سامي النصف

من شوّه أداة الاستجواب؟!

اللعبة الديموقراطية كغيرها من الألعاب الفكرية والرياضية يفترض أن يستفيد طرفا اللعبة (الرابح والخاسر) من نتائجها. وواضح أن الحكومة قد استفادت من تجارب الماضي عبر ابتعادها عن خيارات عدم الوقوف على المنصة، أو اللجوء إلى الحل الدستوري أو التأجيل أو الذهاب للمحكمة الدستورية، مفضلة المواجهة السريعة المباشرة والأخذ بخيار السرية الدستورية لمنع إحراج بعض النواب ممن قد يتأثرون بوجود الجمهور.

وأذكر في هذا السياق ما حدث إبان استجواب وزير التربية الراحل د.أحمد الربعي عندما وعده أحد النواب بالحديث والتصويت معه ضد طرح الثقة بعد أن اقتنع بصحة موقفه، إلا أنه قام بالعكس من ذلك. وعندما استفسر الربعي من النائب عن سبب تغيير رأيه أجابه بأن الأمر ارتبط بوجود الجمهور الذي شاهد النائب يتكلم مع وزير الداخلية في قضية لا شأن لها بالاستجواب فخشي النائب أن يقال إن ذلك الوزير قد أثر عليه.

وعودة إلى ما حدث أمس وطرح عدة أسئلة للحقيقة والتاريخ:

1 ـ من الذي أساء إلى تلك الأداة الدستورية عبر إساءة استخدامها وجعلها وسيلة لتصفية الحسابات الشخصية لا خدمة المصلحة العامة؟!

2 ـ ومن الذي أحالها إلى أداة قضاء على المستقبل السياسي يقوم معطاها على «الهوية» لا على «القضية» فما يسمح به للوزير زيد يعاقب عليه في الوقت ذاته وبشدة الوزير عبيد؟!

3 ـ ومن الذي أحال الاستجواب إلى وسيلة «قنص» يستقصد بها بعض الشخصيات لذاتها تلاحقهم أينما ذهبوا بقصد إظهار الكلفة الباهظة للاحتفاظ بهم مما جعل الكويت تفقد وزراء دولة من الطراز الممتاز؟!

4 ـ ولماذا كان يستقصد مسؤول ما على قضية ما يدعى أن بها تجاوزا على الأموال العامة أو إهمالا في أداء الوظيفة ولكن بمجرد أن يبتعد ذلك المسؤول عن موقعه تموت القضية ولا تحدث ملاحقة او محاسبة لاحقة من قبل النواب أنفسهم عن القضايا نفسها وكأن الأمر لا يزيد على إبعاد أسماء وشخصيات لذاتها؟!

5 ـ وهل استردت قط أموال عامة بعد أي عملية استجواب؟ ألا يعني هذا أن الاستجوابات بشكلها السابق لم تكن قط تستهدف الصالح العام بل البحث عن انتصارات وهمية مزعومة؟!

6 ـ ألم توقف وبشكل ملحوظ تلك الاستجوابات عمليات التنمية في البلد حتى سبقنا الجيران بعقود بسبب انشغالنا بالإحماء السياسي وانشغالهم بالإنماء الاقتصادي؟!

في النهاية نرجو ألا ندخل البلد في دوامة الفائز والخاسر بل أن نعيد الاستجوابات إلى أهدافها الخيرة التي خلقت لأجلها، وجعلها كما ذكرنا مرارا وتكرارا آخر العلاجات لا أولها، فالتدرج مطلوب في المحاسبة قبل الوصول إلى مرحلة الاستجواب، كما أن التدرج مطلوب فيمن يقدم له الاستجواب.

آخر محطة: 1 ـ تعيين د.البصيري ناطقا رسميا للحكومة أزال كثيرا من اللبس والغموض وأجاب عن كثير من التساؤلات، وهذه حقيقة.

2 ـ ما يحتاجه الشعب الكويتي قاطبة في المرحلة القادمة هو الكثير من الحكمة والتعقل والقليل من التسرع والتأزيم.

