سعيد محمد سعيد

مسابقة الأبحاث الأمنية

 

لم يعتد الناس في الوطن العربي والإسلامي على رؤية صورة حضارية مغايرة لوزارات الداخلية، يمكن أن تطغى أو تغير صورة القمع والنفوذ والتسلط وتجاوز حقوق الإنسان…حتى مع محاولة الكثير من تلك الدول تغيير الصورة النمطية المخيفة والقاهرة، سواء كان ذلك في منطقة الشرق الأوسط أو في شمال أو وسط إفريقيا وبعض الدول الآسيوية، إلا أن الفشل يكون حليفها لأنها لا تزال تعتمد على أقطاب قمعية قديمة في إدارة شئونها الأمنية.

ولعلي أضم صوتي الى صوت الزملاء والمهتمين الذين رأوا في خطوة وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بإعلان جائزة الأبحاث الأمنية 2010 واحدة من الخطوات التي تعكس حاجة المجتمع البحريني، بل وحاجة المجتمع الخليجي والعربي والإسلامي، الى هذا النوع من الخطوات القادرة على استبدال صور التسلط والفرض والقمع، بصورة أخرى هي الصورة الحقيقية لأي تمدن في أي مجتمع…وهي صورة البحث والدراسة والتحليل والنقد البناء.

إن الخطوة التي أعلنها معالي وزير الداخلية تتخذ مسارين من الأهمية من وجهة نظري المتواضعة، وخصوصا على صعيد القضايا والملفات الأمنية والسياسية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع البحريني:

-أولا:وأعني المسار الأول، وهو وجود فكرة قائمة يحملها الكثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين والباحثين والكثير من المواطنين الذي لا يرون في فكرة «الشراكة المجتمعية» إلا حال غير حقيقية لا يراد منها التواصل مع فئات المجتمع المختلفة للتعاون في شأن القضايا التي يتطلب فيها التواصل بين الأجهزة الأمنية وبين المواطنين، ويعتبرون الشراكة المجتمعية طريقا واحدا للنيل من المناضلين ومن الذين ينادون ويطالبون بالحقوق، وهنا يصبح الطريق أمام هذه الفئة مفتوحا بقوة لطرح ما يرونه خطأ من خلال الأبحاث والدراسات التي لا يمكن الحجر عليها في المسابقة، وإن تم ذلك فهناك أكثر من خيار لنشرها في الصحافة وفي المواقع الإلكترونية وفي المجلات والدوريات الصادرة عن الجمعيات، لكن تبقى الفرصة مهمة للباحثين، وخصوصا على صعيد الاتجاه الذي يؤكد على ضرورة وضع الحلول السياسية والاجتماعية في حال مناقشة القضايا الأمنية.

-ثانيا:إن وجود مسابقة أبحاث أمنية، تعتبر فرصة سانحة للكثير من الشباب من الجنسين، سواء من العاملين في القطاع الأمني كشرطة المجتمع أو غيرها، أو من طلبة الجامعات والمعاهد، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني لتشجيع البحث والدراسة في القضايا والظواهر التي يعاني منها المجتمع البحريني، ومملكة البحرين، وعلى رأسها وزارة الداخلية، في حاجة ماسة الى الأبحاث والدراسات الميدانية المحلية العميقة التي تعالج قضية أو ظاهرة تتطلب عقولا بحثية، وليس سطوة حديدية أو قمع أو حجارة أو حرائق.

يبدو لي أنه من الأهمية الإسراع في وضع شروط المشاركة في المسابقة الأمنية 2010، ونتمنى أن تكون دورتها الأولى موفقة من خلال نوعية الأبحاث التي ستقدم ومضامينها، ونتمنى أن تكون مشاركة الشباب الباحثين قوية، مهما كانت الافتراضات أو المعوقات أو القراءات السلبية

سامي النصف

لنترك السياسة ونتحدث قليلاً عن الاقتصاد

النفط في أفضل احواله، وفائض الميزانية يتجاوز 5 مليارات دينار – لا دولار – في 6 اشهر فقط بينما تعاني اكبر واغنى دول العالم من عجوزات ضخمة في ميزان مدفوعاتها، والانفاق العام المحلي الذي تستفيد منه الشركات المساهمة الكويتية بلغ رقما قياسيا غير مسبوق في تاريخ الكويت للسنوات الخمس القادمة حسب برنامج عمل الحكومة.. المأكولة المذمومة!

ومع ذلك كله فالبورصة الكويتية – اقدم بورصات المنطقة – في اسوأ حالاتها حتى مقارنة بالدول المجاورة والعربية دون ان يسأل احد عن سبب الاخفاق ومحاولة معالجته، والحقيقة كما نراها ان سبب الكارثة هو «فقدان الثقة» الكامل في سوق المال الكويتي وبالطريقة التي تدار بها المليارات في البورصة حيث لا حسيب ولا رقيب الا ذمم بعض الادارات.. المخرومة!

لذا لا يمكن ارجاع الثقة بالسوق كي يصبح ملاذا آمنا للمستثمرين المحليين والاجانب، ضمن مشروع «كويت المركز المالي» دون سن قوانين وتشريعات طال انتظارها تمنع نهب الشركات وسلب اموال المساهمين الآمنين من قبل بعض الادارات المتلاعبة بعد ان تحول الفساد العام من المال العام الى المال الخاص وبات جيب الشعب الكويتي مثقوبا من الجانبين دون «احم» أو «دستور» أو تشريع.. يحميه ويذود عنه!

ومن الامور التي تساهم في زعزعة الثقة بالسوق – بقصد او بدونه – ما تصدره بعض الجهات الاقتصادية وتنشره الصحف من ارقام قروض الشركات المساهمة دون ان تحللها وتمايز بينها حيث لا توجد شركة في «العالم اجمع» لا تقترض لانجاز مشاريعها واعمالها، والمحك هو هل لديها تدفقات نقدية مستقبلية لسد تلك القروض أم لا؟! والامر كذلك مع تسليط الضوء الاعلامي على الخسائر التي منيت بها الشركات الكويتية وهو امر مؤقت عانت منه «جميع» الشركات العالمية والعبرة هي بالقدرة على التعافي من عدمها، وهو ما يجب ان يصاحب نشر ارقام القروض والخسائر.

آخر محطة:
 
(1) للاسف.. في ظل الاوضاع الاقتصادية شديدة السواد والقتامة اصبح امل كثير من صغار وكبار المستثمرين هو في ازمة سياسية «حادة»، تنتهي بحل المجلس واصدار حزمة تشريعات اقتصادية منشطة تعيد الثقة للبلد وللسوق.

(2) احد الدروس «التاريخية» التي يمكن تعلمها من الاوضاع الاقتصادية القائمة هو: اذا شرّقت الادارات الكويتية «الذكية» فغرّب، وان اشترت فبع وان باعت فاشتر فقد فاق «الخداي» و«قلة الذمة» الكويتية بكثير ما لدى الآخرين.

(3) عودة للموسيقى، ثبت علميا ان العزف على الالات الموسيقية يشغل جزأي الدماغ – ان وجد بالطبع – الايمن والايسر فيصبح ممارسها متفوقا في الرياضيات والفيزياء والمواد العلمية، لا في الحفظ دون فهم للمعاني!

(4) والمزيد عن الموسيقى غذاء الروح، يستخدم علماء النفس البشريون – وحتى البيطريون – الموسيقى الهادئة للعلاج وتخفيف الكآبة والغضب والحنق الذي يؤدي الى التدمير والتفجير، وعجبي ممن يود ان تصبح الكويت على شاكلته.. متعصبة، حانقة، غاضبة، حزينة، «ترى مو ناقصين واللي فينا كافينا وزيادة»!

سعيد محمد سعيد

حتى «لا يرحل المعلمون والمعلمات» (2)

 

لو قُدِّرَ لي أن أقدّم ملفا إذاعيا مسموعا بالمكالمات التي وردت من المعلمين والمعلمات الذين تهافتوا لطرح وجهات نظرهم بشأن واقع مهنة التعليم في بلادنا منذ نشر الحلقة الأولى من هذه السلسلة يوم الأحد الماضي، أقول لو قُدِّرَ لي ذلك، لاحتجنا إلى ساعات وساعات للاستماع الى صور من المعاناة تختلف كل واحدة عن سابقتها وقَلّما تشابهَت.

ولابد من التأكيد مرة أخرى، على أن فتح سلسلة للفْتِ الاهتمام إلى أهم شريحة مهنية، لا يعني الانتقاص من المسئولين في وزارة التربية والتعليم الذين نُكنُّ لهم كل الإحترام ونحن على تواصل كريم معهم، إلا أن الجانب الأهم من ذلك، هو الوقوف إلى جانب الوزارة وحثها على الانطلاق في مشروع تطويري شامل للمعلمين والمعلمات، وظيفيا ومهنيا ومعيشيا، حتى لا تكثر رسائل وطلبات الاستقالة، وحتى نرى أمامنا المعلم يقف باعتزاز وثقة ليقوم بدوره الديني والوطني المقدس في تعليم أبناء بلده… بدلا من آلاف العلامات من الإحباط والألم والتذمر واللوعة.

أقول إن العشرات من الاتصالات والتعقيبات وردت من العاملين في سلك التعليم، بحرينيين وغير بحرينيين، كان أهم ما في محتواها هو أنهم على استعداد لأن يعملوا ليل نهار، على أن تكون هناك بادرة أمل لتحسين الأوضاع ولو بعد حين، وهنا، من حق هذا المعلم الذي خدم الوزارة 12 عاما، وواصل تعليمه لنيل شهادة الماجستير وبقي حاله لم يتغير من دون تقدير… من حقه أن يُعبّر عن حالة الإحباط التي يعيشها.

أما بالنسبة إلى المعلمين والمعلمات الذين أصابهم الإحباط بسبب قول (مسئول ما) في الوزارة بأنهم لن يحصلوا على الترقية والدرجة الاستثنائية حتى بعد أن شارفوا على إنهاء سنوات الدراسة الليلية الأربع، فليس هناك ما يؤكد هذا القول؟ ولم يبادر أحد بتقديم اسم ذلك المسئول، لكن على أي حال، هاهي الملاحظة مطروحة، ولن يقصر الإخوة في الوزارة من توضيحها لكننا لا نستطيع أن نطرحها كاهتمام ضمن سلسلتنا هذه التي ستتطلب الكثير من النشر.

لاشك في أن المعلمين والمعلمات الذين أجمعوا على أهمية العمل على تصحيح العلاقة بين وزارة التربية والمعلمين، يدركون أهمية تطوير التعليم حتى تتطور البلد فعليا ويتم القضاء على الكثير من المشاكل والسلوكيات والممارسات المتخلفة التي نعيشها يوميا وعلى رأسها سوء المستوى الإنتاجي، وهذا يتطلب إنهاء أي حال تجاذب وخلاف بين الطرفين، والابتعاد عن أية قرارات قد تضاعف من تعقيد الأمور ولاسيما في أمر (عقدة الكادر)… وهذه ستكون مجالا للنقاش في الأعمدة المقبلة، ونتمنى من الجميع المشاركة بالآراء التي تمكننا من الوصول إلى تصور عملي يحافظ على المتميزين من المعلمين والمعلمات.

سامي النصف

هل سمع أحد بموسيقار إرهابي أو انتحاري؟

هل منع تدريس الموسيقى بالمدارس يعني ان الطلاب والطالبات لن يسمعوا الموسيقى من خلال مذياع السيارة او على الفضائيات او الانترنت او داخل المجمعات التجارية والمطاعم في الكويت وخارجها؟! وهل الموسيقى التي تشذب الحس الانساني وترتقي به هي امر سيئ؟! ثم هل شهد أو سمع احد بموسيقار او محب للموسيقى قرر تفجير نفسه في الأبرياء عبر عمل ارهابي متطرف؟!

 

لقد دُرست الموسيقى للفتيات في الكويت منذ عقود فلم تتحول الكويتيات إلى راقصات كما يدعي احد النواب بل تحولن الى محافظات وأصبحن محجبات، ثم هل سنصبح الدولة الوحيدة في العالم التي يقرر بها أي ولي أمر أو نائب نوعية المناهج التي يجب ان تدرس للطلبة في المدارس العامة، فيقرر الأب العلماني عدم تدريس الدين، ويقرر الآخر عدم الرغبة في تدريس الشعر العربي وما فيه من غزل، وثالث عدم تدريس علوم الأحياء كونها تتحدث عن وظائف الجسد.. الخ، وأين سنصل عبر النهج المضحك؟!

 

إن المساحة الممتدة من صوان اذن الشاب اليمنى حتى اليسرى إما ان تملأ بما يجعلها تحب الحياة وتخلص في عملها كما الحال في الدول المتقدمة، فتفيد ذاتها ووطنها وتفيد الآخرين، او تترك لمن يملؤها بالأفكار الظلامية التكفيرية المتعصبة والمتطرفة التي تستبدل التعمير في الأرض بالتدمير فيها وقتل النفوس البريئة كما هو متفش في محيطنا العربي والإسلامي فأيّاً من الخيارات نود ونرغب؟!

 

قد زرت ضمن أنشطة حفل الذكرى العشرين لإنشاء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين «دار الأوبرا المصرية» واستمعت لأشعار نظمها الصديق أبوسعود، وشدا بها ثلة من المطربين والمطربات، كما حلق بنا الموسيقار سليم سحاب بموسيقى وأغان جميلة طارت بنا فوق السحاب، حيث ترتاح النفس وتصفو من عناء هموم اليوم وسط صحبة طيبة من رجال الدين والثقافة والشعر والأدب، وكم نتمنى، بما هو أقرب للأحلام، إنشاء دور أوبرا ومجمع مسارح في الكويت كي نعود لعصرنا الذهبي.

 

وقد حضرت في نفس دار الأوبرا حفل مهرجان الموسيقى العربية الـ 18 الذي أرجعنا للطرب الأصيل والزمن الجميل عبر اغان مختارة لأم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش وعبدالحليم وفايزة احمد ووردة الجزائرية، كما اشتريت من احدى زوايا الأوبرا اشرطة غنائية نادرة للحفل الغنائي العربي الاول الذي أقيم في القاهرة عام 1932 والذي مثل الكويت فيه المطرب الكويتي اليهودي صالح عزرا في أغنيته «يعاهدني ألا يخونني»، كما حصلت على شريط نادر تشدو فيه أم كلثوم بمنلوجات وطقطوقات وأغان منذ بداياتها الأولى لم نسمع بها من قبل.

 

آخر محطة (1): فيلم «ليلة في الأوبرا» الذي أنتج عام 1935 هو أحد أجمل أفلام الكوميديا للإخوة ماركس والذي أنصح بالحصول على مجموعة افلامهم التي «تفطس» من الضحك لتبديد سحب الكآبة السائدة هذه الأيام، الغريب ان بطلة الفيلم كيتي هارت توفيت قبل مدة قصيرة عن عمر يقارب المائة، والظاهر انها كانت تشاهد ذلك الفيلم الذي يطوّل العمر كل ليلة.

