محمد الوشيحي

اقطع واخس

وغلاة النائبين خالد السلطان وحسين القلاف، أصدق وأنقى وأتقى نواب عصرنا هذا، وأكثرهم زهداً وورعاً، أنني لا أتعامل مع التكنولوجيا إلا بوجود محرم، ولا فرق عندي بين البلاك بيري والياهو والفيسبوك، ولا يهمني شخصياً إنْ منعوا هذا البرنامج أم سمحوا بذاك، الأهم ألا يمنعوا التدخين. مشكلتي فقط هي في هذا الكم الهائل من موظفي المنع، والميزانية الهائلة المخصصة للمنع، والسيد رئيس قسم «امنع» الذي يخاطب السيد رئيس قسم «اقطع» ليوعز إلى السيد مدير إدارة «اخس»، ويأتيك كتابنا هذا الصادر برقم والمؤرخ بتاريخ، وتقبل فائق التقدير، واقطع واخس.

ولا أدري لماذا أتخيل الكويت دائماً بيتاً مطليّاً باللون الأسود من الداخل، لا نوافذ له، مصمتاً، إضاءته صفراء باهتة، وصوت السياط والكرباج يتصاعد من إحدى غرفه، وبجانب المطبخ تتناثر أكوام زبالة، وحولها كلابٌ تنبح، وثكلى تنوح، وأطفال بملابس رثة، احتل الذباب مساحات وجوههم.

وفي فنلندا، سقى الله فنلندا، ينص الدستور على أن توفر الحكومة لكل أسرة خدمة الإنترنت عالي السرعة مجاناً. صدقاً لا مزحاً. الدستور بجلالة قدره هو من ينص لا القانون. وفي اليابان يشتري الناس خدمة الإنترنت بسرعة «1 ميغا، ولا تسألني عن معنى ذلك، ولن أسألك» بسعر يعادل «76 سنتاً» أي ثلاثة أرباع الدولار في الشهر، ونشتري هنا «1 ميغا» بسعر يعادل «170 دولاراً» شهرياً، وخدمة ما بعد البيع تجلب الحصوة إلى الكلى. لكننا مسلمون سندخل الجنة، بينما الفنلنديون نصارى سيدخلون النار وبئس المصير، هم واليابانيون البوذيون الكفرة.

وفي جمعية ضاحية علي صباح السالم (أم الهيمان) فازت القائمة الإسلامية، وارتفعت راية الحق. وتعال شوف يا معالي وزير الشؤون الدكتور محمد العفاسي، يا من نحبه ونحترمه، تعال شوف ماذا فعل الإسلاميون جزاهم الله خيراً بالميزانية، وهم الذين منعوا بيع الدخان للناس من باب الوَرَع واستبدلوه ببيع الهواء. واطلب المستندات لتعرف كم قبض المحاسب الوافد المتعاون مع الإدارة، وستكتشف أنك أمام شجرة صفراء، أصلها في أم الهيمان وفرعها عندك في الوزارة، وستعرف أن القصة فيها شبكة وكتْب كتاب.

يا أبا سعود، أغلب الناس في أم الهيمان غلابة، يسحرهم من يطيل لحيته ويقصّر ثوبه ويبدأ حديثه بجملة «بعد أن صليت الفجر جماعة». أهل أم الهيمان يخافون الله ويرجون رحمته لكنهم بسطاء. فيا معالي الوزير، أم الهيمان طفلة يتيمة قاصر، مات أبواها فتولى أمرها اللصوص وقطّاع الطرق، فاحفظ أموالها يحفظك الله إلى أن تبلغ الطفلة مبلغ النساء وتدرك زيف بعض اللحى، وتفهم أن الصدق والأمانة والكفاءة لا علاقة لها بطول اللحية ولا قِصر القماش… يا معالي الوزير افتح التحقيق بعد أن تغلق أنفك، وعيِّن مجلس إدارة ترضاه يراعي ضميره في تحديد الأسعار وتوزيع الأرباح. 

سامي النصف

انطباعات من عند العتبات

أمضينا عطلة الاسبوع الماضي في زيارة استغرقت يوما واحد للعتبات المقدسة في كربلاء والنجف، وقد ضم الوفد كلا من سفير الكويت لدى العراق الفريق علي المؤمن والنائب الفاضل عدنان المطوع وزميلنا صاحب وصفة النجاح لكل تحرك اعلامي وسياسي عدنان الراشد ومدير التحرير الزميل محمد الحسيني، والزملاء د.عايد المناع وحسين عبدالرحمن ود.بدرالخضري ود.عبدالواحد الخلفان والزميلات منى ششتر ومحمود الموسوي وحصة الملا ونادية صقر وشقيقتها ايمان وغيرهم من اكاديميين واعلاميين.

