سعيد محمد سعيد

الدفاع المدني… المتهم بالتقصير دائماً

 

أسرع وصف يمكن قوله عن عمل رجال الدفاع المدني أنهم: «يأتون بعد إخماد الحريق… لا يتقنون التصرف لإنقاذ حياة إنسان معرض للخطر… تنقصهم المهارات والكفاءة»، وربما غيرها الكثير من الأقاويل التي تلوكها الألسن… وأتذكر أنه منذ بداية عملي في الصحافة ابتداءً من العام 1988، وجدت أن الانتقادات – صحت أو لم تصح – أكثر بكثير من التقدير الحقيقي، ولا تقارن بالاستحسان وتقدير دور رجال الدفاع المدني الذين يخاطرون بحياتهم للقيام بواجبهم الإنساني، وفي هذا ظلم كبير لا يقبله منصف.

ظاهرة الانتقاد والنظرة السلبية هي من أكثر الظواهر انتشاراً في المجتمع البحريني، فهناك على ما يبدو فئة كبيرة من المواطنين والمقيمين لا ترى أعينهم إلا الجوانب السلبية والعيوب فقط، وفي شأن دور رجال الدفاع المدني، فإنني استطيع القول انهم من أكثر الأجهزة الأمنية قرباً إلى قلوب الناس تقديراً واحتراماً شئنا أم أبينا… كثرت الاتهامات أم قلت، ويدرك هذه الحقيقة، حفظ الله الجميع، من تعرض لحريق أو أي كارثة من الكوارث ووجد رجال الدفاع المدني يبذلون قصارى جهدهم لمساعدته بدافع إنساني، قبل دافع الوظيفة.

لكن، لا بأس من القول ان هذه النظرة السلبية بدأت تتناقص شيئاً فشيئاً، وخصوصاً مع ارتفاع معدل الحوادث وكثرة البلاغات، وتيقن الكثير من المواطنين والمقيمين أن رجال الدفاع المدني يتمتعون بقدر كبير من الخبرة والدراية والقدرة على إنقاذ حياة الناس، وليس الأمر محصوراً في (فتح سيارة مغلقة على مفاتيحها)، أو التعامل مع البلاغات مهما كانت بسيطة باهتمام كبير، بل يمكننا أن نتصور الدور الذي يقوم بها رجال الدفاع المدني في الاستجابة لكمٍ هائل من البلاغات فاقت في العام الماضي 2009 على سبيل المثال، أكثر من 8 آلاف بلاغ من بينها 2764 بلاغ حريق، ناهيك عن بلاغات الإنقاذ والمساعدة التي بلغت 4369 بلاغاً في العام ذاته.

عصر الخميس الماضي، كانت مجموعة من أهالي قرية عالي تعمل بنشاط لمساعدة رجال الدفاع المدني لمحاصرة الحريق الذي اندلع بعمارة سكنية، وعلى رغم أن المخزن الذي اشتعل فيه الحريق ابتداءً يحوي كميات من الأخشاب والمواد البلاستيكية السريعة الاشتعال، إلا أن الأسلوب الاحترافي لرجال الدفاع المدني، جعلهم يسيطرون على الحريق ويمنعون انتشاره في وقت قياسي… فهل من المعقول أن نغض الطرف عن هذا الجهد، ونقول بأنهم لا يتقنون القيام بعملهم؟

كبر حجم البلاغات والحوادث التي تشهدها الكثير من المرافق والمنازل والمنشآت في البلاد على اختلافها يكشف بأن هناك قلة وعي وإهمال وافتقار لاشتراطات السلامة، وهذه لا يمكن القضاء عليها بإلقاء الاتهامات بالتقصير على رجال الدفاع المدني، وعلى الأقل، من باب الإنصاف، أن نتوجه بالشكر لهؤلاء الرجال الذين يعرضون أنفسهم للخطر لمساعدة المحتاجين، وإن كان هناك تقصير ما، فلا يمكن أن يحجب حقيقة أن جهاز الدفاع المدني ورجاله يعملون بإخلاص لمساعدتنا جميعاً… حفظ الله الجميع من شرور الكوارث.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *