محمد الوشيحي

ليلى في العراق لا تتسوق الهبّاشون

العراقيون يقولون: المستقبل للعراق، وأنا أقول: أحلق ذراعي إذا استطاع أحد التمييز بين مستقبل العراق وماضيه. يقولون: مستقبله مشرق باسم، وأنا أقول: مستقبله مشرق كالفحم، وباسم كابتسامة الأرملة البائسة عندما يطرق بابها صاحب البناية ليستوفي الإيجارات المتأخرة. لن يفلح العراق، ولن يفلح بلد يتخانق أبناؤه على قماشته، وكل قماشة تتجاذبها الأيدي ستتمزق. واسألوا الكويتيين، واسألوا المصريين واللبنانيين.

والعراقيون عندهم أحمد الجلبي الذي «يستفيد» من أموال الاستثمارات ويفتتح بها صحيفة يهاجم بها الشرفاء، ويمزق الشعب. والعرب مثل القرطاس، والعراقيون أسوأ القراطيس، يسهل تمزيقهم وتفريقهم. والروائيون العالميون يزعمون أن «أشرس الناس وأكثرهم هوساً بالعراك والخناق هم شباب نابولي في إيطاليا، ومراهقو مكسيكو سيتي»، وعلي النعمة لو أن الروائيين هؤلاء سمعوا عن «نينوى» و»الأعظمية» و»الناصرية» لمزقوا رواياتهم، ولكتبوا: «الخناق في العراق لا يقتصر على الشباب والمراهقين، في العراق حتى النساء يسلّين أوقاتهن بالعراك… في العراق، الخناق، مثل التدخين، لتزجية الوقت».

واليوم كردستان رفعت علمها ولوحت بيدها الكريمة وحملت متاعها ورفعت قضية خلع، وغداً ستتبعها مدينة الرمادي، وبعد غد ستودّع الناصرية جيرانها… والمستقبل للعراق. أي مستقبل للمرضى يا عمنا؟ العراق مريض منذ ما قبل الحجاج إلى يوم يبعثون؟ حتى الأهبل بن الأهبل قيس بن الملوح يعترف: «يقولون ليلى في العراق مريضة، فيا ليتني كنت الطبيب المداويا»، هو لم يقل إن ليلى في العراق ترقص، أو تتسوق، أو تتمشى على ضفاف دجلة ببنطلون ضيق، أو ترسم «تاتو» على كتفها استعداداً للقاء حبيبها، بل قال «مريضة»، ليش؟ لأنها في العراق، والعراق ملوث بفعل غالبية ساسته وشعبه، بعيد عنك. ولأن قيس أهبل ولقبه المجنون فهو يتمنى لو أنه كان موجوداً بجانبها يداويها ويدغدغها وينغنغها، وأنا والله لو كنت مكانه لتركتها هناك بين المالكي والجلبي وأتباع الزرقاوي وأتباع الشاب الموهوب مقتدى الصدر وبقية الصحبة الصالحة، تتدبر أمرها.

«المستقبل للعراق»، يقول السياسيون ذلك وهم يهبشون الفلوس ويهبرون أموال النفط ويستثمرونها في الأردن ولبنان، لأنهم يعلمون أن الحديث عن مستقبل للعراق هو طق حنك، ليس إلا.

وخذوها مني ثم حاسبوني عليها: لن يستثمر أحد في العراق إلا حكومة الكويت. والكويت لن تنتظر أرباحاً من مشاريعها في العراق، لكنها تستثمر هناك وهي ترتجف كما يرتجف العصفور تحت ليل يناير البارد وأمطاره، وينتظر الشمس، ولن تشرق شمس من جهة العراق أيها العصفور، وليس أمامك إلا أن تتحول إلى نسر بمخالب كالسكاكين وجناحين عملاقين، أو على الأقل فلتكن عصفوراً بقلب نسر. 

حسن العيسى

كتب أم مخدرات؟

المواطنون الذين قدموا من منفذ العبدلي أدخلوا كتباً، لا لفائف مخدرات، كانت كلمات تستند إلى سطور لا "كراتين رد ليبل" تتباهى بضبطها العيون الساهرة على أمننا وديننا وعاداتنا وتقاليدنا، وتتسابق صحافتنا الغراء على نشر صورها.
أدخلوا ما يرونه متوافقاً مع فكرهم، منسجماً مع مذهبهم، كانت كتباً فيها "بركة" روحية كما يرونها، كما يفهمونها، وسواء اتفقت مع الحقيقة التاريخية أم لم تتفق، فهذا كلام للنقد والرأي الآخر ساحته "فكر التسامح" ورفض لمطلقات عمياء تردد: أنا وحدي… وأنا وعقيدتي وأنا ومذهبي وأنا وعرقي وأنا وقبيلتي وأنا وعائلتي… أنا وحدي من يملك الحقيقة المطلقة.
كانت كتباً بالتأكيد لفظها معرض الكتاب تحت ولاية فقهاء بني نفط، فأراد أصحابها أن يأتوا بها معهم لذواتهم وللتبرك بها وحدهم، مثلما يأتي غيرهم بفتاوى جواز قتل من يدعو إلى الاختلاط، وفتاوى رضاعة الكبير حتى يحل له مخالطة المرأة المرضعة في العمل… وغيرها من الفتاوى "المعلبة"، تاريخ إنتاجها القرن الواحد والعشرون، وتاريخ انتهاء صلاحيتها للوراء سر وعند العصر الحجري قف.
لم يكن هناك مبرر لأن يرفع النائب جمعان الحربش سيوف الغضب والوعد والوعيد على القضية… يكفي وأكثر من كاف… لدينا قانون المطبوعات والنشر، لدينا قانون المرئي والمسموع، لدينا قانون الجزاء، لدينا ملاك الجرائد ورؤساء التحرير، لدينا ذلك الوحش المخيف ربيتموه وارضعتموه في وعينا، واستقر متمدداً في اللاوعي اسمه "الرقيب الذاتي".
ولدينا قبل كل ذلك انتمممممممممممم وحكومتكم ومجلسكم وزواجركم ونواهيكم ووصاياكم وضوابطكممممممم… ولدينا للأسف كتّاب رأي يقولون لنا انسوا الحريات… خلونا بس في السرقات… انسوا حرية العباد وتمسكوا بقضايا الفساد… وكأن واحدة لا تكون إلا على حساب الأخرى… فإما… أو… وهذه خرافة العقل الأحادي، وهنا كارثة دعاة الحرية حين بصموا مع سدنة وأدعياء حراسة المال العام وتناسوا حرية الضمير… وصوروها كأنها… قضية كأس… واختلاط فقط… يا خسارة.

احمد الصراف

ماذا يقول هشام ..ولماذا يقوله؟

يقول «هشام»: لعدم ثقتي بتصريحات وزراء الكهرباء منذ التحرير وحتى اليوم، فقد قمت بتجهيز بيتي بمولّد كهرباء للطوارئ، وكان ذا فائدة لأكثر من مرة، ولعدم الثقة نفسه قمت بتجهيز برادات الشركة بمولد كهرباء احتياطي كبير، وقد أنقذ سمعتي وحفظ بضائعي من التلف بسبب استمرار حالات انقطاع الكهرباء عن المناطق الصناعية والتخزينية بالذات، وللسبب نفسه دعمت بدالات هواتف الشركة ببطاريات اضافية لكي تعمل عند انقطاع الكهرباء عنها، كما قمت بتوزيع عشرات الهواتف النقالة على موظفي الشركة لمواجهة انقطاع الخدمة الهاتفية، وما أكثر انقطاعها، كما زودت اجهزة الكمبيوتر ببطاريات دعم مماثلة، وقمت بتركيب انظمة سولار لتسخين المياه في البيت والشركة، كما قمت بتركيب شبابيك سقف sky lights في مكاتب الشركة لادخال اكبر كمية من النور عند انقطاع التيار الكهربائي، وللتخفيف من استهلاك الكهرباء قمت بوضع مكيفات مائية Desert cool في البيت والمكتب، كما قمت ببناء خزانات مياه جوفية لمواجهة انقطاع المياه المتوقع، وقمت بتركيب محطة تحلية مياه في الشاليه، اضافة لاكثر من مائة كرتون قناني مياه معدنية للطوارئ، تستبدل بصورة دائمة، وهكذا مع الكثير من الامور الاخرى، بحيث يقل اعتمادي على ما توفره الحكومة من خدمات، ناهيك انني لا اسافر على طائراتها ولم ارسل ايا من ابنائي لمدارسها، وكل ذلك لشكي في قدرة الحكومة على الاستجابة لاي طارئ يلم بنا من حيث لا ندري، وتجربة الغزو، التي لم نتعلم منها شيئا، خير دليل!
قد يكون هشام مبالغا في شكوكه، ولكن هل يلام في ضوء ما نراه من تردٍ يومي في الخدمات الحكومية وحركة المرور؟ فهو، وفق ما أخبرني، ينطلق في شكوكه من تجاربه في نصف القرن الماضي، حيث لاحظ انه كلما زاد عدد السكان تردت الخدمات اكثر، وهو يعتقد بالتالي ان شكوكه في ازدياد مع ما تسرب حتى الآن من ارقام عن خطة الوزير الشيخ احمد الفهد التي تهدف لصرف عشرات مليارات الدولارات على مشاريع تنموية ضخمة، والتي سبق ان تكلمت عنها كل الحكومات السابقة وطفح كيل مناقشتها وقتلت بحثا منذ 30 عاما، والآن وبعد كل هذا البيات او الموت الاداري، استيقظت الحكومة، على دقات طبول نائب رئيس الوزراء، وشدت حيلها ساعية لتعويض سنوات الضياع واللحاق بركب من سبقنا.
وهنا اعترف بأنني، كمستثمر ورجل اعمال، اميل ماديا على الاقل، لتأييد خطة الحكومة الرامية لخصخصة عدة انشطة وقطاعات حكومية وصرف المليارات على مشاريع التنمية، فحصتي من خراج هذه المشاريع والخصخصة ستصلني، وتفيض، ولسنوات طويلة قادمة، ولكنني والحق يقال متخوف من الكثير ،واشارك هشام شكوكه ان من ناحية المصير الذي سيواجه الكثير من المواطنين الذين سيفقدون اعمالهم نتيجة الخصخصة او من ناحية قدرة الجهاز الحكومي الاداري او البنية التحتية او اجهزة وزارات الاشغال والشؤون والتجارة والداخلية على مواجهة كل هذا الفيض من الأعمال الجديدة، وهي الغارقة حتى آذانها في لجة أوضاعها المهترئة! كما أنه ليس بإمكان شركات المقاولات الحالية، أو غالبيتها، استيعاب حجم الأعمال الانشائية والفنية القادمة، مما يعني الحاجة لاستيراد التقنية من الخارج والمدعومة بعشرات آلاف العمالة الاجنبية، وهذا سيساهم اكثر في الضغط على الخدمات المتعبة وفي زيادة خلخلة التركيبة السكانية وتفشي عدم الامان، وزيادة ارباح المتاجرين بالبشر.. وما أكثرهم!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