(2) سأل صحافي مايسترو كبيرا: «بصفتك علامة وخبير مختص في الموسيقى، فيك تقولنا رأيك في السيمفونية التاسعة لبيتهوفن؟»، فأجابه الموسيقار الكبير: «بيت مين لو سمحت؟».

احمد الصراف

قطعة الشوكولاتة وزواج الرضيعة

كان حصول دومينيكيا كوفلروفا على قطعة شوكولاتة من أختها نقطة تحول في حياتها، فقد كانت في ذلك اليوم تبحث عن موضوع تكتب عنه للدخول به في مسابقة عالمية للكتابة عن أهمية العمل، والتي سبق أن أخبرتها معلمتها عنها، فقد لفتت قطعة «الكاكاو» المغلفة بأناقة نظرها، وأخذت تفكر كيف وصلت الى يدها بشكلها الحالي، وأين كانت البداية! من قراءاتها وبحثها على الإنترنت علمت أن حبوب الكاكاو والقهوة تأتي غالبا من كينيا وزيمبابوي، وبما أنها لا تشرب القهوة وتحب الشوكولاتة فقد تتبعت مسار تلك المادة، وقادها ذلك الى حقيقة مؤلمة وهي ان من يعملون بالأعمال الجادة والشريفة لا يحصلون عادة على ثمن عادل مقابل عملهم، وتوصلت الى تلك النتيجة في تلك السن اليافعة من خلال قراءة قصة ذلك المزارع الكيني الفقير وأولاده الستة الذين كانوا مجبرين جميعا على العمل من ساعات الفجر الأولى وحتى المساء، ومع هذا لم يكن ما يحصلون عليه من ثمن مقابل عملهم في مزارع حبوب الكاكاو يكفي لسد رمقهم، وكانوا جميعا يعانون من سوء التغذية، ويعيشون بطريقة لا تليق بالبشر.
وتعلمت دومينيكيا أنه بفضل سياسة جديدة تتبعها بعض دول أوروبا الغنية، وتتمثل في الحرص على دفع ثمن عادل لمنتجات الدول الفقيرة، من خلال شراء المواد الزراعية الأولية من أسواق عالمية، انقلبت ظروف معيشة ذلك المزارع الكيني بشكل تام وأصبح بإمكانه إرسال ابنائه الى المدرسة واقتصار مهمة العمل عليه وعلى أكبر أبنائه فقط، ومع هذا أصبح يحصل على ما يكفيه من غذاء وكساء، كما أصبح بإمكانه ترميم بيته وجعله صالحا للسكن.
ومن خلال قصة ذلك المزارع كتبت التشيكية دومينيكيا، ذات الأربعة عشر عاما، رسالتها، ودخلت بها المسابقة الدولية، وأسر موضوعها قلوب محكمي الجائزة الدولية المرموقة في سنتها الثامنة والثلاثين، والتي تشرف عليها اليونيسكو ومنظمة العمل الدولية، وحصلت على المركز الاول بين مليون رسالة اخرى من 60 دولة، وكان الموضوع الذي اختارته، وهي في تلك السن الصغيرة، عن أهمية أن يحصل من يؤدي عملا محترما على ثمن عادل لجهده موفقا جدا، كما بينت أن القيام بذلك لا يساهم فقط في رفع مستوى معيشة شعوب الدول الفقيرة المنتجة للمواد الزراعية الأولية بل ويساهم ايضا في تعزيز السلم العالمي.
ويقول أحد محكمي الجائزة ان دومينيكيا استطاعت من خلال صفحة ونصف الصفحة تغطية مجموعة من القيم المتعلقة بالعمل الشريف وأهمية تعليم الاطفال والتضامن الاجتماعي والاهتمام بظروف العمل، مع تذكيرنا بواجباتنا بعضنا تجاه بعض. كما أنها بينت بطريقة سليمة ان تحسين ظروف عمل الآخرين يعطي حياتهم قيمة أفضل، وأن تقدير العمل المحترم هدف أساسي وهو في متناول أيدينا.
ولو نظرنا الى الرسائل العشر الأوائل أو الألف أو حتى للمائة ألف لما وجدنا بينها رسالة من منطقتنا، والعيب ليس في فتياتنا أو صبيتنا بقدر ما هو في أنظمة التعليم المتخلفة السائدة في بيئاتنا، والظروف الاجتماعية، وحتى الجنسية، القاسية التي تعيشها الغالبية العظمى من الفتيات من سن التاسعة وحتى مرحلة متأخرة من العمر بسبب تلك النظرة الدونية للمرأة، والتي حولتها من إنسانة ذات أحاسيس بالغة الرقي الى أداة متعة لا تختلف عن أي تسلية أخرى، فهي كالطيب والطعام، ان لم تكن في درجة أدنى، وصفحات صحف دول الخليج «الثرية»، وغيرها من دول المنطقة تمتلئ بأخبار اجبار الفتيات على الزواج في سن صغيرة، وهي الأخبار التي لم يكن أحد يوليها اي اهمية قبل سنوات قليلة، لكونها من الامور العادية، والغرب، نعم الغرب وقيمه الإنسانية، هو الذي لفت نظرنا للجرائم التي يقترفها بعض ابناء مجتمعاتنا، وما أكثرهم، في حق بعض.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

