرين من الشخصيات والعوائل الكريمة من الطائفتين الكريمتين، مثلوا الصورة الحقيقية للمجتمع البحريني في التصدي للفتن الطائفية التي شهدتها البلاد طوال السنوات الماضية، والتي كان مصيرها الفشل ولله الحمد.
وعلى رغم من أن توافق تام ساد الحضور فيما يتعلق بضرورة التصدي لكل الممارسات والأفكار الطائفية أياً كان مصدرها، إلا أن الطرفين كانا صريحين في الإشارة الى سلوكيات وممارسات واستفزازات يقوم بها أناس من الفريقين أيضاً، سواء كانوا من علماء الدين من المشايخ والمعمّمين أو من النواب ومن يطلقون على أنفسهم اسم ناشطين، وسواء كانوا من كبار المسئولين أم من عامة الناس، فأي استفزاز أو انتقاص من أي طرف يتوجب أن يساءل فاعله قانونياً من دون تمييز مذهبي أو اجتماعي أو نفوذ.
في ذلك اللقاء، كان التأثر واضحاً على وجوه الجميع حال طرح مصرع الشابة (رغد)، وبالمناسبة، فإنه لا داعي لتقديم حول من تكون تلك الفتاة، أو تقديم تفصيل موسع بشأن حادثة المصرع التي آلمت الجميع وهي منتشرة في مواقع كثيرة، وشخصياً وجدت أن تناول الحديث عن المصرع المأساوي، فتت الكثير من الأفكار المتصلبة لدى الكثيرين تجاه الآخر، وتغيرت أفكار الكثيرين وهذا ما لمسته من خلال التواصل مع زملاء من مختلف الدول العربية بشأن الحادثة.
في خضم ذلك، يبرز أمامنا مشهدان يمكن اعتبارهما المنهج الحقيقي الذي يفضل الاعتماد عليه مستقبلاً لزيادة الحنق والغضب بين الطائفيين والمرضى بالتكفير، حتى أولئك الذين تدعمهم دول وجماعات نفوذ، أولها رفض شيخ الأزهر أحمد الطيب دعوة أحد الدعاة (…) بسحب اعتراف الأزهر بالمذهب الجعفري الاثني عشري، قائلاً باختصار وبعيداً عن الأسطوانة المكررة في شأن (الخلاف في الأصول)، أن «الأزهر لا يفرق بين سني وشيعي طالما أن الجميع يقر بالشهادتين».
أما المشهد الآخر، فهو موقف الشيخ أسد قصير في متابعته لقضية الشابة (رغد)، والذي هو الآخر تمكن من مخاطبة مئات الآلاف من السنة والشيعة عبر غرفة حوارية مطالباً بالكف عن التكفير باعتبارها كلمة (أشد من السيف) من جهة الجماعات التفكيرية، والكف عن الإساءة لرموز أهل السنة والجماعة من جهة أخرى.
وعلى أن التكفير والعمل اليومي للإساءة اإلى المذهب الجعفري قائم مستمر ولا يمكن إغفاله، فهو، أي الشيخ أسد قصير، يصرح بأن هنا بعض الشيعة مع الأسف، ينالون من رموز أهل السنة، ويتساءل نصاً كما هو مسجل: «لماذا الإساءة وما هي الفائدة… في مذهب أهل البيت، نحن نحترم الصحابة ونحبهم، ونقول إن عرض النبي «ص» منزّه، ونقول أن أعراض الأنبياء منزّهة فكيف بعرض أشرف الناس وأطهر الناس محمد «ص» ونحن لا نطعن في عرض أم المؤمنين عائشة؟ ماذا لو قلت أم المؤمنين حين كان البعض يشكل علينا ذلك؟ فماذا تخسر إذا قلت أم المؤمنين، الصدر الأول يذكر الصحابة ويقول رضي الله عنهم، كما أن بعض التكفيريين يدخلون إلى غرف لشيعة ويسبون المهدي «عج» ويستفزون الشيعة حتى تسب رموزهم»…
ومن الطبيعي أن يكون هناك بون شاسع بين الشيخ الطيب والشيخ أسد، ولفيف من علماء الأمة، على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ محمد سعيد رمضان البوظي، ومفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون وآية الله التسخيري والسادة الكبار كالسيد السيستاني وفضل الله وبين (مشايخ الفتنة)… من الطبيعي أن يكون الفارق كبيراً بين شخصيات اللقاء الكريمة وكل مواطن بحريني يحب وطنه وقيادته وأهل بلده، وبين فئة أخرى منافقة كذابة تدعي حب الوطن والقيادة وأهل البلد وتسعى لإثارة الفتن دائماً… لأن الزبد يذهب جفاءً