محمد الوشيحي

أبوك زمن


كما نفعل نحن مع قطعة الخبز الملقاة على الأرض، يفعل الكوريون مع الأموال والمشاريع الملقاة على الأرض، يقبّلونها وجه وقفا ويضعونها على الرصيف، كي لا تدهسها أقدام المارة. لكن الكوريين يحترمون ويقدسون عادات غيرهم، لذلك قدسوا عادات الكويتيين، فعندما فازوا بعقد مناقصة ضخمة في وزارة الكهرباء تعاملوا معها بطريقتنا وعاداتنا وتقاليدنا، فرفعوا العقد على نور اللمبة بحثاً عن ثغرة ينفذون من خلالها ويتسللون، وخفّضوا الكميات، وتلاعبوا بالمواد، ولبّسونا العمائم. ومن عرف لغة قوم أمِنَ مكرهم. ونحن قوم يتحدثون بلغة السرقة، بشرط أن يكون السارق قريباً من أصحاب القرار، كي يأمن لهيب النار، ويدافع عنه «العقلاء» والشطار.

وفي هذا الزمن المجهول الأبوين، زمن المؤرخ محمد الجويهل (قد أتحدث لاحقاً عن اتصاله بي وما دار من حديث بيننا، عندما تكرّم ومنحني شرف المواطنة، ومنح أسرتي شرف الانتماء الحقيقي إلى الكويت، وكنت قبلها أشك في كويتيتي وأراقب تصرفاتها وأتفقد هاتفها النقال، لكن رحمة ربك أسعفتني بالجويهل الذي طمأنني، يا ما أنت كريم يا رب. حينها سمع مني كلمات لا يمكن أن تغنيها أم كلثوم، ولا غيرها، وأظنه لن يهاتفني مرة أخرى)، في زمن هذا الجويهل، وزمن «العقلاء»، وزمن كتّاب التحكحك الباحثين عن مناصب وزارية عبر ضرب المعارضة، وزمن الصحف والفضائيات الباحثة عن «الرينج روفر» و»البي أم دبليو» والعقود، باستثناء فضائية الراي، التي نعتبرها شباك سجن تتسلل إلينا منه شوية أشعة شمس انحرفت عن بقية القطيع، إضافة إلى مَن رحم ربي من الصحف والكتّاب… أقول، في زمن بارد كهذا، من لا يسرق ويرتشي ويرشو عليه أن يغادر البلد فوراً، أو «في لحظة التو» كما كتب أحد القراء في رسالته إليّ.

في زمن كهذا، كئيب كالمسلسلات الكويتية، تعرض الحكومة مشاريعها، سواء «استاد كرة قدم»، أو «محطة ضخ» أو «خطوط سريعة»، أو غيرها، فيتنافس المتنافسون، فتفوز شركة اعتادت الفوز، واعتادت حرق الأسعار، ليبدأ اللعب بـ»الأوامر التغييرية». والأوامر التغييرية تشبه حليب الأطفال «سيريلاك»، يجعل طفلك ينمو وينمو وينمو. وقد تلتبس الصورة على الناس فيظنون أن كل التجار لصوص، وكلهم استحواذيون، وكلهم قريبون من الباشا، وهذا غير صحيح، واسألوا أنفسكم عن شيخان الفارسي، مثلاً، الذي يرفع أسفل ثوبه عن مشاريع الـ»هكّا هكّا» التي انتشرت في عهد حكوماتنا الأخيرة، وفي الوقت نفسه تجده أحد أكبر المتبرعين بصمت. وغيره كثر، نعدّهم على أصابع اليد المبتورة.

وأقول لوزير الكهرباء، الدكتور بدر الشريعان، شكراً على إحالة الكوريين إلى لجنة تحقيق، وتأكد أننا معك نتابع التحقيق، ونأمل أن تضع أصابعك في أعينهم الضيقة، وأن لا تتم طمطمة الموضوع بالاستعانة بأحد النواب «العقلاء».

وكانت الرشوة مقصورة على بعض المقيمين من غير الكويتيين، ومع انتشار الفساد انضم إليهم بعض صغار الموظفين الكويتيين، ثم جاء هذا الزمن، زمن المؤرخ، فانضم الكبار، وها هو أحد الأطباء الكويتيين في مستشفى الرازي يبتز المرضى بكل ثقة، ويجبرهم على شراء المستلزمات الطبية من صيدلية محددة، فتذمّر الناس، ولا من حسيب ولا رقيب… العب يا دكتور بنا لعب البرازيل بالكرة، فأنت ونحن نعلم أننا في «زمن مجهول الأبوين». أبوك زمن. 

سامي النصف

كلام بارد في قضية ساخنة

ما ان تطرح قضية في الكويت حتى تبدأ عملية التعصب وتغييب العقل والحكمة الواجبة، واستبدالها بعمليات التخندق والتطرف الضار بالآراء حول ما يطرح، ومن ذلك ما شهدناه ونشهده من توجهات حادة توافق على الخصخصة بالمطلق وتضرب المثل بما حدث في الصين وأوروبا الشرقية وبريطانيا دون ان تذكر أننا لا نقارن التفاح بالتفاح وان هناك فروقات ضخمة بيننا وبينهم فيما يخص نسب العمالة الوطنية في قطاعاتهم الخاصة.

بالمقابل وجدنا ان تطرف المعسكر المضاد يظهره اما الرفض المطلق للخصخصة عبر سلفية دستورية ترجعنا الى ما قاله هذا الخبير الدستوري المنتمي لبلد اشتراكي عام 62، وتطلب منا الالتزام برأيه حتى لو خالف متطلبات العصر الحديث، أو بالمقابل وضع شروط تعجيز وإذعان كفيلة بتطفيش المستثمرين وتجعل مشروع الخصخصة أقرب لنادرة زواج جحا من بنت السلطان، أي نسيان سؤال القطاع الخاص: هل ينوي حقا شراء مشاريع محملة بكل هذه الشروط؟

والسهم الذهبي الحكومي قضية تستحق التوقف عندها، فالهدف من الخصخصة بالاساس هو الهرب من القرار الحكومي المقيد بالضغوط الشعبية والنيابية والاعلامية، والسؤال المستحق: ماذا لو ان القطاع الذي تمت خصخصته بدأ بالخسارة التي تضطر المالكين لتقليل اعداد العمالة الوطنية العاملة لديهم، فهل ستستخدم الحكومة سهمها الذهبي لإيقاف ذلك القرار غير الشعبوي حتى لو غرق المحمل بما حمل؟! للمعلومة بعض تجارب الخصخصة والتحول للقطاعات المشتركة قامت بالعكس تماما، حيث أعطت ذلك السهم الذهبي لملاك الاقلية من القطاع الخاص لمنع تدخل القرار السياسي الحكومي في المتطلبات الاقتصادية الملحة.

ولم تعالج تشريعات الخصخصة كيفية خلق اداة تربط وتترجم الدعم الحكومي للقطاع الخاص المتمثل بألف شكل وشكل بغرض فتح الباب لتشغيل الكويتيين في تلك القطاعات المدعومة، كما يمكن التشكيك في صحة مقولة ان خلق شركات حكومية جديدة للمشروعات القادمة وطرح أسهمها للاكتتاب العام هو احدى وسائل التوظيف المستقبلية وتوزيع الثروة، متناسين ان الاغلبية المطلقة من تلك الشركات ستنشأ لأهداف محددة قصيرة المدة (انشاء مستشفيات ومدن عمالية.. إلخ) ولا أحد يتحدث عن: من أين ستأتي الايرادات لدفع الرواتب وتوزيع الارباح بعد الانتهاء من تلك المشاريع المرتبطة بمدد زمنية وعما سيحدث لشركات القطاع الخاص القائمة هذه الايام التي تزاول نفس الاعمال في سوق شديد الصغر كالكويت خاصة في حال انخفاض ايرادات النفط؟

آخر محطة:

(1) ما نشرته «الأنباء» في عدد أمس من إلغاء مهرجان للجالية السريلانكية الكريمة لا من قبل رجال الأمن المخولين بذلك، بل من جماعة جعلت من نفسها دولة داخل دولة، أمر يضر بهيبة الدولة وينذر بالخطر الشديد، فإما ان ذلك الحفل كان مخالفا والواجب على المعترضين ان يتوجهوا لأقرب مخفر لمنعه، أو ان يكون الحفل مسموحا به وكان الواجب ألا يراقب رجال الأمن من يتدخل في عملهم كما تظهر الصور، بل كان عليهم قيادتهم بعيدا وتسجيل قضية بحقهم.

