من المهم، وهذه هي الحلقة الثالثة والأخيرة من سلسلة قصيرة دار مضمونها حول حوادث التصادم العنيف في الإجازة الأسبوعية التي شهدتها قرية عراد… أن أوجز الصورة الكلية لدحض الأقوال التي علقت شعار «النزاع الطائفي» على ما حدث هناك، في محاولة يائسة قام بها البعض في الخفاء لتضخيم وقائع صبيانية واعتبارها نواة احتراب طائفي أكبر ستشهده مدينة المحرق، وأكرر مجددا… لن يحدث ذلك… لماذا؟
وببساطة أجيب على التساؤل، وهو أن الحوادث التي شهدتها قرية عراد، سواء كانت تلك التي دارت رحاها في مواقف السيارات أو الساحة القريبة من قلعة عراد، أو بالقرب من الممشى والحديقة، أو في الشارع التجاري، أو ما اشتعل بين طلبة مدارس، هو أمر يحدث بين حين وآخر، بين شيعة وشيعة، وبين سنة وسنة… يحدث في الحي الواحد بين أبناء الحي الواحد، ويحدث بسبب خلاف بين جيران… يحدث بسبب تصفية حسابات وعداوات حتى بين شباب من ذات (الفريج)… يحدث بعد المباريات، ويحدث حتى في المناسبات الدينية أحيانا.
لذا، يصبح من المضحك أن تتحول (هوشة) في الحي بسبب سائق متهور إلى خلاف طائفي يهدد السلم الاجتماعي، ويصبح الموقف مضحكا بدرجة أكبر حين يتنازع اثنين من الشباب وتشترك مجموعة أخرى مع هذا الطرف وذاك حين يكون السبب الحقيقي هو خلاف بين اثنين فشلا في الإيقاع بفتيات في جولة معاكسات سخيفة بشارع تجاري، والأشد والأمرّ، أن يكون الخلاف بسبب سلوكيات شاذة (جنسيا) بين شباب وصغار لم يحسن ذويهم تربيتهم، ثم تأتي أطراف جاهزة ببيانات خفية في المواقع الإلكترونية أو مقالات صحافية أخطأت الاتجاه، لتستغل كل تلك التصرفات الطائشة كعنوان كبير لتحذير خطير من تناحر طائفي.
حين استخدمت عنوان: «عراد تدق ناقوس الخطر»، إنما أردت التنبيه إلى أن الخطر الأكبر هو استغلال الشجار والخلافات التي تحدث في كل مكان في العالم بين المراهقين والناشئة والشباب، وليس في المجتمع البحريني فحسب، لتصبح صورة مخيفة من الصراع الطائفي الذي يهدد استقرار المجتمع، في حين أن الأوجب هو أن يكون لأفراد المجتمع ومؤسساته، وعلى وجه الخصوص علماء الدين والخطباء، الدور الأول في معالجة القضايا الاجتماعية وتكثيف توعية الناس حيالها ورفع درجة التحذير منها.
نعم، الصورة ستصبح أكثر خطورة حينما يكبر الشعور بين الناس، بقناعة نهائية، أن أي مواجهة بين اثنين، خصوصا في المناطق المشتركة بين الطائفتين، وأيا كانت أسبابها، هي نتاج نار مذهبية طائفية، فلو اختلف سائقان على أولوية السير، أو اختلف ولي أمر طالب مع معلم ابنه، أو تشاجر زبون مع صاحب المخبز، فالسبب هو: «ازدياد الكراهية بين السنة والشيعة»! هكذا أراد البعض نقل أفعال (اللوفرية)، إلى تأجيج بغيض لم يقتصر على منتديات طائفية، بل وصل إلى رسائل الجوال، والكتابات على الجدران، وملصقات صفراء تصل حتى إلى دور العبادة.
مسك الختام، يوجزه عضو المجلس البلدي الأخ علي المقلة بقوله: «هناك مشكلات ومشادات تحدث من حين لآخر يمكن وصفها بالمستهدفة للسلم الاجتماعي وتسعى لتفكيكه لأغراض مبهمة، لكن الأهم أن يكون هناك حراك داخلي من كل المناطق لتلافي أي صدام طائفي وفئوي. فالمحرق تتمتع بنسيج اجتماعي قوي من السابق على رغم الظروف السياسية الصعبة التي مرت، وتوجد علاقات طيبة وأهلية من دون أية تفرقة، وليس من السهل النيل من هذه البنية التي تكونت بفعل رجالات ومساعٍ أهلية قديمة».
أما بالنسبة لأولياء الأمور فنقول: «انتبهوا لعيالكم… فهناك ممارسات لاأخلاقية سيئة خطيرة تنتشر بينهم، ولا يمكن تخبئتها تحت عنوان «الصراع الطائفي».