سعيد محمد سعيد

سياسة «اللوح الخشبي»

 

ربما كان الشعور بالألم بالنسبة لخمسة أطفال يشاهدون والديهما يتشاجران وقت تناول الطعام أشد وأوجع من ألم اللوح الخشبي الذي ضرب به الزوج زوجته وشقيقها وفق ما قرأنا في الصحافة أمس.

وليست هذا القضايا هينة كما يرى البعض، أو أن على الصحافة ألا تتناولها وتبتعد عنها تحت عبارة «نشر غسيل الناس»، فهذا كلام فارغ مجوف لا يعي صاحبه ما يقول، فالمجتمع البحريني، ويجب إعلانها بقوة، يعاني من ممارسات خفية خطرة للغاية، لكنها تظهر إلى سطح الحياة العامة في شكل بشر يعانون من الأمراض النفسية والتوتر والخوف والقلق، وأن قيام الصحافة والإعلام بشكل عام بطرح مثل هذه القضايا إنما لتنبيه الناس، فلو لم تنشر «الوسط» يوم أمس خبر ضرب الزوجة وشقيقها باللوح الخشبي لما استطاع القراء، وهم شريحة من المجتمع، أن يتداولوا الآراء فيما بينهم عبر التعقيبات.

فالخبر أعلمنا بقيام النيابة العامة التابعة للمحافظة الوسطى بحبس متهم بحريني (زوج) ضرب زوجته وشقيقها، لمدة 7 أيام على ذمة التحقيق، وتشير تفاصيل القضية إلى أن الزوج والزوجة اللذين أمضيا 17 عاماً من الحياة الزوجية ولديهما 5 أبناء حصل بينهما خلاف وقت الغداء فقامت الزوجة بسكب الأرز و»المرق»، فقام الزوج بسكب «المرق» على ظهر زوجته، وفي اليوم الثاني حدث خلاف على وجبة الغداء ثانية، فقام الزوج بضرب زوجته، فطلبت الزوجة من أحد أبنائها إبلاغ شقيقها للحضور، فما كان من الزوج إلا أن ضرب زوجته وشقيقها بلوح خشبي.

سياسة اللوح الخشبي، هي واحدة من الممارسات الخفية، ففي البحرين، ووفق دراسة محلية، هناك 30 ألف امرأة بحرينية تتعرض للعنف سنوياً، ولا يمكن حصرها في ضحية واحدة هي الزوجة، فهناك من يعيش في صراع نفسي داخلي ينمو ويتعاظم خطره وهم الأطفال الذين كثيراً ما تقع أعينهم وأفئدتهم على مشاهد تجعلهم يصابون بصدع خطير من الداخل، حينما يعيشون لحظات من الألم والخوف والهلع بسبب الخلافات بين الأب والأم، وما يتبعها من اضطراب في حياة الأسرة التي ستفقد فيما بعد استقرارها وأمانها.

لست مع الرأي القائل بأن الصحافة تنشر غسيل الناس! إنما هي تقوم بنقل وقائع وأحكام شهدتها جلسات المحاكم، وتبلغ الناس بها… فلا أسماء ظاهرة ولا أوصاف لأصحاب القضايا، إنما شرح موجز للواقعة والحكم التالي لها.

نعيش اليوم في وضع صعب للغاية وانظروا حولكم، فعلاوة على (التجنيس العشوائي المرفوض) الذي يرجعه البعض كسبب محوري في كل مشكلة وفي كل قضية وفي كل مصيبة يعاني منها المجتمع البحريني، لا يجب أن ننسى بأن هناك مشاكل اجتماعية يكون السبب فيها المواطنون، لنلقي نظرة على طبيعة العلاقات والمعاملات في الشارع، العمل، المستشفى، الخباز بل وحتى في المسجد، سنجد أن احمرار العين والاستعداد للهجوم والتنازع، هو السمة السائدة على الكثير من الناس، وهذه أخطر من كل القضايا والملفات العالقة، لأنها تدمر اللبنة الأساسية للمجتمع وهي الأسرة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *