محمد الوشيحي

هزي يا نواعم


منظر الشعب وهو يراقب أعضاء حكومته وحبايبها ويتحسر، يشبه إلى حد التطابق منظر مجموعة من عمال التنظيف المكدسين في حوض سيارة نقل، في عز الصيف، وهم عائدون من مقر عملهم ينضحون عرقاً وإجهاداً، فتتوقف سيارتهم عند إشارة المرور، فتقع أعينهم على شاب لم يكتمل نمو شنبه، يمتطي سيارة تجاوزت قيمتها الأربعين ألف دينار، زجاجها مغلق لدواعي التكييف، ويجول بنظره بين السيارات بحثاً عن فتاة تبهرها سيارته. ووالله لا أدري ماذا أفعل عندما تتصوب نظرات هؤلاء الكادحين العرقانين صوبي، رغم أن سيارتي لا تغري حتى منى عبدالمجيد.


وبعد خمس سنوات من الآن، وفي صيف 2015، سيصرح وزير الكهرباء: "هذا الصيف سيكون الأكثر قسوة"، فيشد الناطق باسم الحكومة من أزره: "هذا الصيف كارثي"، فيراسلني قارئ: "والدتي تعاني السمنة وأمراض الشيخوخة. تعبتُ في إقناعها بالسفر إلى دولة طقسها بارد حتى لا تتكرر الكارثة عندما كادت تموت بسبب انقطاع الكهرباء، فرفضَتْ خشية أن تموت في بلاد ليست مسلمة، على اعتبار أن المسلمين في نظرها هم فقط أهل الخليج، فأقنعتها بالسفر إلى العمرة، ومن ثم الإقامة في مدينة الطائف، بحجة القرب من بيت الله الحرام، ووافقت. فتركتُ أولادي وزوجتي أيام الامتحانات، واصطحبتها إلى مكة والطائف. وها أنذا في مكة أدعو على الحكومة ونوابها وكل من يؤيدها". وكتب لي صيغة الدعاء، ولو أن الله استجاب دعاءه، لراحت الحكومة "طعام جحوش" كما يقول المثل البدوي.


وفي صيف 2015، سيغضب الناس لانقطاع الكهرباء، فتصرح الحكومة المرتاحة التي تمدد رجليها على طاولة البرلمان: "ناموا كما كانت تنام الممثلة الفرنسية بريجيت باردو (بي بي)"، التي سئلت ماذا ترتدي أثناء نومها، فأجابت: "قطرات من عطر شانيل فقط"، أي أنها كانت تنام بلا هدوم. في صيف 2015 سنقرأ في الصحف: "تمديد العمل في لجنة التحقيق في طوارئ 2007"، فينتفض نواب كتلتي الشعبي والتنمية وآخرون، ويتقدمون باستجواب لرئيس الحكومة، فيعلن النائب سعدون حماد تأييده للاستجواب، فيتم "إقناعه"، فيصرح: "الاستجواب للتكسب الانتخابي". ويتصل دليهي الهاجري بالشيخ طلال الفهد، فيجد هاتفه مغلقاً، فتضرب معه لخمة، ويحتاس حوسة الدجاجة أمام قط جائع. وتصرح سلوى الجسار: "لا تكهربوا الكهرباء، أمامنا أمور أخرى أهم، فمنصب عميد كلية التربية شاغر". وتصدر كتلة العمل الوطني بياناً لا رأس له ولا ذيل، ويعلن مرزوق الغانم وصالح الملا وأسيل العوضي وعبد الرحمن العنجري، في آخر دقيقة وقبل صفارة الحكم، تأييدهم للاستجواب، والأربعة الباقون يعارضونه، ثم تعلن أسيل امتناعها، ويعلن العنجري رفضه الاستجواب.


ويرسل المهري فاكساً: "المستجوبون حرام، فليس فيهم أحد من أتباع آل البيت". ويصرح حكيم هذه الأمة المنكوبة، دولة رئيس البرلمان جاسم الخرافي، على طريقة هاني شاكر: "يا حبايب قلبي، يا عيوني، سنحيل الجلسة سرية"، فتعلن شركته: "انتهينا من بناء أربع محطات لتوليد الكهرباء في سورية ومصر والأردن وبوركينا فاسو". فيتجمّع الناس في ساحة الإرادة غضباً، تحت شعار "الفساد أهلك العباد"، فيتجمع أنصار رئيس الحكومة، ويرفعون يافطاتهم "غير السّوباح ما نبي".


وهزّي يا نواعم شعرك الحرير، خلي الشعر الناعم مع الهواء يطير… غنّوا معي إلى أن تُفرج، أو إلى نموت من الحر.


