حسن العيسى

حوائط المركزي لا تفرق بين الأحرار والأشرار

"حبس المتهم احتياطياً إجراء شاذ وخطير… والأصل ألا تسلب حرية إنسان إلا تنفيذاً لحكم قضائي واجب النفاذ، لكن قد تقتضي مع ذلك مصلحة التحقيق منعاً لتأثير المتهم على الشهود أو العبث بالأدلة ودرء احتمال هربه… حبس المتهم احتياطياً لفترة محددة".

سجلت العبارات السابقة للأستاذ د. رؤوف عبيد على كتاب د. حسن المرصفاوي الذي كان يدرسنا مادة الإجراءات الجزائية قبل أكثر من 35 عاماً، وجدت في عبارات رؤوف عبيد عن القانون أصدق تعبير وأقرب روح لمفهوم العدل والعدالة… لكن ماذا يهم الآن غير التذكير بأن قانون الإجراءات الجزائية ولد عام 1960 من القرن الماضي أي قبل بعث دستور الدولة عام 62…!

أكثر من نصف قرن مضى ومع ذلك ما يصادر حرية الفرد وينتقص من كرامته، ولا يقيم وزناً بين قاتل سفاح محترف يسفك الدماء دون ذنب وصاحب رأي أو قضية مؤمن بها صاحبها يتصور أنه بعرضها قولاً أو كتابة وهماً أو حقيقة أنه يحقق مصلحة وطنية، مازال قائماً يحكم العلاقات الاجتماعية، وهو قانون الإجراءات الجزائية أهم القوانين لضمان حريات الأفراد وللمفارقة أخطرها أيضاً في سلبها.

طلبة القانون يعرفون في بداية دراستهم أن النيابة العامة خصم شريف، هي تمثل المجتمع والدولة في ملاحقة المتهمين، وتقدم الدليل بمساعدة أعوان الأمن من الشرطة للمحاكم… هذه النيابة كما قلت "خصم" شريف… ماذا كتبت؟ خصم… بمعنى أنها خصم للمتهم، وهي بهذه الخصومة قد يغيب عنها الحياد الذي تتطلبه العدالة، لذلك أوجدت بعض التشريعات مثل التشريع المصري في مراحل تاريخية مختلفة، والتشريع الجزائري على سبيل المثال، ما يسمى قاضي التحقيق، الذي تكون مهمته إصدار أوامر الحبس الاحتياطي بعد أن يستمع إلى طرفي القضية وهما جهة التحقيق كالنيابة وجهة الدفاع عن المتهم، وهنا نكون أقرب إلى روح العدالة، فمن يحقق في القضية، وهو وكيل النيابة، ليس هو الشخص ذاته الذي يتصرف بها ويصادر حرية المتهم، فقاضي التحقيق هنا أكثر تجرداً وأكثر بعداً عن التأثر بخصوصية القضية، وما قد يصيبها من تيارات اجتماعية أو سياسية.

في الكويت… حسب قانون الإجراءات الجزائية من حق وكيل النيابة أن يحبس المتهم 21 يوماً على ذمة القضية، وليس للمتهم التظلم إلا للجهة ذاتها التي أصدرت حكم الحبس الاحتياطي، ففيها الخصام وهي "الخصم والحكم"، كما قال المتنبي قبل ألف سنة تقريباً، وتمضي مدة الحبس الاحتياطي مدة قد تصل إلى ستة أشهر، وإن استغرقت النيابة حدها الأقصى بالحبس الاحتياطي مدة 21 يوماً، يظل المتهم خلالها بعيداً عن الاتصال الفعلي بسلطة القضاء التي ستفصل في القضية وتحسم أمر حريته…!

ألا ترون أن آلية الوصول إلى القضاء تنتهك أهم معايير العدالة حين تشل حريات الأفراد… وتغرق حرية الفرد في استبداد النصوص التشريعية المطاطة الخطيرة!

ألا تتفقون معي على أنه لا سبيل لإنصاف الفرد في ما لو حكم ببراءته في ما بعد… أي بعد 21 يوماً أو ستة أشهر… ألا تدركون أن حوائط السجن المظلمة لا تفرق في دولنا البائسة بين صاحب الكلمة وحامل سكين تنقط دماً أحمر.

احمد الصراف

يوم مات عبدالقادر الشيخ

تجاوبا مع مقال براشوت «شارلز بلوم»، كتبت القارئة «ف.ش» القصة الحزينة التالية:
في صباح 6 مارس الماضي فوجئنا بأصوات فزع تصدر من المطبخ، وعندما هرولنا لاستطلاع الأمر وجدنا عبدالقادر الشيخ جثة هامدة على أرض المطبخ، نتيجة إصابته بذبحة قلبية حادة وهو لم يتجاوز الستين من العمر.
الصدمة كانت كبيرة ومؤلمة، فعبدالقادر لم يكن يعمل سائقا فقط، بل كان صديقا وأخا للجميع وأبا للصغار وحتى للكبار، وكان صادقا وأمينا، ولم يكن يكتفي بأداء عمله، بل كان يصر على القيام به بطريقة محترفة مع ابتسامة آسرة حنونة طالما مكنته من دخول قلب كل إنسان عرفه.
وعندما ننظر الآن الى السنوات الخمس الماضية التي أسعدنا عبدالقادر بالعمل لدينا، نشعر بالامتنان والرضا لأننا عاملناه باحترام ومودة، كما عاملنا هو، وعندما كنا نقدم له الشكر كان يقول إنه لا يفعل شيئا غير واجبه.
وعلى الرغم من قبولنا برضا تام المصير السيئ الذي لقيه، فإن هناك ما يزعج الضمير ويقلقه، خصوصا عندما نتساءل عما كان بإمكاننا فعله لمنع إصابته بتلك الذبحة القلبية القاتلة، أو على الأقل التقليل من آثارها. فعلى الرغم من أنه لم يشكُ أبدا من أي أمراض أو مشاكل فإنه كان يستحق اهتماما أكثر منا عندما كان يبدو مصفرّّ الوجه في الأشهر القليلة الماضية من حياته، فهل كان لديه ارتفاع في ضغط الدم مثلا، أم أن الكوليسترول لديه كان عاليا؟ أم أنه كان يعاني من مشاكل في القلب؟ فعندما قام من نومه صباح ذلك اليوم الحزين، كما أخبرنا زميله، كان يشكو من آلام في كتفيه، ألم يكن من المفترض الاتصال بالطوارئ بدلا من الاكتفاء بتدليك الظهر والصدر لتخفيف الألم؟ أليس من المفترض أن نخبر من يقوم بمساعدتنا في أعمال البيت بأرقام الطوارئ لمثل هذه الحالات ونشجعهم على الاتصال بالإسعاف عند الحاجة؟ فإصابات القلب هي السبب الرئيسي لغالبية الوفيات، ولكن، من يلقَ منهم العناية في الوقت المناسب يعمّر عادة لسنوات طويلة بعدها، وهنا تكمن مسؤوليتنا في إعطاء بعض المعلومات عن أعراض الذبحة الصدرية وغيرها للخدم، وتشجيعهم على مراجعة الأطباء، أو على الأقل طلب عرضهم عليهم.
وأخيرا، أشعر أن من واجبي كأم وكدكتورة أن أقدم الشكر لأمثال عبدالقادر الشيخ الذين تركوا أسرهم وأوطانهم ليعملوا لدينا بأمانة ويحضروا لنا «برشوتاتنا»، ويجعلوا حياتنا أكثر راحة.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

محمد الجاسم ذكي


قد يكون الجاسم مخطئاً فيما يكتب ومتجاوزاً للقانون لا أعلم، فأنا لست من متابعيه، ولكن التصرف معه بهذا الشكل قد يجعل بعض الكتاب والصحف يقللون من هامش الحرية ما استطاعوا كي يضمنوا التخلص من غياهب التحقيقات ودهاليزها، مما يحول إعلامنا إلى إعلام باهت كريه مليء بـ»استقبل وودع». لم ولن أكون أبداً معجباً بالمحامي محمد عبدالقادر الجاسم، وبغض النظر عن جودة بعض أطروحاته من عدمها، إلا أنني لن أقبل أبداً نصيحة ترك التدخين من مدخن، أو التوقف عن السرقة من لص، أو عدم التطبيل من مطبّل، وما أكثرهم في وقتنا الحالي للأسف. لنفترض جدلا أن محمد الجاسم خالف قانون المطبوعات أو أي قانون آخر ذي صلة من خلال ما يكتبه في موقعه أو في أي موقع ينشر من خلاله، فهل يعني ذلك أن «نحكره» على ذمة التحقيق على مدى أيام طوال قد تفوق العقوبة نفسها إن ثبت تجاوزه للقوانين؟ إلى اليوم لم تحدد الجريمة بالضبط: هل هي عبارة أو لفظة أو مقالة كاملة أو كتاب؟ كل ما نعرفه أن الجاسم متهم، وتم التحقيق معه على مدى ساعات طوال لا يوقفها سوى إرهاقه، وأنا هنا أتساءل لجهلي لأنني لم أُستدعَ للتحقيق من ذي قبل ولله الحمد، ولكن ما الحوار أو التحقيق الذي يستدعي قضاء كل تلك الأيام الطوال؟ فهو ليس متهماً في جريمة قتل قد يؤدي طول التحقيق فيها إلى زلة لسان تكشف خيوط الجريمة مثلا، وليس بجاسوس أيضا يؤدي الضغط النفسي إلى انهياره، هو كاتب ومتهم على كتاباته وعليه فالتحقيق في تصوري، على اعتباري من العامة، يكون على سبيل المثال كهذا؛ «النيابة: أنت كتبت هذه العبارة، فما الذي تقصده بها؟»، ويُسأل سؤالين أو ثلاثة على هذا المنوال وينتهي الأمر. إني أثني على تصرف الجاسم وذكائه في إضراباته التي قد تشكل خطراً جماً على حياته، ولكنها في الوقت نفسه ربما تجعل النيابة ترزح تحت ضغط شعبي محمود لإخلاء سبيله حتى إن كان مشروطاً بعدم السفر مثلاً. قد يكون الجاسم مخطئاً فيما يكتب ومتجاوزاً للقانون لا أعلم، فأنا لست من متابعيه، ولكن التصرف معه بهذا الشكل يجعل بعض الكتاب والصحف يقللون من هامش الحرية ما استطاعوا كي يضمنوا التخلص من غياهب التحقيقات ودهاليزها، مما يحول إعلامنا إلى إعلام باهت كريه مليء بـ»استقبل وودع». نحن اليوم لا ندافع عن الجاسم بل عن أنفسنا الحرة التي لن نقبل بعد نضال مَن سبقونا أن يأتي كائن من كان ليسلبها «عالبراد»، فإن كان هناك أي تعدٍّ فالقضاء يحاسبه كما حاسب غيره على مر السنين، علماً أن غيره ممن عوقبوا أسهم بشكل مباشر في «توتير» الأجواء في علاقاتنا الخارجية، بل مع دول خليجية شقيقة، ولم نستمع يوماً عن معاملة تلقوها مثلما يلقى الجاسم اليوم. وما نشهده على الساحة يجعلنا لا نكتفي بالشك بل نقترب أكثر من اليقين بأن مسألة محمد الجاسم انتقائية لحد كبير، وتستهدف أشخاصا أكثر منها صونا للقوانين أو الدستور. أكرر لست معجبا أبدا بمحمد الجاسم ولكن إعجابي من عدمه لن يؤثرا في قناعتي بأن القضية «مصخت» ولابد من وقفة. خارج نطاق التغطية: خبر تم تداوله الأسبوع الماضي مفاده أن رجل أعمال يأمر بتصفية أعمال عدة صحف ومجلات وقنوات تلفزيونية من مجموعته الإعلامية. نقولها بكل فخر «دفعة مردي» أعلم أنك يا رجل الأعمال لن تفهمها لأنها مصطلح كويتي بحت. 

سامي النصف

كم عمر الكذب؟!

يذكر المؤرخون ان احد أسباب اختفاء دولة المسلمين في الأندلس هم من سُموا بشعراء الهزيمة ممن كانوا ينظمون ويكتبون ويروجون لسقوط الدولة واختفائها، وهو أمر مشابه لما كنا نسمعه قبل عام 1990 من ان الكويت دولة «مؤقتة» ذاهبة للزوال، وهو ما حدث في نهاية الأمر، ولم نسمع آنذاك بمثل هذا الطرح في الدول الخليجية الأخرى التي بقيت قائمة بعد اختفائنا رغم ان البعض منها أصغر منا.

وللبرامج الحوارية الأجنبية، كحال «واجهة الأمة» و«لقاء الصحافة»، منهاج جميل هو العودة لأرشيف الضيف السياسي او الإعلامي او الأكاديمي ثم تذكيره بما قاله في لقاءات سابقة حتى يظهر للمشاهد مدى مصداقيته او كذبه، ومن يكذب في الماضي لا يعتد بالطبع بأقواله في الحاضر أو المستقبل.

لأي كويتي، سياسيا كان او اعلاميا او أكاديميا، ان يكون له فكر وموقف سياسي معين يتبناه ويدافع عنه ويحاول اشاعته بين الجمهور، وما لا يجب قبوله على الإطلاق هو استخدام «الكذب» كوسيلة لترويج افكار منحرفة هدامة هي أشبه بأفكار شعراء الهزيمة بالأندلس ممن ساهموا في إضعاف الروح الوطنية والمعنوية لشعبها وانتهوا بتدميرها.

* يذكر أحد الأكاديميين الكويتيين في لقاء له على قناة «الجزيرة» ان المندوب السياسي البريطاني هو من «فرض» عام 1962 الديموقراطية على الشيخ عبدالله السالم وبذلك ألغى بمقولة غير صادقة أمام ملايين المشاهدين مآثر ذلك الشيخ الجليل وجهود رجال الكويت الكبار في إقرار وترسيخ الديموقراطية في البلد، ولم يقل لنا هذا الجهبذ لماذا تفرض بريطانيا الديموقراطية وحرية الرأي على الكويت الصغيرة التي يسودها التيار القومي واليساري المعادي لها آنذاك وهي في الوقت ذاته المحارب الأكبر للديموقراطية والحريات في جميع مستعمراتها الأخرى؟!

ومما قاله نفس السياسي الأكاديمي على القنوات الاخبارية العربية إبان حربنا الإعلامية ضد الطاغية صدام وكرره قبل أيام ان الرئيس الأميركي آنذاك أرسل «فاكسات» دعوة لحكام الخليج يأمرهم فيها بحضور قمة شرم الشيخ، وان ذلك المؤتمر قد فرض – حسب قوله – على كل سفارة خليجية ان يكون بها ملحق إسرائيلي (!)، السؤال المنطقي الذي يكشف الصدق او الكذب في تلك الادعاءات: هل لدى ذلك الأكاديمي 6 مصادر في 6 قصور خليجية أخبرته بوصول تلك الفاكسات؟! وهل شهد احد قط ملحقين اسرائيليين في السفارات الكويتية أو الخليجية الأخرى؟!

ومما ذكره ذلك الأكاديمي الكويتي المختص في منتصف التسعينيات ان خبير الدراسات الدولية د.انتوني كودزمان ذكر في احدى دراساته ـ دون ان يحددها بالطبع ـ ان عام 2000 سيشهد بقاء 3 دول عربية في المنطقة هي السعودية والعراق واليمن، وقد شاءت الصدف ان ألتقي بالدكتور كودزمان شخصيا في شيراتون الكويت وسألته عما قاله ذلك الأكاديمي ونسبه له فكذبه بالمطلق وتحداه ان يحدد مسمى وتاريخ تلك الدراسة المدعاة، وقد كتبت ذلك الأمر في حينه، لذا حورت تلك المقولة قبل أيام بعد تعديل تاريخ انضمامنا للعراق لعام 2025 ونسبت هذه المرة من قبل نفس الأكاديمي الكويتي ـ كما أتى في الصحف ـ للدكتور ارون كاتز عضو مجلس العلاقات الخارجية الاميركي وأرجعت لعام 1992.

بحثت في محرك بحث غوغل العربي عن اسم «ارون كاتز» فوجدت انه دكتور مسالك بولية في جامعة كولومبيا الأميركية، ثم قمت بالبحث عن «ARON KATZ» بالانجليزية فوجدت انها تخص عدة شخصيات منها جنرال روسي في الجيش الأحمر وممثل سينمائي ولاعب بوكر محترف وموسيقار ونائب رئيس بنك وعالم فضاء ولم أجد مختصا في العلوم السياسية بينهم يمكن له ان يتنبأ باختفاء بلدنا عام 2025، ثم دخلت بعد ذلك على موقع مجلس العلاقات الخارجية الاميركي (C.F.R) الذي ادعى الأكاديمي ان الدكتور المتنبئ ينتمي اليه وبحثت في اسماء الاعضاء فلم أجده، وحقيقة كم عمر الكذب ولماذا نصدق كل من يدعي او يمثل الغضب في مواقفه وأقواله؟! وإذا كان هذا ديدن الدكاترة الكبار فماذا أبقينا للناشئة الصغار؟! وعجبي!

آخر محطة:

 (1) قامت جريدة «الأنباء» أواخر الثمانينيات وعلى صفحتها الأخيرة بنشر سلسلة من السرقات العلمية لذلك الأكاديمي الكبير، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

(2) في الخلاصة، عندما نكرر على مسامع فرد بأنه فاشل أو سيفشل فإنه سينتهي قطعا بالفشل، وبالمثل عندما نرسخ في وجدان شعب – أو أمة – بأنه مقبل على الاختفاء فإنه سينتهي فعلا.. بالانقراض! ولا تستحق الكويت وشعبها حقا مثل تلك الأقاويل.

احمد الصراف

آه.. ما أروعك يا ريمية!

«غرفتي بكل امتداد، فايضة مثل انحساري، فوضوية مثل حلمي، مخلصة مثل انكساري، معشبة مثل الضلوع، ممطرة مثل الحنين، مزهرة مثل الرجوع عن الصحاب الخاينين.
باكية في كل حزني، دافية، حيل وحميمة مفعمة بالعطر، وأسمى قبل تسع سنين كانت سجن، مثل الزيف بارد بعد عشر سنوات صارت كون مثل الشعر، واعد دنيتي الأكثر أمان، وحضني الأصدق حنان.
عدت للوحدة الصديقة هنا بس أحس نفسي طير له حريته وظبي في محميته!!».
هذه بعض الأبيات التي ارتجلتها الشاعرة السعودية حصة هلال المليحان الشهيرة بــ «ريمية»، وليس مريمية، كما ورد في مقال الزميل علي البغلي الذي سبقنا في الكتابة عنها قبل أسبوعين. وكنا نود الكتابة عن «ريمية» قبل شهر تقريبا، عندما استضافتها الــ «بي. بي. سي» البريطانية، أثناء مشاركتها في مهرجان «شاعر المليون»، لتأثري العميق بشجاعتها وموقفها وكبير تضحيتها. فهي إضافة إلى ما تمتاز به من مقدرة على قرض الشعر ونظمه، صاحبة موقف ورأي حر قلما تتوقعه من امرأة منقبة. فهي مدافعة شرسة عن بنات جنسها، وتتمنى لهن الخلاص من سجن التقاليد التي وضعن فيها قسرا. وعندما سألها المذيع البريطاني، وهي المنقبة، عن رأيها في النقاب، قالت بإنكليزية واضحة وجميلة بأنها لا تؤيده! وبسؤالها عن سبب ارتدائها له قالت بأسى واضح انها تفعل ذلك من باب نكران الذات وتضحية منها لزوجها وإخوانها الذين سيتعرضون حتما لأذى كبير إن هي لم ترتده، بالرغم من عدم اقتناعها به.
وهنا يصعب على البعض، وخاصة من خارج «منظومة» المجتمعات الخليجية، الاقتناع بوجهة نظرها أو تبريرات ارتدائها الحجاب، ولكن من يعلم حقيقة الأوضاع هنا، وخاصة لسيدة في مثل عمرها، بعد أن أصبحت في أربعينياتها، وأم لأربعة أبناء، يعلم ما تعنيه كلماتها.
وقد ثار جدل في بلدها حولها بعد أن أظهرت تأييدها للاختلاط بين الجنسين في مكان العمل وبمجاهرتها بصوتها العورة (!)، ووصل الأمر الى تهديدها بالقتل على بعض المواقع الإلكترونية. وقالت انها ستأخذ التهديد على محمل الجد، وهي في حيرة مما طرأ على تصرفات الناس، فقد كانوا قبل سنوات بسطاء، وكان هناك نوع من الانفتاح، والآن أصبح كل شيء «أثقل» حتى أن البعض لا يسلم على قريباته اللواتي كان يسلم عليهن من قبل.
وورد في الأنباء مؤخرا أنها بصدد رفع قضايا في المحاكم على أولئك الذين هددوها بالقتل، ونحن هنا نؤيدها ونقف معها في مسعاها ونتمنى لها التوفيق في وقف التهديد ومعاقبة من يقف وراءه.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

دستور يا أسيادنا


آخ بس لو شاهدت أحداً من جماعة مراسلون بلا حدود» لكنت عاجلته بطراق، وأردفت الطراق بكوعٍ على رأس معدته، قبل أن أسأله: «على أي أساس وضعت الكويت، زوراً وكذباناً، في صدارة الحريات الصحافية على الوطن العربي؟ أين أنت من صحافة مصر يا ابن التي لا تنام في بيتها؟ هل قرأت ما تنشره صحف المعارضة هناك من أخبار وتحقيقات، وما يكتبه كتّابها، وقارنته مع ما يُنشر هنا؟ هل قارنت نسبة المعارضين إلى الحكوميين هناك بنسبة المعارضين إلى الحكوميين هنا؟

نحن هنا يا سيدي الفاضل، يا ابن المذكورة أعلاه، يكتب الواحد منا وعينه على الورقة والقلم، وعينه الأخرى على الباب والشباك، لذا، قد تقرأ مقالة أحدنا عن سعر الشعير «وفي فجأة» تنحرف مقالته إلى بر الوالدين! «فلا تلمهُ ولا تعتب فتهجرهُ».

