محمد الوشيحي

واااو… يا وجه الله


آخ بس لو تأخذ المعارضة بنصيحتي، عليّ النعمة لأقلبن عاليها واطية، ولألخبطن المسائل لخبطة لم يُخلق مثلها في البلاد. فلا يعرف أحد الرايح من الجاي. ويقول خبراء التكتيك العسكري: "الخطة ُستخدم مرة واحدة، ناجحة كانت أم فاشلة، وتُرمى بعد ذلك". والمعارضة الكويتية تستخدم الخطة ذاتها سبع مرات كلها فاشلة، وتخسر و"يربح" الآخرون. لذا سأطرح خطتي، علّها ولعلّها، وهي كالتالي:


لماذا لا نزايد على فريق الحكومة من النواب والصحف والفضائيات في التطبيل والتزمير والهز والرقص؟ فإذا أرست الحكومة صفقتين على فلان وعلان مخالفةً كل الشروط والشرائع، فليخرج الرئيس السعدون في مؤتمر صحافي وهو يشير بإبهامه إلى الخلف كعادته ويقول: "حقيقة، هاتان الصفقتان تدعمان الدستور، ولا يسعني إلا أن أقول وااااو يا حكومة"، ويعقد النائب الفذ مسلم البراك ندوة لتهنئة الحكومة على صفقتيها، ويعلن أنه أرسل بوكيه ورد إلى هيئة الاستثمار، ويرسل الدقباسي والطاحوس بطاقتي تهنئة إلى رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والإعلام، وتصدر كتلة التنمية والإصلاح على لسان النائب الرائع الدكتور جمعان الحربش بياناً بعنوان "نبيها هيبة… بلا معارضة بلا خيبة".


ويكتب "قلم الدستور" الأستاذ أحمد الديين: "يا لتينك الصفقتين"، ثم يبعث لي بـ"مسج" غاضب: "مطوّلة خطتك؟"، ويكتب سعود العصفور وهو يحك خده ويشتم نفسه: "يا وجه الله ما أجملهما من صفغتين"، ويكتب الزميل الحوثي سعد العجمي وهو يقفز: "في الحكيكة، هاتان الصفكتان تخدمان المنطكة، من تعز إلى الحديّدة، والدليل تأييد مسلم البراك والطاحوس لهما"، ويكتب زايد الزيد عن الصفقتين اللتين لا علاقة للزميل محمد الصقر، ناشر هذه الجريدة، بهما: "رغم أن الصفقتين أعطيتا لنائب سابق يملك صحيفة يومية فإنهما مطابقتان للشروط"، ويكتب مشاري العدواني: "رغم أنني أول من اكتشف الصفقتين، وأول من استخدم النار في الطبخ، وأول من ركب القطار البخاري، وأكبر عصبي في الكويت، وأضرب الطاولة أثناء كتابة المقالة، فإن الحكومة لم تكوكس هذه المرة"، وأكتب أنا: "عليّ النعمة أثناء خدمتي العسكرية، على أيام جدي بريمان وجدتي وضحة، رحمهما الله، كنت برفقة إخوتي منصور وخالد وسعود وعبد الرحمن، وكنت أحمل أطفالي روان وغلا وسلمان وسعود (على اعتبار أنني الوحيد الذي خدم في العسكرية، وأن عمودي الصحافي ملك للعائلة)، علمت بنبأ الصفقتين فتمنيت لو كان سمو الرئيس بجانبي كي أقبّل أنفه وأقف خلفه بمحاذاة كتفه ونحن على الشرفة".


أجزم حينذاك أن أسهم فريق الحكومة ستنخفض، وستمسح الحكومة أرقامهم من موبايلها، فتضرب معهم لخمة، فيتزاحمون كالعادة على بابها آخر الشهر، فيخرج لهم الهندي: "شنو يبي؟ يالله روح"، فيخرج المذيع الشاعر إياه على الشاشة مستصرخاً: "حنا ططو، حنا عمى عين القطو"، فلا يجيبه أحد، فيصرخ: "يا شباب، يا أخوان شمة، حنا ططو"، ولا مجيب، فيطلب من المشاهدين الصعود على الأسطح لأداء صلاة الاستسقاء، ثم يخرج ليبدأ برنامج زميله الجديد المتخصص في مناقشة العجائز عن السياسة، فيتحدث وهو مطرق: "سيداتي سادتي، أخيّاتي عزوتي، رحنا ملح، أي نعم ما غير رحنا ملح"، فيتلقى اتصالاً من أم عقاب فيرحب بها: "هلا خيّتي، هلا عزوتي، هلا سندي ومسندي، شهرين ما استلمت معاشي، ونبيها هيبة، ونبيها معاشات".