سامي النصف

قليل من الرياضة وكثير من الحر

استجابة لتعليق احد القراء الافاضل على مقال سابق وطلبه ان نلجأ للمواضيع الخفيفة للمساعدة على تحمل ثنائية الحر الوافر والكهرباء القليلة قررنا تخصيص مقال اليوم عن بطولة كأس العالم التي شغلت العقول ووحدت اهتمام رجال الاسكيمو في اقصى شمال الارض بالقرب من منزل الجدة الجميلة سارة بالين ورجال الربع الخالي في جنوب المملكة.

وقد نفهم ـ او لا نفهم ـ عدم قدرة فريقنا على الوصول لكأس العالم ولكن لماذا لم نر حكما او محللا او معلقا رياضيا كويتيا ضمن تلك الأنشطة المثيرة؟! كذلك لماذا لم نشهد علما كويتيا واحدا وسط اعلام الجماهير التي ملأت الملاعب رغم وجود مئات او آلاف المشجعين الكويتيين هناك؟ ارجو الا تجعلنا الاخفاقات والاحباطات نخجل من علم بلدنا.

العالم يتنافس وبروح رياضية على البطولات والكؤوس في الملاعب ونحن نحيل الرياضة الى صراعات سياسية لا تنتهي نستعين فيها بالغريب على القريب، ونخرج منها دائما وأبدا صفر اليدين وبخسارة فادحة للمتنافسين وقبلهم للكويت، وفي هذا السياق نرجو الا يقحم اسم القيادة السياسية في اي جهد قبل ان يكتب له النجاح المضمون عبر الرحلات المكوكية والوساطات المستحقة.

بدأت بطولة كرة القدم للهواة عام 1914 وفي عام 1920 شاركت بها مصر و13 دولة اوروبية فقط وفازت بها بلجيكا، وفي عامي 1924 و1928 فازت بها الاورغواي، كما فازت نفس الدولة بالبطولة الرسمية الاولى التي اقيمت عام 1930، وفي الدورة الاولمبية عام 1932 رفضت الدولة المستضيفة وهي الولايات المتحدة ادخال كرة القدم بها لعدم شعبيتها مما جعل الفيفا يعمد لفصلها عن الاولمبياد ويعلن اقامة بطولة عام 1934 في روما بإيطاليا الفاشية.

وقد شاركت في تلك الدورة 15 دولة بدلا من 16 نظرا لاحتلال المانيا النازية للنمسا وقد فاز بالبطولة فريق موسوليني، كما حل فريق ألمانيا النازية بالمركز الثالث، وقد اقيمت البطولة الثالثة عام 38 في فرنسا فاحتلها هتلر ثم قرر اكمال بطولتي عامي 42 و46 بالجيوش والاساطيل والدبابات والطائرات بدلا من كرة القدم مما تسبب في توقفهم واستخدام الولايات المتحدة للكرة الذرية للفوز الساحق بتلك البطولة الدموية التي شاركها الفوز بها ستالين بعد ان ضحى بـ 20 مليونا من الجمهور واللاعبين.

من طرائف البطولة وفي غياب النقل بالطائرات اضطر جمهور ولاعبو الفرق الاوروبية لمغادرة أوروبا شهرين قبل بدء بطولة عام 1930 في الاورغواي وقد فاز البلد المضيف بالكأس المسماة آنذاك بكأس «جيوليوس ريميه» على اسم رئيس الاتحاد وقد سرقت الكأس للمرة الاولى عام 1966 من انجلترا بعد فوزها بها ووجدها كلب يسمى بيكل «الطرش» مدفونة تحت احدى الاشجار، وقد فازت واحتفظت البرازيل بتلك الكأس عام 1970 الا انها سرقت منها في ريو عام 1983 ولم تسترد قط لذا قامت البرازيل بعمل كأس شبيهة لها من صناعة تايوان ولازالت تحتفظ بها بدلا من الكأس الاصلية، وللمعلومة كانت الفرق المشاركة 16 فريقا حتى عام 1982 وعندما زيدت الى 24 فريقا مما اتاح الفرصة لدخول الكويت، ثم زيدت عام 1998 الى 32 فريقا، كما زيدت نقاط الفوز عام 1994 من نقطتين للفائز بالمباراة الى 3 نقاط لتشجيع اللعب الهجومي، كما قدم الفريق الثالث الذي يحصل على نقاط واهداف اكثر في مجموعته على الثالث في المجموعات الاخرى.

آخر محطة: بدلا من الاكتفاء بالبكاء على الكهرباء، هل حاول احدنا اطفاء بعض المكيفات بالبيت او رفع مؤشر درجة الحرارة؟! وهل قلل احد استهلاك المياه عبر ترشيد عمليات غسيل السيارات والاحواش ورش الزرع؟! نرجو ذلك.

احمد الصراف

البكاء على مصير هيلين توماس

قمت قبل فترة بتفريغ شريط مقابلة هيلين توماس، مع قناة إخبارية أميركية، لنشره في مقال. انشغالي أنساني الموضوع، ولكن ما تبع المقابلة من تطورات غير متوقعة في وضع هيلين، بعد العمل لسنوات طويلة كمراسلة صحفية في البيت الأبيض، منذ أيام الرئيس كنيدي في الستينات وحتى عهد أوباما، بسبب تلك المقابلة أو تبعاتها، جعلني أعود لأوراقي لمعرفة المزيد عنها وعن قصتها.
تقول المصادر إن هيلين ولدت عام 1920 في كنتاكي (أميركا) لأبوين هاجرا من لبنان (مصادر أخرى تقول طرابلس). ويقال إن مطالبتها (من خلال أجوبتها في تلك المقابلة) بعودة اليهود من حيث قدموا، كحل للمشكلة الفلسطينية قد أثار عليها اللوبي الصهيوني، ودفع الرئيس أوباما لأن يطلب منها التوقف عن حضور مؤتمرات البيت الأبيض الصحفية. وهذا الموقف بالذات هو الذي رفع من مقامها لدينا، لتصبح هيلين توماس فجأة بطلة قومية وعربية الأصل، وفاضحة للسياسة الأميركية وكاشفة لتطرّفها وانحيازها لإسرائيل، مع العلم أن هذه أمور عرفناها على مقاعد المدرسة منذ نصف قرن أو أكثر.
والحقيقة أنني لم أفاجأ بالشعبية الواسعة التي نالتها هذه السيدة التسعينية العربية اللبنانية، أو سليلة طرابلس، وكيف أننا حولنا تقاعدها القسري أو الطوعي لقضية قومية لمجرد أنها عادت لبيتها من دون احتفال كبير في البيت الأبيض، وكيف أن ذلك دل، حسب رأي البعض، على مستوى الأخلاق الأميركية في التعامل! وبالتالي تستحق هذه السيدة، منا نحن العرب، كما كتب آخرون، التحية والاحتفاء والشكر من رئيس الجامعة العربية وقادة الدول العربية والكتاب وكل أصحاب المواقع الإلكترونية والمنتديات وحملة الهواتف النقالة وغيرهم!
والعجيب أن الحياء لم يمنع البعض من التأسف لعودتها لبيتها بتلك الطريقة غير المهذبة (!) ونسي هؤلاء كل الأبرياء والمنادين بالحرية والديموقراطية في أوطانهم القابعين في «سجوننا» العربية منذ سنوات، دع عنك مئات الآلاف الذين اختفوا تاركين آلافا غيرهم بلا إعالة ولا مستقبل ولا أمان.
هيلين توماس بطلة قررت أن تقول الحقيقة وتطالب بعودة اليهود الألمان الى ألمانيا والروس الى روسيا والبولنديين الى وطنهم فصفقنا لها واعتبرناها شخصية تستحق الوقوف معها، ولكن أيا منا لم يسأل أين كانت هيلين توماس لأكثر من نصف قرن من قضايانا المصيرية كافة؟ ولماذا لم نسمع منها ولو كلمة تأييد واحدة بحقنا؟ ولماذا لم ينتبه، أو يفطن دبلوماسي عربي واحد من الألفين ونيف المتواجدين في واشنطن ونيويورك، أن أصل هذه الصحفية المتنفذة عربي، إلا بعد أن أحيلت الى التقاعد؟ وهل سبق أن التفت اليها واحد من أولئك الدبلوماسيين ودعاها لحضور مجرد حفل استقبال، أو دعوتها لزيارة مسقط رأس أبويها، وفي أي مكان كان؟
إن المشكلة ليست في هيلين ولا في غيرها ولو كنا نقرأ ونستوعب لما كنا بحاجة اليها ولا الى سخافة الإخوان وسفينة حريتهم لنعرف حقيقة تحيز أميركا وغطرسة إسرائيل، فهذه أمور معروفة ومفروغ منها منذ سنوات، فالمشكلة تكمن في جهلنا إدراك أن «الجماعة» يعملون لما فيه مصلحتهم، فهل نعرف نحن أين تقع مصلحتنا؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

شيخان… أحدهما طيب والثاني «أسد»

 

لم يكن في ذلك اللقاء (الخاص) الشبيه بالمنتدى، والذي استضافته إحدى الشخصيات البحرينية الكريمة في مكتبها مكان للطائفيين ولله الحمد، فعدد من أبناء البحرين من الشخصيات والعوائل الكريمة من الطائفتين الكريمتين، مثلوا الصورة الحقيقية للمجتمع البحريني في التصدي للفتن الطائفية التي شهدتها البلاد طوال السنوات الماضية، والتي كان مصيرها الفشل ولله الحمد.

وعلى رغم من أن توافق تام ساد الحضور فيما يتعلق بضرورة التصدي لكل الممارسات والأفكار الطائفية أياً كان مصدرها، إلا أن الطرفين كانا صريحين في الإشارة الى سلوكيات وممارسات واستفزازات يقوم بها أناس من الفريقين أيضاً، سواء كانوا من علماء الدين من المشايخ والمعمّمين أو من النواب ومن يطلقون على أنفسهم اسم ناشطين، وسواء كانوا من كبار المسئولين أم من عامة الناس، فأي استفزاز أو انتقاص من أي طرف يتوجب أن يساءل فاعله قانونياً من دون تمييز مذهبي أو اجتماعي أو نفوذ.

في ذلك اللقاء، كان التأثر واضحاً على وجوه الجميع حال طرح مصرع الشابة (رغد)، وبالمناسبة، فإنه لا داعي لتقديم حول من تكون تلك الفتاة، أو تقديم تفصيل موسع بشأن حادثة المصرع التي آلمت الجميع وهي منتشرة في مواقع كثيرة، وشخصياً وجدت أن تناول الحديث عن المصرع المأساوي، فتت الكثير من الأفكار المتصلبة لدى الكثيرين تجاه الآخر، وتغيرت أفكار الكثيرين وهذا ما لمسته من خلال التواصل مع زملاء من مختلف الدول العربية بشأن الحادثة.

في خضم ذلك، يبرز أمامنا مشهدان يمكن اعتبارهما المنهج الحقيقي الذي يفضل الاعتماد عليه مستقبلاً لزيادة الحنق والغضب بين الطائفيين والمرضى بالتكفير، حتى أولئك الذين تدعمهم دول وجماعات نفوذ، أولها رفض شيخ الأزهر أحمد الطيب دعوة أحد الدعاة (…) بسحب اعتراف الأزهر بالمذهب الجعفري الاثني عشري، قائلاً باختصار وبعيداً عن الأسطوانة المكررة في شأن (الخلاف في الأصول)، أن «الأزهر لا يفرق بين سني وشيعي طالما أن الجميع يقر بالشهادتين».

أما المشهد الآخر، فهو موقف الشيخ أسد قصير في متابعته لقضية الشابة (رغد)، والذي هو الآخر تمكن من مخاطبة مئات الآلاف من السنة والشيعة عبر غرفة حوارية مطالباً بالكف عن التكفير باعتبارها كلمة (أشد من السيف) من جهة الجماعات التفكيرية، والكف عن الإساءة لرموز أهل السنة والجماعة من جهة أخرى.

وعلى أن التكفير والعمل اليومي للإساءة اإلى المذهب الجعفري قائم مستمر ولا يمكن إغفاله، فهو، أي الشيخ أسد قصير، يصرح بأن هنا بعض الشيعة مع الأسف، ينالون من رموز أهل السنة، ويتساءل نصاً كما هو مسجل: «لماذا الإساءة وما هي الفائدة… في مذهب أهل البيت، نحن نحترم الصحابة ونحبهم، ونقول إن عرض النبي «ص» منزّه، ونقول أن أعراض الأنبياء منزّهة فكيف بعرض أشرف الناس وأطهر الناس محمد «ص» ونحن لا نطعن في عرض أم المؤمنين عائشة؟ ماذا لو قلت أم المؤمنين حين كان البعض يشكل علينا ذلك؟ فماذا تخسر إذا قلت أم المؤمنين، الصدر الأول يذكر الصحابة ويقول رضي الله عنهم، كما أن بعض التكفيريين يدخلون إلى غرف لشيعة ويسبون المهدي «عج» ويستفزون الشيعة حتى تسب رموزهم»…

ومن الطبيعي أن يكون هناك بون شاسع بين الشيخ الطيب والشيخ أسد، ولفيف من علماء الأمة، على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ محمد سعيد رمضان البوظي، ومفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون وآية الله التسخيري والسادة الكبار كالسيد السيستاني وفضل الله وبين (مشايخ الفتنة)… من الطبيعي أن يكون الفارق كبيراً بين شخصيات اللقاء الكريمة وكل مواطن بحريني يحب وطنه وقيادته وأهل بلده، وبين فئة أخرى منافقة كذابة تدعي حب الوطن والقيادة وأهل البلد وتسعى لإثارة الفتن دائماً… لأن الزبد يذهب جفاءً