لو قدر لنا أن نتجول في بلاد الله الواسعة، لن نجد شعباً أصيلاً كريماً طيب المعدن كشعب البحرين، فمهما تواتر الزمن وتعاقبت الأجيال وحلت النوازل، لا يمكن لأبناء هذه البلاد الطيبة أن ينزعوا من عروقهم صفاء النفس وطيب المخبر وحب الخير، ومهما اختلفت المواقف وتعددت الخلافات، يبقى هذا الشعب الكريم – في غالبه – محافظاً على إنسانيته الرائعة التي تستمد عطاءها من الدين الإسلامي الحنيف.
حينما علم الناس بنبأ إصابة (الأستاذ) حسن مشيمع بسرطان الغدد اللمفاوية، وحتى أولئك الذين يختلفون معه، فإن الصورة الصادقة التي تكشف طيبة معدن
هذا الشعب برزت بشكل واضح في السؤال عن صحته والاطمئنان عليه والدعاء له بالشفاء العاجل… في مثل هذه الظروف الإنسانية البحتة، لا تمنع المواقف المسبقة الناس في هذا المجتمع من أن يقدموا الكلمة الطيبة والنفسية الجميلة والخلق الراقي على أي شيء آخر، فتصبح الخلافات الفكرية والاجتماعية والسياسية في جانب، وتحل محلها حقيقة العلاقة التي تربط أبناء هذه الأسرة مهما بلغت منهم الخلافات مبلغاً.
قلة هم أولئك (النفر) ذوي النفوس المليئة بالشر من تدفعهم أضغانهم للتشفي في حال مرض أو موت إنسان يختلفون معه، ولكنها قطعاً ليست الفطرة السوية التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها، ونحن ولله الحمد في البحرين، نختلف مع بعضنا البعض وتصل الأمور أحياناً إلى حد القطيعة ولربما إلى حد (التشنج المتعصب في التعامل)، ولكن في المواقف الإنسانية، تسقط كل تلك (الاعتبارات)، ويتقدمها اعتبار واحد فقط ألا هو: الخلق الإسلامي والتكافل الاجتماعي والروح البحرينية الكريمة الطيبة، وكثيراً ما قيل أن من ميزات أهل البحرين، أن الأحزان – أبعدها الله عنا وعنكم – تجمعهم أكثر من
الأفراح، فلربما وجدت الكثير من الناس لا يشاركون في حفل زفاف مواطن ما، لكنه حين يفقد عزيزاً أو يصاب بالمرض أو يحلّ به خطب ما، تجد الناس تبادر إليه وتواسيه وتقف معه وقت الشدة.
في الكثير من المجالس، وحينما يتطرق الحضور إلى نبأ إصابة شخصية سياسية (مثيرة للجدل) كالأستاذ حسن مشيمع بالمرض، فإنك لا تجد إلا دعوات صادقة له ولغيره من المرضى بالشفاء العاجل، فمهما بلغت الخلافات والاختلافات، فإن الروحية الطيبة لشعب البحرين الأصيل الضارب بجذوره في تراب
هذه البلاد الطيبة، لا تقبل بالخلق الدنيء والكلام الرديء والدعوات بالويل والثبور.
نحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة التي تجمع أهل البحرين، والتي ظننا أننا نفقدها يوماً بعد يوم جراء ما نعيشه من ملمات ومشاكل ومنغصات كثيرة
تظهر بين حين وحين، لكن يأبى أبناء البحرين الكرماء إلا أن يبقوا متكاتفين متحابين مهما اختلفوا… ونسأل الله جل وعلا أن يشفي أبا هيثم مما ألم به، ويرفع البأس عنه وعن كل المرضى اللهم آمين.