أقام الباحث والفلكي عادل السعدون معرضا لمقتنياته الشخصية من الخرائط النادرة. وقد دفعه لإقامة المعرض ما حاول نظام صدام ــ قبل غزو الكويت واحتلالها وبعد تحريرها ــ ترويجه عن تبعية الكويت للعراق. وقد سبقت إقامة هذا المعرض جهود كثيرة أخرى صبت في المسار والهدف نفسيهما.
تضمن المعرض 72 خريطة من وضع رحالة ومكتشفين ورسامي خرائط برتغاليين وأميركيين وهولنديين وإنكليز وفرنسيين، وربما غيرهم. وتبين من غالبيتها العظمى أن الجزيرة العربية، بما فيها الكويت، كانت دائما كيانا منفصلا عن العراق والأجزاء الشمالية. وأن الكويت لم تكن يوما تابعة إداريا أو عسكريا للعثمانيين، كما كان حال العراق لفترة طويلة.
كما بين الكثير من تلك الخرائط ــ من كلوديوس بطليموس (168 بعد الميلاد) وحتى خريطة الموسوعة البريطانية الموضوعة، إصدار سنة 1940، مرورا بخرائط من عدة أطالس ومراجع جادة ــ أن اسم الخليج كان دائما «الخليج الفارسي»!
نكتب ذلك، ربما للمرة العاشرة، ليس فقط دفاعا عما نؤمن به من حقائق التاريخ بل وكذلك دفاعا عن مصداقيتنا كخليجيين عرب. فعندما نتساهل في مثل هذه القضايا والمسائل وننسب لأنفسنا أشياء تخص غيرنا فإننا نعطي هذا الغير بالذات الحق في أن ينسب لنفسه ما يشاء على حسابنا. فالجزر الإماراتية الثلاث التي تسيطر عليها إيران عسكريا منذ 20 سنة تقريبا، وترفض التفاوض بشأنها، هي محل نزاع بين الدولتين. ونميل نحن للاعتقاد بأن للإمارات حقا فيها، وليس هناك غير الجهات الدولية للحكم في صحة تبعيتها، وهذا ما ترفضه إيران وما يضعف موقفها. ولكن إصرارنا على تسمية الخليج الذي يفصل بيننا وبين إيران بما نشتهي من أسماء لا يساعدنا منطقيا وسياسيا في مطالبنا بحق دولة الإمارات العربية في الجزر الثلاث!
كما هو متوقع فإن المعرض لم يحضره الكثيرون بسبب طبيعته المتخصصة، ولكن هذا لا يقلل من أهميته، ويا حبذا لو تبنى الأستاذ خالد الجار الله، الدبلوماسي المخضرم، ووكيل وزارة الخارجية، مسؤولية عرض بعض تلك الخرائط في عدة سفارات عربية وأجنبية والطلب من السفارات دعوة الصحافة والمهتمين للاطلاع عليها.
الطريف في موضوع المعرض أن سيدة قامت بالاتصال بالأخ عادل السعدون لسؤاله عن المعرض، وقد سره الاتصال، وأجاب في البداية بكل جدية عن أسئلة المتصلة إلى أن فاجأته بالسؤال عن نوعية «بوفيه الطعام» المقدم في المعرض، هنا أغلق السماعة وذهب الى بيته وهو يهز رأسه أسفا!
أحمد الصراف
[email protected]