لنبدأ من المسلّمات، وهي عديدة، ومنها ان الغفلة وعدم الاحتراف يسودان مناحي كثيرة من الحياة الكويتية المعاصرة، ومن ذلك ظاهرة قلة المهنية في الحياة السياسية الكويتية، فما ان ترتكب الحكومة خطأ ما حتى تقوم المعارضة لا بتقويمه كما يحدث لدى الدول الأخرى بل تصححه بخطأ أكبر، فإن قامت الحكومة بصرف دينار في غير محله طالبتها المعارضة بصرف 100 دينار في غير محلها كذلك.
ومن المسلّمات ان المعارضة الحكيمة العاقلة هي جزء لا يمكن الاستغناء عنه ضمن أي حياة ديموقراطية سليمة، لذا لا توجد مصلحة لأحد في أن تضعف المعارضة الى حد تعجز فيه عن القيام بدورها، كذلك فمن المسلّمات غير المستغربة ان توجد للحكومات في المجتمعات الديموقراطية أغلبية برلمانية، وإلا فكيف تتم محاسبتها إذا لم يسمح لها بتمرير مشاريعها؟!
ومن الحقائق المدونة في الحياة السياسية الكويتية ان الخبير الدستوري «الوحيد» في المجلس التأسيسي الذي كان يمثل المعارضة ويعكس آراء القوى الوطنية، ونعني د.خليل عثمان، هو من طالب بألا يتعرض سمو رئيس الوزراء للاستجواب حرصا على استقرار الحياة السياسية الكويتية، لذا جعله لا يتقلد حقيبة وزارية أو يتم طرح الثقة فيه كما يحدث في جميع الديموقراطيات الأخرى، ومن ثم فإن الإيمان بروح الدستور وأعرافه يقتضي الالتزام بذلك المفهوم.
وعودة للمسلّمات وما نعرفه من ان تكرار صيحة الذئب يفرغها من معناها في نهاية الأمر، وهو ما تناسته بعض القوى السياسية المعارضة عندما كررت إساءة استخدام آلية الاستجواب والتخويف بها حتى لم تعد تخيف أحدا، ومثلها تكرار صيحة الخوف على الدستور من الحل غير الدستوري حتى توقف الناس عن التجاوب معها.
ان الاستجواب الحالي هو مجرد رفع عتب، فعمليات التلوث البيئي قضية تشتكي منها كل الأمم حتى ان الأمم المتقدمة باتت تقسم مناطقها السكنية الى خضراء وصفراء وحمراء.. إلخ تبعا لمقدار التلوث البيئي مع العمل على تحسين ظروفه وتخفيف ضرره دون القيام بعمليات تثمين وإخلاء وتسخين سياسي، ان حل مشكلة تلوث أم الهيمان عملية مهمة وحيوية ومستحقة لإخواننا هناك ضمن طلب الممكن، ولو أخذنا بنظرية الاستملاك لوجب تثمين الكويت الصحراوية والبترولية من العبدلي حتى النويصيب ونقل شعبنا للعيش في دول المروج الخضراء والقمم البيضاء.
آخر محطة: من المسلّمات والحقائق ألا نقيد أنفسنا بوعود لا نستطيع الإيفاء بها، وألا نعي حقيقة «ان يهزم فريقنا بنتيجة 1 – 0 خير من يهزم بمزيد من الأهداف التي نسجلها في مرمانا».