محمد الوشيحي

إلى بن طفلة والزيد

لا شيء أشدّ إيلاماً من طعنة صديق في ظهرك، إلا أن يسرق ابن عمك رمحك ويضعه على الجمر حتى يحمرّ، ويطعن به ظهر صديقك… حدث هذا عندما كتبت جريدة «الآن» مقدمة لمقالتي السابقة (الكيبل)، بطريقة يراد منها دق إسفين بيني وبين جريدتي، جريدة «الجريدة». لذا يبدو أن على الصديقين، بن طفلة والزيد، استعادة فروسيتهما بسرعة، بعد أن نسياها.

و»الآن» فاتنة لها غواية. ولطالما امتدحتني وهاجمَتني – وغيري – تعليقات معلّقي الآن (بغضّ النظر عن صدق التعليقات أو توجيهها، أو أن من يكتبها هو فلان أو علان)، ولم أتذمر مقدوحاً، ولم أتشكر ممدوحاً، فلم أعتد ذلك… أيضاً لطالما هاجم بن طفلة والزيد، ناشر جريدتنا، الزميل محمد الصقر، ورئيس تحريرها، الزميل خالد الهلال، صراحة مرات، وغمزاً ولمزاً مرات أُخَر. وأدرك جيداً لو أن كاتباً من مدغشقر هاجم الصقر أو الهلال لبروزت «الآن» مقالته ولونتها بالأحمر ولاحتفت بها وسارت خلفها بالطبلة والمزمار. ولطالما شعرتُ بافتراء «الآن» وملّاكها على الصقر والهلال، ولم أتدخل، ولن أفعل، فللصقر والهلال أدواتهما. لكن المثير أن جريدة «الجريدة» لم ترد على هجوم «الآن»، لا مباشرة ولا بالغمز واللمز، بحجة أن «الجريدة» أُنشئت لتقدّم صحافة عالية المهنية، ولا وقت لديها للألعاب النارية وتصفية الحسابات. وجهة نظر. بل إن الزيد وبن طفلة يتذكران جيداً أن أكثر من ناصَرَ «الزيد»، بعدما تعرض لهجوم جسدي، هم كتّاب جريدة «الجريدة».

وعندما صدرت هذه الصحيفة، أو بالأحرى بعد أن شاع خبر قرب صدورها، توقعتُ أن نشهد قصفاً جويّاً متبادلاً بينها وبين جريدة «الوطن»، انتقاماً لثماني عشرة سنة من افتراء «الوطن» على الصقر والهلال، فعلّق يومذاك الغائب الحاضر وليد الجري: «الصقر والهلال لن يفعلا ذلك، خذ العلم»، وصدق أبو خالد.

أختلفُ مع الصقر؟ نعم، من الدعامية إلى الدعامية، باستثناء الماكينة. ولكَم شَغَلْنا محققي المرور بكثرة التصادم بيننا، لكنه ليس من الصنف الذي يطعن في الظهر. ولم يستعن يوماً بالظلام ولا بالسراديب. وكانت، ومازالت، نقاط التوافق والخلاف بيننا واضحة. وقد علّق أحد الزملاء العرب بدهشة: «للمرة الأولى أقرأ مقالة لكاتب يعلن فيها منع مقالة له، وتنشر الجريدة كلامه». وللعلم، منعت لي مقالات عندما كنت أكتب في جريدة «الراي»، ومُنعَ لغيري، في «الراي» وفي «الجريدة» وفي بقية الصحف.

عوداً على بدء… ما أشعل الدماء في عروقي، وأثار امتعاضي وقرفي، أن تُهاجِم «الآن» الصقر والهلال مستعينة بخيلي وإبلي، وأن تعتبر «مساحتي» في «الجريدة» ثغرة يمكن التسلل من خلالها ومغافلة أصحابي! وبن طفلة يعلم أن عادات قبيلتنا، التي هي دستورها، تفرض على الرجل الانتصار لصاحبه على ابن عمه، حتى وإن كان صاحبه هو المخطئ، فما بالك إن كان ابن العم هو المخطئ. وآه ما أجمل بعض عاداتنا… وأكرر، لك يا بن طفلة وللزيد ما قلته قبل قليل، أظن أن عليكما استعادة فروسيتكما، وألا تكررا خطيئتكما، كي لا نتبادل إطلاق النيران فيفرح بكما الشامتون. 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *