حدث في مجلس الوزراء أنه "… تمت دراسة 123 طلباً في ظل مستويات التضخم السائدة حالياً، وفي إطار الخطة الإنمائية للدولة، وبحث حاجة سوق العمل إلى الوظائف التي تضمنتها تلك الطلبات، بالإضافة إلى مراعاة التوازن بين احتياجات القطاع الحكومي والقطاع الخاص… إلخ"، وبجرة قلم أقر مجلس الوزراء فتح صنبور الكوادر والمزايا المالية للعاملين في القطاع العام، فأقر كوادر أو مزايا (ولا فرق بين الاثنين) للعاملين في الصيدلة والمهندسين… ثم سال قلم المزايا ليشمل العاملين في الخدمة الاجتماعية بمجال تخصصهم، وحملة المؤهلات الجامعية التجارية… ودبلوم المحاسبة ومجال القانون… ثم استطال قلم الخير الحكومي ليضم العاملين الكويتيين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء وكل أصحاب المؤهلات الجامعية العاملين في مجال التطوير الإداري، ومزايا مالية للعاملين في مؤسسة الموانئ والمؤسسة العامة للرعاية السكنية ووكالة الأنباء الكويتية… ويمتد قلم خيرات الدولة ليشمل الجميع (عند الحكومة) دون استثناء إلا ما رحم ربي…
يا الله تهني أهل الكويت… ويارب تبارك وتزيد في أريحية دولة "اعطه من بيت المال"، ولا حسد ولا يحزنون… واليوم خمر وغداً أمر… وماذا يعني أن تكلفة المزايا والكوادر ستكون 300 مليون دينار سنوياً؟ وماذا يعني الإقرار بأن الخير وفير… وبركات الحكومة تعم الكبير والصغير… العامل وغير العامل… الإنسان المنتج وغير المنتج… فهذه الكويت وصل على النبي…؟!
اسأل الحكومة إذا كانت مستوعبة ما قررته عندما فتحت صنبور الخيرات للعاملين في القطاع الحكومي…؟ وكيف تفهم حكومة الوعظ والإرشاد "التوازن بين احتياجات القطاع الحكومي والقطاع الخاص"…؟ ومن سيعمل غداً في القطاع الخاص، بعد إقرار قانون الخصخصة… وحتى بعد الحلم الكبير بإقرار قانون الضريبة، وقانون منع الاحتكار وقانون حماية المستهلك…؟!
هل هذه الحكومة هي الحكومة ذاتها التي دعت مؤسسة بلير إلى تقديم دراستها عن مستقبل الدولة، وجاء في تقريره أن الدولة ستعاني عجزاً مالياً خلال 8 سنوات إذا استمرت على سياستها الحالية في تضخم نسبة العاملين بالوظيفة العامة؟ هل هذه الحكومة هي ذاتها الحكومة التي نشرت دراسة البنك الدولي في مارس الماضي وحذرت الدراسة من أن "… أي زيادات قادمة في باب الرواتب وما يلحق به من كوادر ومنح ومزايا سيكون لها تأثير كبير على الدولة يتمثل في انخفاض إنتاجية الموظفين في القطاع الحكومي، وزيادة معدلات البطالة، إلى جانب عزوف الشباب الكويتيين عن التعليم، إضافة إلى العديد من المشاكل والسلبيات…"؟ هل لدينا حكومة واحدة أم حكومتان…؟ حكومة تقول لنا كلاماً في الليل و"تلحسه" في النهار إرضاء للشعبوية الاستهلاكية…! هل لدينا حكومة د. جيكل ومستر هايد… أم ماذا تكون وماذا تريد هذه الحكومة الحصيفة…؟!
أريد أن أهمس في أذن الزميل والصديق إبراهيم المليفي بأن ما كتبه صحيح: فليس قطاعنا الخاص هو قطاع شركة سوني وتويوتا… بل هو قطاع تابع يحيا على نفقة الحكومة في الدولة الريعية… ولكن هل هي حكومة "لي كوان هو" السابقة في سنغافورة… أم حكومة مهاتير محمد في ماليزيا… أم حكومة الحزب الشيوعي في الصين…؟ كيف ترى وتقرأ الحكومة المستقبل…؟ وكيف تعرف معنى كلمة "مستقبل"…؟