«عراد» تدق ناقوس الخطر (2)

 

من المبشر أن تبادر مجموعة من شخصيات ووجهاء ومشايخ قرية «عراد»، ممن يشهد لهم بالاعتدال والحرص على مصلحة البلد؛ لأن يضعوا ظاهرة النزاع الأسبوعي المتكرر حول قلعة عراد، دوحتها وشارعها التجاري، بين مجموعات من الصغار والشباب… موضع الاهتمام والمتابعة، إلا أن ذلك لا يجب أن يكون في منأى عن التواصل مع المؤسسات الأهلية وكذلك مع المؤسسة الأمنية.

والمهمة التي ستقع على كاهل تلك الشخصيات ليست هينة أبدا! فليس من السهل التحرك لتطويق صدام يقع في إجازة نهاية الأسبوع بين مجموعات من الشباب والمراهقين المستهترين وذوي الميول العدوانية وأفعال العصابات، وخصوصا أن هناك من يحاول صبغ ذلك النزاع بصبغة طائفية… وليست هذه الحقيقة.

حسب علمي المتواضع، ليس هناك دليل على أن حالة الصدام المؤسفة بين الشباب منبعها طائفي… أي أن تتصادم مجموعات شيعية ضد مجموعات سنية انطلاقا من خلافات مذهبية… ذلك ليس صحيحا إطلاقا، والصحيح، هو أن هناك حالة متنامية وخطيرة لتفريغ الرغبات العدوانية في إثارة المشاكل والشجار كبرنامج «تسلية» اعتاد عليه عدد من «اللوفرية»، لكن بعضها لا يخلو من «تصفية حسابات» أو انتقام لخلافات بين اثنين سواء حدثت في المدرسة أو في المعهد أو حتى في منطقة السكن، فيجمع كل طرف منهما (الربع)، ويتبادلون الاتصالات ورسائل الجوال للالتقاء والتصادم، كل يفزع لصاحبه.

لكن مع شديد الأسف، يعتقد بعض الأهالي، كما صرح بعضهم لـ «الوسط» يوم الإثنين الخامس من أبريل/ نيسان الجاري، بأن السبب يعود إلى «مناوشات طائفية»، وأعتقد أنه من الخطأ الجسيم تصديق ما يكتب في بعض المنتديات الإلكترونية من دعوات للتصدي لهذه الطائفة أو تلك حتى لا تسيطر على (عراد) بذريعة أن ما يجري منشأه طائفي، حتى مع وجود نية لاحتواء الأمور عبر الجلوس مع أولياء الأمور ورجالات المنطقة وإرجاع الأمور إلى نصابها الأولي، بحسب وصفهم.

والمتتبع لما جرى، سيكتشف أنه في كل مرة يقع فيها الصدام، فإن أول شرارة فيه انطلقت يوم الأربعاء 28 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي 2009، بمثول طالب من طلبة معهد الشيخ خليفة للتكنولوجيا مع شاب آخر من خارج المعهد أمام النيابة العامة، إثر شجارٍ دامٍ دار بين مجموعتين امتد لمدة يومين متتاليين، تطلب تدخل رجال الأمن لفض العراك الدائر بين المجموعتين، إذ تم القبض على 11 شخصا من طرفي النزاع من قبل الأمن، وسُمح لهم بمغادرة مركز الشرطة مع أخذ التعهد منهم.

لكن الحوادث التي تكررت فيما بعد، وخصوصا في إجازة نهاية الأسبوع، لم تقتصر على المجموعتين المتورطتين في تلك الحادثة! أي أن هناك مجموعات أخرى واصلت التصادم لأسباب لا علاقة لها بقضية الشجار خارج معهد الشيخ خليفة للتكنولوجيا، حتى أن الحادثة الأخيرة التي وقعت الأسبوع الماضي كانت بسبب تحرشات بين مجموعة من الصغار من أهالي عراد ومجموعة أخرى كانت متواجدة في موقف سيارات القلعة، توسعت بعد أن ذهب الصغار ليحضروا من هم أكبر منهم سنا للانتقام.

للحديث صلة