وكنت قد تلقيت اتصالا قبل نحو سنة: «ألو، الوشيحي، أنا فلان من الصحيفة الخليجية الفلانية، وفكّرنا بالتحدث معك عن الكتابة في صحيفتنا بشرط ألا تحرجنا مع حكومة الكويت الشقيقة، أمامك الشأن العربي والدولي بشكل عام، حلّق فيهما كما تشاء»، فأجبته: «تشرفت، لكنني سمكة لا تجيد العوم إلا في بحرها، وبحري هو الشأن المحلي، فأنا لا أفتي إلا فيما أفقه، وبما أنك متابع لمقالاتي كما تقول فستعرف أنني لا أكتب حتى عن الرياضة الكويتية ولا عن الاقتصاد الكويتي، وإذا غامرت وكتبت في أحد هذين الهلاكين، فستجد كتاباتي كبطانية الطائرة، إن سحبتها على صدرك تعرّت ساقاك، وإن غطيت بها ساقيك تعرّى صدرك. على أنني لو كتبت عن شأننا المحلي فسأمرّ في طريقي على شأنكم المحلي، وشأننا كما تعلم يبزّ شأنكم، وبعيرنا يبز بعيركم، وقد أحرجكم مع حكومتكم الشقيقة، وستشتعل الحرائق، شقيقة بشقيقة والبادئ أظلم. لذلك ومن أجل ذلك، أرى أن (البيعة) فاسدة».

وقبل أيام، اقترح علي أحد الأصدقاء المصريين الكتابة في إحدى الصحف المصرية، فقفزت فرحاً وهلعاً، وأجبته: «موافق عمياني»، فإذا به يهاتفني ليخبرني بأن رئيس تحرير صحيفة «الدستور»، الصحيفة الأشرس في صحف المعارضة المصرية، الزميل إبراهيم عيسى، يتابع الشأن الكويتي، وينتظرنا في مكتبه… وأثناء الاجتماع، راح الزميل إبراهيم عيسى يسألني عن الصحافة الكويتية، وعن الصحف التي تم إغلاقها، وأسباب ذلك، والحريات الصحافية في الكويت، ووو، واتفقنا على نشر مقالة واحدة كل يوم جمعة في جريدة «الدستور». وكانت مقالتي المنشورة هناك يوم الجمعة الماضية، أمس الأول، هي الغرسة الأولى التي سأتعهدها بالماء والشمس والسماد الحسن.

وإبراهيم عيسى مغامر، متمرد، صلّى صلاة مودّع، وهو لشدة مغامرته، اصطحب معه منذ بداية ترؤسه تحرير الدستور مجموعة من الشبان الموهوبين المتمردين، وراهن عليهم، فقرأ الناس أسماءهم للمرة الأولى في جريدته، إبراهيم منصور، شادي عيسى، بلال فضل، ذو السبع صنايع، وكسّاب، وآخرون نعلمهم والله يعلمهم، قطع بهم ومعهم الرحلة الطويلة بنجاح، وقدّموا للقراء صحافة فتيّة عفيّة شقيّة يسرح التيس على زندها ويمرح.

وكي تكتب في صحيفة مصرية بحجم الدستور، وبين عمالقة القلم، يجب أن تتصادق أولاً مع الريح والعاصفة وشمس الصيف، كي يسمك جلدك، وها أنذا أبعث بالهدايا إلى العاصفة وشقيقتيها… وتهادوا تحابّوا… ودستور يا أسيادنا.

***

إلى الشامخ الذي توقف قلبه المتعب أمس بعد أن سطر تاريخاً يعجز أبناء النساء أن يسطروا حتى ربعه، النائب الوطني الشهم محمد الرشيد: «رحمة الله عليك يا كبير، وعزاؤنا للكويت ولابنك وخليفتك الدكتور أنس محمد الرشيد، ولابن أختك الزميل صالح الشايجي، ولعائلتك، وللكويتيين، ولمحبي الكويت وعظمائها». 

سامي النصف

والفارق كيلومتر واحد!

طريق الجهراء الحالي السالك الجميل الذي تحلم بمثله اغلب دول العالم تم ارساء مناقصة تجديد 11كم منه بـ 265 مليون دينار، فما الذي يمكن عمله لو قررنا تجديد 10كم فقط من الطريق العتيد وتوفير كلفة 1كم المقدرة بـ 24 مليون دينار؟!

 

يمكن بجزء من المبلغ الموفر تجديد جميع منشآت جمعيات النفع العام التي تم بناؤها اوائل الستينيات والتي اصبحت في حالة يرثى لها بعد ان انتهى عمرها الافتراضي والتي تخجلنا بحق امام الزائرين (جمعية الخريجين، جمعية الصحافيين، جمعية المهندسين، جمعية الاطباء، جمعية الاقتصاديين، رابطة الادباء، رابطة الاجتماعيين، جمعية المحاسبين وجمعية الفنون ..الخ).