احمد الصراف

أن تنجح في الحياة

ذهب الرجل للطبيب شاكيا تساقط شعر رأسه واتساع رقعه الصلع فيه، فأخبره هذا بأن الصلع أمر وراثي ولا يستطيع فعل شيء حياله فاحتج الرجل قائلا إن شيئا ما يجب القيام به، خاصة أن لا أحد من أهله يعاني الصلع، فقال له الطبيب إن الوراثة قد بدأت به، وأنه سيورث الصلع من بعده لأبنائه! تذكرت هذه النكتة وأنا أقرأ مقولة، أو حكمة الفيلسوف والكاتب الفرنسي فرانسوا ماري أرو المعروف بــ فولتير (1694 ــ 1778) وDo well and you will have no need for ancestors
أي: {حقق النجاح في حياتك وسيغنيك ذلك عن الزهو بتاريخ أجدادك}! وهذا يعني ان المرء عندما ينجح في عمله بشكل مميز تصبح قضية الأصل والأرومة غير ذات أهمية، وهذه المقولة، أو الحكمة تحاكي الواقع بشكل غريب. فنحن نتحدث دائما عن الأصل والفصل والنسب والعائلة والقبيلة والمحتد وغيرها من الأمور المتعلقة بالخلفية العائلية، ولكن ما ان يصيب شخص بسيط ومتواضع النسب حظا كبيرا من النجاح السياسي أو المالي العظيم، أو حتى في مجال لم يطرقه أحد من قبل، فإن النظرة الاجتماعية له تتغير تماما ويصبح الانتساب له ومصاهرة بيته أمرا مطلوبا وغير مستهجن من دون التفات لقضية الأصل والفصل، ويصح هذا أكثر في المجتمعات المتقدمة والمدن الحضرية الكبيرة، ولكن لا تخلو منه المجتمعات الأقل تقدما.
ولو نظرنا حولنا واستعرضنا أسماء الكثير ممن حققوا ثروات كبيرة، سواء من خلال المضاربة في الأسهم أو العقار أو المتاجرة بالسلاح وتبييض الأموال وما هو أسوأ من ذلك، لوجدنا أن غالبيتهم ينحدرون من خلفيات متواضعة، بالمقاييس القبلية والحضرية المتخلفة. كما نجد أن أسماء كالحريري أو الفايد، وحتى المليادير السابق عدنان خاشقجي، كأمثلة وليس على سبيل الحصر، وفي الكويت من يماثلهم الكثير، مع احترامنا للجميع، قد حققوا شهرة وصيتا واحتراما اجتماعيا كبيرا بالرغم من عدم وجود قبائل تقف وراءهم أو ألقاب تسبق اسماءهم، وليسوا ببشوات سابقين ولا بكوات لاحقين، ولم يكونوا قبل سنوات قليلة حتى «أفندية»، ولا تربطهم صلة بلورد أو كونت أو ماركيز، ومع هذا يتمنى الكثيرون مصاهرتهم والاقتران ببناتهم والارتباط بهم بطريقة أو بأخرى. كما لا يخلو الإنترنت من إشاعات اقتران أو علاقات حميمة بين ملوك ورؤساء في المنطقة وخارجها مع «صبايا البيوتات» الجديدة التي فرضت نفسها، أو أصبحت هي بالذات، من مكونات المجتمعات المخملية، أو الراقية(!!)، وعندما أراد الأمير «رينيه»، عاهل موناكو الراحل، الزواج قام باختيار نجمة سينمائية من هوليوود لتكون أميرة قلبه وشعبه، ولم يبحث عن زوجة من بنات أسر أوروبا الملكية مثلا. كما يمتلئ فضاء الإنترنت أيضا بإشاعات اقتران ملوك عرب وأجانب ببنات أسر فاحشة الثراء بالرغم من بساطة خلفياتهن العائلية وتواضع جمال غالبيتهن! نعود ونكرر مقولة فولتير بأن ما علينا غير أن نبلي البلاء الحسن في الحياة، وستأخذ بقية الأمور مجراها الطبيعي. نكتب ذلك كمقدمة لمقال الغد.

أحمد الصراف