اتصل بي الصديق ابو عمر (د) قبل ايام واخبرني بأنه يود زيارتي وابنه ليبحث في امر اكمال دراسته في الخارج، لاعتقاده بأن لدي ما يفيده وابنه، تبين لي من حديثه ان الابن حصل على معدل عال يتيح له الالتحاق باحسن جامعات العالم، اضافة الى ان احوال «ابو عمر» المادية جيدة، وبإمكانه ارسال ابنه لاي مكان تحت الشمس، وبالتالي لم افهم اصراره على مقابلتي ثم تبين ان المشكلة تكمن في حيرتهما واختلافهما في اختيار التخصص المناسب من جهة، وعدم ثقة الاب في ابنه من جهة ثانية، حيث وصفه امامي بأن «عيونه زايغة» ولهذا يخاف ارساله لاميركا او اوروبا فيفلت ويضيع بين متع الدنيا وملاذها، خاصة انه ذو وجه صبوح وشخصية محببة، ولكن خياره الاخر بإبقائه بين جامعات منطقتنا لا يرضيهم، مع كل الهواجس الامنية التي اصبحت جزءا من حياة الشاب العربي، والمسلم بالذات.
طمأنته الى ان وضع ابنه لا يختلف عن وضع مئات لا بل آلاف الطلبة غيره، وان ما سيتعرض له من خطر (!) ليس بأكثر مما تعرض ويتعرض له من هم في وضعه، ولكن ابو عمر رفض حججي، فهذا ابنه الوحيد ويخاف عليه ولكنه يرغب في الوقت نفسه ان يقدم له افضل ما يستحق من مستوى تعليمي حرم منه هو، وهو الرجل العصامي الناجح.
على الرغم من الوقت الطويل الذي قضيناه ونحن نقلب الخيارات ونناقش البدائل ونقلب الاراء ونطرح الاحتمالات، فان ابو عمر استمر في حذره واصراره على ابراز عيوب كل حل او فكرة، وعندما شعرت بالتعب منه تذكرت فجأة ذلك الاعلان الذي نشره يوسف الحارثي في «الحياة» 2010/5/2 والذي اعلن فيه عن افتتاحه اكاديمية «تفسير الاحلام» في العاصمة السعودية الرياض، بعد ان توقف ممول قناة «تفسير الاحلام» الفضائية عن الصرف عليها، وكيف انه (وربما من منطلق حاجة المنطقة العربية الاسلامية الماسة لمفسري احلام وما يدره التفسير على العاملين به من اموال طائلة بسبب نسبة الجهل والتخلف التي تعشش في الكثير من عقول ابناء المنطقة المتخمين بالاموال) وجد انه مشروع ناجح منذ يومه الاول، لان قاعات الاكاديمية ستضم في عامها الاول 800 دارس، وهؤلاء سيتخرجون بعد سنوات قليلة حاملين ليس فقط دبلوما في تفسير الاحلام بل وماجستير.. وحتى الدكتوراه!
وما ان سمع ابو عمر بخبر الاعلان حتى قام، هاشا باشا، وطبع على جبهتي قبلة حارة وطلب من ابنه ان يقبل رأس عمه (انا) شاكراً، وغادر ولسانه يلهج بالشكر، وهو يقول انه يود اللحاق بأول طائرة مسافرة للرياض ليقوم بتسجيل ابنه في «اكاديمية تفسير الاحلام»!!.
أحمد الصراف