علي محمود خاجه

اثنيناتكم تفشلون

قانون الخصخصة الذي أقر في مداولته الأولى في الأيام الماضية هو قضية المرحلة في الكويت، ولا أعتقد إطلاقا أن الأمور ستهدأ بالانتهاء من الإقرار في المداولة الأولى، بل قد تتسبب هذه الخصخصة بأزمات وسهام متطايرة من كل جانب.

لم يتسن لي حتى لحظة كتابة هذا المقال أن أحصل على نسخة متكاملة للقانون المقر، وأنا على يقين بأن الحديث سيطول حول هذا القانون ونصوصه بعد حين، ولكن الحديث عن خصخصة قطاعات الدولة ليس بالحل الجديد للبعض، ولكنه غريب بالنسبة لمضامينه كما أراها أنا.

فتخصيص القطاع العام كله أو جزء كبير منه يعني أن القطاع العام فاشل في الإدارة، وعليه فيجب أن يستبدل بقطاع خاص يتمكن من إصلاح مكامن الخلل والفساد المتفشي بالقطاع العام، ولكي نترجم هذا الكلام إلى لغة أبسط فإن هذا يعني أن الحكومة، وهي المهيمنة على القطاع العام، فاسدة وفاشلة وغير قادرة على الإدارة.

وهذا ما يعني أيضا أن الحكومة الموقرة، وبتصويتها في المداولة الأولى على قانون الخصخصة، كانت أول المؤيدين لفشلها وعدم قدرتها على إدارة الدولة، مما يجعلها تحتاج إلى إدارة خارج نطاقاتها للتمكن من إنقاذ الوضع، والطريف حقا هو أن الدولة فرحة جداً بما يسمى السهم الذهبي الذي تمتلكه في مسألة التخصيص مما يجعلنا نعود إلى نقطة البداية، فالحكومة فاشلة في الإدارة وفي الوقت ذاته تريد أن تتسلم زمام مسألة الخصخصة، وهو ما يعني الفشل مجدداً بكل تأكيد.

المصيبة حقاً، هي أن من صوّت في هذا الاتجاه من النواب وعددهم عشرون نائباً، لم يعوا، أو بالأصح تجاهلوا، نقطة فشل الحكومة وباركوا تصويتها مع أن تأييدهم لهذا القرار يؤكد الفشل الحكومي العام، ويجب أن يعلنوا عدم التعاون مع الحكومة الفاشلة في إدارة القطاع العام.

نأتي إلى الصوت النيابي المعارض للخصخصة وتخوفه الرئيس كما قرأت من تفاصيل الجلسة ينقسم إلى شقين: الأول، هو أن تخصص ثرواتنا الطبيعية والصحة والتعليم، مما يجعلها عرضة للنهب المنظم من بعض أصحاب النفوذ الاقتصادي، وهو حجة رفض معقولة ومقبولة في رأييّ. أما الحجة الثانية، فهي الخوف على البسطاء من أن تقطع أرزاقهم في حال الخصخصة، وهو أيضا ما يعني اعتراف ضمني بأن كل الموظفين من الكويتيين ليسوا أكفاء، ويستحقون البقاء في مناصبهم، ومتى ما طُبّقت الخصخصة، فإن الكثير سيخسرون وظائفهم لعدم أهليتهم، فمن المستحيل أن يتم الاستغناء عن المنتجين من الموظفين مهما كانت دكتاتورية القطاع الخاص، فمن يحقق الفوائد والإنتاج المتميز من المستحيل أن يتم الاستغناء عنه، فالإنتاج يعني الأرباح، وهو هدف القطاع الخاص.

إذن فالمحصلة هي اعتراف المجلس والحكومة بأن الحكومة فاشلة في الإدارة، وأن الشعب الكويتي أو جزء كبير منه غير منتج وعالة على الأعمال، وهو ما يعني أن الخصخصة والتأميم ليسا هما الحل، بل بناء مجتمع مؤهل قادر على استحضار ماضينا القريب الذي كان الكل فيه يبني ويعمّر وينتج من أجل هذا البلد، وهذا خير من ألف قانون تنمية وقانون إصلاح سياسي.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

الطيران والبركان والبهتان

يقول خبراء سلامة الطيران في العالم للطيارين على سبيل المزاح: ان من يبحث عن السلامة المطلقة عليه ألا يقلع بطائرته ويبقى في المقابل ببيته كي لا يتعرض للعواصف والغيوم البركانية والرعدية والمطبات الهوائية والأعطال الفنية وأخطاء الطيارين..إلخ.

كنا نعتقد أن خيار البقاء في البيت للحفاظ على السلامة هو مزحة حتى وافتنا الأنباء بتوقف عمليات الطيران في شمال أوروبا بدعوى الحرص على سلامة الركاب عن طريق إبقاء الطائرات على الأرض كي لا تصطدم بالسحب البركانية المحملة بالرماد والمعادن المذابة المضرة.

رغم مرور أكثر من مائة عام على بدء عمليات النقل الجوي ووجود آلاف البراكين المتفجرة بالعالم وقيام ملايين الرحلات خلال تلك المدة إلا أن مجموع الحالات التي تعرضت فيها الطائرات لإشكالات مع السحب المصاحبة لثورة البراكين لا يزيد على 80 حالة فقط لم يصب أو يقتل أحد بسببها رغم خطورتها كونها تسببت سابقا في إيقاف مؤقت لمحركات الطائرة البريطانية (عام 82 فوق إندونيسيا) والهولندية (عام 89 فوق الاسكا) وقد تم تشغيل المحركات والهبوط بسلام في كلتا الحالتين.

إن هناك ما يقارب 100 بركان ثائر في أيسلندا وحدها، وهناك كذلك مئات البراكين الساخنة في إندونيسيا وهاواي وغيرهما من أصقاع الأرض فهل سيتم إيقاف حركة الطيران دوليا عند كل انفجار بركاني؟!

ومعروف كذلك أن السحب البركانية لا يتوقف ضررها على المنطقة الجغرافية المحيطة بالبركان بل تنتقل تلك السحب الساخنة للاجواء العليا، ثم تنزل بعد ذلك على مناطق تبعد عشرات آلاف الأميال من مناطق البراكين فهل سيُمنع الطيران في العالم أجمع مع كل بركان يثور؟!

لقد سقطت قبل أشهر قليلة طائرة الإيرباص الفرنسية بسبب مضاعفات الدخول في غيوم رعدية معتادة وما نتج عنه كما يعتقد من تجمد أنابيب قياس السرعة وما تبعه من عدم قدرة الطيار على التحكم في سرعة الطائرة وتفككها وتحطمها ومقتل المئات من ركابها، وقبل ذلك تحطمت عشرات الطائرات بسبب عمليات التغيير المفاجئ في سرعة وتوجه الرياح عند الإقلاع والهبوط (WIND SHEAR) فهل ستغلق المطارات عند وجود غيوم رعدية أو تغيير في الهواء كونها تسببت في العديد من الحوادث في وقت لم تتسبب فيه غيوم البراكين في حادث واحد؟

آخر محطة:

مصائب قوم عند قوم فوائد، فانهيار أسعار أسهم شركات الطيران بسبب قرارات الإغلاق غير المتوقعة صاحبه ارتفاع وجني أرباح هائلة للعديد من القطاعات الأخرى، نرجو أن تكون رقابتهم على بورصتهم أفضل من الرقابة غير الموجودة على بورصتنا.

احمد الصراف

الإجرام في حق الأنوثة المسلمة

باستعراض التاريخ البشري في الألفي سنة الماضية، يمكن ملاحظة ان جميع المجتمعات البشرية تقريباً اضطهدت المرأة ومارست مختلف صنوف الظلم والتعسف ضدها، تارة باسم العادات والتقاليد و«تارات» باسم الدين. وقد تخلت كل المجاميع البشرية عن «ذكوريتها» وسعت جاهدة، خاصة في السنوات المائة الأخيرة، لمساواتها مع الرجل، وحدها المجموعة الإسلامية المباركة، باستثناء تونس وتركيا، وإلى حد ما لبنان، لم تكتف بالاستمرار في ممارسة شتى صنوف الاضطهاد والتعسف ضدها، بل وأصبح الظلم أكبر وأشد وطأة على الأنثى بشكل عام. فوضعها مثلاً في أفغانستان وإيران وباكستان (الهند سابقاً) ومصر، وحتى الجزيرة العربية، كان أفضل بكثير قبل نصف قرن منه الآن (!).
والمحزن ان العديد من الدول النفطية الإسلامية ترسل آلاف الدعاة وتطبع ملايين المنشورات وتصرف مليارات الدولارات لنصرة الدين وإعلاء شأنه، ثم تأتي حادثة واحدة ضد طفلة بريئة ترتكب باسم الدين، لكي تنسف جهود سنوات، المأساة ان لا أحد من المعنيين «شرعاً»، وفي أي مذهب، على استعداد للتصدي لهذه الظاهرة المؤسفة والمطالبة بوضع حد لها!
ففي إحدى محافظات اليمن «السعيد» أدخلت طفلة لا يتجاوز عمرها 11 عاماً، أي دون سن المراهقة، المستشفى بسبب تعرضها لتمزق خطير في جهازها التناسلي نتيجة اعتداء زوجها عليها. كما لقيت فتاة أخرى في الثالثة عشرة من العمر حتفها اثر اعتداء زوجها جنسياً عليها. وقد تطرق كثير من وسائل الإعلام الغربية إلى هاتين الحادثتين المؤسفتين بإسهاب كبير، وورد في إحداها ان الضحية الأولى قبل والدها «الفاضل» تزويجها قبل عام شريطة عدم دخول زوجها بها قبل بلوغها (يا لجمال التعبير)، غير ان الزوج لم يستطع الانتظار، كما هو متوقع، فتسبب عنفه الجنسي وجهله في وفاة الفتاة. والمرعب ان زيجات كثيرة مثل هذه تتم في مناطق إسلامية عدة مثل باكستان وموريتانيا وأفغانستان والدول الخليجية ومناطق طالبان وإيران، ولكن بسبب سوء أوضاع اليمن سياسياً واقتصادياً، فإن وسائل الإعلام الغربية ركزت عليها أكثر من غيرها في الفترة الأخيرة.
وتقول أمل باشا، رئيسة مؤتمر النساء العربيات، ان %50 من نساء اليمن يتزوجن قبل سن 18، وبعضهم يتم تزويجهن في سن الثامنة. وورد في وكالة أنباء الاسوشيتد برس ان زوج الفتاة اليمنية التي لقيت حتفها نتيجة قيامه (البالغ من العمر 23 عاماً) باغتصابها، موقوف على ذمة التحقيق! ولا أعتقد شخصياً انه سيتعرض للأذى، فالشرع اليماني يحميه، فهو لم يتصرف بغير حلاله!
* * *
• ملاحظة: يقيم الفلكي عادل السعدون اليوم معرضاً لمجموعته من الخرائط التاريخية، وأقدمها خريطة نادرة رسمها «بطليموس» سنة 100م وأعيدت طباعتها سنة 1482م. وللمعرض أهميته من ناحية تثبيت حقوق الكويت نحو جيرانها، وحسم الجدل حول بعض التسميات المتنازع عليها.
يقام المعرض في صالة أحمد العدواني، ضاحية عبدالله السالم، مركز الضاحية، ويستمر لأسبوع من 9 صباحاً وحتى 1 ظهراً ومن 5 إلى 7 مساء.

أحمد الصراف
[email protected]