سامي النصف

كلمات في الخصخصة

من الامور التي اعتدناها حتى الثمالة في الكويت الاخطاء الفادحة في التشاريع والمشاريع وعدم الاستماع لمن يحذرنا من الحفر حتى نقع فيها على رؤوسنا وندفع بعدها ثمن ذلك السقوط المؤلم ونقول «آه لقد كانت هناك اذن حفرة عميقة في الطريق» والغريب اننا نرجع سريعا لصمم آذاننا عمن يحذرنا من السقوط في الحفر اللاحقة حتى نسقط مرة اخرى وهكذا يستمر المشوار.

 طمأنة الناس عبر ضمان سنوات العمل القليلة بالقطاعات المزمع خصخصتها، او اعطاء سنوات خدمة اعتبارية او حتى مزايا مالية كلها تصب في مصلحة كبار السن ممن هم على حافة التقاعد ولكن ماذا عن صغار ومتوسطي السن وهم القطاع الاكبر في الدولة؟ وماذا ستنفعهم وحدها تلك السنوات القليلة التي ستنقضي سريعا؟!

 ان على الدولة وقد اغلق باب التوظيف الا قليلا للشباب والرجال الكويتيين عبر مشروع الخصخصة المقبل حيث لا يوجد بصيص امل في ان القطاع الخاص الذي ستؤول اليه ملكيات القطاعات الخدماتية او المستثمر الاجنبي سيفتح باب التوظيف لهؤلاء المواطنين، ان تبادر بخلق قوانين وتشريعات فاعلة تكسر الاحتكارات الرسمية وغير الرسمية وتخلق آلاف الفرص لملكية المشروعات الصغيرة مضمونة الربح والتي تدر دخولا اكثر بعشرات المرات من رواتب الحكومة ورواتب الشركات المساهمة الخاصة ومن ثم ستحيل الكويتي من موظف الى مالك وخالق للوظيفة.

 ان الشاب الكويتي لا يستطيع هذه الايام، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ان يفتح محلا يدر عليه آلاف الدنانير كل شهر يقوم خلاله بوضع عمال يستبدلون تواير السيارات، او بيع خضار بسوق الخضار او خلق شركات للنقل او الدخول لأسواق التجزئة او مقاولات بناء الفلل او تشطيبها ..الخ، بسبب احتكار تلك القطاعات من جاليات تفلس، تحت سمع وبصر الحكومة الرشيدة، كل من يحاول الدخول لتلك الانشطة مضمونة الربح والدخل.

والحال كذلك مع الجمعيات التعاونية التي تمنح انشطة افرعها لا للشباب الكويتي المستقل بل لشركات تحتكر تلك الانشطة والتي يعرف البعض منها كيف يدفع الرشاوى للادارات الفاسدة من تحت الطاولة للحصول على الافرع، ومثل ذلك ضرورة ان تكتفي الوكالات الكبرى للانشطة المختلفة من مطاعم والكترونيات وسيارات ومحطات وقود ..الخ، بأخذ نسبتها المالية المقررة من البيع وافساح المجال، كما يحدث في الدول الاخرى للمواطنين للمشاركة في الافرع والتجزئة، فكل فرع هو مشاركة بين الشركة او الوكالة الأم ومواطن حتى تعم الفائدة ويربح الجميع.

 كما يجب منع الاحتكار والاغراق والتفتيت اي منع الوكالات الكبرى من البيع المباشر الذي قضى على فرص الشباب في فتح محلات لبيع التجزئة عبر عمليات الاغراق والاحتكار، كما يجب العمل التدريجي لتحويل الاسواق المركزية للجمعيات التعاونية، التي تفتتت ارباحها الملايينية الى مبالغ زهيدة لا يستفيد منها احد، الى اسواق مركزية متنافسة يملكها افراد او شركات عائلية صغيرة (لا مساهمة) كي تصبح كذلك موارد رزق لآلاف الكويتيين الآخرين ويمكن الحصول على اموال التمويل من قروض البنوك حتى لا تصبح حكرا على الاثرياء وللموضوع صلة.

آخر محطة:

اسوأ حجة استمعت لها في محاربة الخصخصة هي الكلام المدغدغ وغير المفيد القائل: ان الخصخصة هي «بيع للدولة» وإنها تعني ان يعمل الناس «صبيان» لدى التجار، فبئس الكلام المحرض هذا! فهل سمع عاقل بمن يصف من يعمل في شركات سوني او مرسيدس او جنرال موتورز بأنه «صبي» لدى ملاك الاسهم فيها؟! بودنا من بعض «لوردات» مجلس الامة ان يجعلوا من التجار الوطنيين قدوة لهم بدلا من مهاجمتهم، وان يتبرعوا بجزء من ثروتهم كحالهم لاعمال الخير وبناء الاجنحة في المستشفيات ..الخ.

حسن العيسى

حدث في صباح الجمعة


المصعد في مبنى العقارات المتحدة بسوق الصالحية كان يتحدث الإنكليزية بلكنة "فلبينية"، حاولت صباح الجمعة الماضية أن أفهم لغة "الأسانسير" في الصعود إلى المواقف أو النزول إلى السوق فلم أوفق، كانت جماهير الخدم أسرع إدراكاً مني في فهم اللكنة، فلم أتردد في الاستعانة بهم لمعرفة أي دور كنت فيه، وما الخطأ إن حدث هذا عرضاً يوم الجمعة، فأنا والعائلة الكريمة (كريمة في الكسل والتواكل) نعتمد على الأبطال الأربعة من الخدم في كل صغيرة وكبيرة، من تحضير القهوة حتى ملء كروش أهل المنزل وضيوفهم. من يقول إن هؤلاء عمالة هامشية وغير منتجة كاذب… فهؤلاء يشكلون 70 في المئة من إجمالي قوة العمل حسب الإحصائيات الرسمية، أي هناك خادمة لكل 1.7 فرد في الكويت، وكيف تكون هذه العمالة هامشية حين تكنس المنازل وتنظف الشوارع، وتطبخ وتربي أجيالنا القادمة… الصحيح هو أننا نحن الهامشيون ونحن غير المنتجين… وليست هذه جنايتنا بل هي جناية رشة النفط علينا…


لم أشاهد حتى "دشداشة" واحدة في سوق المتحدة، كان الخليط من الألوان الداكنة من القادمين من شبه القارة الهندية يتآلفون بصمت مع بياض بشرة جنوب آسيا… بنطلونات جينز ضيقة التصقت بخصور نحيلة لفلبينيات تخبرنا عن كذبة أخرى لبرامج الرجيم التي يروجها خبراء التغذية لشعوب بني نفط المتخمة… فهذه العمالة غير الهامشية لا تعاني أمراض السمنة… ولا تعرف شيئاً اسمه "لو كالوري دايت" أو "هاي بروتين دايت"، هم لا يعرفون غير "اخدم واعمل دايت" وهذا ما لا نعرفه تماماً… كما لا أتصور أن هؤلاء العمال يعانون حالة الملل التي نتجرعها يومياً في دولة الضوابط واللهو البريء… فالسأم هو نتاج وقت الفراغ واللاعمل، وغلق شباك الحريات الفردية للبرجوازية النفطية، أما هؤلاء الخدم فليس لديهم أي من امتيازات ساعات الفراغ أو مساحات الراحة… فهم مشغولون بالخدمة ولا تنتابهم غير هواجس تجديد الإقامة والسفر والمبلغ الذي يجب توفيره لتجار الإقامات في بعض الأحيان.


هن وهم لا يشربون من كؤوس الملل، هم يتجرعون كأس المعاناة معظم الوقت… وإن زادت الجرعة على حدودها… فلا بأس من القفز من شباك الأدوار العليا في العمارة… أو الشنق على شجرة جدباء كجدب أرواحنا في وطن البهجة.


تركت سوق المتحدة الفلبيني… وسرت نحو شارع الخليج… هناك على شواطئ بحرنا الرائق الذي تتغذى مياهه من شط العرب الناشف وشط محطة مشرف لمخلفات الفساد… كانت المشاهد مختلفة قليلاً… فكان هناك لزوم تكامل الشخصية الخليجية من أبناء وبنات الهند منتشرين على امتداد شواطئ اللهو البريء… ومعهم إخواننا من عائلات الأمة العربية… الرجال جلسوا على العشب الطري ونساؤهم بقربهم يقمن بإشعال الفحم… لشواء الكباب… تخصص منه جمرة صغيرة للأرجيلة… وتتصاعد الأدخنة السوداء من "المناقل" عالياً إلى السماء… ويتصاعد معها خيالي البائس عن الدخان الأسود من بركان آيسلندا… فقد منع الطيران في معظم العواصم الأوروبية… ماذا سيفعل هؤلاء الأوروبيون… بعد أن حرموا السفر… مساكين…! "جمعتهم" كانت كـ "جمعتي" قضوها باللهو البريء في مطاراتهم… وأنا قضيتها بالفرجة البريئة… في سوق المتحدة وعلى شواطئ السأم.


 


كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء


يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة


احمد الصراف

«الناس تخاف لكن لا تستحي»

كان شارلز بلم Charles Plump يعمل طيارا في البحرية الاميركية خلال حرب فيتنام، وعند قيامه بالطلعة 75 تمكن الفيتناميون من اسقاط طائرته بصاروخ ارضي، ولكنه نجح قبل تحطمها في القفز منها والهبوط بمظلته (براشوته) بسلام على الارض، ولكن الفيتناميين كانوا بانتظاره، حيث ظل مسجونا لديهم 6 سنوات، وبعد معاناة طويلة اطلق سراحه.
وفي يوم كان جالسا وزوجته في احد المقاهي عندما تقدم منه رجل وقال له: انت «شارلز بلم» اليس كذلك؟ وكنت طيارا حربيا في فيتنام، وتم اسقاط طائرتك! فسأله شارلز كيف عرفت ذلك، فرد قائلا: انا الذي وضب وعبأ لك مظلتك الجوية، ويبدو انها عملت بشكل جيد! هنا شعر شارلز بتسارع دقات قلبه ووقف ليشد على يد الرجل شاكرا له اخلاصه في عمله، وابدى شديد امتنانه، فلو اهمل، ولو قليلا، في عمله لما تسنى له ان يعيش يومه!
لم يستطع شارلز النوم في تلك الليلة، وهو يفكر في ذلك الرجل، متخيلا هيئته على حاملة الطائرات تلك وهو بملابسه البحرية الاميركية البسيطة وقبعته المتواضعة، واخذ يتساءل بينه وبين نفسه كم مرة مر بذلك البحار من دون ان يعيره اي اهتمام او ينتبه له او يلقي عليه التحية او حتى يبتسم له؟
فقد كان هو قائد مقاتلة حربية، اما الرجل فبحار بسيط. كما فكر في الساعات التي قضاها ذلك البحار على طاولات خشبية، وهو يعمل على تجهيز المظلات وفك خيوطها وترتيب عملية فتحها والعناية بتفاصيلها الصغيرة والمهمة من دون ان يعرف من الذي سيستعين بها في نهاية الامر، وتكون سببا في انقاذ حياته!
والآن، من الذي وضب لك براشوتك اليوم؟ ففي حياة كل فرد منا هناك من يقوم بتوضيب براشوت او اكثر لنا، وربما يكونون اناسا لم نلتق بهم او نعرفهم، فهم يقومون بعملهم بصمت من دون ان نشعر بذلك، فموظف مراقبة جودة المياه مثلا في اي محطة تقطير مسؤول عن توضيب وتجهيز براشوتاتنا، وفني صيانة المصاعد في اي عمارة، ومهندسو الطيران الذين يسهرون على صيانة طائراتنا، ومراقبو الحركة الجوية في المطار، وجيش آخر من الممرضين والاطباء والمدرسين الذين يعتنون بتعليم ابنائنا والذين يكمن دورهم في تجهيز وتحضير المظلة الجيدة التي نستطيع جميعا من خلالها مواجهة متاعب الحياة ومصاعبها والهبوط بسلام، وجميع المخلصين في عملهم من هؤلاء يستحقون منا كل الشكر ووافر التقدير.
ولكن لو نظرنا إلى الوظائف التي يقوم بها مئات آلاف موظفي الدولة، وتساءلنا كم نسبة ما يؤدى منها بضمير بحيث يمكن لمتلقي الخدمة الشعور بالاطمئنان بان النصيحة التي سمعها هي الصحيحة، لانتابنا الخوف من تواضعها، فنسبة كبيرة ينطبق عليها المثل المصري: ناس تخاف بس ما تختشيش!

أحمد الصراف
[email protected]

سعيد محمد سعيد

السعودية والبحرين: نحو ترسيخ الرؤية المنهجية

 

بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، مقومات ومشتركات لها خصوصيتها بين البلدين بدرجة خاصة تختلف عن سائر دول مجلس التعاون الأخرى تاريخيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، ما يمكن وصفه بأنه علاقة تجاوزت الحدود الجغرافية وبلغت مبلغا – يمكن وصفه أيضا – بأنه جمع المملكتين في وطن واحد، على رغم التطلعات الكثيرة لدى أبناء البلدين لإزالة ما هو قائم من معوقات على الصعيد الاقتصادي وكذلك على صعيد بعض المعاملات الإجرائية القابلة للتيسير.

زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية إلى البحرين اليوم ونزوله ضيفا كبيرا على جلالة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة وعلى شعب البحرين الكريم، ستفتح آفاقا أوسع لتدعيم هذه العلاقة، وخصوصا أن العمق الإستراتيجي المهم الذي تمثله السعودية والبحرين في منطقة الشرق الأوسط والعالم، لا يقتصر على العلاقات الثنائية فحسب، فهناك الكثير من الملفات الإقليمية المهمة التي تتطلب توحيد الجهود وفقا لحكمة العاهلين، وحرصهما على مسيرة دول مجلس التعاون والمنطقة العربية.

إن حساسية القضايا المشتركة في هذه المنطقة، والمرور بتحولات مقلقة على صعيد الأمن الإستراتيجي أولا، ومستقبل اقتصاديات المنطقة ثانيا، ألقت بظلالها على الداخل الخليجي، وعلى وجه الخصوص تلك المرتبطة بالقضية الفلسطينية والعلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية وملفات إيران والعراق ولبنان وانعكاساتها على الأوضاع الداخلية، ليس في البحرين والسعودية فحسب، بل في كل دول مجلس التعاون والدول العربية، وما برز خلال العقدين الماضيين من الزمن على الأقل، من مخاطر داخلية عنوانها الطائفية والإرهاب والخطاب الديني والإعلامي المدمر… كل ذلك يستوجب خطة عمل مشتركة وحازمة لمنع تجاوزها حدودها الحالية والتي لا يستهان بخطورتها.

ومن وجهة نظري المتواضعة، فإن أهمية الملفات السالفة الذكر، لا يمكن أن تكون أهم من إصلاح الداخل الخليجي أولا، ولعل البداية، بشارة خير بلقاء العاهلين عبدالله وحمد، نحو ترسيخ رؤية منهجية تعيد تأسيس (المواطنة والوطنية) على الصعيدين الوطني والخليجي للتحصن ضد مخاطر تلك الملفات، ذلك أن تقديم وطنية أبناء الوطن الواحد بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم وأعراقهم، هي اللبنة الأساسية للانطلاق نحو معالجة القضايا الأخرى، فلا يمكن أن يكتمل بناء البيت الواحد وسط انفلات خطاب التناحر والتأجيج والمساس بالأمن الوطني، وليس لذلك المنهج من رادع إلا بوجود قرار سياسي يقدم المصلحة العليا بناء على المواطنة والوطنية الخالصة من شوائب الطائفية والإرهاب والتآمر. السعودية والبحرين، لديهما هذا التوجه، فهنا في بلادنا، لدينا مشروع إصلاحي أطلقه جلالة العاهل، وهذا المشروع لا يمكن أن يجمد في حدود زمنية ولا بأس من العودة إلى أساسه والعمل وفق متطلبات كل مرحلة، وفي السعودية، برزت تجربة الحوار الوطني التي انطلقت في شهر يونيو/ حزيران من العام 2003 بمبادرة من جلالة الملك عبدالله، وكان أول محاورها: الوحدة الوطنية، ثم انتقل الحوار إلى محور آخر هو: «الغلو والاعتدال: رؤية منهجية شاملة»، أسست لمعالجة قضايا كالعنف والإرهاب والتطرف، والدعوة إلى الوسطية والتسامح باعتبارها المنقذ من المخاطر التي تهدد استقرار الداخل.

هذه زيارة تاريخية كبيرة ومهمة… الآمال والتطلعات أيضا كبيرة ومهمة، أما حكمة القائدين، فهي البوابة التي يمكن أن ننتقل من خلالها إلى صورة جديدة ترسم واجهة المستقبل.

سامي النصف

الخصخصة بين أخطاء الحكومة والمعارضة

من يريد الفوز في لعبة كرة القدم لا يلعبها مستعينا بقواعد كرة السلة ولا يحضر معه عصا لعبة الهوكي للملعب، اللعبة الديموقراطية يقوم صلبها على تنافس الحكومة والمعارضة في الفوز بود المواطن عبر منهاجية الرأي والرأي الآخر وشرح الحكومة بشكل مسبق لخططها وتشريعاتها للناخبين وقيام المعارضة في المقابل بالموافقة على بعض ما يطرح، وتفنيدها للبعض الآخر، فلا توجد معارضة دائمة لكل ما يأتي من الحكومات.

كان يفترض بالحكومة قبل ان تتقدم بقانون الخصخصة ـ وقبله صندوق المعسرين وغيره من تشريعات ـ ان توزع وزراءها ومستشاريها لمدة شهر كامل على وسائط الإعلام ـ وهذا تماما ما تقوم به للعلم الديموقراطيات الأخرى ـ لشرح خططها للخصخصة وألا تكتفي كالعادة بحسبة تجنيدها للنواب ممن «سيحرقهم» تصويتهم المتكرر معها أمام ناخبيهم ممن لم يشرح لهم أحد فوائد ومزايا ما يطرح.

هذا الغياب الحكومي لقواعد اللعبة السياسية القائمة على الحوار والرأي والرأي الآخر يقابله خطأ مماثل لدى بعض أطراف المعارضة ممن يعتمد على تهييج وتحريض الناس بشكل متواصل على مواضيع اما لم يتم استيعابها منهم بشكل صحيح أو تتم معارضتها كونها أتت من الحكومة، اي المعارضة لأجل المعارضة فقط دون التفكير بفائدتها للبلد، ومثل ذلك المعارضة بشكل مطلق لقضايا قابلة للنقاش والأخذ والعطاء.

ان خطأي الحكومة والمعارضة سالفي الذكر يدفع ثمنهما الوطن واستقراره، فالإخفاق الحكومي المتكرر في تسويق قضاياه ـ القروض والخصخصة كمثال ـ بسبب تراخي وإحجام المسؤولين عن شرح مشاريعهم في وسائط الإعلام إلا ما ندر، وترك الباب مفتوحا على مصراعيه للمحرضين والمدغدغين، بات يخلق شعورا عاما بالإحباط والظلم سينتهي بدءا بما سنراه من إضرابات مدمرة قادمة وقد ينتهي بما لا تحمد عقباه على امن البلد.

ان وضع ناطق (صامت) رسمي للحكومة لن يحل إلا جانبا صغيرا من المشكلة القائمة، والواجب ان تستنهض الحكومة «كل» مسؤوليها للانتشار الواسع في وسائل الإعلام الحكومي والأهلي، المشاهد والمقروء والمسموع لخلق حالة حوار متواصل للمشاريع المقترحة كي تحظى برضا ودعم الجمهور وترش الماء البارد بالتبعية على حالات التحريض وإشعال النيران التي يعلم مشعلها كيفية بدئها إلا انه لا يعلم الى اين ستمتد حرائقها.

