علي محمود خاجه

ما ترهم يا حكومة ويا هايف

إن ما أحدثته الحكومة خلال أقل من شهر من تناقض صارخ، يجلعنا متيقنين بأن هذه الحكومة لا تعلم ماذا تريد، وهي اليوم ترمي بكل ثقلها على المجلس ليتخذ قرارا صعبا في شأن الكوادر أو المحفزات أو أي تسمية كانت، فموافقة المجلس على تلك المحفزات تلغي كل أمل في وقف الاحتكار المتوقع في الخصخصة. إقرار كوادر أو مكافآت أو زيادات أو صفقة حكومية نيابية أو سمّوها ما شئتم هو أبرز مواضيع الأسبوع الماضي. كما هو معروف فإن وضع الحوافز السليم يكون للتخصصات التي تعاني نقصا في الدائرة أو الإدارة أو الجهاز المُقدم للحوافز، وهذا في حال أن تكون التخصصات دقيقة أو غير مرغوبة لمشقتها وصعوبتها، وأن تكون بيئة طاردة للعاملين فيها. إلا أن ما حدث في الأسبوع الماضي من قرار وزاري يضاف إلى ملفات تخبط الدولة الكثيرة يجعلنا ننظر إلى هذا البلد بعين الشفقة والتعاطف الشديدين، فقد قررت الحكومة صرف الأموال للجميع تقريبا دون تحديد أي أسباب منطقية أو حتى غير منطقية. فالمؤذن الكويتي أقرت له الزيادة والمراسل والمهندس والصيدلي والعاملون في هيئة الرياضة، والعاملون في «كونا»، والعاملون في هيئة المعلومات المدنية، والعاملون في معهد الأبحاث، وأصحاب التخصصات الاقتصادية… وغيرهم. طيب إن كانت كل تلك المجالات تعاني نقصا شديدا يستدعي صرف حوافز إضافية فإن هذا يعني أن مخرجات التعليم في الكويت لا تستوفي متطلبات الدولة، وهو ما يعني أن لدينا قصورا حادا في شتى مجالات التعليم يجعلنا نبحث عن التخصصات السابق ذكرها، ونخصص لهم الزيادات كي نتمكن من استجلابهم!! ولكننا بدل أن نزيد الطاقة الاستيعابية للمجالات التعليمية التي نحتاجها كي توفر لنا عددا أكبر من أصحاب التخصصات المرغوبة فإننا نلجأ إلى مكافأة الأعداد القليلة المتوافرة (إن كانت قليلة فعلا) كي نتمكن من نيل رضاهم. أما إن كانت المسألة هي الزيادة من أجل الزيادة فحسب، وهو الأمر المتوقع من حكومة اللا منطق، فهذا يتعارض مع تصويتها قبل أسبوعين على خصخصة القطاع العام، فقانون الخصخصة الذي نص على ألا يتم تقليص رواتب الموظفين أو إنهاء خدماتهم بعد تحويل الملكية من العام إلى الخاص، وشرط القطاع الخاص السابق الذي يفرض عليه نسبة الـ %40 من العمالة الوطنية، يجعلان كل من يرغب في المنافسة على نيل حصة من التخصيص في الأوضاع الطبيعية يتراجع عن رغبته تلك بسبب تلك الشروط التي باتت تعجيزية خصوصا للشركات الصغيرة، أما الشركات الكبرى فمن الممكن أن تتدبر أمورها. إن ما أحدثته الحكومة خلال أقل من شهر من تناقض صارخ (يعني حتى لو نبي ننسى ما يمدي) يجلعنا متيقنين بأن هذه الحكومة لا تعلم ماذا تريد، وهي اليوم ترمي بكل ثقلها على المجلس ليتخذ قرارا صعبا في شأن الكوادر أو المحفزات أو أي تسمية كانت، فموافقة المجلس على تلك المحفزات تلغي كل أمل في وقف الاحتكار المتوقع في الخصخصة. أعلم جيدا أن المجلس أو بعض مرددي نغمة المال العام فيه لن يتكلموا اليوم لوقف مهزلة الكوادر، لأنها في النهاية أموال تذهب إلى جيوب الناخبين، وقلة هم أصحاب الجرأة في رفض هذا العبث، ولكن لا بد لنا أن نشير إلى أن ما يحدث لا يقبله عقل أو منطق. خارج نطاق التغطية: لجنة الظواهر السلبية برئاسة النائب محمد هايف أقرت عقوبة قانونية وضعية للمعاكسين والمعاكسات، وتحت كلمة قانونية وضعية ألف خط، وسؤالي لأعضاء اللجنة بعيدا عن إمكانية تطبيق قانون كهذا إن أقر: لماذا لم تتقدموا بعقوبة إسلامية بدل العقوبة الوضعية؟ هل يجوز أن تستبدلوا الإسلام بالقانون الوضعي؟ أم أن دينكم «عالمشتهي»؟ 