ويكتب نبيل الفضل مقالته الوداعية وهو يجمع حاجياته في شرشف: "مسلم البراك… انبطاحي"، ثم يركب تكسي بعد أن سُحبت منه سيارته الميزاراتي، وتصرح النائبة معصومة المبارك: "عيب عليكم، يا جماعة عيب عليكم، من الصبح واحنا على مكتب سموّه، والحراس يطردوننا، عيب"، وينفض النائب علي الراشد التراب عن يافطاته القديمة، ويمسحها بكمّه، ويعقد ندوة تحت شعار "إلا الدستور".


وخلال ستة أشهر، بهالشارب، سيبدأ العنكبوت بناء المدن الجديدة في وسائل الإعلام إياها، وسيتغيب نواب الحكومة عن الجلسات، وسنشاهد في نشرات الأخبار: "الكويت تستدين من صندوق النقد الدولي بعد خلوّ خزينتها". لحظتذاك، تتحرك المعارضة فـ"تزيّت" فوهات مدافعها، وتعيد توزيع الذخيرة، وترفع بيرقها الأحمر.


حسن العيسى

حكومة تأمر ومجلس يطيع… شتبون بعد؟!


الحمد لله، كل دول العالم "السنعة" لديها حكومة واحدة تدير الدولة، لكننا في الكويت أفضل منهم، وهذا بالتأكيد لأننا لسنا من دول "السنع". الحمد لله لدينا حكومتان، مبنى الحكومة الأولى قرب قصر السيف ويطل على البحر، واسمها مجلس الوزراء، وحكومة أخرى، تقابلها تقريباً، واسمها "مجلس الأمة". ويا بخت الحكومة رقم واحد، فلديها وكلاء يمثلونها ويبصمون على قراراتها في كل المناسبات، بالحق وبالباطل. ويا بختنا بالاثنتين! صورة ومرآة عاكسة والعكس صحيح، مايسترو حكومي وكومبارس مجلسي، ولو قلبت الصورة فلن يختلف الأمر في دولة المركز المالي ومركز الحريات الفكرية للمنطقة!


كيف نفسر إقرار سرية الجلسة من نواب حكومة رقم 2 حتى قبل الاستماع إلى أسباب السرية المزعومة! وما الدواعي إلى طلب السرية؟ وما وجه الخطورة في علنية الجلسة؟! موضوع استجواب النائب خالد الطاحوس لم يكن عن قضايا تمس أمن الدولة أو مما يعرض مصالحها العظمى للخطر، أو يهدد أمنها الاجتماعي والاقتصادي كما تكرر وتدندن مدونات قوانين الجزاء وأمن الدولة والمطبوعات والنشر في نصوص "الماغنا كارتا" الكويتية. كان موضوع الاستجواب قضية لا تلامس وعي الكثيرين من أهل الكويت، هم وحكومتهم ومجلسهم، كان عن البيئة والكارثة البيئية، سواء كانت في أم الهيمان أم في أي مكان آخر في دولة بني نفط. ربما لم يكن مُهِمّاً أن يعرف الناس بلغة الأرقام سواء تقدم بها النائب خالد الطاحوس أو شمَّر د. البصيري عن ساعديه للرد عليها وقبرها في مهدها؛ فقد تم إصدار حكم مُبَيَّتة أسبابه مسبقاً حتى قبل الاستماع إلى مرافعة الادعاء أو الدفاع، وهكذا تصاغ الأحكام العادلة "ولا بلاش"! أحكام جاهزة مُعَلَّبة تحت الطلب من غير مرافعة ومن دون سماع لا اتهام ولا دفاع، المهم ما تريده "حكومة الحكومة" يصير، ويصبح أمراً واقعاً، تفرك الحكومة مصباح علاء الدين بيدَي الواسطة والمال الحلال فيرد عليها المارد: أمرك مطاع يا مولاتي! هكذا علينا أن نفهم الديمقراطية، وهكذا يكون مبدأ الفصل بين السلطات في كويت القرن الحادي والعشرين!


