سامي النصف

اللقاء النذير لسمو الأمير

قد يكون من المصادفة ان يأتي اللقاء الإعلامي الأخير لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مع صحيفة «فرانكفورتر ألغامينه تسايتونغ» والذي تصدر مضمونه عناوين الصحف الكويتية مرسلا من ألمانيا التي شهدت أكبر انهيار للنظام الديموقراطي في التاريخ.

فمع انتهاء الحرب الكونية الأولى بدأت التجربة الديموقراطية في ألمانيا عبر إنشاء جمهورية «فايمر» التي اشتهر برلمانها وساستها بالتسابق فيما بينهم لإرضاء المطالب «الشعبوية»، بحجة تعويض الشعب عن فواجع الحرب الكونية وقد نتج عن ذلك التسابق تدمير كامل للاقتصاد الألماني تسبب بالتبعية في انهيار شديد للمارك الألماني حتى كاد لا يساوي شيئا وقد انتهت تلك الملهاة او المأساة بوصول النازيين للحكم واشتعال الحرب الكونية الثانية.

وواضح اننا نعيش هذه الأيام إشكالية كبيرة عبر عنها سموه بمقولة ان البرلمان قد ضيع فرصا ثمينة ووقتا طويلا في مناقشة مسائل بعيدة كل البعد عن المشاريع التنموية ولم يقم بالمهمة الموكولة له، وما يقوله الناس حول تعطيل البرلمان للمشاريع التنموية وانشغاله بالنقاشات السياسية العقيمة صحيح وهو ما يقر به أعضاء البرلمان.

وإحدى دلالات ذلك الأمر انشغال الحياة السياسية الكويتية عبر 17 عاما بالاستجوابات و«السخونات» السياسية العقيمة بعيدا عن الاهتمام بمشروع حيوي ومهم وهو مشروع الخصخصة الذي وضع على الرف طوال أعوام الجمر تلك ولم ينتج عن «الخناقات» المتتالية إلا مضاعفة كلفة المشاريع التنموية عشرات المرات.

ومما قاله سموه في اللقاء ان أخطاء البرلمان هي أخطاء مؤسسية تسبب فيها ترك الدستور دون تعديل وتطوير لقرابة نصف قرن، ولا شك ان أحد الأمور التي تعوق الخصخصة هذه الأيام هو الاستشهاد بمواد دستورية وضعت عام 1962 إبان عهود الماركسية والاشتراكية والتأميم والقطاع العام التي لم تعد تواكب العصر هذه الأيام وكان الواجب ان تنقح تلك المواد ومعها مواد كثيرة أخرى قبل سنوات طوال للحد من الفساد التشريعي ولمنع تداخل السلطات وتعدي بعضها على صلاحيات بعضها الآخر.

ومن ضمن كلمات اللقاء التي لفتت الانتباه مقولة «فالنواب يريدون إرضاء «الشارع» بقرارات سريعة ترضي المشاعر ولا ترضي «المنطق» ونتيجة لذلك لم نتمكن من الوصول الى توافق حول المسائل الوطنية الرئيسية ولم نتمكن من المصادقة على المشاريع التنموية بعيدة المدى»، انتهى.

آخر محطة:

نرجو أن يؤخذ ما قيل في اللقاء النذير لسمو الأمير بشكل إيجابي يبتعد عن ردود الفعل الانفعالية المعتادة.

احمد الصراف

جنرال الدكتور هلال

توجد في أميركا وظيفة فدرالية خطرة تحت مسمى «الجراح العام»،The Surgeon General of the United States إن صحت التسمية، وهو المعني بوضع السياسات الصحية والاهتمام بالصحة العامة وبكونه المتحدث الرسمي نيابة عن الحكومة الفدرالية، والمسؤول الأول عن إصدار التحذيرات عن الأوبئة والأمراض الخطرة والتحذير مما يؤثر في الصحة العامة. ويتم اختياره، اختيارها، من قبل الرئيس الأميركي مباشرة ويصدق الكونغرس على تعيينه لفترة أربع سنوات، وعادة ما يكون طبيبا برتبة جنرال في الجيش، ولكنه مسؤول أمام نائب وزير الصحة. وكمثال على صلاحياته وقوة منصبه نجاحه في إجبار شركات التبغ على تدوين التحذيرات المهمة الموجودة على علب السجائر وبعض المشروبات الروحية. وقد خلق الكونغرس الوظيفة أصلا في عام 1870 للاهتمام بصحة البحرية.
أذكر ذلك بمناسبة تصريحين صحفيين مهمين صدرا قبل أيام عن وزارة الصحة، الأول على لسان الوكيل المساعد لشؤون الصحة العامة، د. يوسف النصف، والذي قرع فيه أجراس الخطر من تزايد الإصابة بالأمراض المزمنة بسبب زيادة استهلاك الوجبات السريعة، واتباع %81 لنظام غذائي خطأ، وتضاعف أعداد المدخنين وارتفاع معدلات السمنة، ومؤشرات كثيرة خطرة أخرى. وجاء التحذير الثاني على لسان د. عمر السيد عمر، الوكيل المساعد لشؤون الأدوية والتجهيزات الطبية، والذي حذر فيه من تعاطي المستحضرات العشبية الخاصة بتخفيض الوزن التي تستورد من الدول الشرقية (ربما يقصد دول شرق آسيا)، حيث كشف الوكيل أن تلك المستحضرات مغشوشة وغير مرخصة وليست عشبية بل تضاف لها مواد كيماوية ضارة بالقلب لاحتوائها على مادة sibutramine التي صدر قرار وزاري يحدد آلية استخداماتها.
حسب علمي، ربما تكون هذه أول مرة يصدر فيها مثل هذا التحذيرات الخطرة من مكتب وكيل الأدوية، ولكني على ثقة بأن لا أحد من المعنيين بالأمر سمعوا عن التحذيرين، أو استوعبوا معانيهما، لأننا تاريخيا لم يكن لدينا ناطق رسمي معروف يهتم العامة بتحذيراته ويعملون بموجبها، فالمجال مفتوح حاليا للجميع. وعليه مطلوب من الوزير الخلاق، د. هلال الساير، العمل على خلق وظيفة «السيرجن جنرال»، والتي من الأفضل أن يتولاها أحد الوكيلين المعنيين أكثر بالصحة العامة، وإعطاء تصريحاته ما تستحق من أهمية من خلال نشرها بشكل واسع في المدارس والمعاهد والجامعات، وبثها تلفزيونيا بصورة متكررة في أوقات الذروة ضمن وسائل الإعلام المرئية لكي تعم الفائدة على الجميع ولا تقتصر المعرفة على بعض قراء الصحف، وأكثرنا لا يكترث أصلا!!

أحمد الصراف