قانون الخصخصة الذي أقر في مداولته الأولى في الأيام الماضية هو قضية المرحلة في الكويت، ولا أعتقد إطلاقا أن الأمور ستهدأ بالانتهاء من الإقرار في المداولة الأولى، بل قد تتسبب هذه الخصخصة بأزمات وسهام متطايرة من كل جانب.
لم يتسن لي حتى لحظة كتابة هذا المقال أن أحصل على نسخة متكاملة للقانون المقر، وأنا على يقين بأن الحديث سيطول حول هذا القانون ونصوصه بعد حين، ولكن الحديث عن خصخصة قطاعات الدولة ليس بالحل الجديد للبعض، ولكنه غريب بالنسبة لمضامينه كما أراها أنا.
فتخصيص القطاع العام كله أو جزء كبير منه يعني أن القطاع العام فاشل في الإدارة، وعليه فيجب أن يستبدل بقطاع خاص يتمكن من إصلاح مكامن الخلل والفساد المتفشي بالقطاع العام، ولكي نترجم هذا الكلام إلى لغة أبسط فإن هذا يعني أن الحكومة، وهي المهيمنة على القطاع العام، فاسدة وفاشلة وغير قادرة على الإدارة.
وهذا ما يعني أيضا أن الحكومة الموقرة، وبتصويتها في المداولة الأولى على قانون الخصخصة، كانت أول المؤيدين لفشلها وعدم قدرتها على إدارة الدولة، مما يجعلها تحتاج إلى إدارة خارج نطاقاتها للتمكن من إنقاذ الوضع، والطريف حقا هو أن الدولة فرحة جداً بما يسمى السهم الذهبي الذي تمتلكه في مسألة التخصيص مما يجعلنا نعود إلى نقطة البداية، فالحكومة فاشلة في الإدارة وفي الوقت ذاته تريد أن تتسلم زمام مسألة الخصخصة، وهو ما يعني الفشل مجدداً بكل تأكيد.
المصيبة حقاً، هي أن من صوّت في هذا الاتجاه من النواب وعددهم عشرون نائباً، لم يعوا، أو بالأصح تجاهلوا، نقطة فشل الحكومة وباركوا تصويتها مع أن تأييدهم لهذا القرار يؤكد الفشل الحكومي العام، ويجب أن يعلنوا عدم التعاون مع الحكومة الفاشلة في إدارة القطاع العام.
نأتي إلى الصوت النيابي المعارض للخصخصة وتخوفه الرئيس كما قرأت من تفاصيل الجلسة ينقسم إلى شقين: الأول، هو أن تخصص ثرواتنا الطبيعية والصحة والتعليم، مما يجعلها عرضة للنهب المنظم من بعض أصحاب النفوذ الاقتصادي، وهو حجة رفض معقولة ومقبولة في رأييّ. أما الحجة الثانية، فهي الخوف على البسطاء من أن تقطع أرزاقهم في حال الخصخصة، وهو أيضا ما يعني اعتراف ضمني بأن كل الموظفين من الكويتيين ليسوا أكفاء، ويستحقون البقاء في مناصبهم، ومتى ما طُبّقت الخصخصة، فإن الكثير سيخسرون وظائفهم لعدم أهليتهم، فمن المستحيل أن يتم الاستغناء عن المنتجين من الموظفين مهما كانت دكتاتورية القطاع الخاص، فمن يحقق الفوائد والإنتاج المتميز من المستحيل أن يتم الاستغناء عنه، فالإنتاج يعني الأرباح، وهو هدف القطاع الخاص.
إذن فالمحصلة هي اعتراف المجلس والحكومة بأن الحكومة فاشلة في الإدارة، وأن الشعب الكويتي أو جزء كبير منه غير منتج وعالة على الأعمال، وهو ما يعني أن الخصخصة والتأميم ليسا هما الحل، بل بناء مجتمع مؤهل قادر على استحضار ماضينا القريب الذي كان الكل فيه يبني ويعمّر وينتج من أجل هذا البلد، وهذا خير من ألف قانون تنمية وقانون إصلاح سياسي.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة