سعيد محمد سعيد

عبدالله بن راشد… حين يكون المسئول «مسئولاً»

 

أن تقف أمام مسئول، كبيراً كان أم صغيراً في الدولة… شاب في ريعان مشواره الوظيفي لخدمة الناس أم (شاب رأسه) وهو على كرسيه، وتستمع منه إلى قائمة من التبريرات والأعذار والمعوقات والمحبطات و(فاقعات المرارة) ورافعات الضغط، تجاه أمر يتوجب عليه أن يتعامل معه وفقاً للأمانة الوطنية الملقاة عليه مهما كان حجم الموقف أو المشكلة، فإنك لا تملك هنا سوى أن تضرب راحاً براح، وتحوقل وتتعوذ من الشيطان، والله يلوم الذي يلومك إن انتقدت أداءه.

أما إذا وجدت في ذلك المسئول الحرص والأمانة والاستعداد لتحمل هموم الناس ومشاكلهم، وينتقل معهم من موقع الى موقع، ويتابع بشكل شخصي ملفات تهم الناس، فإنك ستحترمه حتى وإن جاء الحل بعد حين من الزمن، فيكفي أن تتيقن في قرارة نفسك أنه لم يضع لك الشمس في يد والقمر في يد أخرى وأغدق عليك من الوعود وملأ جيبك بالأمنيات، لكنه سعى وفق المتاح من الإمكانات، وأخذ بخاطرك بما يبعث السرور في نفسك… والله إن المواطن البحريني يكفيه – وهو في شدة معاناته – أن يستمع للكلمة الطيبة واحترام المسئول له، ولا بأس بعد ذلك لو تأخر الحل قليلاً كما هو معتاد في أجهزتنا الخدمية.

لذلك، لم تكن حادثة كحادثة الشجار الذي وقع بمنطقة الرفاع الشرقي بين مجموعتين من شباب سترة والرفاع، أياً كانت دوافعها وحقيقة أسبابها، تافهة كانت أم مهمة… لم تكن هينة بالنسبة للمسئول الحريص على الاستقرار في المجتمع، والذي يدرك بأنه يجب أن يكون طرفاً رئيسياً في إعادة الأمور الى نصابها، وهكذا مثلت الحادثة امتحاناً أمام محافظ المحافظة الجنوبية الشيخ عبدالله بن راشد بن عبدالله آل خليفة في بداية مهامه كمحافظ، لكنه بادر لأن يكون هو نفسه ذلك (الطرف) الذي يطيب النفوس ويتصدى لانفلات الأقوال والتخرصات والتحريضات المريضة ويصلح بين الناس.

ولعل النجاح الأول، هو ذلك الشعور الذي عم الكثير من المواطنين، ولاسيما في سترة والرفاع الشرقي، تجاه (خطوة المصالحة) بجمع الأطراف ذات العلاقة بحضور القائم بأعمال محافظ المحافظة الوسطى وعدد من أعضاء مجلس النواب والمجلس البلدي ووجهاء وممثلي أهالي المحافظتين الجنوبية والوسطى ومدير عام مديرية شرطة المحافظة الجنوبية والقائم بأعمال مدير عام مديرية شرطة المحافظة الوسطى، لتطوى صفحة حادثة نسأل الله ألا تتكرر في أي منطقة من مناطق بلادنا الحبيبة.

إن تأكيد الحرص على تدعيم ركائز الأمن والنظام العام، ورفع مستويات الشعور بالأمان والطمأنينة والهدوء والسكينة والتصدي للظواهر والمشكلات التي تؤثر على الأمن واحتوائها والعمل على منع استمرار وقوعها أو تفاقمها لوقف التداعيات والتأثيرات السلبية على أطرافها وحماية المجتمع من أضرارها ومخاطرها، ليست مجرد شعارات أو كلام منمق للاستهلاك الإعلامي وحسب، وهذا ما ترجمه (عبدالله بن راشد) عملياً، فنال تقدير الأهالي لهذه المبادرة التي جاءت وفق توقيت سليم وخصوصاً أن هناك من يسعى لصب الزيت على النار في خطب هوجاء ومنتديات إلكترونية وضيعة، ورسائل جوال سيئة كسوء مرسليها.

وليس هذا الأمر بجديد على الشيخ عبدالله بالنسبة لمن يعرفه عن قرب، ويعرف اخوته ويعرف والده ويعرف مجلسهم العامر في الرفاع الذي يحتفي بالمواطنين من مختلف مناطق البلاد من الطائفتين الكريمتين بل ومن المقيمين أيضاً، ويصبح في بعض الأحيان بمثابة صدر مفتوح لأصحاب الهموم والمشاكل والمعاناة من المواطنين، لكن الأمر يختلف هنا لأنه يرتبط بمسئولية وأمانة وطنية وثقة وضعتها القيادة في شخص مسئول يجب أن يكون مع الناس أولاً بأول.

نتمنى ألا تصبح حوادث الشجارات الجماعية، كما حدث في الرفاع الشرقي وسبقتها شجارات عراد، ظاهرة في المجتمع البحريني، لكن، الأهم من ذلك، أن يقوم كل مسئول بدوره، وألا يقف موقف المتفرج أو المتلقي للمعلومات من هنا وهناك… ونيابة عن أهالي سترة والرفاع الشرقي، نقول شكراً للشيخ عبدالله بن راشد، وعساك على القوة دائماً.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *