شرّف الثمانية عشر كويتياً وكويتية من أبطال أسطول الحرية الكويت وأهل الكويت، وقالوا للعرب وللناس إن الكويتيين ليسوا شعباً متغطرساً متعالياً ينظر إلى العرب والفلسطينيين بتكبر واستعلاء، وإنما لدينا قلة مريضة تريد تحميل كل الشعب الفلسطيني ومأساته وزر حماقات قام بها قلة من الفلسطينيين أثناء الاحتلال الصدامي للدولة، ودفع معظم الأبرياء الفلسطينيين الذين كانوا في الدولة الكويتية قبل الاحتلال الثمن الغالي لمواقف تلك القلة.
أثبت الأبطال الـ18 ومعهم نواب الأمة، أن الكويتيين لا يحملون الضغائن في صدورهم، وأنهم يتسامون فوق جروح الماضي متى رأوا الجور والظلم التاريخيين على العرب الفلسطينيين، وأن حصار التجويع الظالم لأهالي غزة لا يمكن تعليقه على مشجب "حماس"، وإنما هو عقوبة إسرائيلية لأهل غزة لأنهم انتخبوا الحماسيين بعد أن يئسوا من فساد أجهزة منظمة التحرير، وأن الجوع والفقر وقلة الثقافة الإنسانية في النهاية هي مصانع ومعامل تنتج لنا المتطرفين، وأن الأخيرين يحملون أوهاما كالأساطير اليونانية في عودة كل الحق الفلسطيني، وغذت تلك الاوهام القوى اليمنية في الدولة الإسرائيلية وأعطتها صكوك الغفران لكل الجرائم التي ترتكبها الدولة العبرية بحق الفلسطينيين.
بحماقة العدوان على أسطول الحرية التركي زاد رصيد الجمهورية الإيرانية و"حماس" من التعاطف عند الشعوب العربية والإسلامية، ومثل هذا الرأي قاله الأستاذ عبدالرحمن الراشد في الشرق الأوسط قبل يومين، وهذا لن يضير الدولة الإسرائيلية بل العكس هو الصحيح، فإسرائيل اليوم تصور نفسها بعد نهاية الحرب الباردة أنها واجهة الحضارة والتقدم الإنسانيين في المنطقة، وأنها الحامية لهذه القيم امام "همجية" المتطرفين، وهي تعلم أن العالم الحر لن يذكر مآسي الفقراء والضعفاء من دير ياسين إلى سفينة مرمرة وإنما يذكر تماما جرائم 11 سبتمبر، وقبلها أحداث ميونيخ والتفجيرات الانتحارية وخطف الطائرات… وعلى هذا تحيا وتستمر إسرائيل ويحيا معها التطرف والجنون لدينا، فهما ليسا نقيضين بل حليفان.