مشكلة شخصية


مللت الكتابة عن السياسة وشؤونها المُرّة، فقبل أن نخرج من أزمة ندخل في أخرى، وننقسم حتى في ما يجب ألا ننقسم عليه، ولكم في قضية شيك سمو الرئيس عبرة، فرئيس الوزراء منح أموالاً لنائب في فترة نيابته، بغض النظر إن كان هذا المال مال الدولة أو مال سمو الرئيس، ولكن هل يُعقل أن نبرر ونبحث عن أسباب تفسر لنا منح الأموال من رئيس سلطة تنفيذية لعضو بسلطة تشريعية يراقب ويحاسب رئيس السلطة التنفيذية وأثناء تأدية عملهما؟ كما قلت فإني لن أكتب في السياسة اليوم، بل سأطرح مشكلة شخصية وأنا جاد في طرحها كل الجدية، فرفقا بما سأكتب: في الأسبوع الماضي بلغت التاسعة والعشرين من عمري، وها هي الأيام تأخذني إلى الثلاثين منه رغماً عني، وهو ما يعني في مجتمعنا أنني لا أكاد ألحق بآخر عربات قطار الزواج الطبيعي قبل أن أدخل في أسئلة لا داعي لها، سواء قيلت أم لمزت فقط كــ: «ليش ما تزوج؟» و»أكيد فيه بلى؟» و»شناطر؟» إليكم المشكلة، تستهويني فتاة سمراء أفكر جدياً في الارتباط بها ومشاركتها بقية ما لي من حياة دنيوية، هذه الفتاة لا تعتقد بما أعتقد؛ فهي ترى أن أفضل نائب في المجلس حالياً هو مرزوق الغانم… ومع احترامي لـ»بوعلي» فإني لا أرى ذلك، ولا مشكلة في ذلك. وهي ترى أن عبدالمجيد عبدالله أفضل مطرب، وأنا لا أرى هذا الأمر ولا مشكلة في ذلك أيضاً. وهي ترى أن البنطلون يبدو شكله أفضل من الدشداشة عليَّ، وأنا أيضاً لا أرى ذلك، وكل تلك الأمور لا مشكلة فيها، ولا حتى مكان السكن، أو وجود عمالة في منزل المستقبل، أو إدخال الأولاد مدرسة خاصة أم حكومية، كلها خلافات لن تسبب لنا أي مشكلة ولا لأسرنا كذلك. لكن المشكلة التي تأسرنا وقد لا تحقق مبتغانا هي التالي، فأنا أصلي الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء وهي تصليهما فرادى، أنا أفطر في رمضان بعد أذان التلفزيون بربع ساعة، وهي تفطر مع الأذان، أنا أتوجه إلى الحسينية في العشر الأوائل من محرم، وهي تتوجه إلى المسجد في العشر الأواخر من رمضان. هذه الأمور البسيطة التي لا يجب أبداً أن تكون عائقا تعد هي العائق الأكبر، فحتى إن تفاهم الطرفان الشاب والفتاة، فإن الأسرتين معا أو إحداهما في غالب الأحيان ستقف سداً منيعا ضد هذه الزيجة، فهم يصابون بحمى الرفض لأننا نختلف في تلك الأمور التي مضى عليها 1400 عام وأكثر، دون تبيان سبب منطقي واحد يفسر لنا تلك الحمى! فما المانع لو اعتقد أحد بمذهب يعترف الآخر بأنه من المذاهب الإسلامية المختلفة؟ وما الفارق الذي سيحدثه هذا الاختلاف في الحياة؟ وهل ستتعرقل الأمور بذهابي إلى الحسينية أو ذهابها إلى التراويح؟ وهل سيرسب الأبناء في دراستهم لأني أصلي ويداي موازيتان لجسمي؟! لن تتغير قناعتي ولن أغير قناعتها… نريد العيش معاً وفي الآخرة سنفر من بعضنا بعضا كما ذكر القرآن، أيعقل أننا نرفض بعضنا لهذه الدرجة في حين أننا نكون أكثر قبولا حين يتزوج الأبناء من أجانب؟ تلك هي مشكلتي ومشكلة الكثيرين غيري مع اختلاف طفيف، اعقلوا قليلا ولا تدمروا وتمزقوا أواصر الترابط في المجتمع لأننا نختلف، فلماذا نقبل أن نختلف في أمور الحياة الحالية ونرفض رفضاً قاطعاً مَن يختلف معنا في قراءة تاريخ مضى عليه 14 قرناً كاملة؟ خارج نطاق التغطية: صنعنا دستوراً يجمع اختلافاتنا قبل 47 عاما كاملة، فلنحتفل مع مجموعة «صوت الكويت» في مولده يوم الأربعاء المقبل في ساحة الإرادة في تمام الخامسة والنصف مساءً… في موعد إنكليزي دقيق. 

سامي النصف

أأيقاظ أمية أم نيام؟!

كما أنه ليس من العدل أو الإنصاف أن يتم توجيه الاتهام لأحد دون قرينة أو بينة فالقياس ذاته ينطبق على الوزير الخلوق الشيخ ناصر صباح الأحمد الذي فعل خيرا بإصداره بيان التكذيب ليقطع دابر الإشاعات التي يساعد على انتشارها كالنار في الهشيم أننا شعب «سماعي» من الدرجة الأولى يصدق كل شيء دون تحقق وخاصة الأخبار السالبة ـ لا الموجبة ـ بحق الآخرين.

يتفق الجميع على حاجة الحكومة الماسة للظهور المكثف على وسائل الإعلام المختلفة في الأيام المقبلة (وزير المالية، محافظ البنك المركزي.. إلخ) لشرح خططها ومشاريعها وحلولها لما يطرح كصندوق المعسرين، وتأكدوا أن الناس تفهم وتستوعب لغة الأرقام والحقائق، فقط تنتظر من يقدمها لها، لذا فحكومة شجاعة ناطقة خير ألف مرة من حكومة مرتعبة صامتة.

في العالم أجمع يتم التذكير عند الاختلاف السياسي بأن الذكاء والحكمة يقتضيان الحرص التام على الحصول على العنب بدلا من قتل الناطور، في العمل السياسي الكويتي الفريد يتم دائما وأبدا الإصرار على قتل الناطور ثم لا يهتم أحد بعد ذلك بقطف العنب والذي هو أصل القضية.

ومن ذلك نقول إن هناك اتفاقا على نزاهة وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد وان من الصعوبة، إذا لم نقل من الاستحالة، إيجاد بديل حازم وكفؤ كأبي نواف، لذا فلنحافظ على الوزير ولنعمل جاهدين على استرجاع الأموال العامة التي نملكها جميعا والتي صرفت بشكل مبالغ فيه على اللوحات الانتخابية، بدلا من العكس أي تقصد الوزير ثم نسيان تلك القضية.. كالعادة.

اصطحبت الصديق والمفكر العراقي حسن العلوي للعشاء في المدينة والتقيت هناك مصادفة بأحد المواطنين الذي سألني عن الرأي في موضوع الشيك، وقبل أن أرد كان العلوي قد تبرع بالرد قائلا «يابه إذا الشيخ ما ينطي فلوس شنو فايدته؟ لازم تلوموه إذا خش حلاله مو إذا فتح كيسه.. وضحكنا في بلد أصبح نادرا فيه الضحك».

من الأمور المعكوسة في بلدنا حقيقة أن النقابات في دول العالم أجمع هي في الأغلب نظيفة خلقت لمحاربة الإدارات الفاسدة، في بلد «خليفة خليفوه» توجد نقابات شديدة الفساد ما خلقت إلا لمحاربة الإدارات الحكومية الكفؤة والنزيهة والتشهير بها وتهديدها بالاضراب، لو كان لي من الأمر شيء لشككت وأعفيت كل إدارة حكومية تنبطح أمام الطلبات غير العقلانية وتسفح وتسفك المال العام لأجل التثبت بالمناصب.

آخر محطة:

أرسل الشاعر نصر بن سيار قصيدة مؤثرة للخليفة الأموي مروان بن محمد قال فيها بتصرف: أرى تحت الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لها ضرام فإن النار بالعيدان تذكى وان «الضعف مبدؤه انقسام» فقلت من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام؟! فإن كانوا لحينهمُ نياما فقل قوموا فقد حان القيام

ولم يسمع للشاعر أحد فذهبت دولة ممتدة من الصين حتى الأندلس لقمة سائغة لأعدائها بسبب تجاهل نصح الناصحين، وكم في التاريخ من عظات وعبر.

سامي النصف

كلنا اليوم سعوديون ويمنيون

حال وطننا العربي مع بداية هذا القرن كحال الدولة العثمانية في بدايات القرن الماضي حيث كان الكل يتسابق على تقسيمها وابتلاع أجزائها – القريب قبل الغريب – رافعين الرايات الزائفة المدغدغة والمدعية صداقتها والحفاظ على مصالحها، والزاجة بها في سلسلة حروب كانت أقرب للنيران التي نضجت عليها طبخة أكلها.

يتعرض وطننا العربي هذه الأيام من شمال العراق شمالا إلى جنوب السودان جنوبا مرورا بالصومال واليمن وغزة وشمال لبنان إلى عمليات تشطير وتقسيم وتفتيت تعمّد بدماء الأبرياء، وتبدد من خلالها ثروات الأمة عبر حروب أهلية مبرمجة متتالية تهدف في نهاية المطاف إلى تحويلنا لمشروع دويلات طوائف صغيرة متحاربة كحال الأندلس قبل السقوط.

إن بلداننا العربية أقرب للوح زجاج إن شرخ جزء منه امتد ذلك الشرخ سريعا إلى بقية الأطراف، وعليه فإن مشروع الدولة الحوثية في شمال اليمن وغيره من مشاريع دويلات مزمع إنشاؤها في العراق والسودان والصومال وغزة ولبنان هو موقف مبدئي علينا جميعا أن نقف ضده لا بالقول بل بالعمل عبر تسخير الموارد وتجييش الجيوش كحماية للذات قبل أن تكون وقفة مع شقيق أو صديق.

