شنو هذا؟ ما حكاية ضرس العقل الذي نبت فجأة في أفواه الكويتيين ونوابهم وحكومتهم؟ تمشي في الشارع فتُفاجأ بالناس كلّ واحد منهم فاغر فاه على أقصاه لكبر حجم ضرس العقل… النائب مسلم البراك فسّر الماء بأنه ماء، ولم يأتِ بجديد، عندما تحدث عن مساومات الحكومة للنواب في التصويت على طرح الثقة بوزير الإعلام، فضحكنا وأجبناه بالمثل المغربي: «آجي يا أمي نوريكِ بيت خالي»! نحن الأم والبرلمان أخوها، والأم تعرف تفاصيل بيت أخيها قبل أن يولد ابنها. ولو أنك أوقفت سيارتك عند أي إشارة مرور وسألت الذي يقف بجانبك: كم سعر الرأس؟ لأجابك… فما الذي أغضب نوابنا وحكومتنا وكتّابها فجأة، وجعلهم يتحدثون جميعاً عن العقل وضرس العقل.
خلاص، لن نشك في النواب، من باب العقل وضرسه، ولن يشكّ النواب في الحكومة، من باب الوزير محمد البصيري، ولن يشكّ الكتّاب في وزارة الداخلية، من باب العقيد محمد الصبر، خلاص، كل واحد يروح بيته، ونترك أبوابنا مفتوحة، ومفاتيح سياراتنا فيها، ونترك الحكومة ترجع أنصاص الليالي، فلا نسألها أين كانت ومع من، ونترك البرلمان يطيل شعره ويتسكّع في المولات التجارية والمراقص كما يشتهي وفي جيبه مصروف العائلة، وننام، لا شك ولا شكشكة.
وكنا قد قرأنا أن الحكومة، ما بين جلستي الاستجواب وطرح الثقة، اجتمعت مع عدد من النواب، فاتهمها البراك بأنها تساومهم وتغازلهم، بينما الصحيح أنها كانت تتدارس معهم القرآن الكريم، ثم قاموا جميعاً يتوضؤون لركعتي تهجّد، تأسّياً بالصحابة رضوان الله عليهم، فغافلهم السفاح مسلم البراك، يا ويله من الله، ومياه الوضوء تتقاطر من وجوههم وأذرعهم، وضربهم باتهامه على جباههم، في مكان السجود بالضبط.
لذا صَرّحت النائبة معصومة المبارك: «عيب عليك يا البراك اتهام زملائك النواب»، وانا أقول لها إنني تلقيت اتصالاً لم أرد عليه لانشغالي، فجاءتني بعده رسالة: «أنا معصومة المبارك، أرجو الاتصال»، فهاتفتها (كان ذلك بعد استقالتها من الوزارة وقبل نجاحها في الانتخابات) فراحت تعلّق على مقالتي يومذاك، وتثني، وكيف أنني «أبرّد الجبد»، ثم تحدثت هي عن كمية الفساد في البرلمان والحكومة لدرجة أنها أخجلتني وأشعرتني أنني متسامح في نقدي لبعض النواب، فقلت وأنا أشعر بالخجل: «بعضهم يتهمني بالتجنّي والقسوة، ليتهم يستمعون إلى كلامك الآن يا دكتورة»، فأجابتني ضاحكة: «هاهاها، عيل اللي يسوونه يا محمد بالشعب والبلد شنو اسمه؟ مو قسوة؟»، وكانت تقصد الحكومة وبعض النواب. فهل هي أنتِ التي اتصلت بي، أم أنه تشابه أسماء وأصوات يا دكتورة؟
ولا أظن أن الدكتورة ستنكر اتصالها ذاك، وإن أنكرت فلتضع يدها معي على المصحف وليُشهد كلّ منا الله على كلامه، ونترك الباقي على علاّم الغيوب، لكنها لن تنكر. فهل اتهام الحكومة والبرلمان بتبادل الفساد حلال عليكِ يا دكتورتنا المفضالة أنتِ ووزير الإعلام، وحرام على البراك؟ يجوز.
ويا أيها النائب البراك «لا تورّينا بيت أخينا، فنحن نعرف البيت ومداخله وصالته ونعرف موقع الطواليط، أجلك وأجلّنا الله. وأرجوك، لا تقطع مرة أخرى جلسات الذكر وقراءة القرآن التي تجلسها الحكومة – قبل طرح الثقة بأحد وزرائها – مع النواب التقاة الورعين الزهّاد، ولا تعترض طريق المتوضئين».