سامي النصف

اليونان اليوم.. الكويت غداً؟!

لم يتوقف تحرك مجموعة الـ 26 للتحذير من الهدر الكبير في المال العام والذي ستظهر آثاره المدمرة في الغد كحال اليونان التي قامت حكومتها الاشتراكية بمحاولة ارضاء نقاباتها وموظفيها مما نتجت عنه ديون جاوزت 400 مليار دولار أجبرتها في النهاية على خفض شديد في رواتب الموظفين وزيادة الضرائب وايقاف مزايا التقاعد مما أثار أعمال العنف القائمة هذه الايام.

وكنت أتابع أخبار «فوكس نيوز» يوم الخميس والذي يظهر أسفله مؤشر داو جونز عندما بدأ المؤشر يتحرك كالسحر من خسارة 300 نقطة إلى 400 و500 و600 ولم يتوقف إلا عند خسارته 1000 نقطة خلال دقائق قليلة قبل ان يعاود الصعود قبل الاقفال، وقد ذكر المحللون أن من بين اسباب الانهيار كارثة اليونان التي من المتوقع ان تمتد الى دول ريعية أخرى كاسبانيا وايطاليا وايرلندا والبرتغال وجميعها دول اخضعت قراراتها الاقتصادية لعمليات الترضية السياسية.

ولو تصورنا «سيناريو» مستقبليا شديد «الواقعية» تنخفض ضمنه وبشكل سريع أسعار النفط وتظهر بالتبعية عجوزات ضخمة بالميزانية العامة للدولة التي أثقلتها المطالبات «الشعبوية» المدغدغة من نواب لا يعرفون «ألف باء» الاقتصاد ويرفعون شعار «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، ثم بدأت بعد ذلك الضغوط لخفض سعر الدينار وبدأت معها المنظمات الاقتصادية الدولية بفرض شروطها «المعتادة» للمساعدة وأولها شرط رفع الدعم عن الكهرباء والماء والبنزين والمواد الغذائية، فلن يعطيك أحد ـ حسب منطقهم ـ أموالا لتدعم بها منتجات تبيعها بعشر سعرها.. وساعد نفسك قبل أن تطلب منا أن نساعدك.

ان من شاهد ليس كمن سمع، وقد عشت شخصيا في اندونيسيا (أحد النمور الاقتصادية) 3 أشهر شهدت خلالها تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أصابتها وأصابت النمور الآسيوية الاخرى أواخر التسعينيات وكيف لم يعد لعملتها الورقية أي ثمن، مما جعل الناس تتطاحن على محلات الاغذية لإخلاء الأرفف من كل شيء، وكيف توقفت حركة الطيران وبيعت العقارات بسعر التراب وهُجرت الفنادق والمطاعم والاسواق وغادر السائحون البلاد وبدأت الاضطرابات السياسية والأمنية فيها.

ان اصل كل تلك المصائب الاقتصادية هو المبالغة في الصرف الاستهلاكي (الذي نعيشه هذه الايام) دون التحوط لما قد يحدث في الغد ودون الانتباه الى ان الكوارث الاقتصادية تأتي على حين غرة، فيصبح الناس سكارى وما هم بسكارى، وواضح ان معضلة مثل تلك سيكون أثرها على بلدنا اكثر فداحة من الدول الاخرى كوننا لا نملك أسس الاقتصاد الحقيقي من منتجات زراعية وصناعية… إلخ، بل نستورد كل شيء ومن ثم سنصبح مرتهنين وملزمين بطاعة وتنفيذ أي توصيات خارجية لتصحيح مسار الاقتصاد.. ولنفعّل ما أتى في تقرير «بلير» بدلا من أن نضرب بتوصياته عرض الحائط.

آخر محطة:

 (1) الحل الناجع لإشكالات الكويت الادارية والاقتصادية لا يكمن في إخفائها تحت سجادة الخصخصة المستعجلة وغير المدروسة، بل عبر العمل لرفع أداء الإدارات الحكومية كي تصبح بمستوى شركات القطاع الخاص الناجحة، ومن ثم رفع مستوى التعليم العام ليصبح مقاربا للتعليم الخاص من إجادة لغات وتقنيات حديثة توفي بحاجات السوق.

(2) حسنا فعل وزير الصحة بإحضار إدارات أجنبية لمستشفياتنا العامة فتلك خطوة أولى في الطريق الصحيح، ونرجو ان يدربوا قبل تسلّم أعمالهم على كيفية تفادي.. «ضرب العُقل» و«حذف النعل» السائدين في مستشفياتنا بسبب التسيب السابق!

احمد الصراف

صديقي.. صديقتي وصحتي العقلية

قال صديقي عالم النفس انه انتهى قبل أيام قليلة من إعطاء دروس خاصة في العلاقة بين العقل والجسد، وكذلك العلاقة بين الضغوط النفسية والإصابة بالأمراض. وقال انه اكتشف أثناء فترة التدريس، ومن خلال مناقشات مستفيضة مع طلبته البالغين، ان أفضل ما بإمكان الرجل القيام به في حياته، وخلافاً لما هو متداول بشكل ساخر، ومن بين أشياء عديدة أخرى، هو الاقتران بزوجة! ولكن الأمر مع المرأة مختلف بعض الشيء. فمن أفضل الأشياء لسلامة الصحة العقلية للمرأة هو محافظتها على علاقاتها الطيبة مع صديقاتها، أو حتى الإناث من أقاربها. وقد يسخر البعض من هذا القول، ولكن لنفكر قليلاً بالأمر، فالنساء يتواصلن مع بعضهن بطريقة مختلفة عن أسلوب تواصل الرجال مع بعضهم، فلدى النساء قدرة أو آلية دعم عاطفية خاصة بهن تكون ذات تأثير إيجابي كبير في حالات تعرضهن للضغوط النفسية أو المرور بتجارب مؤلمة في الحياة. فالنساء يتشاركن في عواطفهن مع بعضهن ويتحدثن عن آلامهن من دون تردد أو استحياء، والأمر يشمل القريبات من أم وأخت كما هو مع الصديقات. لكن عندما يتلاقى الرجال فإن أحاديثهم عادة ما تدور حول الأنشطة المالية والوظائف الجديدة والجنس والرياضة والسيارات والصيد وغيرها، ولكن نادراً ما يتحدثون لبعضهم عن مشاعرهم وآلامهم وأحاسيسهم، وهذا بالضبط ما تقوم النساء به طوال الوقت، فالمشاركة الروحية بينهن مهمة جداً لصحتهن العقلية.
كما ان من المهم لنا جميعاً ان نجلس، بين الفترة والأخرى، مع صديق ونتحدث معه، أو معها، فقد ثبتت علمياً أهمية هذه اللقاءات لصحتنا العقلية كأهمية ممارسة رياضة المشي أو السباحة لصحتنا البدنية، وبالتالي يجب عدم النظر الى لقاءات الصداقة بسلبية وبأنها مضيعة للوقت، فالعكس هو الصحيح، فخطر الابتعاد عن الناس وعدم وجود صديق، أو أصدقاء في حياتنا أو فشلنا في خلقهم أو إيجادهم من حولنا يساوي خطر التدخين على صحتنا.
وعليه، عندما تجلسين مع صديقة وتستمتعين بوقتك، قومي بالطبطبة على ظهرك مخاطبة نفسك بالقول: آه، كم أنا محظوظة!! والأمر ذاته ينطبق على الرجال، إلا أنهم عادة ما يطلبون من غيرهم أن يطبطبوا لهم على ظهورهم!
* * *
ملاحظة: عندما أطلق سراح امرأتين بعد فترة سجن طويلة، قالت الأولى للثانية عند باب الخروج: سنكمل حديثنا غداً!!

أحمد الصراف