 

بدأت الرحلة بالتوجه بالطائرة للبحرين ثم الانتظار لساعتين وبعدها رحلة استغرقت الساعة ونصف الساعة لمطار النجف، وواضح ان ذلك الجهد يمكن اختصاره واختزاله لو بدأنا برحلات مباشرة من الكويت للنجف ومثل ذلك تسهيل عمليات النقل البري بين البلدين حتى تصبح الكويت بوابة لمثل تلك الزيارات ويمكن العودة لفتح البلاد لمواسم الحج للسعودية كذلك عبر اعادة انشاء مدينة الحجاج التي كانت تنشط الحركة التجارية في الكويت للحجاج العراقيين والايرانيين إبان الستينيات والسبعينيات.

 

إن استراتيجية كويت المركز المالي تفرض علينا فتح الحدود وتغليب الثوابت الاقتصادية على الهواجس الامنية المبالغ فيها، والتي سادت تفكيرنا أمدا طويلا، ولم تمنع شيئا، ان جيران الكويت في المنطقة كالسعودية والبحرين وقطر وابوظبي ودبي لا يملكون تلك الهواجس بل يزورهم الملايين كل عام دون مشاكل وعلاج الصداع لا يتم عبر.. قطع الرأس!

 

بدأت الزيارة بالتوجه لكربلاء التي تبعد ما يقارب 80 كيلومترا والتي يمتلئ طريقها الموصل للنجف بالاستراحات المجانية للزائرين اضافة الى المقاهي والمطاعم والاسواق التي تبقى مفتوحة اغلب الليل مما يزيل اوهام فقدان الامن المرتبط بالعراق، تلك العتبات ومثلها عتبات النجف هي تحف اثرية اسلامية على اعلى طراز، والتنظيم داخلها يقارب الكمال، وهي مفتوحة للشيعة والسنة وغيرهم من الطوائف.

 

ان على من لا يؤمن بزيارة الاضرحة والمقامات الا يزورها، وهذا حق مطلق له، على ان يعطي الحق بالكامل لمن يرى غير ذلك حتى لا يصطدم ليس بالشيعة فقط بل بكثير من منضوي المذهب السني كالصوفية وغيرهم ممن ينتشرون في المنطقة الاسلامية الممتدة من المغرب حتى اندونيسيا مرورا بمصر، ان في الانتقادات المتبادلة إضعافا كبيرا للدين الاسلامي حيث سينشغل المسلمون بعضهم ببعض، فالحكمة الحكمة، والعقل العقل.

 

آخر محطة: (1) ما كان لتلك الزيارة الشعبية التي غطتها وسائل الاعلام في البلدين والتي عززت العلاقات الكويتية ـ العراقية ان تتم لولا الدعم اللامحدود من نائب جهاز الامن الوطني الشيخ ثامر علي السالم ومن وزارة الخارجية ممثلة بالسفير خالد مغامس والنائب د.يوسف الزلزلة والقنصل سالم الشنفا والجندي المجهول الزميل احمد يوسف بهبهاني، والزميل يوسف خالد المرزوق، ومن وزارة الاعلام الكويتية ممثلة في الاخوة خالد العنزي وعبدالحكيم السبتي ومن الجانب العراقي الاستضافة الرائعة، والحفاوة البالغة من قبل السادة عمار واحمد وحسين الحكيم والسيد محمد حسين بحر العلوم والسفير العراقي في الكويت السيد محمد بحر العلوم فلهم الشكر جميعا.

(2) ملأ الزميل حسين عبدالرحمن الطائرة بالقيمر العراقي الممتاز حتى ثقلت وكادت ان تتزحلق بدلا من الاقلاع، وقد وعد بو علي ان يرسل كمية مجانية من القيمر لكل من يتصل به.. والدعوة عامة!

احمد الصراف

شركة طيران الاستقامة الكويتية

يقول آينشتاين: في الحياة هناك أمران فقط لا حدود لهما، الفضاء والغباء البشري!
* * *
ستكون مؤسسة الخطوط الكويتية أولى ضحايا قانون الخصخصة، الذي كان من الممكن أن يكون مجديا لولا ذلك الاقتراح شبه الملزم الذي وافق عليه المجلس برضا حكومي، وحاصله أن الخصخصة يجب أن تكون وفق «أحكام الشريعة»، فهل هناك، كما تساءل كثيرون، خصخصة اسلامية، وأخرى غير ذلك؟
دعونا نطبق الخصخصة الاسلامية على «الخطوط الكويتية»، التي ربما سيسعى نواب الشدة واللحية والغلظة لتعديل اسمها لتصبح «خطوط الاستقامة الكويتية» حيث سيسمح لهم هذا الاقتراح بالتدخل في عملها من حيث السعي لمنع اختلاط العاملين فيها من مضيفين ومضيفات عن طريق تحويل الاناث للخدمة الأرضية فقط. ولكن من الذي سيقوم بتقديم الخدمة للسيدات المسافرات على ظهر الطائرة؟ وهل سيتم عزل الرجال عن المسافرات مثلا؟ وان صعب ذلك هل ستعود الشركة وتقوم بتوظيف المضيفات، ولكن بعد اجبارهن مثلا على ارتداء الحجاب؟ وما حكم من تود العمل مضيفة وهي ترتدي النقاب مثلا؟ هل ستعامل بشكل مختلف ويرفض طلبها؟ أم أن حقوقها كمواطنة وانسانة ومسلمة سيجبر الشركة على قبولها كما هي؟ وما المطلوب من المضيفة القيام به في حال وقوع حادث اضطراري يتطلب تدخلها وتقديم المساعدة للركاب الرجال؟ هل سيسمح لهن مثلا بلمس الرجال؟ أم ستتعلل بعضهن بالضوابط الشرعية، ويكتفين بمساعدة النساء فقط، وليذهب الذكور لمساعدة أبناء جنسهم؟ وماذا في حالة الاخلاء الاضطراري، هل سيسمح للمضيفة بأن تضم بذراعيها رجلا منهارا من الخلف وتساعده على المشي لكي يخرج من الطائرة سالما، ان تعذر وجود مضيف قريبا منه؟
وما حكم مبيت المضيفات في دول بعيدة من دون محرم؟ فهل ستجبر مضيفة رحلة لنيويورك مثلا للعودة الى الكويت على الطائرة نفسها لتجنب مبيتها «وحيدة» في فندق أميركي واختلاطها «المحرم» بالرجال؟
وماذا عن الطعام الذي يقدم على طائرة «طيران الاستقامة الكويتية»، خاصة في الرحلات القادمة من دول أوروبية وأميركية، والذي عادة ما تقوم باعداده شركات أغذية عالمية؟ فكيف سيتم اخضاعه ليكون «وفق الشريعة الاسلامية» والشركة سيكون همها الأول هو تحقيق الأرباح لمساهميها؟
وماذا عن حمامات «طيران الاستقامة»؟ هل ستتم التوصية على طائرات تتضمن حمامات «عربية» مزودة بشطافات أو أباريق معدنية لزوم التشطيف؟ وهل سيخصص جزء من الطائرة مثلا لاقامة الصلاة وتوظيف مؤذن وامام ليسافر مع كل رحلة طويلة؟ واذا كان المسجل يمكن أن يقوم مكان المؤذن في الجو فلم يحرم الأمر ذاته على مساجد الأرض؟
مئات الأسئلة الأخرى التي لن يستطيع أحد الاجابة عليها، لأن من وضع ذلك الاقتراح ومن وافق عليه لم يفكرا حتما في تبعاته، وفي المذهب الذي سيطبق عليه، وفيمن ستكون له الكلمة الأخيرة عندما يختفي العقل ويتوارى المنطق جانبا! نعود ونكرر مقولة اينشتاين بأن الفضاء والغباء البشري هما الأمران الوحيدان اللذان لا حدود لهما.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

إنما الأمم الأخلاق… شعائر و«مشاعر» ومسجات!

 

قد يكون من البديهي القول إن حالة «النكتة» وتبادل الطرفة واللطائف السياسية بين شعوب العالم، وخصوصاً الشعوب العربية والإسلامية، هي حالة طبيعية تدخل تحت عنوان :»التنفيس»، لكن هناك نكتة سياسية محبوكة حبكة فكاهية لطيفة ذات معنى كبير وصائب، وقد يضحك بسببها حتى رئيس الدولة (المنكوت عليه) بينه وبين نفسه في السر!