آخر محطة:

(1) كتب الزميل الحكيم فالح ماجد المطيري مقالا صباح امس الجمعة في جريدة «الجريدة» أسماه «إلغاء القبيلة» عقّب فيه على مقال سابق لنا، وكان بودي ان ينتبه الصديق بوماجد لاننا طالبنا بإلغاء اسم العائلة قبل اسم القبيلة كوسيلة لتعزيز أواصر الوحدة الوطنية وخلق دولة تكافؤ الفرص التي نجح بمثلها أمثال الرئيس باراك حسين أوباما.

(2) ومقال للزميل ضاري الجطيلي في جريدة «الجريدة» أيضا عقب فيه على مداخلتنا في ندوة جمعية الخريجين حول شركات الطيران المحلية التي يرى ان معاناتها مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية العالمية، وبودي لو استمع الزميل لرئيس إحداها وهو الأخ عبدالسلام البحر في ندوة الصالون الإعلامي، ومما قاله ان سبب معاناة تلك الشركات الوطنية هو عدم تحضير الأرضية المناسبة للمنافسة، لذا لا أرى شخصيا ان أوضاعها ستستقر اذا ما أخفينا معاناتها الحقيقية تحت سجادة الأزمة العالمية.

محمد الوشيحي

خيبة السبت والأحد

إذا كان يوما الثلاثاء والأربعاء هما الأسوأ للحكومة، إذ تُعقد جلسات البرلمان، فإن أسوأ الأيام بالنسبة للصحف الكويتية، هما السبت والأحد. على أن مصيبة السبت أهون، فهو يأتي بعد يوم عطلة، أما الأحد فيأتي بعد يومَي عطلة، أي أن كارثته كارثتان، وخيبته خيبتان. ولو كان الأمر بيد الصحف لانتزعت هذين اليومين من الروزنامة، ولرمتهما إلى الكلاب الضالة. فأيام الأسبوع العادية ملأى وحبلى بالمشادات والمشاحنات، وغالبية الناس، من وادي الذهب في تشيلي إلى وادي الصفيح في الصين، تبحث عن الإثارة، عن الأكشن، عن الأخبار المالحة، الحامضة، في حين أن يوم الأحد يوم أقرع ماصخ، لا ملح فيه ولا ليمون. وكان الفنان أحمد بدير يؤدي دور السبّاك في أحد الأفلام، عندما مرّت عليه أيام عجاف لم يُرزق فيها، فرفع يديه إلى السماء ودعا بدعاء السبّاكين: «اللهم بوّظ (بوّز) حنفيات الشعب، اللهم اكسر بايباتهم». والصحافة، كأحمد بدير، تنتعش في أيام الحنفيات المكسورة سياسيّاً، والبايبات المطعوجة اجتماعياً.

هذا اليوم، الأحد، أثقل على الصحافيين منه على القراء. والأحد في روزنامة الصحافة هو السبت، أي أنه يوم عمل للصحافيين، ويوم كآبة ليس كمثلها كآبة، لذا تكثر فيه المشاكل بين شباب الصحافة، أو بصورة أخرى «هو اليوم الأكثر تشويشاً»، ولو حاول باحث اجتماعي نشط لهلوب التفتيشَ عن أسباب المشاكل التي تنشأ بين الصحافيين في الكويت وتوقيت حدوثها، لوجد أن معظمها يحدث يوم السبت عصراً ولأسباب سخيفة، بينما السبب الحقيقي هو «قلّة المحصول».

والحمل الأكبر يقع على أكتاف رؤساء التحرير، إذ يحكّون رؤوسهم حكّاً مبيناً، بحثاً عما يملأ بطون المطابع الجائعة، ولو بساندويتش حاف، ويسد رمق عيون القراء الدامعة، ولو بوردة ذابلة. ولو كنت رئيس تحرير، لا قدر الله، لخصصت الأحد، كل أحد، للتحقيقات الصحافية، ولجعلت المانشيت شاملاً أهم أحداث الأسبوع، مثلاً: «عهد الخصخصة… يستيقظ من نومه»، أو «الكويت… بين الاشتراكية والرأسمالية»، أو ما شابه، قبل أن أسطر تحت المانشيت آراء مختلفة للمتخصصين. على أن أحرص على أن أكتب افتتاحيتي في أيام الأحد.

ويمكن التفكير في جعل هذا اليوم خالياً من السياسة وطاهراً من النجاسة. فتطلب الصحيفة من قرائها إرسال مقترحاتهم طوال الأسبوع عن أهم القضايا التي يجب أن تُناقش، أو أن يكتب المانشيت أديب من خارج الوسط السياسي، أو فنان، عبدالحسين عبدالرضا أو سعد الفرج أو سناء الخراز، أو لاعب له جمهوره، أو أو أو، بمساعدة رئيس التحرير طبعاً.

المهم أن أقلب الأمر، وأبدِّل الأحد من يومٍ باهت يتحمّله القراء على مضض ومرض، إلى يوم رشيق ينتظره القراء على جمر الغضى.

سامي النصف

الرحلة الأميرية ومشروع الخصخصة

تعقيبا على مقال الأمس عن فاجعة الطائرة الپولندية، أخبرني الصديق الكابتن حسام الشملان بقصته مع الامير الراحل الشيخ جابر الأحمد والتي تظهر توجها معاكسا تماما لما قام به الرئيس الپولندي ليخ كاتشينسكي الذي تسبب تدخله، كما يعتقد، في قرارات الطيار في الكارثة الجوية الأخيرة التي حدثت في الغرب الروسي.

كان الكابتن حسام يقود الطائرة الأميرية المتجهة الى اسطنبول التركية ولاحظ بعد الهبوط وجود 5 طائرات هيليكوبتر تنتظر الوفد كي تقله للقصر الجمهوري بالبلد، توجه الكابتن لسمو الأمير الراحل وأبلغه بأنه شاهد على رادار الطائرة وجود غيوم وعواصف رعدية تتجه سريعا للمطار، لذا لا ينصح سموه والوفد باستخدام تلك الطائرات، لم يعلق الأمير الا ان الكابتن لاحظ بعد قليل تحليق الطائرات دون الوفد الذي احضرت له على عجل عدة سيارات من المطار استخدمت في الانتقال للمدينة.

بعد العودة للكويت ذهب الكابتن لزيارة الشيخ سعد العبدالله في ديوانيته المسائية يوم الاحد والذي قال له امام الحضور ان الامير اخبرهم اثناء ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء ذلك الصباح، بأن كابتن الطائرة استخدم معهم صلاحياته الفنية وانهم استمعوا لنصحه وتوجهوا بالسيارات للمدينة ومروا خلالها بالجو العاصف الذي حذر منه الكابتن، أمير بعكس الرئيس لا يستمع فقط للنصح الفني، بل يجعله وسيلة للثناء على من تقدم به له.

يناقش اليوم قانون الخصخصة، وهناك بعض الامور التي يجب ان توضع في الحسبان «قبل» تطبيقه وتفعيله أولها ان الخصخصة ليست الحل السحري لمشاكل الادارات الحكومية الفاسدة والمترهلة، فإن كانت هناك مشاكل في «الكويتية» أو أي قطاع خدماتي آخر بالدولة فالحل لا يكمن في القفز الى الامام والدعوة للخصخصة كبديل لعمليات الاصلاح الحقيقية الواجبة في قطاعات الدولة المختلفة، وأذكّر هنا بدراسة مختصة مهمة للأمم المتحدة تحدثت عن ان الحل المناسب لمشاكل الادارة في الدول يكمن في وضع الادارات الكفؤة الأمينة في مواقع المسؤولية بالادارات الحكومية حتى تخلق حالة تنافس وتسابق في الانتاج بين القطاعين العام والخاص ويسهل بيعها عند حاجة الدول للسيولة المالية.

ان حل صداع الرأس لا يكمن في قطعه، والقطاع الخاص في الكويت لا يقل فسادا وترهلا وتفشيا للواسطة والمحسوبية عن القطاع العام، بل انه يقل في كثير من الاحيان انتاجية عنه (انظر تجربة الشركات الورقية)، لذا فتغيير الملكية قبل الاصلاح لن يحل شيئا وهو أقرب للمستجير من الرمضاء بالنار، ان هناك فارقا كبيرا بين الخصخصة في أميركا وبريطانيا والدول الاخرى والخصخصة في الكويت، حيث سيبقى الاميركي أو الانجليزي يعمل في القطاع المعني سواء كان عاما أو خاصا.

أما في الكويت فيعمل 98% من الكويتيين في القطاع العام و98% من غير الكويتيين في القطاع الخاص الذي لا تزيد نسبة الكويتيين فيه على 2%، وتظهر تجارب الخصخصة السابقة ان اعداد العمالة الكويتية تناقصت في احداها بنسبة 90% (من 360 موظفا الى 30) بينما وصلت في القطاع الآخر الى 0%، ان دواء الخصخصة في الكويت أكثر ضررا من امراض القطاع العام مجتمعة ولنا عودة لهذا الموضوع المهم في القادم من الايام.

آخر محطة:

(1) يجب ألا يعامل ويقابل خطأ الاستعجال بالخصخصة وعدم مشاورة القطاعات المعنية بخطأ أكبر هو التجمهر والتظاهر والرفض المسبق لكل ما يطرح حول الخصخصة، الديموقراطية تقوم على الحوار الهادئ والاقناع لا على التشنج وفرض الآراء الذي يدل على ضعف الحجة.

(2) نهج الخصخصة المقترح سيضر بالمواطنين في القطاع العام والمقيمين العاملين في القطاع الخاص لنزوح الاولين نحو وظائفهم بينما ستضمن الحلول المتأنية العاقلة الكسب والربح لكل الاطراف.

