من المتوقع، كما ورد في «القبس» قبل أيام، صدور قرار من وزير الشؤون المميز، السيد محمد العفاسي، يسمح للمبرات الخيرية، التي لم تصدر بحقها أي مخالفات، بجمع التبرعات عن طريق نماذج خاصة، أسوة بالجمعيات الخيرية. وورد في الخبر أن إدارة الجمعيات والمبرات الخيرية في الوزارة ما زالت تسعى إلى فرض هيبة القانون وتطبيق اللوائح على آلية جمع التبرعات، ومن واقع خبرتها مع هذه الجهات، فقد وضعت عديدا من الضوابط والشروط، ومنها خمسة رئيسية: قيام المبرة بتقديم تقرير مالي وإداري للوزارة، تزويد الوزارة بكشف حساب البنك، وجود ما يثبت أن لديها مشاريع خارج البلاد معتمدة من وزارة الخارجية، إثبات ما يفيد بأنها لم تدخل في تأسيس المصارف المحلية والخارجية أو الشركات المالية، وأخيرا أن تثبت عدم قيامها بأي مشاريع تخالف الأنظمة، وتقديمها ما يثبت وجود مشاريع موافق عليها مسبقا.
وهذا يعني، وبوضوح شديد، أن غالبية الجمعيات والمبرات، إن لم تكن كلها، لم تكن تتقيد أصلا بهذه الضوابط، وهذا ما كنا نقوله لسنوات، وكانت الوزارة تنكر ذلك، وتصر على تأكيد تعاون الجميع معها، ونالنا ما نالنا من هجوم بسبب موقفنا هذا.
إن تدخل الوزارة الأخير الهادف لوضع الأمور في نصابها، والذي تأخر لأكثر من عقدين، سيؤدي حتما، إن طبق بطريقة سليمة، للتأثير سلبا في أوضاع أطراف كثيرة مستفيدة من بقاء الأوضاع على ما هي عليه الآن! ففي غياب أي نوع من الرقابة والمحاسبة أثرى كثيرون من هذا التسيب، واستولى أفراد محددون على مئات ملايين الدنانير من أموال المتبرعين، السذج غالبا، بحجة إقامة مشاريع تنموية في أفريقيا وآسيا، وأحدهم ادعى إنشاء ألف شركة «تنموية» في آسيا، وآخر اشترى بأموال التبرعات مزرعة ضخمة في جزيرة أفريقية جميلة لإنتاج القرنفل!
ولا يسعنا هنا غير تهنئة الجمعيات والمبرات الخيرية التي التزمت بضوابط الوزارة، فأصبح بإمكانها الآن جمع التبرعات لمشاريعها الخيرية، ولكن شكنا سيبقى إلى أن تتضح الأمور، فالأموال كبيرة ولا صاحب لها، والاستيلاء عليها مغر.. وحتى صدور القرار الوزاري نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من تدخلات اللحظة الأخيرة التي قد تمنع وزارة الشؤون من مراقبة حسابات المبرات والجمعيات التي لا تزال تسمى بـ«الخيرية»، والتي نتمنى أن تصبح خيرية بالفعل، فنحن لسنا ضد أحد، ولا عداوات شخصية لنا مع أي طرف كان.
أحمد الصراف