محمد الوشيحي

ألقِها يا موسى

كل البيض الإعلامي التلفزيوني السياسي فاسد، وكل ما يحدث هنا هجص. طبعاً باستثناء تلفزيون الراي، ومذيعه الشاب الرائع عبد الله بوفتين، الذي وُلدَ وفي فمه ملعقة من صدق، وعلى وجهه مسحة من خجل، وعلى أنفه نظارة من بحث واستعداد للحلقة. يعيبه انخفاض سقفه. ولا أدري هل ذلك باجتهاد منه أم هي تعليمات الإدارة، الأكيد أنه سقف لا يليق بعملاق اسمه «تلفزيون الراي». فيا أهل «الراي» ليس لمثلكم الزحف، ولا الالتصاق بالجدران، ارفعوا سقفكم يرحمنا ويرحمكم الله وامشوا وسط السوق مشي العظماء لينزوي الآخرون في جحورهم وينكشفوا أمام الناس. ارفعوا سقفكم كي يضحك الناس على المذيعين البكّائين الذين انتشروا في الفضائيات انتشار الجراثيم في مكب النفايات. ارفعوا سقفكم في حدود القانون كي يميّز الناس بين المذيع السياسي الحقيقي وبين مذيعي التمثيل والتزوير. ارفعوا سقفكم وافتحوا الهاتف لتستقبلوا مكالمات المؤيدين والمعارضين، لا كما تفعل «فضائيات النفايات» التي لا تستقبل إلا ذوي الطبلة وذوي الصاجات وأحفاد الراقصة الفاضلة تحية كاريوكا. ارفعوا السقف فقد ملّ الناس الكذب، والجهل، وسوالف الورعان. ارفعوا سقفكم لتتساقط كل هذه الكائنات التي لا عمل لها إلا الشمشمة والنباح خلف مسلم البراك، وتترك انقطاع الكهرباء والماء في بلد تفيض منه المليارات وتنشف فيه الحنفيات.

شنو ما هذا الإعلام الذي يتحدث عن أوضاع إيرلندا أو السلفادور أو أي دولة أخرى ليست الكويت بالتأكيد؟ ما كل هذا التمثيل والبكاء على الهواء المسكوب؟… وأتذكر أنني تلقيت اتصالاً من صحافي (أصبح الآن مذيعاً كثير البكاء) ليُجري معي مقابلة صحافية. وبعد أن زارني في المكتب، طلب مني أن أحكَّ جبهتي وأسرح بنظري بعيداً، كي يلتقط لي صورة يكتب تحتها «الوشيحي يفكر بعمق»، فاعتذرت له ضاحكاً بكل ما أوتيت من قرف: «أنا أفكر على السطح، وأخجل من حركات كهذه»، فتحدث إليّ بنبرة الخبير المشير: «صدقني، أنا أعرف عقليات الناس، يجب أن تمثل عليهم، وهم أغبى من أن يكتشفوا شيئاً»! وهو ما أصبح يفعله في برنامجه. تمثيل باهت مكشوف مقزز.

وقبل ذلك تلقيت رسالة إلكترونية من شابين يطلبان إجراء لقاء صحافي يخدمهما في دراستهما في كلية الإعلام، على أن يدور الحوار حول «الكتابة الساخرة». وفي مكتبي، طلب أحدهما بأدب أن أُمسك بالقلم وأتظاهر بالكتابة ليلتقط لي صورة، على اعتبار أن الصورة التقطت لي فجأة وأنا أكتب المقالة، ومن دون علمي، فصارحته: «لك مستقبل في الإعلام الكويتي الغبي، لكنك بالتأكيد ستتعرض للخنق ونتف الشعر لو عملت في إعلام آخر يحترم نفسه»، ثم وبغضب حذرتهما: «مبدئياً، إذا كان من ضمن أسئلتكما سؤال عن أسوأ عيوبي، وتتوقعان مني أن أجيبكما (طيبة قلبي الزائدة عن الحد)، وما شابه من أسئلة وأجوبة، فعليّ اليمين لنتبادلنَّ التراشق بالطفّايات. اتركا الغباء والتمثيل»، فضحكا مرعوبَين وطرحا سؤالهما الأول: «ما سبب التباين الواضح في مقالاتك؟»، فصرخت فرحاً: «صح، هذه هي الأسئلة لا أمَّ لكما»، وخلعت غترتي وأشعلت سيجارتي وابتدأ مشوار الحوار.