الرئيس الخرافي صرَّح متسائلاً: إذا كانت سرية الجلسات إفراغاً للدستور من محتواه فلماذا وضع المُشرِّع هذه المادة؟ جوابي للرئيس يكون بسؤال آخر أتقدم به، وهو: لماذا قرر المشرع الدستوري مبدأ علنية الجلسات بدايةً وفق المادة 94 من الدستور؟ المبدأ والأصل هو علنية الجلسات، وبهذه العلنية تتحقق الرقابة الشعبية، وبهذه العلنية تتحقق الديمقراطية الصحيحة، أما سرية الجلسات فقد أجازها المُشرِّع على سبيل الاستثناء وللضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وليس من قدرها سرية استجوابات الشيوخ! وفي النهاية لنقل شكراً للحكومة رقم واحد التي تُقرِّر، وشُكْرٌ آخر لحكومة المجلس التي تبصم.


احمد الصراف

جميعنا قبليون

نشرت إحدى الأسر قبل فترة نعيا لفقيد لها، وذيلت الإعلان باسم قبيلة (….) وكان الإعلان مثال تندر البعض، لأن المنطقة التي سبق أن قدمت منها تلك الأسرة للكويت قبل أكثر من مائة عام، من إيران لا تشتهر بقبائلها! ولكن هذا اعتقاد خاطئ، فغالبية المجتمعات البشرية، وقبل نشوء ما يعرف بالمجتمعات المدنية الحكومية بقوانين ودساتير مكتوبة، كانت عبارة عن تجمعات قبلية متنافرة الخلفيات والمصالح، لها قوانينها الشفهية الخاصة التي تتوقع من المنتمين اليها الدفاع عنها والتمسك بها، وبالتالي فقبائل الجزيرة العربية، وبداوتها، ليست حالة نادرة، فلا تزال مناطق واسعة في إيران مثلا تشتهر بقبائلها، كالبختارية في وسط فارس. كما تتحكم القبائل في غالبية مفاصل الدولة في أفغانستان واليمن، والعراق إلى حد كبير. وللقبائل وجود طاغ في غالبية الدول الأفريقية والمجتمعات الرعوية في آسيا، ويمكن القول عموما ان قوة القبيلة وتأثيرها السلبي على المنتمين لها يبدآن بالتضاؤل مع تقدم المجتمعات وتحولها للمدنية الحديثة، وهكذا بدأت الكويت عندما بدأت القبائل من الجزيرة العربية، بشكل كبير، وبنسبة أقل من بر فارس والعراق والبحرين وغيرها، بالهجرة اليها واختيارها موطنا نهائيا، حيث نتج عن هذا الاستقرار اندماج القبائل والثقافات والعادات وتداخلها بعضها ببعض مكونة ما اصبح يعرف بالمجتمع الكويتي. وكان هذا صحيحا حتى قبل ثلاثين عاما، عندما رأت جهات في السلطة أن من الأفضل وقف عملية انصهار مكونات أو وحدات المجتمع واعادة الفرز في عملية «تنظيف عرقي» واضحة، بحيث تصبح مناطق كاملة مغلقة على قبائل أو طوائف معينة يصعب على الآخرين اختراقها، ان انتخابيا أو حتى سكنيا، وقد رأينا ذلك في مناطق الأندلس والعارضية، وإلى حد ما في بيان والرميثية. وهكذا بجرة «قلم سياسي» توقفت عملية الانصهار وبدأت العودة الى الجذور السابقة، أو الألقاب القبلية التي سبق أن هجرها البعض لتضاف مجددا الى نهايات أسمائهم. كما رأينا كيف أعيدت الأهمية والهيبة لكبار ممثلي القبائل وأمرائها، وهي الهيبة التي تلاشت تقريبا أو فقدت أهميتها ودورها الحيوي بعد الانتهاء من عملية التجنيس في بداية ستينات القرن الماضي. وبهذا يمكن القول ان المجتمع الحضري الكويتي هو الوحيد تقريبا الذي تخلى عن تجربة الصهر الحضاري، وعاد الى نمط الفرز القبلي والطائفي لاعتقاد البعض في السلطة ان سياسة «فرق تسد» هي الأفضل، ولكن يبدو من الأحداث والتطورات الأخيرة المتلاحقة أن هؤلاء البعض كانوا على خطأ، وأن وقف عملية الاندماج الطبيعي والحضاري بين فئات المجتمع لم تكن حكيمة تماما، لكونها عكس التطور البشري الطبيعي. وبالرغم من أن الوقت لم يفت ولا يزال هناك متسع منه لانقاذ ما يمكن انقاذه، فانه يمر بسرعة كبيرة فهل هناك من يسمع؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

