سامي النصف

2011 أخطر أعوام العرب؟!

بدأ العد التنازلي لدخول عام 2011 الذي قد يصبح الاخطر في تاريخ العرب مما قد ينسينا معه كوارث اعوام 1948، 1967، 1975، 1990 و2001 مجتمعة فنحن الامة الوحيدة التي تنتقل اوضاعها من سيئ الى اسوأ والتي تنتهي امورها عادة بما يفوق اكثر سيناريوهاتها المتصورة والمتوقعة رعبا.

 سيشهد عام 2011 انسحاب القوات الاميركية والدولية من العراق وسط احتقان سياسي ترجمته نتائج الانتخابات الاخيرة والتحالفات التي تلتها والتي عزلت توجهات مؤثرة في المجتمع العراقي مما يمهد لعودة العنف بقوة في غياب قوة مهيمنة كالقوات الاميركية مما ينذر بقيام حرب اهلية شاملة بين مكونات الشعب العراقي.

 وسيشهد نفس العام استفتاء سيتبعه تفتيت لشبه القارة السودانية ويحيلها الى ما يشبه يوغسلافيا «اعوام 1991 ـ 1995» تنتشر على ارضها اعمال العنف تمهيدا لخلق دويلات دينية وعرقية ستؤثر بالتبعية على جيران السودان واهمهم مصر ذات الامتداد النوبي في جنوب ارضها، اضافة الى استفحال اشكالات تقاسم مياه النيل القائمة.

 مصر التي تمثل ربع الامة العربية لاتزال اوضاعها السياسية المستقبلية غامضة فلم يعلن الحزب الوطني الحاكم عن مرشح الرئاسة القادم حتى يتم البدء في تسويقه وتسويق افكاره وبرامجه منذ اليوم حتى لو كان القادم هو فترة رئاسية جديدة للرئيس حسني مبارك فالمهم الحسم والشفافية حتى تطمئن قلوب شعب مصر وقلوب محبيهم.

 في الخليج قد يشهد العام المقبل سيناريوهات ساخنة عديدة منها اعلان الجارة ايران عن حيازتها السلاح النووي وتداعيات ذلك الاعلان، او وصول قيادتها لحالة يأس بسبب الحصار الاقتصادي تدفعها للاستعجال بقيام مواجهات عسكرية وامنية في الخليج والمنطقة العربية، اضافة الى الاوضاع السياسية اليمنية غير المستقرة والتي هي بمثابة مجموعة ألغام قابلة للانفجار في اي لحظة.

 وقد يشهد العام المقبل استفحال حدة الاشكالات الاقتصادية في الخليج والمنطقة العربية مما ينتج عنه افلاس لشركات وبنوك بشكل غير مسبوق في تاريخ المنطقة وسيصاحب مثل تلك الاشكالات كما يحدث دائما عدم استقرار سياسي وامني، في الخلاصة الاعوام المقبلة حبلى بالاحداث الجسام التي تحتاج منا الى كثير من الهدوء والحكمة حتى يمكن مواجهتها فهل نفعل؟! لا اعتقد..!

 آخر محطة:

(1) لعبة الأمم ستكون على أشدها في المنطقة العربية العام المقبل، المشاركة في اللعبة ليست اختيارية بل ان الجميع لاعبون فيها رضوا أم أبوا، والمنتصر في تلك اللعبة – ان وجد – لا يحصد الجوائز بل يكفيه فقط ان يكون قادرا على.. تحمل خسائرها!

(2) الحمد لله على سلامة وصول الزميل فؤاد الهاشم.. وما تشوف شر يا بوعبدالرحمن.

 

احمد الصراف

عار التمريض

لو قلت لأكثر من ستة مليارات إنسان في العالم إن معهدا تقنيا يقدم تعليما متخصصا لطلبته مجانا لسنتين، على الأقل، ويعطيهم فوق ذلك راتبا شهريا يبلغ 1500دولار، مع ضمان الوظيفة طوال العمر مقابل راتب لا يقل عن 4000 دولار شهريا، فلن تجد من يصدقك، ولكنها الحقيقة، فهذا هو حال معهد التمريض في الكويت، الذي انشئ في الزمن الجميل، أي قبل 30 عاما ولم يتخرج منه في السنة الدراسية الماضية إلا أربع ممرضات! ولا تزال إدارة المعهد موجودة بكاملها من دون عمل حقيقي، لأن العادات والتقاليد الجديدة التي جاءت مع الصحوة المباركة، والتعليم المتخلف، كرهت هذه المهنة الشريفة والفائقة الأهمية في أعين فتياتنا، وجعلتها مهنة طاردة، ليس فقط لمن يبحث عن عمل، بل وحتى للعاملين بها، وهذا ما شجعته مختلف قوانين التخلف، التي -إضافة إلى ذلك- شجعت على الاستقالة المبكرة والجلوس في البيت، أو التسكع في المولات!
لا نجادل في حق من يود أن يبين أن مهنة التمريض غير لائقة، لأنها تتضمن اختلاطا بالذكور، وأن هذا الاختلاط شر وحرام، فهذه آراؤهم وهم أحرار فيها، ولكن ما هو ذنب المجتمع، وكيف نسعى لصرف عشرات المليارات على خطط تنمية وخلق مئات آلاف الوظائف وليس بيننا من يود أو تود العمل كممرضة، لأن أخلاقيات المجتمع لا تسمح بذلك؟! وكيف نسعى لخلق وظائف جديدة وأرفف برنامج تعديل هيكلة القوى العاملة تمتلئ بمئات طلبات الباحثين عن العمل.. من غير الراغبين في العمل، والذين يفضلون -نساء ورجالاً- النوم أو الدوران في الشوارع والمجمعات التجارية على التقيد بدوام عمل محدد، حتى لو أدى ذلك إلى خسارتهم رواتب ودعم عمالة تقارب الـ3000 دولار شهريا للفرد. في الوقت الذي لا يزيد فيه راتب أي خادم لديهم على مائتي دولار.. شهريا! فواحد ينام ولا يكترث بـ3000 دولار، وآخر يعمل 30 يوما ليحصل على 200 دولار!
إن الخلخلة الاجتماعية والأخلاقية، التي كرهت العمل اليدوي وزينت عكسه، لن تؤدي بنا في نهاية الأمر لغير الكارثة، فخطط التنمية والخصخصة سينتج عنها خلق مئات الوظائف، وبما أن نسبة كبيرة من المواطنين، ومن الإناث بالذات، على غير استعداد للعمل في الكثير من المجالات، أو بالأحرى لا يسمح لها بالعمل، فإن النتيجة الحتمية ستكون في استقدام المزيد من العمالة الرثة، وانزواء المواطنين أكثر وأكثر في «غيتوهاتهم» الخاصة، غير مكترثين بالنتائج السلبية عليهم وعلى المجتمع.
نكرر ونقول إننا لسنا ضد الخصخصة، فنحن من المستفيدين المباشرين منها، ولكن ما سيحدث لا يزيد على نقل ملكية أنشطة حكومية ليد أخرى، وإبقاء المواطن عالة على الدولة الريعية، فسلامة عقل هذا المواطن، وسلامة صحته النفسية كانت وستبقى في آخر سلم اهتمامات الحكومة، على افتراض وجود مثل هذا السلم أصلا!

أحمد الصراف