واليوم، أجزم أن إنشاء فضائية مهنية صادقة ستكون – منذ أسبوعها الأول وهي في مهادها – كعصا موسى تلتهم حيّات السحرة والبكّائين… «وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ».

***

أوف، نسيت الشاب المبدع في تلفزيون «الوطن»، عبد الوهاب العيسى، الذي يمتلك موهبة يُشار إليها بالانبهار، لولا أن قناته تكتب بـ «خط الرقعة». 

احمد الصراف

تلفون الفريق الرجيب

عندما يطبق القانون على الجميع بشكل متساوٍ تصبح الحياة أكثر جمالاً!
***
يتقاعس بعض موظفي مكاتب تحصيل فواتير الكهرباء عن تحصيل ما تراكم من مبالغ على المواطنين، وخاصة ما تعلق منها بفواتير بيوت السكن، على أمل أن يأتي يوم تسقط فيه الحكومة مبالغ هذه الفواتير عن الجميع. وهذه الحالة المؤسفة تنطبق على أمور كثيرة أخرى في حياتنا، فعدم تطبيق القانون أو التراخي في تطبيقه يساعد الغير على غض النظر عن الكثير من المخالفات الأخرى. فقانون منع التدخين في الأماكن العامة صدر قبل سنوات عدة وسبقنا به عدة دول في المنطقة، ولكننا لم نحرص يوما على تطبيقه حرفيا، ولم يعاقب أحد، حسب علمي، على عدم التقيد به، خاصة ان العسكريين يشاركون العامة في التدخين علنا في مخالفة صريحة للقانون ويصرون على سحق السيجارة بعد الانتهاء منها تحت بصاطيرهم أمام مرأى الجميع، وهؤلاء إما قليلو الإحساس بالمسؤولية، وهذا بالتالي ينسحب على طريقة أدائهم لوظائفهم، أو أنهم على غير علم بوجود قانون يمنع التدخين، وهنا المصيبة أكبر!
نعود لموضوع التقاعس عن تحصيل فواتير الكهرباء والذي يشبه موضوع منع قيادة المركبات من قبل المنقبات، حيث يشارك الجميع المناط بهم أمر تطبيق هذا القانون في غض النظر عنه، فتطبيقه على البعض سينتج عنه تطبيقه على الجميع، وهذا الجميع سيشمل حتما أهل بيت المناط به تطبيق القانون، وهو لا يوده لأهل بيته، وبالتالي من مصلحته الاستمرار في التغاضي عنه أملا في أن يأتي يوم تقوم الحكومة الرشيدة ذاتها وتأمر بإسقاطه، لعدم تقيد احد به. والأمر ذاته يسري على أمور أخرى كقانون منع ازدواج الجنسية والذي يشارك الكثير من المعنيين بتطبيقه في السكوت عنه لكي يسكت المسكوت عنهم عن إثارته للساكتين السابقين (عرفتوا شيء؟)، نقول هذا ونحن على ثقه بأن القانون لو طبق على خمسة أشخاص فقط لكرت سبحة المائة ألف الآخرين خلال أيام قليلة!!
نعود لموضوع التدخين في الأماكن العامة، ونقول ان ما يحزن حقا رؤية الكثيرين وهم يخالفون القانون علنا في المطار ويزيدون على ذلك برمي أعقاب سجائرهم على رخام الصالات والإضرار بصحتهم وصحة الآخرين، ولا يتردد المواطن والمقيم في التدخين في الأماكن العامة لأنه يرى الشرطي يدخن، وللقضاء على هذه الظاهرة المزعجة فإن الأمر برمته لا يتطلب غير مكالمة هاتفيه حازمة وحاسمة من وكيل وزارة الداخلية، الفريق أحمد الرجيب، يطلب فيها من الضباط هناك تطبيق القانون، في مرحلة أولى في المطار، وإحالة كل عسكري مخالف للتأديب، وحينها سيرى الناس العجب. فهل سنسمع بخبر هذه المكالمة؟

أحمد الصراف