احمد الصراف

سرقات العلوم الإدارية والسيد الطبطبائي

وجه النائب وليد الطبطبائي سؤالاً برلمانياً لوزيرة التربية يستفسر فيه عن السرقات العلمية لأساتذة في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت. وقال النائب في سؤاله: إن من المستحيل تحقيق الفائدة المرجوة من مخرجات البحث العلمي في حال انتهكت الأمانة العلمية، وهدمت الأصول الأكاديمية التي تحفظ للأبحاث العلمية مصداقيتها وأهميتها (!).
ونحن هنا لا يسعنا إلا شكر النائب على حرصه على «الأمانة العلمية» وسمعة الجامعة ومحاربة السرقات الأدبية والعلمية والبحثية وغيرها.. ولكن، هل كان النائب الطبطبائي سيتقدم بمثل هذا السؤال لو كان على رأس وزارة التربية من يلقى القبول السياسي الديني منه شخصياً؟ وإذا كان الجواب بنعم، فلماذا تقاعس عن تقديم ما يماثل هذا السؤال عندما فاحت رائحة كثير من السرقات في السنوات الماضية؟
وأين كان عندما تسربت اخيراً أخبار من داخل الجامعة تفيد بوجود سرقات «علمية» في كلية الشريعة، ووجهت بها كتب رسمية لمدير الجامعة، فلماذا صمت عن سرقات تلك الكلية، هل لأنها عزيزة على فكره النيّر وقلبه، أم لأنه أنهى دراسته فيها؟
وهل نسي السيد النائب الطبطبائي ما نشر في موقع «نادي لصوص الكلمة»، المتخصص في كشف السرقات الأدبية والعلمية، عن تفاصيل كاملة لأربع سرقات صحفية نسبت للنائب والدكتور والسيد وليد الطبطبائي. ولماذا لم يصدر منه أي تكذيب أو نفي أو صلة بها على الرغم من مرور سنوات على نشر تفاصيلها؟ وهل هذا السجل «الأدبي» يؤهل لتقديم مثل هذه الأسئلة لوزيرة التربية؟
وإن كان السيد النائب قد نسي تفاصيل تلك السرقات الأدبية فهذه تفاصيلها:
أولاً: نقل فقرات كاملة في مقال له بعنوان: «الفن الذي نريد»، والذي نشر في «الوطن» الكويتية بتاريخ 2005/1/9 من مقال للكاتب المصري فهمي هويدي بعنوان «نظرة في جماليات القرآن»، الذي نشر في «الشبكة الإسلامية» في 2004/12/8، ومن كتاب «مراجعات في الفكر والدعوة» للكاتب عمر عبيد – منشورات أبريل 1991، من دون الإشارة إلى ذلك!
ثانياً: إيراد فقرات مطولة وكاملة في مقاله «نعم هناك تطرف إسلامي»، الذي نشر في «الوطن» في 2005/1/17 من كتاب لعبدالرحمن عبدالخالق بعنوان «فصول من الدعوة الشرعية في السياسة».
ثالثاً: نقل فقرات كاملة في (الشريعة ليست شعاراً… بل الموت دونها، «الوطن» 2001/7/28) من كتاب قديم بعنوان «التشريع الجنائي في الإسلام» لعبدالقادر عودة!
فهل لدى النائب الطبطبائي، المدافع الأكبر عن الأخلاق في مجلس الأمة، وصاحب الشيك الدسم من سمو رئيس مجلس الوزراء، الذي لم يفصح عنه في حينه، هل لديه رد علينا؟ نتمنى ذلك.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

خوش شوارع… مرة أخرى

 

سأعود بالقراء الكرام، وخصوصاً مستخدمي شارع الجنبية بشكل يومي، إلى هذه الزاوية يوم الأحد 19 يوليو/ تموز من العام 2009 عندما كتبت عموداً عنوانه: «مشكورين… خوش شوارع»، في إشارة إلى نموذج من مشاريع إنشاء الطرق التي تستغرق وقتاً طويلاً من العمل، وهو شارع الجنبية.

يومها كتبت نصاً: «حسناً، تعالوا نمشي على شارع الجنبية… فهذا الشارع الجديد المجدد اليوم، يعد واحداً من أهم الشوارع ذات الحركة الدؤوبة المستمرة، ولنقطعه ذهاباً وإياباً في الجزء الذي تم الانتهاء منه، وحتى مع علمنا بأن مرحلة أخرى قادمة لتصحيح الأخطاء، هل يصح الوضع القائم؟ مرتفعات ومنخفضات ومطبات، بل وأخطاء هندسية يراها حتى المهندس المتدرب حين تجد جزءاً من الرصيف يبدو كالنتوء يخرج قليلاً عن الشارع، أي يظهر جزء منه وإن كان السائق غافلاً أو ضعيف نظر… (راحت عليه)».

ولم يقصر الأخوة في العلاقات العامة بوزارة الأشغال إذ أرسلوا رداً نشر في صفحة «كشكول» يقول مضمونه إن الأعمال في الشارع لم تنتهِ بعد، وهذا يعني أنني ربما تسرعت في الملاحظات قبل أن أعطي المقاول المسئول فرصة إتمام مشروعه.

وماذا عن الوضع اليوم؟ اليوم هو يوم الأحد 23 مايو/ أيار 2010… وهناك مسافة عشرة أشهر بين الملاحظة الأولى في يوليو 2009، ولا أدري هل بالإمكان لفت نظر المسئولين إلى الملاحظة الرئيسية على شارع الجنبية، أم أن المشروع لم يكتمل بعد؟

لا بأس، سواء انتهى العمل بشكل نهائي أم لاتزال هناك بعض المبررات، يمكنني القول إن الكثير من السواق كادوا يقعون في حوادث مرورية مؤسفة بسبب وجود جزء هابط من الإسفلت على المسار الأيمن للشارع بالنسبة للقادمين من الشمال إلى الجنوب، أي من دوار البديع في اتجاه الهملة، وهذا الجزء الهابط لا يمكن الاستهانة به، فالكثير من المركبات، حتى وإن كانت تسير بسرعة 80 كيلو متر في الساعة، فإنها تتعرض لانحراف مفاجئ بسبب هذه (الحفرة)… حتى وإن التزم السائق بالمسار الأيسر، فإن تلك الحفرة تتسبب في عدم اتزان المركبة.

وبالنسبة للسواق الذين تعودوا على الموقع، فإنهم يأخذون حذرهم قبل الوصول إليها، لكن الأمر يختلف بالنسبة للسائق الذي يتفاجأ بوجودها، ولله الحمد، فإنه لم تقع حوادث كبيرة حتى اللحظة بسبب تلك الحفرة، لكن حدث عشرات المرات بالنسبة للكثير من السواق انحراف مفاجئ يتسبب في فقدان توازن المركبة، ما رأيكم لو كلف أحد المعنيين نفسه فأرافقه إلى موقع الحفرة؟ حتى وإن كان العمل لم ينتهِ بعد

سامي النصف

لقاء معرفي في دار آل معرفي الكرام

حضرنا بالأمس لقاء وحفل غداء في دار آل معرفي العامرة في منطقة الدسمة على شرف وزير الدولة العراقي لشؤون مجلس النواب السيد صفاء الدين الصافي والذي كان ضمن مكرمي خريجي جامعة الكويت والذي تربطه ببلدنا علاقات وثقى حيث كان جده احد المساهمين الكبار في بناء سور الكويت، كما انه متزوج من كويتية وقد سبق له العمل في مكتب المحامي مصطفى الصراف ومستشارا قانونيا للمرحوم مبارك الحساوي.

 

حضر اللقاء المعلوماتي والمعرض جمع من الوزراء السابقين والساسة والأكاديميين والإعلاميين وقد افتتحه الصديق موسى معرفي الذي رحب بالضيوف ثم ترك المجال للضيف حتى يتحدث بحرية مطلقة يتبادل مع الحضور الآراء التي لا تمثل وجهة نظر رسمية او حتى شخصية وهي خلاصة لما يدور لدى بعض النواب والكتاب العراقيين أملا في فهم افضل يؤدي بالتبعية إلى فهم افضل بين البلدين.

 

ومما ذكره الضيف الكريم ان البعض في العراق يرى أن الواقع الحدودي الذي خلقه او ارتضاه صدام أصبح «يخنقهم» خاصة انه يلزم السفن المتجهة إلى ميناء ام قصر العراقي، برفع العلم الكويتي وإخضاعها للتفتيش، كما عرج على حادثة الطائرة العراقية في لندن التي رأى أنها أضرت كثيرا بسمعة الكويت في الشارع العراقي دون ان تكسب منها الكويت شيئا حيث ان الطائرة مستأجرة ولا يمكن الحجز عليها، كما ان مطاردة مدير عام «العراقية» ومحاولة القبض عليه ومنع سفره كانت مذلة وزادت الامر سوءا وتساءل عن المسؤول عما حدث؟

 

تبادل الضيوف الكويتيون الرد على ملاحظات الوزير العراقي وقد استكملنا الحديث معه على طاولة الغداء، ومما قلناه ان الحدود بين البلدين قد خُطّت من قبل خبراء وجهات «محايدة» هي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وتحت البند السابع في وقت لا يجري الحديث في العراق عن حدود اخرى للعراق اكبر واكثر اهمية من حدودنا تنازل عنها صدام بشخطة قلم ودون العودة إلى أطراف محايدة.

 

كما أوضحنا ان الحديث بنهج ضغط الأخ الأكبر على الأخ الأصغر هو نهج صدامي دون صدام ويجب على اخوتنا في العراق الحذر الشديد ممن يسوقون له حيث ان اكثر المتضررين من سيادة ذلك المنطق هو العراق ذاته الذي لديه اشكالات حدود تاريخية تشمل ألوية ومياها مع دول أكبر منه كثيرا، وان منفذ العراق على الخليج ونعني الممر المائي لميناء ام قصر العراقي اما انه واسع وعميق او ضيق وضحل وفي كلتا الحالتين لن يتغير واقع ذلك المنفذ حال تغيير ملكيته من العراق للكويت أو العكس وأبديت شكي في لزومية رفع السفن المتجهة إلى العراق للعلم الكويتي «وما الضرر؟» حيث ان قوانين اعالي البحار تفرض رفع علم البلد الذي تتجه إليه السفن.

 

كما أوضحت ان الحديث عن حاجات جيوبوليتيكية للدول هو طريق ذو اتجاهين فكما يطالب العراق بمنفذ اكبر على الخليج وهو الذي يملك اساسا ذلك المنفذ فيحق للكويت في المقابل ان تطالب العراق بأن يمنحها مساحات شاسعة من ارضه حتى يكون لها مطل ومنفذ على مصب المياه العذبة في شط العرب يمنع موتها عطشا عند انتهاء عصر البترول الذي يشغل محطات تقطير المياه وأعدت للذاكرة حقيقة ان الموانئ الكويتية هي التي أفادت العراق إبان حربه الطويلة ولو كانت تلك الموانئ ترفع العلم العراقي لأغلقت كحال موانئه الأخرى.

 

ومما نقله الوزير العراقي ان هناك من يقول ان الكويت هي التي ساعدت نظام صدام إبان حرب الثماني سنوات لذا يحق للشعب العراقي طلب التعويض منها على ذلك الموقف، وقد ذكّرت الوزير الفاضل بمقولته قبل ذلك بأن شيعة العراق وهم من يمثلون الاغلبية هم من حارب ايران طوال تلك الحرب دفاعا عن وطنهم وعروبتهم وقلت ان الكويت كانت ضمن الـ 197 بلدا التي وقفت مع العراق ومع الشرعية الدولية، لا مع صدام، ومن الذي يجيز الاستفراد بالكويت في طلب مثل تلك التعويضات غير المسبوقة في التاريخ وترك الدول الكبرى التي زودت العراق آنذاك بالأسلحة والطائرات والدبابات؟ لأن في ذلك عودة مرة أخرى لنهج الأخ الكبير والأخ الصغير المدمر.

 

آخر محطة: (1) تطابقت مناصب الوزير العراقي (دولة لشؤون مجلس النواب، تجارة، عدل) مع الوزارات التي تقلدها احد الحضور وهو الوزير السابق أحمد باقر.

(2) تعقيبا على مداخلة الإعلامي يوسف الجاسم الذي أسعده ان اسم الوزير صفاء الصافي حتى يكون الحديث اكثر شفافية أجابه الضيف بأن لديه ابنة اسمها صفوة صفاء الصافي، لذا فهي أكثر شفافية من حيث المسمى.

احمد الصراف

الدين الحقيقة

عاش حياته كثير الحذر، لم يهتم قط بأحد أو يعرف أحداً أو يفكر في الإقدام على أي مجازفة، ولو صغيرة. وعندما مات رفضت شركة التأمين دفع مبلغ التأمين على حياته لورثته، لأنه، برأيها، وببساطة شديدة، لم يعش حياته، فكيف يموت من لم يعش أصلاً؟
* * *
قام عالم لاهوت برازيلي معروف بإجراء حديث شيق مع زعيم التبت الدلاي لاما. وقد انتشر الحديث على الانترنت بشكل كبير، وكان محوره يدور حول الحرية والأديان، حيث قام العالم بتوجيه سؤال للدلاي لاما عن رأيه في أحسن ديانة في العالم. ومن الطبيعي هنا الافتراض، حسب قول العالم، بأن الدلاي لاما سيختار الديانة البوذية، ليس لكونها الأقدم بل وأيضاً لأنها الديانة التي يؤمن بها ويتبعها، ولكن الدلاي لاما صمت برهة ثم أجاب وابتسامة مشرقة تضيء وجهه قائلاً: إن أحسن دين هو الذي يجعلك أقرب لربك، ويجعل منك انساناً أفضل.
ولكن العالم لم يكتف بتلك الاجابة المبهمة فعاد لسؤاله عن الشيء الذي يجعل الانسان كائناً أفضل؟ فرد قائلاً: أن يكون أكثر رحمة ومحبة وانسانية واحساساً بالمسؤولية، وأن يكون ملتزماً أخلاقياً، وبالتالي فإن الدين الذي يحقق كل هذه الأمور هو الأفضل، بنظره! صمت العالم وهو يفكر في حكمة هذا الرجل الجليل الذي استطرد في حديثه قائلاً له: أنا يا صديقي لا يهمني معرفة ديانتك أو ما اذا كنت ملتزماً دينياً، أو غير ذلك، فما يهمني هو تصرفك أمام أقرانك ومن هم أكبر منك سناً وموقفك من أهلك وعملك ومجتمعك والعالم أجمع! وتذكر أن ما يجري في العالم ما هو إلا صدى لأعمالنا، فقانون الفعل ورد الفعل لا يخص الفيزياء فقط بل يشمل البشر، فإن فعلت خيراً خيراً تر والعكس صحيح كذلك. وإن قررت أن تكون سعيداً فليس هذا بالقرار المصيري بل هو خيار شخصي، ولذا علينا أن نهتم بأفكارنا فهذه ستتحول إلى كلمات، وأن نهتم بكلماتنا فإنها ستتحول إلى أفعال، وأن نهتم بأفعالنا فقد تتحول إلى عادات، وأن نهتم بعاداتنا فقد تصبح جزءاً من شخصياتنا، وشخصياتنا هي مصائرنا، ومصائرنا هي حياتنا. وبالتالي ليس هناك ديانة أعظم وأسمى من الحقيقة.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بلا ربطة عنق… أفضل

سقى الله أيام الصبا. كنا في المرحلة المتوسطة عندما سمعنا للمرة الأولى عن شاعر في مدرستنا نعرف لقبه ولا نعرف اسمه، وغطت سحابة شهرته المنطقة كلها، وكان يسبقني بثلاث سنوات دراسية، وكنا نتداول أشعاره في قصاصات يمدني بها صديقه منصور الوشيحي، شقيقي الأكبر، ومني تتسرب القصاصة إلى بقية الأصدقاء.

كبر الصبية والتحقوا بالمدرسة الثانوية، وازدادت متابعتهم لما يكتبه شاعر مدرستهم ومنطقتهم "وضّاح"، وتأثرت به كثيراً، فكتبت أولى قصائدي بالفصحى وأنا في الرابعة عشرة، في الصف الأول الثانوي، وكانت قصيدة فاسقة ماجنة على أشد ما يكون الفسق والمجون، وعرضتها على مدرس اللغة العربية، فقرأها والتفت نحوي: "قصيدتك يا ابني فيها شعر لكنها تنقض الوضوء، وكل من يقرأها يجب أن يستحم قبل أن يصلي"، ومازالت ذاكرتي تحتفظ ببيتين منها لا يصلحان لمن هم أقل من ثمانين سنة…

ورفعت الأيام طرف ثوبها وراحت تعدو وتعدو وتعدو، وعدونا معها، فلا خيار آخر أمامنا، فالتقينا في الطريق شاعراً عراقياً مبهراً اسمه أحمد مطر، احتلت قصائده مساحة ليست بالصغيرة من أذهاننا، وحفظناها وتبادلنا الانبهار بها، وأحمد مطر واحد من أشهر كارهي أميركا على ظهر هذا الكوكب… وفي الأيام تلك، حُل البرلمان عام 86، وجاءت الحكومة بالمجلس المسخ "المجلس الوطني" تسحبه من قفاه وتجلسه في صدر الديوان، فغضب الناس، وقامت "دواوين الاثنين" المعارضة عام 89، وعادت قصائد "وضاح" للساحة من جديد، وتم تداول اسمه كشاعر المعارضة…

وجاء الغزو العراقي، فقرأنا قصيدة ولا أعظم صاغها أحمد مطر بعنوان "العشاء الأخير لصاحب الجلالة إبليس الأول"، مقفاة موزونة، يقول في بعض أبياتها وهو يصف خطة أميركا في تدبير الغزو:

بغضي لأمريكا لو الأكوان ضمت بعضه لانهارت الأكوانُ

هي جذر دوح الموبقات وكل ما في الأرض من شرٍّ هو الأغصانُ

حبكت فصول المسرحية حبكةً يعيا بها المتمرس الفنانُ

هذا يكر وذا يفر وذا بهذا يستجير ويبدأ الغليانُ

حتى إذا انقشع الدخان مضى لنا جرحٌ وحلّ محله سرطانُ

 

وكانت نحو خمسين بيتاً من الشعر أو ستين، وكنت أحفظها كاملة، تسرّب بعض أبياتها من ذاكرتي خلسة أثناء نومي، واحتفظت بأغلبيتها إلى اليوم.

واستمرت الأيام تعدو في مضمارها، وعدوتُ معها، إلى أن تزاملت مع شاعريّ المحببين "وضّاح" وأحمد مطر، بل وشاركتهما الكتابة في الصحيفة نفسها، بل في الصفحة نفسها، فيا لهذه الأيام…

على أن أحداً لا يكره أميركا أكثر من أحمد مطر إلا النائب السابق والمنظّر السياسي الثقيل د. عبدالله النفيسي، الذي توقّع أن تختفي الكويت والإمارات والبحرين وقطر من الخارطة، فلا بقاء للدويلات الصغيرة، واقترحَ النفيسي أن تتحد دول الخليج، وكنت سأؤيده لو أنه اقترح ضم لبنان معنا، وسأؤيده لو أنه طالب بإلغاء مراكز الحدود أولاً، أو توحيد العملة، أو على الأقل توحيد الملابس قبل الاتحاد، بشرط أن لا نرتدي "الوزار" كما يفعل أهلنا في الإمارات وعمان، ولا نلبس الغترة التي تشبه المظلة والعقال أبو دندوشة كما يفعل أهلنا في قطر، ولا نضيّق الدشاديش كما يفعل أهلنا في السعودية، ولا نرتدي الدشداشة بلا غترة كما يفعل أهلنا في البحرين… لذا، أرى أن نمشي خلف رئيس برلماننا ونرتدي البذلة بلا ربطة عنق، كما يفعل أهلنا في إيران.

سامي النصف

الوجه الآخر لمدينة الكويت..!

يوم آخر امتلأ سمعك وبصرك فيه، سواء كنت مواطنا أو مقيما، بقضايا الصراعات السياسية التي لا تنتهي والتي نقلتها وسائل الاعلام لمخدعك ودار نومك، لذا سأقترح عليك ان ترى الجانب الجميل والهادئ والثقافي من الكويت ولن تكلفك تلك الزيارات الممتعة والمفيدة شيئا عدا ندمك على انك لم تقم بها منذ زمن.

اصطحب عائلتك او اصدقاءك معك وابدأ بمتحف بيت الكويت للاعمال الوطنية الذي يقع خلف قصر سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وشاهد صالة الهوية الكويتية والبانوراما الرئيسية واجنحة الدول الشقيقة والصديقة التي ساهمت مشكورة في تحرير بلدنا، ثم ادخل لقاعة الصور الفوتوغرافية وبعدها صالة جرائم صدام المرعبة، والتي تضم تمثاله الذي احضر من بغداد، ثم بانوراما قصة الشهيد المبكية، واخيرا صالة الوثائق الصدامية التي من ضمنها وثيقة رسمية لامر القبض على طفل كويتي عمره 6 سنوات جريمته انه شوهد يلوح بالعلم الكويتي الممنوع.

بعد الانتهاء من ذلك المتحف الذي يستحق من شاده الاشادة والثناء، واصل سيرك بمحاذاة البحر حتى تجاوز المستشفى الامريكاني التاريخي الذي مازال تحت الترميم ثم بيت البدر وتوقف عند بيت السدو الجميل الذي يظهر جانبا هاما من تاريخ الكويت القبلي وشاهد فنون السدو الملونة وستلتقي هناك على الارجح بسائحين اجانب قادمين من المطار او الميناء حيث البواخر الراسية.

وعلى يمين بيت السدو يقع متحف الكويت الوطني الــذي ينقـــسم لثلاث صالات تســـتحق الزيارة، اولـــها صالة الاثار الكويتية واليونــــانية القديمة التي تظـــهر ان استقرار الانسان على ارض الكويت يحـــدد بـ 8 آلاف عـــام قبل الميـــلاد، وتنقـــسم الاثـــار المعروضة في الصالة الى العـــصر البرونزي (1100 ق.م) والهيلينستي (330 ق.م) والعصر الاســـلامي حيـــث كانت الكويت احدى المحطات الرئيسية من والى بغداد عاصـــمة الدولــة العباسية، ثم اتجه بعد ذلك للصالة الثانية التي تحتوي على اثار نشأة الدولة واختم زيارة المتحف بالقبة السماوية التي تطلعك على اخبار المجرات وبعض اسرار الكواكب السيارة.

اكمل مشوارك لمتحف البحار الواقع خلف ديوان عائلة الروضان الكرام، وبعد الانتهاء ستجد بالقرب منه متحف الفن الحديث حيث اللوحات والتماثيل وعلى بعد خطوات منها ستجد بيتا كويتيا قديما هو المرسم الحر الذي لا يعلم احد سبب منع الفنانين من استخدامه لاظهار ابداعاتهم كما هو الحال في السابق وتركه خاليا تنعق فوق اطلاله البوم.

عودة الكويت الى سابق عهدها كمنارة اشعاع حضاري تحتاج الى تفعيل مراكز التنوير كي تساهم في ابعاد الشباب عن قضايا التطرف والمخدرات.

يمكن بعد ذلك زيارة مكتبة البابطين وقراءة المخـــطوطات والصـــحف العربية القديـــمة والنادرة ثم الى مدرسة المثــنى التاريخية حيث يقع نادي السينما ونشــاطاته المتنوعة، والذي يقع خلف المكـــتبة الوطنية (تحت الانشاء)، ولمحـــبي شراء الملابس يمكن زيارة مجموعة البيوت والبوتيكات الاثرية الواقعة بمقابل المستشفى الاميري ويمكن العودة عن طريق البحر عبر الصليبخات للمدينة الترفيهية التي مازالت في رونقها وتستحق الزيارة خاصة لمن لديه اطفال، الكويت الاثرية خيار يستحق المشاهدة.

آخر محطة:

متحف الكويت الوطني في حاجة لعمليات ترميم تشمل الارضيات وتشغيل النوافير والاعتناء بالاشجار وانشاء محلات لبيع التحف والأعلام وايجاد مقاه ومطاعم في المباني المتضررة منذ الغزو أو في السفن الخشبية الموجودة في الساحة ويمكن لموارد البيع والايجار ان تستخدم للاعتناء بالمتحف.

سعيد محمد سعيد

اكتب لي «تقريراً مثيراً» أعطيك «خيراً» كثيراً!

 

يبدو أن تجارة كتابة «التقارير المثيرة» ستشهد رواجاً كبيراً، لاسيما في البلدان العربية والإسلامية، بل وتحديداً في الدول والمجتمعات التي تتداخل فيها صور التآمر بالتخابر بالتجسس بالطائفية بالعرقية بالتصفيات، وأضف من الـ (باءات) ما شئت حتى تصل إلى آخر (باء) منها وهي باء (بيع) الأوطان.

تلك التقارير المثيرة أصبحت بالفعل تجارة رابحة، ولا نقصد هنا التقارير السرية والمخابراتية والاستخباراتية التي تجريها جماعات متصلة بجماعات مرتبطة بكيانات، بل تلك التقارير تشمل أيضاً التقارير الصحافية المقروءة والمرئية التي تصرف عليها الفضائيات مئات الآلاف من الدولارات من أجل قلب الحقائق والكذب على المتلقي العربي والاستخفاف بعقله والترويج لسياسات معينة، وتشمل أيضاً (سرقة) التقارير من كشوف شركات عملاقة أو مؤسسات أو أحزاب، وهكذا، ينال من يؤلف أو يسرق أو يتخيل أو يتآمر أو يتخابر أو يتجسس أو يكذب في تقاريره، خيراً كثيراً كثيراً سرعان ما يتحول إلى حبال تلف على العنق، أو عملية من وراء الستار تطيح برأسه.

هل تعلمون بأن غالبية التقارير السرية التي تجرى على مستوى الدول العربية والإسلامية، تركز في مساحتها الكبرى على مراقبة أنفاس المواطن العربي، وأكل المواطن العربي، وكيفية زيادة آلام المواطن العربي، وما هي الإجراءات الاحترازية في حال استفاقة المواطن العربي من نومه، لكن هناك بالمقابل تقارير أخرى سرية ومثيرة للغاية لا تمنعها بعض الدول المحترمة عن مؤسساتها التشريعية، وخصوصاً تلك المتعلقة بمصلحة البلاد والعباد، وبوجود الثقة طبعاً بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

الآن هناك نمط جديد أو قل لون جديد من ألوان التقارير السرية، لا تحتاج إلى مجموعات أو فرق عمل أو أهداف كبيرة كانت أم صغيرة… وتحديداً للدقة، هو لون ليس جديداً لكنه متجدد، فبإمكان مسئول هنا أو هناك الاستعانة بموظف أو موظفة أو أكثر لجمع معلومات بشأن (موظف أو مسئول مستهدف)، وتحويل بعض الموظفين والموظفات إلى آذان وعيون (استخباراتية) في مكان العمل، وتتوقف الترقيات والأعطيات على مدى قوة تلك العين وتلك الأذن على العمل.

عموماً هي تجارة فيها ربح كبير، وفيها خسارة أكبر، فالحلال بين والحرام بين… ومهما كانت نوعية التقارير التي يدر من ورائها أصحابها أرباحهم، فلا شيء أفضل من التعامل الصريح والحوار الجاد في كل القضايا، كبرت أم صغرت، في مجتمع كمجتمعنا، لم يعرف عنه يوماً أنه (منغلق).

وحتى لا تبقى الأوجاع والشكوك وتبادل الاتهامات قائمة، فإن أي (تقرير مثير) أياً كان لونه، لا يجب أن يكون (في طي الكتمان)، وخصوصاً أن الناس في البحرين، علماء ونواباً وناشطين ومؤسسات، لديها من القنوات من يوصلها إلى القيادة، وإلى المسئولين في الأجهزة الحكومية على اختلافها… لقطع دابر النوايا السيئة.

سامي النصف

وحدة ناصر وصدام والوحدة الخليجية

في 18/11/1957، اصدر مجلسا الأمة في مصر وسورية بيانا عكس رغبتهما في إقامة اتحاد «فيدرالي» بين البلدين تحول فيما بعد الى وحدة اندماجية نكاية في الشيوعيين، وبعد ان حاز ذلك الخيار 99.99% من الأصوات في مصر و99.98% في سورية، ورفع الشعب السوري سيارة عبدالناصر عندما زار دمشق وتزلزلت الأرض في المنطقة، حيث حدثت ثورتان شعبيتان في لبنان والأردن وانقلابان عسكريان في السودان والعراق وثارت اليمن والجزائر وأعلنت بعض التوجهات السياسية في الكويت رغبتها في ان تكون بلدنا كحماة وحلب في دولة الوحدة وحدثت مظاهرات فأغلقت بعض الجمعيات الأهلية والصحف.

استضافت «الجزيرة» قبل مدة قصيرة قائد الانقلاب (28/9/1961) على الوحدة المصرية ـ السورية عبدالكريم النحلاوي ليدلي بشهادته على العصر، وكان مما قاله ان الوحدة تحولت الى تسلط بعد ان أرسل عبدالناصر لسورية المشير وزمرته وضباطه وصلاح نصر وأجهزته ومخابراته لتشهد سورية للمرة الأولى في تاريخها آنذاك ظاهرة زوار الفجر، وتغييب القانون والقتل والإذابة في الأحماض والتي كان من ضحاياها الزعيم السياسي اللبناني فرج الله الحلو، إضافة الى عمليات التأميم التي طالت المخابز والمطاعم والحرف والمزارع الصغيرة، والغريب كما يذكر النحلاوي أنهم اتفقوا بعد الانقلاب مع المشير، وحسب البيان رقم 9، على بقاء الوحدة وإبعاد أجهزة التعذيب والتسلط إلا ان بيانات إذاعة «صوت العرب» التي كان يكتبها هيكل ويذيعها أحمد سعيد رفضت ذلك الاتفاق مما أدى الى وقوع الانفصال.

في الكويت إبان حقبتي ناصر وصدام، آمنت بعض التوجهات السياسية الكويتية بشكل خاطئ بالوحدة مع مصر الثورية أو العراق العسكرية، وكلاهما كانا يحكم بالديكتاتورية القمعية والتأميم والافقار والنقص الشديد في مستلزمات الحياة، فهل كان دعاة الوحدة آنذاك ومنهم مثقفون ورجال أعمال يعتقدون ان نبقى ضمن نفس الحريات والرفاه في حال وقوع الوحدة؟! ان كل ما شاهدناه إبان الغزو الصدامي من قتل وقمع ودمار وإفقار هو تماما ما كنا سنحصده منه لو لم يكن هناك غزو بل وحدة طوعية وشعبية بين بلدينا كما كان يحلم بذلك المروجون لشعارات.. «سيف العرب»!

وسألني بالأمس مراسل «العربية» عن الوحدة الخليجية، فكانت الإجابة الإيمان الشديد بها نظرا لأن معطياتها تختلف تماما عن معطيات مشاريع الوحدة العربية الثورية القائمة على القمع، وان على الوحدة الخليجية ان تتم بشكل متدرج مدروس، نظرا لوجود تباينات سياسية واقتصادية واجتماعية بين دولنا، واقترحت ان نبدأ كما حدث في أوروبا بالوحدة العسكرية (حلف الناتو) نظرا لحجم المخاطر التي تحيط بدولنا الخليجية الست وذلك عبر تقريب وتوحيد الأنظمة الدفاعية وأنواع القيادة والتدريب والطائرات والدبابات والمدرعات، فالجزء الأمني والعسكري لا يحتمل الانتظار حتى إتمام الوحدة الاقتصادية والسياسية.

آخر محطة: 1 ـ قضية مهمة تستحق التأمل فيها، غفرنا في الكويت ونسينا ما قام به صدام وزمرته وحلفاؤه من قتل ونهب وتعذيب وهتك أعراض وحرق آبار.. إلخ، وهو أمر جيد.

2 ـ السؤال لماذا مازلنا لا نغفر لبعضنا البعض أي زلة صغيرة أو كلمة خارجة ومازالت تخندقاتنا وخلافاتنا ومعاركنا وحروبنا، ضمن العائلة الواحدة أو العمل أو المجتمع الواحد، باقية بل وتزداد مع الأيام اضطراما واشتعالا رغم أنها لا تختص بدم أو عرض أو مال؟!

3 ـ 99% من الإشكالات التي تعصف بالمجتمع الكويتي سخيفة وبلا معنى وأغلبها تم نسيان سبب الخلاف لتفاهته وان بقي العداء المدمر مستمرا، منتهى الذكاء!

(4) في الكويت وقبل التفكير في الوحدة الخارجية مع الآخرين، علينا ان نفكر في وحدتنا الداخلية وتراص بعضنا البعض كي لا ينتقل فيروس «الشقاق والافتراق» المعدي الى المجتمعات الخليجية الآمنة الاخرى فنضر بدلا من ان ننفع، حيث اننا امة كثر بيننا الخلاف والجدل وقل بيننا الانتاج والعمل.

(5) استبدل المؤرخون خلافات أهل بيزنطة التاريخية الشهيرة بـ .. الخلافات الكويتية «المليغة»..!

احمد الصراف

عنصريتنا والمست

لا أعتقد أن الغرب بحاجة الى من يدافع عنه، فقد ضمت ضلوع دول هذه المجموعة، خلال نصف القرن الماضي، ومع موجة الانقلابات العسكرية المباركة التي اجتاحت الكثير من الدول العربية، ضمت آمال عشرات ملايين المهاجرين الفارين من الفقر والبطالة وبطش دكتاتوريي الكثير من دولنا، وكل ذلك الفساد الرهيب اجتاحنا، حيث وجدوا في أوروبا واستراليا ودول أميركا ملاذا آمنا ووطنا جميلا. ولكن كما في الشرق فقد أصيب هؤلاء المهاجرون، وخاصة أبناء العقدين الأخيرين، بفيروس التطرف نفسه الذي أصاب الشرق، وبدأت مطالبهم «الدينية» بالتصاعد والازدياد بدءا من المطالبة بمساجد وجلب أئمة وفتح مدارس خاصة ومحاكم شرعية وقضاة، مرورا بــ«حقهم» في مقابر إسلامية وجزارين ومسالخ إسلامية وعطل وأقنعة ونقاب وجلابيب… ومع كل هذا تسامحت تلك الدول بدرجات متفاوتة مع هذه المطالب وغيرها الكثير، وكان من الممكن استمرار ذلك التسامح والتعايش الثقافي المتعدد لولا موجة الإرهاب التي بدأت في 9/11 ولا يبدو أنها ستنتهي قريبا، والتي قضت على كل أمل في استمرار ذلك التعايش السلمي بين الأغلبية المسيحية المتسامحة صاحبة الأرض وبين الأقليات المسلمة المهاجرة، التي يغلب عليها التعصب. ولكن المرأة المسلمة، كحالها دائما، كانت الضحية المباشرة لما تم إقراره من «حقوق» للأقليات المسلمة، حيث لم يتغير وضعها وأحكام التصرف «بها ومعها» عما كان ولا يزال الوضع عليه في بلدها الأصلي! وفي مقال مميز للمستشرقة الإيطالية فالنتينا كولومبو (Valentina Colombo)، التي زارت الكويت قبل فترة بدعوة من دار الآثار الإسلامية، بعنوان «ضحايا التعايش الثقافي» تطرقت فيه الى نقطة غاية في الأهمية والخطورة، حيث ذكرت أن هذا التعايش الذي سمح للأقليات المسلمة بالذات بأن تكون لها محاكمها الشرعية الدينية، ضمن أمور كثيرة أخرى، كانت له انعكاسات مؤلمة على أوضاع المرأة المسلمة. فهذا التعايش أجبر بطريقة ما سلطات الدول الغربية على غض النظر عما تتعرض له المرأة المسلمة في مجتمعاتهم من اضطهاد، واعتباره أمرا داخليا يخص أفراد تلك المجتمعات ولا علاقة لها به، خاصة أن غالبية الحكومات الغربية تسمح بازدواج الجنسية وبأن يكون للأقليات صحفهم وقنواتهم التلفزيونية بلغاتهم الأصلية، وغالبا بدعم حكومي، كما تسمح لهم بإقامة احتفالاتهم الدينية وممارسة شعائرهم وتقاليدهم بحرية. كما تسمح لهم بارتداء أزيائهم في العمل والمدرسة وحتى في الخدمة العسكرية (غطاء الرأس للسيخ في بريطانيا)، كل هذا المد من التعايش الثقافي دفع السلطات للتسامح كثيرا إزاء الجرائم التي تقترف باسم الشرف مثلا، حيث لا تلقى منها الشدة المطلوبة، وهذا شجع على زيادة ارتكابها. وقد تطرقت البروفيسورة كولومبو في مقالها الى كتابين صدرا عن امرأتين مسلمتين، الأولى ألمانية من أصل تركي والثانية مغربية – إيطالية وعضو في البرلمان، تتحدثان فيهما عن تجاربهما الشخصية في مجال مساعدة النساء المهاجرات من مجتمعات مسلمة، وكيف أن قوانين الثقافة والتعايش المشترك ليست فقط غير صالحة للعصر بل هي ضد الحقوق الإنسانية للمرأة. ووردت في الكتاب الأول قصص مرعبة عما تتعرض له المرأة من عنف في المعاملة مثل الضرب المبرح والقسر على الزواج بمن لا تريد، وغالبا في سن مبكرة جدا، وشيوع قتل الشرف عند أول شك. واتفقت الكاتبتان على أن هناك حاجة لتغيير قوانين الدول الغربية بحيث يمكن التعامل بشدة أكبر مع مثل هذه الجرائم، ورفض نظرية تعايش الثقافات، وفرض القيم الغربية على بقية الأقليات، إن رغبوا في العيش في مجتمعات متسامحة، وإلا فعليهم الرحيل منها!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

لا تعترضوا عشاءها

الإعلام هو القنبلة النووية التي يخشاها الجميع، هو السلاح الذي إذا رفعته عالياً خضعت الرقاب، وكم من قليل أصل، وكم من نذل، وكم من متسلّق، أُفسحت لهم المجالس لامتلاكهم القنبلة النووية، الإعلام… و"أم الهيمان" – الملوثة بيئياً – لا إعلام لها، لذا لا أحد في هذا الزمن الملوث يلتفت إلى أحزانها، الجميع تركها تبتلع الآلام وتدخّن الآهات. سنوات وهي تئن ولا مجيب. تصرخ: "أنا آدمية"، فيردّون: "أنتِ والكلاب الضالة كأسنان المشط، مأواك المصانع وبئس المصير".

أم الهيمان رمت شالها الوردي، وأهملت تسريح شعرها. لم تعد شوارعها تكترث بقبلات المطر المبلولة. لم تعد ترفع رأسها لتجيب نداء الرعد. لم تعد تقابل عشيقها فوق السطوح بحجة نشر الغسيل. أم الهيمان تعيش في بيجامة نومها منذ فترة، لم تتزين، وهل تتزيّن مريضة قلب أهملها أهلها؟

يجيبني أحد سكانها عندما سألته عن سبب اختفائه: "ستجدني في المستشفيات والصيدليات المناوبة. حفظت أسماء الأدوية وعناوينها". بشّرته: "اطمئن، ستنقل الحكومة اجتماعاتها إلى أم الهيمان تضامناً معكم، كما فعلت حكومة جاك شيراك عندما احترقت الغابات المتاخمة لسكان الريف الفرنسيين، إذ عقدت الحكومة الفرنسية اجتماعاتها على مدى أيام في عربة كبيرة متنقلة بالقرب من المناطق المنكوبة إلى أن قطعت عرق المشكلة وسيّحت دمها، وشيراك لا يحب شعبه أكثر مما يحب الشيخ ناصر المحمد شعبه… تلفّتوا حولكم وستجدون عربة كبيرة متنقلة محاطة بحراسة".

وأمس، تذكرت حكاية الأم التي لديها من الأبناء عشرة، وكل منهم يعتقد أن الآخر تكفّل بإطعامها، فاعتادت النوم على لحم بطنها، وعندما تنبه أحد أبنائها، حمل إليها وجبة، فاعترض أخوه طريقه وأبلغه: "أمّنا تناولت عشاءها كما أبلغني أشقاؤنا، لا تقلق"، فرجع الأول يحمل وجبته، وماتت أمهم جوعاً. واليوم يحمل النائب خالد الطاحوس وجبة العشاء فيعترض النائب سعدون حماد طريقه مطمئناً: "لا تقلق"، ويصرخ شقيقهما الثالث النائب خالد العدوة: "أخشى على أمنا من التخمة"، فيغضب النائب فلاح الصواغ: "تقدم يا الطاحوس وسنتبعك بصحن الفاكهة، أنا وكتلة التنمية والإصلاح"، ويصمت بقية الأشقاء العشرة… ويواصل الطاحوس وكتلة العمل الشعبي المسير حاملين صحن العشاء إلى الأم الجائعة.

***

موعدنا الليلة في ساحة الإرادة لنعلن رفضنا كسر الأقلام وخنق الحريات. موعدنا الليلة لنكشف زيف جمعية حقوق الإنسان الراقصة في بلاط الحكومة، التي انتظرت أسبوعاً كاملاً، وبعد أيام من تجاوب منظمة حقوق الإنسان العالمية، قبل أن تستأذن لتكتب بياناً خجولاً ولا خجل العروسة ليلة دخلتها. ولله در الزميل الدكتور غانم النجار، المهتم صدقاً بحقوق الإنسان، بغض النظر عن البطاقة المدنية لهذا الإنسان. موعدنا الليلة لنثبت لأنفسنا قبل الآخرين أننا شعب حر لا يقبل الاقتراب من كرامته، والحريات كرامة.