حسن العيسى

عن اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات

جاء في صحيفة أوان الإلكترونية أن مجموعة من المحامين والكتاب بصدد تأسيس لجنة للدفاع عن حرية التعبير، وجاء في بيان التأسيس "… إن مناصرتنا وتضامننا مع الكاتب الجاسم لا تأتي نصرة لشخصه، بقدر ما ننطلق من واجبنا الوطني في الدفاع عن الحريات، والاعتراض على أسلوب الملاحقة السياسية الذي تستخدم فيه ذرائع قانونية"، وكان هذا أكثر ما يهمني من بيان اللجنة، فكثرة الدعاوى الجزائية والمدنية المرفوعة على الزميل الجاسم، وفداحة مبلغ الكفالات المالية تصلح أن تكون مناسبة والظرف الزماني لخلق مثل هذه اللجنة، لكنها لا يصح أن تكون مبرراً لديمومتها، فالقضية ليست هي الجاسم ولا غيره، وإنما هي مبدأ حرية التعبير وإقامة الحدود الفاصلة بين حق النقد للموظف العام وجرائم  السب والقذف، وإذا كانت أحكام المحاكم تفصل وتقيم الحدود بينها فإن منطقة الظلال واللون الرمادي بين الأمرين تتغير من وقت لآخر حسب اجتهادات المحاكم والفقهاء، وحسب الظروف السياسية التي أملتها من مكانة الشاكي أو وقتها الزمني أو وضع الدولة على سلم التقدم والديمقراطية والحريات.
وحكمت مرة محكمة النقض المصرية "… كان يمكن أن يكون القذف مباحاً حتى ولو استعمل فيه قوارص الكلم مادام النقد بناء وتتحقق فيه المصلحة العامة للمجتمع، ويرجع ذلك إلى دور الموظف العام أو الشخص ذي الصفة النيابية. إذ ترجع علة ذلك إلى أهمية دور الموظف العام أو من في حكمه، ومن المصلحة العامة وضعهم تحت الرقابة الصحافية، وذلك لمنع وجود انحرافات أو فساد في أعمال الموظف العام أو من في حكمه".
مهمة هذه اللجنة لا يجوز أن تكون ردود أفعال على قضية ضد ناقد أو كاتب، بل يجب أن تضع قضيتها الكبرى هي نصوص "دراكو" المبثوثة في قانون الجزاء وقانون المطبوعات والنشر الأخير… مهمة اللجنة أن تكون فعلاً مبادراً لا ردود فعل، فكما لدينا نصوص قانونية تنهش من حق النقد وتنتقص من حرية التعبير، لدينا ممارسات وواقع متخلف معشش في مؤسسات الدولة والمجتمع، فهناك قوى التزمت الديني ومحتسبة القرن الواحد والعشرين حين يهرولون إلى غرف النيابة العامة، وكأن لديهم تفويضاً إلهياً بكتم كل نفس يتحرك خارج أغلال النص… ولدينا تخلف اجتماعي كبير لا يقيم وزناً للفكر، لا يدرك معنى حرية العقل… ولدينا سطوة أصحاب رأس المال وسادة النفوذ السياســـي حين يهيمنــون علــى دور النشر ويوظفون مرتزقة الكلمة كـ "زلمات" تمجد بطولاتهم الزائفة وتمسح الجوخ لسيادتهم… لدينا الكثير والكثير في هذا الزمن الأغبر… هو زمن شراء الذمم وتجميل وجوه الفساد القبيحة… وكم نحن في حاجة إلى قلة من الأحرار… تعرف أن تقول كلمة "لا" كبيرة في خضم تيار الضياع.

احمد الصراف

فروقات الحضارة

يشرفني ان اقف امامكم اليوم في حفل تخرجكم في افضل جامعة بالعالم، والحقيقة انني لم أنه. دراستي الجامعية قط، فبعد 6 أشهر من التحاقي بالدراسة قررت ترك الجامعة، وهذا القرار اتخذ حتى قبل ان اولد، فقد حملت بي امي وهي طالبة في الجامعة، وبسبب ظروفها الصعبة قررت عرضي للتبني، وكان شرطها الوحيد ان يكون المتقدمون لذلك من خريجي الجامعة، ووقع الاختيار على محام وزوجته، ولكن في اللحظة الاخيرة غيّرا رأيهما لرغبتهما في تبني بنت بدلا من صبي. هنا قام المستشفى بالاتصال بوكالة التبني التي اختارت عائلة اخرى لكن والدتي رفضت توقيع التنازل لانهما لم يكونا من خريجي الجامعة، وفي النهاية رضخت للامر بعد تردد وبعد ان تلقت وعدا منهما بأني سأتلقى تعليما جامعيا، وبعد 17 عاما دخلت الجامعة ولكني سرعان ما اكتشفت ان رسومها استنفدت كامل مدخرات والدي، فتركت الدراسة لانني لم اكن اصلا سعيدا بما كنت ادرسه، وهذا جعلني اشعر بالقلق من المستقبل، ولكن قرار الترك كان الافضل الذي اتخذته في حياتي.
مررت وقتها بفترة صعبة فقد كنت انام على الارض عند صديق وادرس بعض المواد، وادفع ثمن طعامي مما كنت احصل عليه من تأمين اعادة قناني الكولا الفارغة. وفي مساء كل احد كنت امشي مسافة 10 كيلو مترات لتناول وجبة مجانية في معبد «هاري كريشنا». وقد التحقت في تلك الفترة بدورة تعلم الخط، وساعدني ذلك بعدها بعشر سنوات عندما كنا نصمم اول كمبيوتر «ماكنتوش»، حيث ادخلت فنون الخط على كمبيوتر «ماك»، وكان الاول من نوعه بتقنية حساب المسافات المناسبة بين مختلف احجام الحروف، وهي التقنية التي نسختها مايكروسوفت لاحقا وجعلتها Windows، ولو لم أترك الجامعة وألتحق بدورة بسيطة في تعلم فن الخط لما كان للكمبيوترات الشخصية ما تتمتع به اليوم من خيارات خط هائلة.

