سامي النصف

القضية الفلسطينية بين الملائكة والشياطين

منذ يومها الأول، وقف مع القضية الفلسطينية اشرف الناس كما استغلها أشرّ الناس فلم يقع انقلاب عسكري قمعي بغيض إلا وكان بيانه الأول يتطرز باسم القضية الفلسطينية، ولم تقع حرب في المنطقة تدمر الأخضر واليابس وتقتل الأطفال والنساء إلا وكان شعارها ان طريق القدس يمر بهذه العاصمة المنكوبة أو تلك وان تلك الحرب الأهلية أو الخارجية لم يتم خوضها إلا لمصلحة القضية.. الضحية!

كما تسابقت المنظمات الإرهابية في حقبة السبعينيات وما بعدها في استخدام القضية الفلسطينية كمبرر لخطف البواخر والطائرات وتدمير المباني والسفارات وترويع الآمنين، وقد أثبتت الحقائق والوثائق الدامغة اللاحقة ان كل من تسببت أعماله الإرهابية في تشويه سمعة القضية لم يكن يقصد قط خدمتها، بل ملء حساباته الشخصية عبر التغرير بالسذج والخدج من مواطني الأمة التي ان ثار أو فار دمها توقف عقلها عن العمل.

وقد نشر مؤخرا أحد أكبر مفكري الولايات المتحدة – ولربما العالم – ويدعى د.جورج فريدمان كتابا تصدر قائمة أكثر الكتب مبيعا في أميركا حول ما سيحدث في التسعين عاما الباقية من هذا القرن متضمنا مصير الدول وما سيحدث فيها من حروب ومشاكل سياسية واقتصادية وانقسامات وانهيارات.

ومما تنبأ به د.فريدمان قيام حرب عالمية بين الولايات المتحدة ومحور اليابان ـ تركيا، والغريب ان خارطة تركيا قبل قيامها بدخول تلك الحرب التي يفترض ان تقع قبل عام 2050 تمتد لكامل منطقة الشرق الأوسط حتى غرب تونس مستثنية ايران، ويدلل الكاتب على قوة تركيا الحالية عبر المقارنة بين اوضاع الدول الثلاث الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط حيث يبلغ عدد سكان مصر 82 مليونا مع ناتج قومي قدره 125 مليار دولار، وايران 71 مليونا وناتج قومي قدره 225 مليار دولار وتركيا 67 مليونا وناتج قومي قدره 660 مليار دولار.

إن الشقيقة الإسلامية تركيا هي قوة مضافة للعرب ان أحسنا التعامل معها وأحسنت التعامل معنا، وقد اخطأنا ابان المد الثوري القومي عندما اصطففنا مع المعسكر القمعي الشرقي ممثلا بالاتحاد السوفييتي وعادينا أعداءه ممثلين في جيراننا الأقربين تركيا وإيران والحبشة، ونحن ندفع حاضرا ومستقبلا الثمن الباهظ لاستماعنا آنذاك لتنظيرات هيكل وأمثاله من مضللي العقل العربي!

آخر محطة:

مع تقديرنا الشديد للدور التركي الجديد إلا ان علينا الا ننسى الدور المصري العاقل والحكيم الحالي، خاصة اننا نمر هذه الايام بذكرى حرب 67 التي قادتنا لها العواطف الملتهبة.. والعقول المغيبة!

احمد الصراف

نعاج وأسود

يقول فولتير إن من حقنا استخدام أقلامنا وكأنها ألسنتنا، وتحمل مخاطر ذلك الاستخدام. ويقول: ان تمسك بالقلم يعني بصورة تلقائية انك في حرب «مع الآخرين». ولكن هذه الحرب لا يمكن أن تكون شرعية إن لم تدعم بصدق الموقف والقضية عما تتكلم أو تكتب. والحقيقة أنني حاولت، ومن خلال أكثر من 4000 مقال، لا يستحق أغلبها الاشارة إليه، أن التزم بالحقيقة ما استطعت، حسب فهمي وعلمي، ولا أعتقد أنني وفقت دائما في ذلك، ولكن ما أنا متيقن منه تماما هو أنني لم أكن صادقا في اختيار ما كنت أود التصدي له من صور الظلم والتعسف في المعاملة والقهر والجهل الذي يعيش فيه الكثيرون، أقول ذلك بالرغم من إدراكي بأن ليس من السهل أن يكون الكاتب منصفا وصادقا حيال كل أمر من دون أن يتعرض هو، والأشد من ذلك من يحب، للأذى والمضايقة، وحتى للقتل.
ومن هذا المنطلق ومن إيماني العميق بالحاجة لمن ينكأ الجراح ويضغط على التقيحات ويستأصل الأورام، بالجراحة وغيرها، فإنني أعتقد أن لي دورا، ولو متواضعا هنا والآن، إن كان بسبب ما نمر به من وضع مزر، إن من ناحية الحريات بشكل عام، وسيطرة قوى التخلف على مختلف المقدرات، أو بسبب زيادة مطالبة فئة ما بأن تعاد إليها ما كانت تمتلكه من حقوق في جلد، أو لسب الآخرين وكتم أصواتهم وحجز حرياتهم وحتى تهديدهم بالقتل، لكل هذا أجد نفسي عاجزا، ولأسباب كثيرة، في أن أقول أو أكتب ما أشعر بأنه الحقيقة. وحتى ان وجد العزم فلا ضمان بأن ما سأكتبه سيجد طريقه للنشر، وبالتالي يصبح أمام المرء أحد خيارين، أو كلاهما: التوقف عن الكتابة أو البحث عن أجواء أقل تسمما وأكثر حرية.
والمحزن أن ما لا يعلمه «البعض» ولو علموا به لما فعلوا شيئا، أن من الاستحالة تقدم أي أمة من دون حرية وكرامة، وما تقدم الكويت القصير والمتواضع في مرحلة ما إلا بسبب مناخ الحرية الذي كان سائدا، وما تخلفها الحالي إلا نتيجة اختفاء تلك الحرية وغياب ذلك التسامح والود الوطني، وإن كان هؤلاء البعض يرغبون في أن يكونوا أسودا لشعب أقرب للنعاج منه لأي شيء آخر، فبالعافية عليهم، فلست أنا من سيمنعهم من ذلك، ولكن ما هكذا تورد الإبل، والأيام بيننا

أحمد الصراف