(2) سؤال بسيط: لو كان ذلك الحفل يحضره 5 آلاف من الجالية الاميركية الكريمة هل كان يجرؤ احد من هؤلاء على الاقتراب من أسواره الخارجية؟! أم أن القضية مرتبطة باستضعاف ظالم وخارج ع‍لى القانون لجالية آسيوية يسوم أمثال هؤلاء رعاياها العذاب والضرب وحتى القتل ضمن نظرية الأسياد والعبيد (ارجع للمقال المؤثر «سبع سنوات يا بلاش» للزميل حمد نايف العنزي المنشور في جريدة «الجريدة» الصادرة أمس).

(3) والتسيب يدعو للتسيب وقضية خطيرة أوردها الزميل أمير زكي ونشرتها «الأنباء» في عدد أمس حول اختطاف 4 مجهولين لضابط في الجيش، والتساؤل: كيف تجرأ هؤلاء على ذلك الفعل الاجرامي الكبير أيا كانت مسبباته؟ وهل يجوز أن تسجل القضية كما نشر بـ «دهس واصطدام وهرب» وكأنها حادث مروري عادي لا عملية «اختطاف» لضابط في الجيش في رابعة النهار؟!

احمد الصراف

ميانة فؤاد الرفاعي الدينية

يقول المثل الشعبي المصري: «إللي عنده قرش محيره.. يشتري حمام ويطيره!».
* * *
يقوم السيد فؤاد الرفاعي، بنشر اعلانات صحفية وتوزيع مطويات مكلفة بين اليوم والآخر، ولو قام أي طرف بحساب تكاليف طباعتها وتوزيعها ونشرها لوصل إلى رقم يكفي لسد جوع مئات الأسر سنويا، ولكن ماذا نقول والرجل حر التصرف في قروشه! وضمن أنشطته «المتعددة» قام السيد فؤاد أخيراً بتركيب لوحة حديدية على ارتفاع شاهق فوق سطح بيته الواقع على طريق الفحيحيل السريع، مقابل مستشفى هادي، وعلى الرغم من خطورة سقوط أي من اللافتات العديدة التي تملأ جوانب وأسطح ذلك المبنى على رؤوس المسلمين، اضافة إلى مخالفتها لانظمة الإعلان والبناء، فإن أي جهة حكومية لم تتحرك لإزالتها، أو على الأقل الطلب منه تقليل علوها غير القانوني فوق بيت سكن، وربما يفسر تصرف السيد الرفاعي بكونه نوعا من «الميانة» على تلك الأجهزة، أو من هم أعلى منها!
ولكن ما لا يمون عليه السيد الرفاعي هو حقوق الآخرين وخصوصياتهم، ففي إعلان مدفوع الثمن غطى ثلاثة أرباع الصفحة الأخيرة من جريدة الوطن(الاثنين 4/19) والذي جاء على شكل رسالة تأييد وتثبيت وشكر موجهة «لفضيلة الشيخ سيد فؤاد الرفاعي»، من 1026 شاباً، والاحتمال الأقوى أنه هو الذي كتب الرسالة وأطلق فيها على نفسه لقب «فضيلة الشيخ»، اكتشف صديق أن اسم ابنته البالغة من العمر 13 قد ورد فيها، وحيث انه صاحب اسم مميز ولا يحمله أي كويتي آخر، ولان اسم عائلته لا تشاركه فيه عائلة أخرى، واسم ابنته مميز أيضاً، فإن من الاستحالة ان تكون هناك من تحمل الاسم الثلاثي نفسه لابنته، ليس في الكويت بل وفي العالم، وبالتالي فإعلان الشكر برمته يشكو من شبهة تلفيق واضحة، خصوصاً ان لا هو ولا أهله ينتمون لفهم ومنهج السيد الرفاعي، وهنا نتمنى ان نسمع منه أو من يمثل جنابه عن الكيفية التي وصل له شكر الفتاة وتأييدها لنهجه، وعلى أي أساس ضمن اسمها كشفه «المشبوه»، وهل حدث ذلك بـ«الميانة الدينية»؟ وهل في الكشف أسماء أخرى ملفقة؟
* * *
ملاحظة: حرصا على خصوصيات الآخرين نمتنع عن نشر الاسم، ولكننا على استعداد للتصريح به ان انكر أحد صحة ما ورد في هذا المقال.

أحمد الصراف