اللعبة الديموقراطية كغيرها من الألعاب الفكرية والرياضية يفترض أن يستفيد طرفا اللعبة (الرابح والخاسر) من نتائجها. وواضح أن الحكومة قد استفادت من تجارب الماضي عبر ابتعادها عن خيارات عدم الوقوف على المنصة، أو اللجوء إلى الحل الدستوري أو التأجيل أو الذهاب للمحكمة الدستورية، مفضلة المواجهة السريعة المباشرة والأخذ بخيار السرية الدستورية لمنع إحراج بعض النواب ممن قد يتأثرون بوجود الجمهور.
وأذكر في هذا السياق ما حدث إبان استجواب وزير التربية الراحل د.أحمد الربعي عندما وعده أحد النواب بالحديث والتصويت معه ضد طرح الثقة بعد أن اقتنع بصحة موقفه، إلا أنه قام بالعكس من ذلك. وعندما استفسر الربعي من النائب عن سبب تغيير رأيه أجابه بأن الأمر ارتبط بوجود الجمهور الذي شاهد النائب يتكلم مع وزير الداخلية في قضية لا شأن لها بالاستجواب فخشي النائب أن يقال إن ذلك الوزير قد أثر عليه.
وعودة إلى ما حدث أمس وطرح عدة أسئلة للحقيقة والتاريخ:
1 ـ من الذي أساء إلى تلك الأداة الدستورية عبر إساءة استخدامها وجعلها وسيلة لتصفية الحسابات الشخصية لا خدمة المصلحة العامة؟!
2 ـ ومن الذي أحالها إلى أداة قضاء على المستقبل السياسي يقوم معطاها على «الهوية» لا على «القضية» فما يسمح به للوزير زيد يعاقب عليه في الوقت ذاته وبشدة الوزير عبيد؟!
3 ـ ومن الذي أحال الاستجواب إلى وسيلة «قنص» يستقصد بها بعض الشخصيات لذاتها تلاحقهم أينما ذهبوا بقصد إظهار الكلفة الباهظة للاحتفاظ بهم مما جعل الكويت تفقد وزراء دولة من الطراز الممتاز؟!
4 ـ ولماذا كان يستقصد مسؤول ما على قضية ما يدعى أن بها تجاوزا على الأموال العامة أو إهمالا في أداء الوظيفة ولكن بمجرد أن يبتعد ذلك المسؤول عن موقعه تموت القضية ولا تحدث ملاحقة او محاسبة لاحقة من قبل النواب أنفسهم عن القضايا نفسها وكأن الأمر لا يزيد على إبعاد أسماء وشخصيات لذاتها؟!
5 ـ وهل استردت قط أموال عامة بعد أي عملية استجواب؟ ألا يعني هذا أن الاستجوابات بشكلها السابق لم تكن قط تستهدف الصالح العام بل البحث عن انتصارات وهمية مزعومة؟!
6 ـ ألم توقف وبشكل ملحوظ تلك الاستجوابات عمليات التنمية في البلد حتى سبقنا الجيران بعقود بسبب انشغالنا بالإحماء السياسي وانشغالهم بالإنماء الاقتصادي؟!
في النهاية نرجو ألا ندخل البلد في دوامة الفائز والخاسر بل أن نعيد الاستجوابات إلى أهدافها الخيرة التي خلقت لأجلها، وجعلها كما ذكرنا مرارا وتكرارا آخر العلاجات لا أولها، فالتدرج مطلوب في المحاسبة قبل الوصول إلى مرحلة الاستجواب، كما أن التدرج مطلوب فيمن يقدم له الاستجواب.
آخر محطة: 1 ـ تعيين د.البصيري ناطقا رسميا للحكومة أزال كثيرا من اللبس والغموض وأجاب عن كثير من التساؤلات، وهذه حقيقة.
2 ـ ما يحتاجه الشعب الكويتي قاطبة في المرحلة القادمة هو الكثير من الحكمة والتعقل والقليل من التسرع والتأزيم.