شيء من الخوف… لكنه أكبر من الخوف

 

حينما يكون زوجها في نوبة (آخر الليل)، فإن النوم يجافيها خوفاً وهلعاً من أن يسقط سقف غرفة النوم عليها وعلى أطفالها، أو يسقط جزء من أي جدار من جدران البيت الذي لا يوجد بين جدرانه (جدار) يمنع الخوف، فكلها جدران خائفة…وجلة…قد تسقط في أية لحظة…لكن، ما الذي في وسع الزوج أن يفعل إذا كان ينام حوله الأطفال والزوجة وقدر الله لذلك السقف أن يسقط؟ لن يكون في وسعه شيء، لكنه الأمان الذي تشعر به الأسرة وعائلها بينها.

حين يكون الطقس هادئاً، فإن الخوف يبارح مكانه لا يرحل، أما إذا اشتدت قوة الرياح، أو إذا اقترب موسم الأمطار أو مرت عاصفة عابرة، فإن ذلك الخوف يتصاعد الى حد الرجفة والوجع، كلما صدر صوت من جدار هنا، أو «طابوقة» هناك، أو تحركت قطعة خشب في مكان ما، ولا شك في أن الخوف يزداد شدة، حين يتبادر إلى ذهن تلك المواطنة خبر عن سقوط سقف منزل آيل للسقوط، أو قرأت في صحيفة عن نجاة أسرة من سقوط جزء من سقف البيت المدرج على قائمة البيوت الآيلة للسقوط، سبحان الله، قدر ولطف.

حين تقع عينك على بيت ذلك المواطن، فإن أول سؤال يتبادر الى ذهنك: «هل كتب على ذلك المواطن وعائلته، وغيره آلاف الأسر المدرجة في مشروع البيوت الآيلة للسقوط، أن يناموا ويصحوا على وجل وخوف وقلق لا حد له؟، ولن يلومك أحد حين تتساءل: «أليس في مقدور الدولة أن تنهي هذا الملف المتعب، وتدفع بسخاء إلى المجالس البلدية في المحافظات الخمس لهدم وبناء تلك البيوت وتأمين معيشة أصحابها في شقق مستأجرة مؤقتة لحين انتهاء بناء البيت؟ الخير كثير في هذا البلد الطيب، فلماذا يبقى الآلاف تحت وطأة الجدران التي لا ترحم حين تسقط وحين لا ينفع البكاء على المآسي؟

أنا عامل بسيط، راتبي لا يتجاوز 300 دينار، ولو كان في يدي، لسارعت في ترميم بيتي حتى تعيش أسرتي مطمئنة، لكنني لا أستطيع، لا أقوى على ذلك، والأمل في الله سبحانه وفي حكومتنا التي أنتظر منها كما ينتظر الآلاف غيري، انفراجة تنهي هذه المعاناة المؤلمة، هكذا قال…مواطن بسيط تقرأ في تعرجات جبينه سطوراً من الحزن واللوعة.

هنا، منزل صغير، تم الانتهاء من بنائه للتو واستلم المواطن مفتاح ذلك المنزل الذي عمت فيه الفرحة وكأنها فرحة العيد السعيد، الآن سينام وأسرته باطمئنان… وهناك، منزل صغير آخر، لكن تلك الأسرة دخلته لأول مرة لتبدأ في تأثيثه بما تيسر، تشعر بفرح غامر وسرور لا حد له… لا بأس، حتى وإن كان صغيراً ضيقاً، لكنه أفضل من (الأنقاض) المخيفة التي كانوا يعيشون بين جدرانها في السابق، حين كانت يسمى (منزلاً آيلاً للسقوط).

لا بأس، خلال السنوات الست المقبلة، سيتم بناء 1000 منزل آيل للسقوط بموازنة تبلغ 42 مليون دينار منها 3 ملايين كبدل إيجار، لا بأس، سيعاد النظر في 4500 طلب مسجل في المجالس البلدية الخمسة، لا بأس في ذلك كله، لكن، سيبقى أولئك الناس في انتظار الفرج الذي نأمل أن يجيء سريعاً، والحمد لله، رحمته واسعة، ولكن، يا حكومتنا العجل العجل بملايين أكثر وأكثر ستجعل الآلاف من مواطنيك ينامون نوماً هانئاً آمناً بنفس مطمئنة.