 

كما يمكن بـ 10% من المبلغ الذي تم توفيره اي 2.4 مليون دينار بناء مجمع مسارح يضم مواقع للمسارح الاهلية الحكومية (العربي، الشعبي، الخليجي، الكويتي) التي قامت على اكتافها النهضة المسرحية الكويتية الحديثة والتي يسكن فنانوها هذه الايام بالايجار في بيوت عربية قديمة تجعلهم يتصببون عرقا عندما يزورهم الزائرون.

 

ويمكن للدولة في عصر الحكومة الالكترونية والخصخصة ان تخصص جزءا من المبلغ لإنشاء معاهد تدريب في جميع المحافظات تدفع بالكويتيين شيبا وشبابا، رجالا ونساء الى استيعاب علوم العصر والتمكن من اللغات المختلفة، فهذا معهد يعمل مساء في المدارس لمحو أمية الكمبيوتر لدى المسنين، كما حدث في السابق مع فصول محو امية القراءة والكتابة، وتلك دورات للكمبيوتر والطباعة واللغة الانجليزية والميكانيكا والنجارة والبناء للشباب والشابات تؤهلهم لمشاريع الحرف الصغيرة او العمل لدى القطاع الخاص، كما حدث في سنغافورة بعد انهيار عام 1982 اي عصر التحول إلى التقنيات المتقدمة وتلبية حاجيات السوق.

 

وبجزء آخر من المبلغ يمكن للدولة ان تشتري التحف الاثرية التي تعب على جمعها المهتمون بالتراث الكويتي كالعم سيف الشملان ود.عادل عبدالمغني وغيرهما، ثم تضعها بأسمائهم كوسيلة لتشجيعهم على البيع ضمن جدران قصر الشيخ خزعل بعد الانتهاء من ترميماته «السلحفاتية» فما فائدة قصر تاريخي لا يحتوي على مثل تلك التحف والمجموعات التي هي بمثابة ذاكرة الكويت التي كادت ان تمحى وسط طمع الطامعين؟!

 

وبجزء خامس يتم تشكيل لجنة دائمة مختصة بكتابة تاريخ الكويت حيث لا يصح الاكتفاء بلجنة د.احمد مصطفى ابوحاكمة كي تلتقي بكبار السن من رجالات الكويت قبل ان يحين اجلهم، فمع كل رجل كبير السن يقضي نحبه دون ان نسجل ذكرياته ومشاهداته ينقضي معه جزء لا يمكن تعويضه من تاريخ بلدنا مما قد نحتاجه يوما ما فلا نجده، وليس من الضروري في هذا السياق ان يكون كبير السن من رجالات الدولة الكبار فيكفي ان يكون شاهد عصر على الحقب المختلفة ويسجلها كما رآها.

 

ومن الماضي الى الحاضر وبجزء سادس يمكن خلق مكاتب صغيرة في كل جمعية تعاونية تختص بـ«حماية المستهلك» لمنع ما يتعرض له المواطن والمقيم من عمليات غش وخداع ونحر من الوريد الى الوريد لمواردهم المالية من فاعلين لا يجرؤون على القيام بمثلها في البلدان الاخرى. لقد اضحى المواطن والمقيم في الكويت اشبه بالحمل البريء الذي تتناهشه الضباع والثعالب والذئاب، ومن لا يعجبه منهم غشه وخداعه فله ان يذهب إلى المحاكم للشكوى ثم ينتظر.. الربيع!

 

آخر محطة (1): بذلك الجزء من الطريق او دونه يجب ان تتضمن خارطة الكويت المستقبلية التي نتأمل منها الخير الكثير تخصيص مبالغ للمشاريع السالف ذكرها وهناك امثلة عديدة اخرى ستتضمنها مقالات لاحقة.

(2): العزاء الحار لآل الرشيد الكرام وللدكتور أنس الرشيد بوفاة والده النائب السابق محمد الرشيد، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان..

 

