يقول فولتير إن من حقنا استخدام أقلامنا وكأنها ألسنتنا، وتحمل مخاطر ذلك الاستخدام. ويقول: ان تمسك بالقلم يعني بصورة تلقائية انك في حرب «مع الآخرين». ولكن هذه الحرب لا يمكن أن تكون شرعية إن لم تدعم بصدق الموقف والقضية عما تتكلم أو تكتب. والحقيقة أنني حاولت، ومن خلال أكثر من 4000 مقال، لا يستحق أغلبها الاشارة إليه، أن التزم بالحقيقة ما استطعت، حسب فهمي وعلمي، ولا أعتقد أنني وفقت دائما في ذلك، ولكن ما أنا متيقن منه تماما هو أنني لم أكن صادقا في اختيار ما كنت أود التصدي له من صور الظلم والتعسف في المعاملة والقهر والجهل الذي يعيش فيه الكثيرون، أقول ذلك بالرغم من إدراكي بأن ليس من السهل أن يكون الكاتب منصفا وصادقا حيال كل أمر من دون أن يتعرض هو، والأشد من ذلك من يحب، للأذى والمضايقة، وحتى للقتل.
ومن هذا المنطلق ومن إيماني العميق بالحاجة لمن ينكأ الجراح ويضغط على التقيحات ويستأصل الأورام، بالجراحة وغيرها، فإنني أعتقد أن لي دورا، ولو متواضعا هنا والآن، إن كان بسبب ما نمر به من وضع مزر، إن من ناحية الحريات بشكل عام، وسيطرة قوى التخلف على مختلف المقدرات، أو بسبب زيادة مطالبة فئة ما بأن تعاد إليها ما كانت تمتلكه من حقوق في جلد، أو لسب الآخرين وكتم أصواتهم وحجز حرياتهم وحتى تهديدهم بالقتل، لكل هذا أجد نفسي عاجزا، ولأسباب كثيرة، في أن أقول أو أكتب ما أشعر بأنه الحقيقة. وحتى ان وجد العزم فلا ضمان بأن ما سأكتبه سيجد طريقه للنشر، وبالتالي يصبح أمام المرء أحد خيارين، أو كلاهما: التوقف عن الكتابة أو البحث عن أجواء أقل تسمما وأكثر حرية.
والمحزن أن ما لا يعلمه «البعض» ولو علموا به لما فعلوا شيئا، أن من الاستحالة تقدم أي أمة من دون حرية وكرامة، وما تقدم الكويت القصير والمتواضع في مرحلة ما إلا بسبب مناخ الحرية الذي كان سائدا، وما تخلفها الحالي إلا نتيجة اختفاء تلك الحرية وغياب ذلك التسامح والود الوطني، وإن كان هؤلاء البعض يرغبون في أن يكونوا أسودا لشعب أقرب للنعاج منه لأي شيء آخر، فبالعافية عليهم، فلست أنا من سيمنعهم من ذلك، ولكن ما هكذا تورد الإبل، والأيام بيننا
أحمد الصراف