لعلم من لم يعلم فقد كانت الكويت، ولقرون، فقيرة يعاني أهلها شظف العيش وقسوة الحياة وقلة في كل مورد وزيادة في الأمراض واتساعا في الأمية، وعلى الرغم من عمري القصير نسبيا، مقارنة بعمر الدول والأمم، فانني «لحقت» أو شاهدت الكثير من قسوة العيش تلك، خصوصا في أوقات الفيضانات والحر الشديد والعواصف الرملية المخربة وحتى القحط. وأثناء تلك السنوات كانت دول كثيرة مثل الهند (باكستان) وإيران والعراق تنعم بالكثير من الخير وصفاء العيش والخاطر مع توافر مختلف الموارد والخيرات لديهم، ومع هذا لم يتذكرنا أحد منهم ويرسل لنا ما يقيم أودنا أو يبعد عنا شر الأوبئة وأخطار المجاعة.
وبناء على قاعدة أن ما يحتاجه البيت يحرم على المسجد، فإن كل الأموال التي جمعت في نصف القرن الماضي، سواء في صورة خمس أو زكاة وأرسلت الى خارج الكويت لصرفها على حوزات علمية أو بناء مساجد أو حفر آبار وتجييش دعاة، ما كان يجب أن تخرج قبل أن تنتهي حاجة أهل البيت، أو الكويت، ومن فيها.
ومن هذا المنطلق كتبنا قبل أيام نؤيد فكرة آية الله الكويتي، الشيخ علي الصالح، المتعلقة بسعيه لإبقاء أموال الخمس داخل الكويت وصرفها على حاجات الناس بدلا من إرسالها للخارج الذي يبدو أنه في غنى عنها. فكيف نرسل أموالنا لخارج الكويت وهناك عشرات الآلاف الذين هم بأمس الحاجة اليها، ومن يقول ان مستوصفا في قرية في باكستان أو جنوب لبنان أو في أي مكان في العالم أكثر أهمية من مستوصف في الصليبية مثلا التي تفتقد كل خدمة؟. ولماذا نهتم بإرسال مئات ملايين الدولارات لمساعدة فقراء الهند وأندونيسيا وبنغلادش، بينما يعيش عشرات الآلاف منهم في الكويت في أسوأ الظروف، وبشهادة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل؟ الذي صرح للصحافة قبل أيام أن الوزارة رفعت الحد الأدنى للأجور ليصبح 60 دينارا، وأن هناك من العمال من يتقاضى 18 دينارا فقط في الشهر، هذا غير عشرات آلاف «البدون» الذين يعيش غالبيتهم في ظروف بائسة حقا وهم بأمس الحاجة للمساعدة، فكيف يحرم عليهم ويحل لفقراء أفريقيا وآسيا؟
لقد سبق أن شكلت «الشؤون» لجنة دائمة لتوطين العمل الخيري، ولكن لارتباط مصالح الكثيرين داخل الكويت، ومن مسؤولي الجمعيات، بإرسال الأموال للخارج، حيث لا رقابة على طريقة الصرف، فقد حوربت اللجنة ولم تستطع فعل شيء. وقد أصدر الوزير الكبير العفاسي قرارا بإعادة تشكيلها، ولكن من المتوقع أن يجد التشكيل الجديد مصير سابقه نفسه بفضل جهود أصحاب المصالح الكبيرة في أموال الجمعيات!
***
ملاحظة: صرح آية الله كاظم صديقي في خطبة الجمعة الماضية في طهران ان السبب وراء تزايد حدوث الزلازل في العالم يعود لتزايد العلاقات الجنسية غير المشروعة. وان الكوارث الطبيعية هي نتيجة سلوكنا، وان الكثير من النساء اللواتي لا يرتدين ملابسهن كما يجب يفسدن الشباب!! ربما نسي مولانا أن آخر زلزال كبير ضرب إيران حدث في منطقة قروية نائية لا مجال فيها لما ذكره من أسباب.
أحمد الصراف