وإذا كان هدف تشطير المشطر وتقسيم المقسم سيئا بذاته فإن الوسائ‍ل المستخدمة للوصول إليه لا تقل عنه سوءا وضررا حيث استخدم الإرهاب والتطرف والتغرير بالشباب والقتل والنحر والتفجير ورفع رايات الدفاع عن الإسلام والحفاظ على العروبة كأدوات تحريض وتغرير بالسذج والخدج والجهلة والبسطاء لتحقيق تلك الغاية.

إننا في الكويت مع الشقيقة المملكة العربية السعودية قلبا وقالبا في صدها للعدوان على أراضيها الجنوبية في جبل الدخان، ومع اليمن الشقيق في دفاعه عن وحدة أراضيه وسيادته على ترابه داعين دول مجلس التعاون الى أن تعيد ملحمة تضامنها عامي 90 – 91 وأن ترسل قوات درع الجزيرة وطائراتها للقضاء على مشروع دولة الإرهاب والتطرف في صعدة اليمنية، ووأد ذلك الوليد الشيطاني وتخريب عشه وتدمير عرشه قبل أن يكبر ويستفحل أمره، فبدون أن نرفع شعار «كلنا اليوم سعوديون ويمنيون» ستنتقل كرة النار سريعا من الأطراف إلى القلب… وما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، كما جاء في الحديث الشريف.

آخر محطة:

(1) نعلم علم اليقين ان دول المنطقة ليست مصنّعة للسلاح والذخائر فمن أين يأتي المعين الذي لا ينضب والنهر المتدفق للسلاح والمتفجرات التي تتكفل بتفجير ما لا يقل عن نصف دزينة من أوطاننا العربية في آن واحد ومن يدفع أثمانها المالية؟!

(2) العزاء الحار للولايات المتحدة وشعبها الصديق على الجريمة النكراء التي ارتكبت في قاعدة «فورت هود» وهل يصح لمن آوته أميركا من خوف وأطعمته من جوع ووفرت له سبل العيش الكريم أن يغدر بها وأن يقتل بخسّة بالغة أبناءها بعد أن يتعمد ويتقصد لبس «الدشداشة» العربية البيضاء قبل ارتكابه لجريمته السوداء؟!

احمد الصراف

الحاجة لوربة وغيرها

أعلنت اللجنة التأسيسية لبنك وربة أنها خصصت 684 سهما من أسهم البنك لكل مواطن! وحيث ان نسبة لا بأس بها من المواطنين لم يقوموا بالتقدم للاكتتاب في البنك، فمن المتوقع حتما وجود فائض كبير من الأسهم غير المكتتب بها، ولكن هذا ليس موضوع مقالنا.
تخصيص مبلغ مائة مليون دينار من المال العام لتأسيس بنك لا يحتاج له السوق المحلي فكرة لم تكن اقتصادية منذ اليوم الاول، على الرغم من النوايا الطيبة والخيرة الكامنة وراء هذا المشروع. فمن استهدفتهم فكرة التملك في اسهم البنك سيكونون اول من سيبيع اسهمه بأرخص الأثمان، من دون انتظار تحسن سعر السهم مستقبلا، وسيلتقط الشريطية والهوامير هذه الاسهم بشكل تدريجي لينتهي مصير البنك خلال سنوات قليلة بيد عدد قليل من المستثمرين الذين لم يكن المشروع يستهدف اثراءهم او زيادة ثرائهم في المقام الاول.
فكرة «التعاونية في ملكية البنك» كانت تتطلب التمهيد لها اعلاميا بشكل افضل، من خلال حث المواطنين على ضرورة ابداء الرغبة في المساهمة في البنك من جهة، وحثهم على الاحتفاط بأسهمهم وعدم التصرف بها بأثمان بخسة لا تتجاوز السبعين دينارا للسهم الواحد والتي يمكن ان تضيع من خلال شراء هاتف نقال من نوع عادي. كما كانت الفكرة تقتضي اصدار تشريع يمنع المواطنين من بيع اسهمهم في هذا المصرف قبل 5 سنوات من التأسيس، بحيث ننمي لدى هؤلاء شعور وفكرة تملك الاسهم من جهة، ونعطي السهم فرصة اكبر لكي يتحسن سعره ويصبح مجديا لرب عائلة مكونة من اربعة او خمسة افراد من خلال تحقيق مبلغ لا بأس به كعائد.
ومن جهة اخرى، نجد ان سلبيات محددة صاحبت وستصاحب تأسيس وادارة هذا البنك، وذلك بسبب غياب مالك او ملاك رئيسيين فيه، وهي اول تجربة مصرفية من نوعها، فموظفو الحكومة هم الذين سيتولون غالبا امر ادارته في السنوات الثلاث الاولى، على الاقل. وسيكون للتدخلات النيابية والقوى المتنفذة الدور الاكبر في تعيين مجلس ادارته وادارته العليا، وسوف لن تكون هناك حتما فرصة لي، او لغيري من اصحاب الخبرات المصرفية والمالية الطويلة التي تقارب نصف قرن، في تولي اي منصب في هذا المصرف، على افتراض ان لنا اصلا رغبة في ذلك، وبالتالي فمن المتوقع ان يدار البنك، وقبل ان يستولي عليه «علية القوم» في مرحلة لاحقة، بطريقة حكومية بيروقراطية كأي ادارة في وزارة متخلفة، كما سيكون للمتأسلمين حصة كبيرة في وظائفه العليا بسبب طبيعته المالية، وكأن من تأسلم أكثر دراية بالصناعة المصرفية من غيره.
كم كان جميلا، واكثر نفعا، لو كان المبلغ الذي صرف على رأسمال هذا البنك، وكذلك المبلغ الذي صرفه سمو الشيخ سالم العلي، قبل فترة والذي كان بحدود 100 مليون دينار، قد صرف على تأسيس صندوق استثماري يصرف من ريعه على تنمية المجتمع والاهتمام بالمهارات الدراسية وتشجيع الاختراعات وتجميل شوارع المدن الخارجية وانشاء حضانات نموذجية.. وعشرات المشاريع الخيرية الاخرى التي لا تلتفت لها جمعياتنا الخيرية، ولا بقية مؤسسات الدولة المتخمة بالأموال.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

حتى لا يرحل «المعلمون والمعلمات» (1)

 

ما أن تجلس مع معلم أو معلمة، حتى يبدأ الحديث الحزين المؤلم عن المعاناة التي يعيشها المعلمون والمعلمات، من البحرينيين بدرجة أكبر، وغير البحرينيين بدرجة أقل، يبدأ أول ما يبدأ بمستوى الأجور التي يتقاضاها العاملون في مجال التعليم، مرورا بالمشاكل التي يواجهونها مع الطلبة وأولياء أمورهم، في المراحل الثلاث بلا استثناء.

وفي ظني، أو هكذا وجدت، أن الكثير ممن أعرفهم من المعلمين والمعلمات لم يعودوا اليوم يعملون في المهنة، ومن يعمل فيها باقيا صامدا، فإنه يتحين الفرصة الذهبية التي يمكن أن تنتشله مما هو فيه! وأسفا أقول ذلك حينما نتكلم عن أناس يمثلون شريحة نخبوية في أي مجتمع من المجتمعات، ويقومون بمهمة الأنبياء، وقد طرحت في سلسلة سابقة العام الماضي، فكرة إعادة النظر من جانب الدولة في أوضاع المعلمين والمعلمات بدءا بفرص التوظيف وامتيازاتها انتهاء عند الاستمرار في تقديم المغريات للمعلمين المخلصين ليبقوا ويواصلوا عملهم المقدس الذي يجب على الدولة أن تقف فيه وتوفهم التبجيلا.

لا تهمنا شريحة المعلمين والمعلمات البحرينيين وغير البحرينيين، ممن لا يحترمون مهنتهم ولا يبذلون جهدا في القيام بمهمتهم المقدسة، فهؤلاء، كلما ابتعد غالبيتهم عن المهنة وبحثوا عن مهن أخرى، كان ذلك للطلبة وللمدارس وللتربية والتعليم بشكل عام، أفضل وأفضل! إنما من الضرورة بمكان، أن تدعم الدولة جهود وزارة التربية والتعليم في تنفيذ المشاريع التطويرية الموجهة للمعلمين، والتباحث مع الأطراف المهمة، كالمؤسسات الأكاديمية والأساتذة المتخصصين وجمعية المعلمين، لطرح سؤال افتراضي لكنه مقلق: «أليس وضع التعليم ووضع المعلمين في البلد ينبئ بما لا تُحمَد عقباه وخصوصا في ظل الجهود التي تبذلها الوزارة ويبذلها المعلمون والمعلمات، وفي ظل عدم وجود امتيازات مغرية، ونظام متطور لتقييم أداء المعلمين؟ وهل وضعنا في الاعتبار قراءة مستقبلية لما سيكون عليه الوضع مع عزوف المعلمين والمعلمات والاتجاه نحو مهن أخرى؟»…

ربما كانت قائمة التساؤلات طويلة، لكن، يلزم أن نضع في حدود الإجابات معلومات دقيقة تمكننا من القراءة الصحيحة لمستقبل مهنة التعليم في البحرين، فلا يمكن الاستغناء عن المعلم والمعلمة، لا البحرينيين ولا غير البحرينيين، ولكننا نأمل في أن نطرح محاور مهمة تثير نقاشا مجديا ينطلق من نقطة جوهرية وهي: إعادة النظر في الأجور والامتيازات التي تقدمها الدولة للمعلمين والمعلمات، وهل هذه الأجور والامتيازات كفيلة بأن تؤمّن قطاع التعليم وتقوّيه ليتمكن من المشاركة في مشروع تطوير التعليم المطروح من قبل ولي العهد نائب القائد الأعلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة؟ أم أن هناك مؤشرات مقلقة بالهروب من مهنة التعليم؟

للحديث صلة..