محمد الوشيحي

لماذائيات باهتة


اختلافي الفكري مع النائب وليد الطبطبائي لا يحتاج إلى صورة أشعّة يرفعها الطبيب أمام الإضاءة. اختلافنا سيشاهده المارة وعابرو السبيل معَلّقاً على البلكونات والنوافذ. لكنني لا أملك إلا أن "أوقّع" على بياض قلبه وصدْق توافق أفعاله مع أقواله، فوجهه مكشوف في زمن الأقنعة، و"لاؤه" في قمة اللعلعة. وهو لم يغشنا كما يفعل بعض بائعي البرتقال من النواب، الذين يضعون لحاهم أعلى الصندوق وفي أسفله مصالحهم التجارية، كي لا يرى الناس إلا لحاهم. وهو لم يربط لجنة حقوق الإنسان البرلمانية التي يرأسها بكراع الحكومة كما يفعل الآخرون.


وأمس، ضحكت حتى أشفقت على نفسي بعدما تذكرت أنه بعد إعلان نتائج الانتخابات الماضية طلب مني الزميل سعود العصفور مرافقته إلى الطبطبائي لتهنئته بالنجاح، وهناك، وعلى مقاعد رُصّت على الرصيف، استأذننا الطبطبائي لحظات، ثم عاد وفي يده أوراق مدّها إلينا قائلاً: "هؤلاء الكتّاب أحد أسباب نجاحي"، فقرأنا عناوين الأوراق، فإذا هي مقالات لكتّاب ناصبوه العداء، وتعمّدوا وضع المسامير أمام إطارات سيارته كل صباح، فضحكنا ضحكاً نصفه يكفي.


الأسماء تتكرر اليوم أيضاً، وتهاجمه رغم قدسية المشهد، وتتهمه بالبحث عن الأضواء، وكأن الطبطبائي مراهق مغمور لا يعرفه إلا أمه، أو كأنه ذهب إلى غزة ليتمشى على بلاجاتها مساءً وفي يده آيسكريم الفراولة بالفستق، وفي النهار يتمدد بالشورت على شاطئها كي "يتحمّص" جلده الأبيض أثناء تمتّعه بقراءة الروايات الرومانسية.


للبطل وليد مساعد الطبطبائي، ولصحبه الأبطال، نقول: "كنتم أشجع منا وأكثر إنسانية". ويا "أبا مساعد" ثق بالله لو أنك ما انضممت إلى قافلة الحرية لهاجموك. واقرأ معي موضوعاً من أجمل الموضوعات كتبه أحد أعضاء منتدى الشبكة الوطنية الكويتية (أكبر منتدى إلكتروني في الكويت) تحت عنوان "لماذائيات" (لا أدري لمَ لمْ يسمِّه "لماذات"؟ ولا من أين جاء بالهمزة؟ على أي حال هو من جلب الهمزة وهو المسؤول عن مصاريفها)، يسخر فيه الكاتب من تبريرات بعض معارضي استجواب الطاحوس لرئيس الوزراء… تفضل:


http://www.nationalkuwait.com/vb/showthread.php?t=121599


ولا أدري ماذا سيقول هؤلاء الآن، بعد أن أعلن النائب صالح الملا نيّته استجواب رئيس الوزراء أيضاً إذا لم يطبّق القوانين الرياضية… كان الله في عونهم عند بحثهم عن "لماذائيات" جديدة، بعد أن صرفوا على استجواب الطاحوس رصيدهم من "اللماذائيات" واستدانوا. لكننا سنتفحص لماذائياتهم الجديدة، فقد يغشوننا ويبيعوننا لماذائيات مستعملة أعادوا طلاءها وغلفوها بكراتين جديدة. معلش، فنحن في الزمن المغشوش.


* * *


عسى ألا تنسينا عودة أبطال قافلة الحرية واستجوابا الطاحوس والملا موضوع الزميل محمد عبدالقادر الجاسم، الذي نتمنى أن نفرح بخروجه قريباً كما فرحنا بعودة أبطالنا من غزة.


حسن العيسى

تحية لكم


شرّف الثمانية عشر كويتياً وكويتية من أبطال أسطول الحرية الكويت وأهل الكويت، وقالوا للعرب وللناس إن الكويتيين ليسوا شعباً متغطرساً متعالياً ينظر إلى العرب والفلسطينيين بتكبر واستعلاء، وإنما لدينا قلة مريضة تريد تحميل كل الشعب الفلسطيني ومأساته وزر حماقات قام بها قلة من الفلسطينيين أثناء الاحتلال الصدامي للدولة، ودفع معظم الأبرياء الفلسطينيين الذين كانوا في الدولة الكويتية قبل الاحتلال الثمن الغالي لمواقف تلك القلة.


أثبت الأبطال الـ18 ومعهم نواب الأمة، أن الكويتيين لا يحملون الضغائن في صدورهم، وأنهم يتسامون فوق جروح الماضي متى رأوا الجور والظلم التاريخيين على العرب الفلسطينيين، وأن حصار التجويع الظالم لأهالي غزة لا يمكن تعليقه على مشجب "حماس"، وإنما هو عقوبة إسرائيلية لأهل غزة لأنهم انتخبوا الحماسيين بعد أن يئسوا من فساد أجهزة منظمة التحرير، وأن الجوع والفقر وقلة الثقافة الإنسانية في النهاية هي مصانع ومعامل تنتج لنا المتطرفين، وأن الأخيرين يحملون أوهاما كالأساطير اليونانية في عودة كل الحق الفلسطيني، وغذت تلك الاوهام القوى اليمنية في الدولة الإسرائيلية وأعطتها صكوك الغفران لكل الجرائم التي ترتكبها الدولة العبرية بحق الفلسطينيين.


بحماقة العدوان على أسطول الحرية التركي زاد رصيد الجمهورية الإيرانية و"حماس" من التعاطف عند الشعوب العربية والإسلامية، ومثل هذا الرأي قاله الأستاذ عبدالرحمن الراشد في الشرق الأوسط قبل يومين، وهذا لن يضير الدولة الإسرائيلية بل العكس هو الصحيح، فإسرائيل اليوم تصور نفسها بعد نهاية الحرب الباردة أنها واجهة الحضارة والتقدم الإنسانيين في المنطقة، وأنها الحامية لهذه القيم امام "همجية" المتطرفين، وهي تعلم أن العالم الحر لن يذكر مآسي الفقراء والضعفاء من دير ياسين إلى سفينة مرمرة وإنما يذكر تماما جرائم 11 سبتمبر، وقبلها أحداث ميونيخ والتفجيرات الانتحارية وخطف الطائرات… وعلى هذا تحيا وتستمر إسرائيل ويحيا معها التطرف والجنون لدينا، فهما ليسا نقيضين بل حليفان.


سعيد محمد سعيد

شعب البحرين… وما أدراك!

 

لو قدر لنا أن نتجول في بلاد الله الواسعة، لن نجد شعباً أصيلاً كريماً طيب المعدن كشعب البحرين، فمهما تواتر الزمن وتعاقبت الأجيال وحلت النوازل، لا يمكن لأبناء هذه البلاد الطيبة أن ينزعوا من عروقهم صفاء النفس وطيب المخبر وحب الخير، ومهما اختلفت المواقف وتعددت الخلافات، يبقى هذا الشعب الكريم – في غالبه – محافظاً على إنسانيته الرائعة التي تستمد عطاءها من الدين الإسلامي الحنيف.

حينما علم الناس بنبأ إصابة (الأستاذ) حسن مشيمع بسرطان الغدد اللمفاوية، وحتى أولئك الذين يختلفون معه، فإن الصورة الصادقة التي تكشف طيبة معدن

هذا الشعب برزت بشكل واضح في السؤال عن صحته والاطمئنان عليه والدعاء له بالشفاء العاجل… في مثل هذه الظروف الإنسانية البحتة، لا تمنع المواقف المسبقة الناس في هذا المجتمع من أن يقدموا الكلمة الطيبة والنفسية الجميلة والخلق الراقي على أي شيء آخر، فتصبح الخلافات الفكرية والاجتماعية والسياسية في جانب، وتحل محلها حقيقة العلاقة التي تربط أبناء هذه الأسرة مهما بلغت منهم الخلافات مبلغاً.

قلة هم أولئك (النفر) ذوي النفوس المليئة بالشر من تدفعهم أضغانهم للتشفي في حال مرض أو موت إنسان يختلفون معه، ولكنها قطعاً ليست الفطرة السوية التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها، ونحن ولله الحمد في البحرين، نختلف مع بعضنا البعض وتصل الأمور أحياناً إلى حد القطيعة ولربما إلى حد (التشنج المتعصب في التعامل)، ولكن في المواقف الإنسانية، تسقط كل تلك (الاعتبارات)، ويتقدمها اعتبار واحد فقط ألا هو: الخلق الإسلامي والتكافل الاجتماعي والروح البحرينية الكريمة الطيبة، وكثيراً ما قيل أن من ميزات أهل البحرين، أن الأحزان – أبعدها الله عنا وعنكم – تجمعهم أكثر من

الأفراح، فلربما وجدت الكثير من الناس لا يشاركون في حفل زفاف مواطن ما، لكنه حين يفقد عزيزاً أو يصاب بالمرض أو يحلّ به خطب ما، تجد الناس تبادر إليه وتواسيه وتقف معه وقت الشدة.

في الكثير من المجالس، وحينما يتطرق الحضور إلى نبأ إصابة شخصية سياسية (مثيرة للجدل) كالأستاذ حسن مشيمع بالمرض، فإنك لا تجد إلا دعوات صادقة له ولغيره من المرضى بالشفاء العاجل، فمهما بلغت الخلافات والاختلافات، فإن الروحية الطيبة لشعب البحرين الأصيل الضارب بجذوره في تراب

هذه البلاد الطيبة، لا تقبل بالخلق الدنيء والكلام الرديء والدعوات بالويل والثبور.

نحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة التي تجمع أهل البحرين، والتي ظننا أننا نفقدها يوماً بعد يوم جراء ما نعيشه من ملمات ومشاكل ومنغصات كثيرة

تظهر بين حين وحين، لكن يأبى أبناء البحرين الكرماء إلا أن يبقوا متكاتفين متحابين مهما اختلفوا… ونسأل الله جل وعلا أن يشفي أبا هيثم مما ألم به، ويرفع البأس عنه وعن كل المرضى اللهم آمين.