سامي النصف

التحريض جريمة.. التعميم جريمة

التحريض جريمة نكراء يجب ان يعاقب عليها التشريع ويفرض على من يرتكبها اشد العقوبات بعد ان تفشت بشكل خطير في البلد، وإحدى وسائل التحريض القائمة بخبث ومكر ادعاء قضايا «لم يقل» بها احد ثم الرد عليها بشدة وتجريح الآخرين وضرب الوحدة الوطنية عبر تلك الردود التي هي اشبه بحروب طواحين الهواء والتي سببها الحقيقي والوحيد رغبة القائل في أن ينتخب او يعاد انتخابه حتى لو احرق البلد بسبب الهواء الساخن الخارج من حنجرته.

والتعميم جريمة اخرى لا تقل عن الاولى تدميرا وتأجيجا للنفوس وضربا للوحدة الوطنية ودفعا بالبلد الى حافة الهاوية، ومرة اخرى يجب ان تصدر تشريعات رادعة تمنع من يقوم بإسقاط حالات فردية على الجموع، وكم من اوطان احرقها المحرضون والمعمِّمون!

ان ما يقوله فرد اهوج على فضائية يجب ان يرد عليه ويلجم بالحجة والقانون، ولا يعمم ما يقوله وكأنه يمثل من لم يقولوا انهم عينوه ناطقا رسميا باسمهم، ان الايمان ـ فعلا لا قولا ـ بالدستور ودولة المؤسسات كفيل بردع كل من يسيء الى الآخرين، واذا كانت هناك ثغرات قانونية فيجب تسكيرها باقتراح تشريعات جديدة كفيلة بعدم تكرارها مستقبلا لا اللجوء الى نهج التحريض والتأجيج، فالقضية ليست قضية فردية بل قضية سلامة وطن يجب تعزيز الوئام الاجتماعي والسياسي بين افراده.

ومما رأيناه وتابعناه من تعميم يهدف الى التحريض، الادعاء بأن تطبيق القانون فيما يخص ازالة التجاوزات، ومنع الفرعيات، والخصخصة، وتعديل الدستور، والازدواجية، يستهدف ابناء القبائل الكرام الذين قامت الدولة على اكتافهم وعبر تضحياتهم، وان القوانين لا تطبق في مناطق الآخرين التي لا تبعد الا كيلومترات قليلة، ويمكن بسهولة التأكد من ان القوانين مطبقة على الجميع فيها.

ويزداد الامر سوءا عندما يدعي تلك الازدواجية في تطبيق القانون احد نواب الامة كونه تلزم محاسبته الشديدة من قبل الناخبين لفشله في استخدام ادواته الدستورية لمحاسبة الوزراء المعنيين الذين يدعي انهم طبقوا القانون في منطقته وتركوا المناطق الاخرى، اذ ليس من الحكمة بمكان اشعال الحرائق وإيغار صدور الاخوة بعضهم تجاه بعض لأجل الحصول على الكراسي الخضراء ملايينية المردود.

مثل ذلك ما قيل عن قضية الخلية التجسسية الاخيرة التي علينا الا ننفخ في نارها قبل تكشف حقائقها كاملة والتأكد من صحتها، وهي قضية ان ثبتت لا تمس في النهاية احدا غير القلة من المعنيين بها، والانحراف كما هو معروف قائم في كل الشعوب والاعراق والملل، ولا نريد ان يتاجر احد بتلك القضية عبر القول ان بها اساءة الى احد، فالتهمة غير موجودة اصلا حتى يتبارى المرشحون المستقبليون لدحضها.

اخر محطة:

 1) نتحدث كمواطنين كثيرا عن تحسين الخدمة الصحية والبحث عن وزراء رجال دولة حازمين في قراراتهم، وعندما نحصل على احدهم نسمح للبعض بعرقلة اعمال الوزير الاصلاحية عبر اسئلة وادعاءات كيدية كحال القول بتحويل اطفال السرطان الى المسيحية في بيت عبدالله الذي شهد الجميع بعدم صحته.

2) ضمن تلك المحاربة التي لا تستهدف الصالح العام، تضمين «اسم» مسؤول في وزارة الصحة على انه المسؤول عن الهيئة التمريضية هذه الايام كما اتى في السؤال البرلماني الذي نشر في صحف امس، رغم ان ذلك المسؤول قد ترك ذلك المنصب قبل اكثر من عام وليس لمثل هذا خلقت الاسئلة البرلمانية يا.. نائب، وأين قبل ذلك الإصلاح التشريعي ولجنة القيم يا.. نواب؟!

3) حرص الزميل د.محمد الرميحي على ان يجعل للزميلة «أوان» رونقاً رزيناً وراقياً يعكس طبيعة مُلاّكها، لذا نرجو أن يعاد النظر في قرار توقف الجريدة بدءا من 10/5/2010، كي تبقى شمعة مضيئة أخرى في دربنا الإعلامي.

احمد الصراف

مسرحية حوار الأديان

معروف تاريخيا أن من قتل من المسيحيين، في حروب دينية، على أيدي مسيحيين آخرين يزيد بكثير عما قتل منهم على أيدي أعدائهم منذ نشأة الكنيسة وحتى اليوم. كما هو معروف أيضا أن من قتل من المسلمين في حروب طائفية على يد «إخوة» مسلمين يفوق بكثير ما قتل منهم في كل حروبهم مع الغير، حتى الرموز الدينية والتاريخية لكل طرف قتلت وحرقت وشوهدت بأيدي جماعتهم المضادة لهم، وليس بيد غيرهم المعادين لهم، وبالتالي يبلغ الأمر قمة النفاق عندما ينادي البعض بالحوار بين الديانات، ليس لسخافة الهدف بحد ذاته، بل لأننا لم نتحاور بعد مع أنفسنا ولم نتفاهم مع ذواتنا، ونصر على القفز على المراحل والتحاور مع الفاتيكان وغيره، والتقاء رجال الدين الإسلامي بالكرادلة والمطارنة والبابا، ونحن نعلم ما يعتقده هؤلاء بعضهم في بعض، وما يمثله كل طرف من فكر مخالف تماما لفكر الآخر ومعتقده وعقيدته، فالحوار مطلوب عندما يكون هناك اختلاف يمكن تجاوزه للوصول الى أرضية مشتركة على أساس مبادئ عامة، أو حقائق محددة، ولكن الحوار الديني هو أقرب ما يكون لحوار الطرشان، فكل طرف يقوم باستماتة بإبداء وجهة نظره في مجموعة من الأمور الخلافية، والطرف الآخر وكأنه غير موجود أو كالأطرش لا يسمع، ويبتسم منتظرا دوره وهو يقول لنفسه، ما هذا الهراء؟ دعني أوضح لك، فينتقل الطرش فجأة للجهة الأخرى… وهكذا!
لقد صرفت الملايين على مؤتمرات الحوار هذه، والتهم المشاركون فيها أطنانا من أطايب الطعام ولثم بعضهم وجوه بعض تقبيلا، ولكن بعد نصف قرن تقريبا لم يتقدم الحوار شبرا واحدا ولم ينتج عنه تزحزح أي طرف بوصة عن سابق مواقفه، وبالتالي فإن هذه المحاورات والمناقشات واللقاءات «الأخوية» لا تعدو أن تكون تمثيلا من كل طرف على الطرف الآخر، فكل مشارك مؤمن ومصدق لما جاء في كتابه، ولا نية لديه لتصديق محتويات كتاب الآخر، وحجة الأول أنه الأسبق الى الحقيقة وبالتالي على الآخرين الاقتداء به، والثاني يدعي أنه الناسخ وهو الذي يعرف الحقيقة وبيده ناصيتها، وما على الآخرين سوى قبول رسالته ومن ثم السير خلفه، وبالتالي لا تلاقي، خاصة أنه لا براهين أو حججا بيد أي طرف يمكن أن يستغلها لإفحام غيره، ولو كانت تلك الحجج والبراهين دامغة وغير مشكوك فيها لما كانت هناك خلافات أصلا! فجدول الضرب تم وضعه وآمن به الجميع منذ يومه الأول، ووقوع خلاف عليه أمر غير متوقع لبساطة فكرته ووضوحه. أما هذه المحاورات فأمرها غريب حقا، فهدف أي مشارك فيها إما الاحتكاك بعلية القوم وسكن أفخم الفنادق وتناول أطايب الطعام، وهؤلاء لا يرجى منهم أي خير، فهم والخواء واحد. أو أنهم مدركون لعقيدتهم، وأن الطرف الآخر لن يرضى عنهم حتى يتبعوا ملته! ولا أدري كيف قبل هؤلاء فكرة الجلوس مع غيرهم!
لست ضد أي تقارب مع الآخر بالطبع، ولكن محاولة حرق المراحل لم تؤد ولن تؤدي الى أي نتيجة، والحلم بوحدة دينية يشبه حلم الوحدة العربية، فطالما أننا، ككيانات، ضعاف في كل شيء فاتحادنا لن ينشأ عنه غير صفر!

أحمد الصراف