وهناك أيضاً قائمة طويلة لا تنتهي من النكات السياسية والاجتماعية القذرة من ناحية استخدام المفردات والمعاني وقلة الذوق وسخافة الأسلوب، لكن المتلقي قد يموت من الضحك وهو يقرأها في موقع الكتروني أو عندما تصله عبر هاتفه النقال أو بريده الإلكتروني الخاص او حين يسمعها في جلسة أناسة مع الأصدقاء والأحبة، وتبقى مجرد نكتة حتى لو كانت تتجاوز حدود الأدب والأخلاق والعرف والذوق السليم.

والمجتمع البحريني، حاله حال الكثير من المجتمعات العربية والإسلامية، يستقبل الناس فيه الطرائف والنكات ويرسلونها، سواء كانت توافق الذوق السليم أم لا توافقه، فالأمر سيان بالنسبة لدى البعض الذي لا يرى فيها ما يسيء إلى شخصه الكريم، ولا يرى فيها إساءة إلى الشخص المرسل إليه، وسواء كان المرسل أو المتلقي رجلاً أم إمرأة… مراهقاً أم رجلاً ناضجاً، تسقط حدود الأخلاق طالما هي نكتة سياسية، فلا ضير من أن يضحك الناس! لا بأس، بيد أن هناك تطوراً لافتاً في استخدام الوسائط الحديثة والرسائل الإلكترونية بأنواعها وتصاميم الجرافيك التي يعصر فيها (المبدع) رأسه وفنه لينتج عملاً مثيراً للضحك يرسله إلى آلاف الناس، ويقوم الآلاف بإرسالها إلى آلاف أخرى وهكذا تكبر خانة ألوف الألوف، لكن قلة هم أولئك الذين تتوقف لديهم الرسالة النكتة فيحذفونها لأسباب يجدونها لا تناسب ذوقهم ولا أخلاقهم ولا وازعهم الديني، حتى وإن كان السياسي أو الرئيس أو الحاكم غير محبوب بالنسبة إليهم، لكن هناك رادع أخلاقي يمنعهم من نشر مثل تلك النكات والمسجات والتصاميم السمجة.

ولأن الطرائف والنكات، محمودة أم مذمومة، لطيفة أم سخيفة، أصبحت اليوم تطير بسرعة عبر شبكة الإنترنت ومواقعه الإلكترونية، وعبر الهواتف النقالة والوسائط المتعددة، فإن منها ما يسيء إلى شعائر دينية مقدسة لدى فئة من المسلمين، ومنها ما يسيء إلى مشاعر مكونات ومجموعات بشرية، ومنها ما هو طائفي بغيض كريه، ومنها ما يأتي بردود فعل غير متوقعة بسبب سخافتها واستهزائها بشخصيات ورموز وشعائر دينية يمارسها المسلمون على اختلاف مذاهبهم والأدهى من ذلك، أن تتصدر صفحات جرائد محترمة يفترض أنها تتمتع بمهنية وموضوعية، ومع شديد الأسف، تتيح عروض الاتصالات المجانية فرصة ذهبية لأن تتكاثر الألوف تلو الألوف من المرسلين والمستقبلين الذين يشاركون في نشر (الوقح من الأعمال) فقط تحت عنوان: «ما فيها شي… خلنا نضحك»، وليس لإيقاف ذلك من سبيل إلا (الذوق السليم)، وخصوصاً أن الغالبية العظمى من (ناشري النكتة) هم من المراهقين والشباب وإن لف لفهم من هو ناضج عمراً وفكراً.

شخصياً، ضحكتُ كثيراً وأنا أقرأ طرفة وردت عبر بريدي الإلكتروني تقول: «يحكى أن حاكماً عربياً كان في رحلة صيد مع نفر من حاشيته، وبينما هم يبحثون عن الطرائد، رأى الحاكم أرنباً يركض فأخذ بندقيته ورماه لكنه أخطأ الهدف! فقال أحد أفراد الحاشية من المنافقين: «سبحان الله! أول مرة أشوف أرنب يركض وهو ميت»، أيضاً، شعرت بالأسى وأنا استقبل تصاميم ومسجات تسيء إلى بلادنا وإلى عوائلها وإلى رموزها وإلى مشاعرها الدينية، تخلو من الذوق والاحترام والأدب، وتقترب من صفة المنافقين الذين يرتدون لباس أولياء الله الصالحين.