***
كانت هذه فقرة قصيرة، مترجمة بتصرف، من كلمة «ستيف جوبز» Steve Jobs رئيس شركة «ابل» للكمبيوتر، والرجل الذي يقف خلف مئات الاختراعات، والذي يتكرر اسمه منذ سنوات ضمن قوائم الشخصيات الاغنى في العالم، والتي ألقيت امام حشد من طلبة جامعة ستانفورد في يونيو 2005، وبينت الكثير من جوانب شخصيته الفذة. كما بينت مقدار الفارق الانساني الذي يفصلنا عن الغرب، وكيف ان للكثير من القيم، كالاسرة والعائلة والشرف، اوزانا تختلف من شعب الى آخر.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

فقر… فساد… فضائح… فتنة

 

لا أعلم كيف سيكون حالنا لو أن بلادنا كانت أكبر من ناحية المساحة الجغرافية ثلاثة أو أربعة أضعاف مساحتها الحالية؟ وقد زاد عددنا الى ما يتراوح بين 3 الى 4 ملايين (ولا سيما عددنا الأصلي كبحرينيين أبا عن جد، مع الاحترام لكل المجنسين الذين التحقوا بنا باستحقاق ووفق القانون، وليس وفق العشوائية)، وازداد النشاط التجاري وجاء الخير وانتعشت البلاد والعباد.

لا أدري كيف سيكون حالنا وقتذاك، طالما نحن بلد تجاوز المليون بخمسين ألف نسمة، ونعاني من شح الموارد ومحدوديتها وتزايد الضغط عليها وعلى الخدمات ووسط كل ذلك يضربنا الفقر والفساد والفضائح والفتنة من كل حدب وصوب، زد على ذلك، أن قضية (شجار عراد) لم تنته بعد، لتلحقها مباشرة قضية (شجار سترة – الرفاع الشرقي).

كل اللوم يقع عليك يا حكومتنا… اللوم كله، كيف؟ لأن كل تلك المفردات التي تبدأ بحرف (الفاء) سببها (فرار) كل من يخطئ ويختلس ويسرق ويثير الفتن الطائفية ويدمر ويخرب ويحرض ويظلم خلق الله، يفر من القانون ومن العدالة ولربما وجد من يطبطب على كتفه ويمسح على رأسه مثلما نريد نحن كمواطنين من حكومتنا أن تمسح على رؤوسنا! فنحن بمثابة أيتام يتوقون للخدمات الإسكانية والتعليمية والرواتب المجزية والخير الوفير.

قلت ذات يوم: «اللصوص يسرقون، لكن اللوم سيقع على رأس الحكومة لا محالة؟»، وأضيف أن المحرضين يحرضون ودعاة الفتنة يشعلون النار والظالمون يظلمون، وكل أولئك أنت المسئولة عنهم يا حكومتنا الرشيدة، اضربيهم بيد من حديد.

بعض من يخونون الأمانة، ويستغلون مناصبهم ويلعبون على كراسيهم، يسرقون، فينكشف المستور، ومن ثم تتلاقف ألسنة الناس أسماءهم حال تقديمهم الى المساءلة القانونية، لكن اللوم سيقع حتما على رأس الحكومة؟

مسئولون أجانب في شركات كبرى، يأتون الواحد تلو الآخر، ليملأوا كروشهم وجيوبهم وحساباتهم في بنوك الخارج، ويملأوا (بعض) الصحف هرجا ومرجا بإنجازاتهم الكاذبة وجهودهم الجبارة في تحقيق الربحية وإعادة الربحية، وتجاوز الخسائر ودخول مرحلة المستقبل، ثم نسمع، ويا غافل لك الله، عن أن فلانا «فر» من البلاد، و»فلتانا» «شال عليه»!

متنفذون و»مسيطرون» يتجاوزون الحدود، فيستولون على أراض وساحات وبحور وبساتين، وهناك من يتخاذل معهم في الخفاء، وتجري الأمور على خير ما يرام، لكن في النهاية، ستتلقى الحكومة ثورة الغضب.

اعتقد من الأهمية بمكان، أن تصب الحكومة ثورة الغضب على كل من يزعزع كيان البلد، ومن يحرض على القتال الطائفي ويدعو لهدم مذهب طائفة، أو يستغل منصبه لسرقة المال العام، ولطالما ملف الأراضي والفساد مفتوح، فلنر المزيد من الأبواب والنوافذ التي تفضح كل من يستحق الفضيحة، لا ترحميهم يا حكومة، وارحمينا نحن المواطنين.