احمد الصراف

الرد على رد المديرة المذوقة

لم أتلق طوال عشرين سنة من الكتابة، ردا بمثل هذا السوء.. كرد السيدة «المحترمة» شيخة المذن، مديرة معهد التمريض في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، الذي نشر في القبس أمس بكل عيوبه.
تقول المديرة ان القبس نشرت مقالا لــ «شخص اسمه أحمد الصراف»، وان المقال تضمن مغالطات لا تنطبق على واقع معهد التمريض «جملة وتفصيلا»، وأنها (وهذا هو المهم) على يقين بأن هذا الشخص إما انه لا يقصد معهد التمريض، أو أن يكون قد كتب له المقال للنيل من المعهد الذي يسير بنجاحات متتالية تثير حقد المغرضين وحسدهم!
فإن كنت يا سيدتي على يقين من أنني لم أقصد معهدك فلم الرد علي بثلاث صفحات إذن؟ علما بأن لا شيء في الكويت، أكرر لا شيء، يسير بتطورات ونجاحات متتالية فكيف بمعهد مر عليه نصف قرن تقريبا، وجعجعته لم تخرج لنا خبزا ولا حتى طحينا؟
وجاء في الرد كذلك ان المعهد يعمل منذ 45 عاما، وأنه خرّج 13 في أول سنة، وأنه سيخرج هذا العام 200 ممرض تقريبا، وأن مخرجات المعهد (التي يجب أن تكون بهذا المعدل بالآلاف الآن) يملأون جميع القطاعات!
وهنا نترك التعليق على تواجد ممرضات كويتيات في كل مستشفى، طوال ساعات الليل والنهار، منذ عام 1965 وحتى اليوم، نتركه لفطنة القارئ!
وردنا على السيدة المديرة بسيط، ويتلخص في النقاط التالية:
أولا: الشخص الذي اسمه أحمد الصراف، وفق قولك، لم يكتب مقال «عار التمريض» القبس 4/10، من فراغ، ولم يُملَ عليه من أحد، بل استقى مادته من تحقيق صحفي نشر في القبس بتاريخ 2010/1/4، ونصه موجود لمن يود الاطلاع عليه.
ثانيا: ورد في تحقيق القبس «بالرغم من طلب وزارة الصحة ممرضين من فئة الذكور، فان المتوافر في التطبيقي اناث فقط، وذلك لسببين: قانون منع الاختلاط، وعدم رغبة الشباب في ممارسة مهنة التمريض»!
ثالثا: وورد في التحقيق على لسان السيدة خولة الكندري عميدة كلية التمريض بالإنابة، ان عدد الطلبة الخريجين الحاصلين على الدبلوم لا يتجاوز أربعة في السنة، ولا يعقل ان توضع ميزانية وطاقم تدريس لهؤلاء.
رابعا: وقالت ان المجال الطبي يلزم الجمع بين الجنسين في العمل، ولكن هذا الجمع مرفوض بالنسبة لهم كطلبة، ولو أعطتنا هيئة التطبيقي الموافقة بالنسبة إلى الحاصلين على البكالوريوس، لوفرنا على الدولة كثيرا من الأموال.
خامسا: وفي التحقيق طالب أمين سر جمعية التمريض د. عبدالعزيز العنزي هيئة التطبيقي بفتح المجال للاستفادة من الكوادر الشبابية، واعطائهم الفرصة لتكملة دراستهم داخل بلدهم، وقال ايضا ان على المسؤولين في هيئة التطبيقي وادارة كلية التمريض تغيير نظرة المجتمع «الدونية» لمهنة التمريض، فهم يحرمون طلبتنا من تكملة دراستهم؟
وقيل قديما: قليل من الموضوعية يفرح القلب والفؤاد!
فاجأناكي بالرد، مو؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

أخلاق شباب… قمة في الروعة

 

يخشى محدثي الذي كان يعبر عن شعوره بالألم وهو يتكلم عن تجربة مع مجموعة من الشباب، ضمَّته معهم حافلة واحدة في عمرة عيد العمال، أن يتحول التديُّن لدى بعض الشباب إلى مجرد (شكل) ظاهري لا عمق له في نفوسهم، فتصبح علامات الالتزام الديني زيف مبطن، وهو أمر خطير للغاية.

ولعل محدثي الرجل الخمسيني على صواب فيما يقول، فهو يتحدث عن ممارسات شاهدها بأم عينه في رحلة (عمرة)، وليست رحلة إلى منتجع سياحي أو حتى إلى (بلاج الجزاير)، وإن كانت رحلات الترفيه إلى أي مكان كان لابد وأن تكون بعيدة عن مظاهر سوء الخلق والفوضى والهمجية، فما بالك برحلة إيمانية إلى البقاع المقدسة الطاهرة.

هي جلسة حديث عابر مع ذلك الإنسان، لكن في ملاحظاته ما يستحق أن نقدمها للقراء الكرام، فمن المواقف التي ذكرها عن رحلة (العمرة)، وجود عدد من الشباب الذين كانوا طوال الطريق يقرأون الأدعية والأذكار، وتنوعت الكتيبات الخاصة بأعمال العمرة في أيدي بعضهم، وكان سعيداً بهذا الجو في رحلة برية امتدت لساعات، لكن الوضع اختلف حينما بلغوا الديار المقدسة ليسجل بعض المشاهد التي رآها وكانت من السوء بحيث يجزم بأن أولئك الشباب يقرأون الأدعية والأذكار لمجرد القراءة لا الفهم والامتثال، ولمجرد التباهي ربما بحلاوة الصوت.مجموعة من الشباب، وإن كانوا يرتدون الأزياء التي لا تناسب زيارة البقاع المقدسة، من بنطلونات مزركشة بعضها من النوع (الطايح)، وبعضها الآخر من الذي تتدلى منه حلقات الحديد أو ما شابه، والأقمصة ذات الشخبطات الغربية، اختلفوا مع مقاول الحملة، فما كان منهم إلا أن صبّوا جام غضبهم على الحافلة، ففتحوا غطاء المحرك في غفلة من المقاول والسائق، وأتلفوا بعمد وتقصد المحرك بوضع كمية من الملح فيه، ليقف ذلك المقاول يضرب راحاً براح. في المضيف، لم يكن هناك احترام للنعمة، فكان البعض يعبث ويلعب بالأطعمة، وكأن أولئك الشباب جاءوا ليقضوا وقتاً في تصوير برنامج هزلي كتلك البرامج التي نشاهدها في التلفاز حيث التراشق بالطماطم أو الشطائر ونعم الله التي يجب أن تحترم وتشكر لتدوم.

وليس بغريب بعد ذلك، أن يشاهد هو وغيره، نماذج من أولئك الشباب من الجنسين، شبان وشابات، وكأنهم في متنزه مفتوح للمعاكسات والترقيم، فهذا يقوم بحركات ليجذب انتباه الفتيات، وهذا يقوم بحركات فكاهية سخيفة، وتلك ترفع عباءتها ليرى الناس – ربما – ماركة بنطلون الجينز أو الحذاء الذي تلبسه أعزكم الله، وأخريات لم يجدن بأساً في إظهار بضع خصلات من شعرهن تتدلى على جباههن، أما الألوان الغريبة العجيبة على الوجه فحدث ولا حرج. بين أولئك وهؤلاء، شباب وشابات في قمة الأخلاق، يدركون أنهم إنما يقومون برحلة إيمانية يرجون منها الثواب من الله سبحانه وتعالى، أما زمرة المظاهر، فلم تكن تنفع معهم كلمات المرشدين الدينيين، ولا كلام أولياء أمورهم، ولعل في مقدور علماء الدين و المعلمين، أن يلفتوا نظر الشباب إلى أن التوجه إلى العتبات المقدسة، يتطلب استعداداً نفسياً إيمانياً قويماً طيباً، وليس لتصرفات هوجاء لا تصدر إلا من المغفلين والأغبياء

سامي النصف

دشاديش التشريعات الكويتية العجيبة

التشريعات كالدشاديش يفترض ان تُفصّل من قبل محترفين على مقاس مصلحة البلد كي يستفاد منها، كثر لدينا ترزية التشريعات والقوانين غير المحترفين فهذا يضيف للدشداشة الوليدة ذراعا وذلك ياقة وآخر جيبا، وهكذا حتى ينتهي الأمر بلباس «مسخ» أرضى الجميع بقبول زياداتهم وتعديلاتهم إلا انه أصبح في الوقت ذاته دشداشة فريدة لا يستطيع ان يلبسها أو يستفيد منها أحد، ومبروك دشداشة «الخصخصة» الجديدة والفريدة من نوعها في العالم والتي يبيت القطاع الخاص عريانا ولا يلبسها!

وفي العالم أجمع الذي يفترض اننا ننتمي إليه، ما ان تختط الدولة نهجا إستراتيجيا كالخصخصة حتى «تطوع» الدساتير والقوانين والتشريعات لخدمة ذلك الهدف، لدينا حدث العكس وتم تطويع مشروع الخصخصة لخدمة التشريع الذي كتب إبان حقبة اشتراكية الستينيات والذي جعل القطاع الحكومي يترهل بالشكل الذي جعل الجميع يؤمن بالخصخصة كوسيلة لإصلاح أحواله، وكيف للوطن ان يقفز للأمام ويتقدم مادمنا نشد على رجله الوثاق والحبال ممثلة بوثائق وتشريعات الماضي البالية؟!

قانون الخصخصة وئد قبل ان يولد وطرد ضمن تعديلاته العقلاء من المستثمرين وجعل مفتوحا على قلة قليلة من مغامري الاستثمار من الباحثين عن سيولة بأي ثمن، حاله كحال قانون الـ B.O.T الذي تكفل بقتل ودفن ذلك التوجه الطموح ثم وقف قاتلوه باكين يستقبلون المعزين بقتله، بعض القوانين تعدل باسم مصلحة الكويت وهي الأكثر ضررا بتلك المصلحة!

وتطبخ التشريعات والتعديلات في العالم أجمع على نار هادئة بينما تسلق التعديلات في الكويت على نار الاستعجال الحارقة ثم نكتشف لاحقا استحالة تطبيقها كحال فرض الضوابط الشرعية على الناخبات والمرشحات التي جعلت برلماناتنا المتعاقبة فاقدة الشرعية والأهلية الدستورية لمشاركة النساء في الانتخابات وهن غير ملتزمات بضوابط «آخر لحظة». إضافة ضوابط الشرعية «من تاني» لقانون الخصخصة قضت على ما تبقى من أمل لذلك الوليد المشوه، وتنجح بامتياز العمليات التي يجريها هواة التشريع تحت قبة برلماننا العتيد ويتبادل الجراحون عادة التهنئة وينسون ان المريض قد مات!

وجرت العادة على ان تبدأ الخصخصة بالقطاع الأسهل ثم الأكثر صعوبة وهكذا حتى «تنتهي» بقطاع الطيران في نهاية لائحة مشاريع التخصيص كونه القطاع الأكثر صعوبة في الكويت، وتصديقا لمسؤول سابق لم يعرف عنه قط الصدق او الكفاءة تم اختيار قطاع الطيران لأن يكون «أول» قطاعات التخصيص حتى اذا فشلت التجربة – وهي فاشلة لا محالة – صاح الاشتراكيون والشيوعيون الجدد: «ألم نقل لكم ان الخصخصة غير نافعة؟!».

آخر محطة:

 (1) قال لي عبر الهاتف وهو مواطن كويتي معروف كبير السن لم يود ان نذكر اسمه، ان كثرة الأخطاء في تشريعاتنا قد جعلت الإصلاح التشريعي في حكم المستحيل لوفرة المستفيدين من الجمود، رغم ان إصلاح السلطة الثانية كفيل بإصلاح وحسن أداء السلطات الثلاث الأخرى (بما فيها السلطة الرابعة)، لذا يرى المتصل أنه لا حاجة – كما يطرح – لتعديل محدود في الدستور الذي أصبح الخصم والحكَم – حسب قوله – بل ان الحل المؤسسي يكمن في خلق مجلس تأسيسي جديد يخلق تشريعات متطورة مواكبة للعصر تقفز بنا سريعا للأمام بعد ان كاد ركب ومراكب الأمم الأخرى تختفي بعيدا تحت الأفق في وقت لايزال فيه ركبنا ومراكبنا تراوح محلها وصراخ ركابها يملأ فضاء المدينة!

(2) في مجتمعات الديموقراطية الحقيقية ـ لا الديكتاتوريات المستترة ـ لا يكفر سياسيا ووطنيا من يقول بمثل هذا القول، بل يعقب عليه بعقلانية وحكمة دون تجريح، سواء بالرفض او الموافقة، فأين نحن من تلك المجتمعات؟!