احمد الصراف

سمك بنك وربة

انتشرت على الإنترنت قصة عن الكيفية التي أنشئت فيها جامعة ستانفورد الأميركية الشهيرة في ولاية كاليفورنيا. وكتب البعض القصة نفسها، نقلا عن الإنترنت، وكيف أن رجلا وزوجته دخلا جامعة «هارفارد» الأكثر شهرة في العالم وطلبا مقابلة رئيسها لأمر ما. وبسبب مظاهر الفقر البادية عليهما وملابسهما الرثة، لم يحسن رئيس الجامعة استقبالهما لمناقشتهما بخصوص ما قدما من أجله وهو التبرع لبناء مبنى يحمل اسمهما ضمن حرم الجامعة، وأدى هذا الى غضبهما ودفعهما للعودة الى كاليفورنيا وتأسيس جامعتهما الخاصة، التي أصبحت تعرف بـ «ستانفورد» والتي خلدت اسم «ليلاند وجين ستانفورد» للأبد، والتي تعتبر اليوم من بين أفضل عشر جامعات في العالم، وأضاعت «هارفارد» تبرعا سخيا بسبب سوء تصرف رئيسها!
هذه القصة مختلقة بكاملها، فليلاند ستانفورد Leland Stanford مؤسس جامعة ستانفورد، الذي سبق أن ولد في ولاية نيويورك، ودرس الحقوق فيها وهاجر الى كاليفورنيا مع موجة البحث عن الذهب، حقق ثروة كبيرة في مقتبل عمره من العمل في صناعة وتشغيل السكك الحديدية. كما كان في فترة حاكما لولاية كاليفورنيا، وسيناتورا معروفا في سبعينات القرن التاسع عشر، وكان واسع الثراء وأنيقا في ملبسه وحياته. وقد قام في عام 1876 بشراء مساحات شاسعة من أفضل الأراضي لبناء سكن خاص لعائلته، وبلغت مساحة الأراضي التي ابتاعها 32 مليون متر مربع. وقرر الزوجان، في لحظة تجل، وهما في زيارة لإيطاليا، منح تلك الأرض الكبيرة لأبناء كاليفورنيا، تعويضا لفقد ابنهما الوحيد، الذي لم يكن يتجاوز الخامسة عشرة من عمره عندما توفي متأثرا بإصابته بالتيفوئيد الذي لم يمهله كثيرا.
ويذكر التاريخ أن الزوجين، ومن واقع الموقع الإلكتروني الرسمي للجامعة، قد قاما بالفعل بزيارة رئيس جامعة هارفارد للاستفادة من خبرته في مجال تأسيس الجامعات، وليس للتبرع لبناء مبنى يحمل اسمهما.
ولو كنا أنفقنا مبلغ المائتي مليون دينار، أو 700 مليون دولار، الأخيرة التي صرفت على إسقاط قروض البعض، الوهمية في غالبيتها، وتأسيس بنك لا حاجة لنا به، على مشروع علمي كتأسيس جامعة رائدة لأصبح عدد الجهلة والفقراء بيننا أقل، ولما احتاجت «الأمة» لمن يسقط عنها قروض بعض أفرادها ولا من يعطيها أسهما مجانية لا تساوي الكثير! فنحن بحاجة لمن يقوم بتعليم أبنائنا كيفية صيد السمك وليس لمن يرمي لنا سمكا على أبواب بيوتنا، والتي غالبا ما تترك هناك لتخيس، والدليل على ذلك أن نسبة المساهمة في أسهم بنك وربة «المجانية»، لم تتجاوز حتى الآن 78% بكثير، بالرغم من أنها مجانية.

أحمد الصراف

سامي النصف

حتى لا يذهب أحد.. «فطيس»!

أرقام الإصابات والوفيات بڤيروس «H1N1» المرتفعة جدا في الكويت لا تلقي باللائمة على وزارة الصحة، بل تشكر على صراحتها وعدم كذبها أو خداعها للناس حتى يمكن لهم ان يحتاطوا ويتعاملوا مع ذلك الوباء، الذي أودى بـ 50 مليون انسان في بداية القرن الماضي، بشكل صحيح، خاصة انه سيحل علينا كل عام مصاحبا ڤيروسات الانفلونزا المعتادة كما يعتقد العلماء.

وقد ثبت ان ذلك الڤيروس العجيب يتعامل مع الإنسان كتعامل الأسود والنمور والضباع مع الحيوان في الغابة حيث تختص بالقضاء على الأضعف من القطيع متوازن الأعداد وتساعد على بقاء الأقوى، لذا وجدنا ان الأغلبية المطلقة من ضحايا الڤيروس من بشر هم من المصابين بالأمراض المزمنة كالسكري وزيادة الوزن والضغط والقلب.. إلخ.

إن إحدى مشاكلنا الحقيقية في الكويت هي اننا نعيش في ظروف غير طبيعية لا يعيش بها الإنسان عادة، مما يضعف مناعتنا بشكل كبير، فهواؤنا الخارجي ملوث بالغبار وغيره، والداخلي «مصنع» من قبل اجهزة التكييف، والماء الذي يشكل الكتلة الكبرى من الجسم مستخرج بصورة غير طبيعية من البحر، وخضارنا وفاكهتنا تأتي مبردة وفي غير مواسمها الطبيعية من الخارج، مع انعدام الرقابة على المبيدات والكيماويات فيها والحال كذلك مع اللحوم والدواجن التي نأكلها.

ويفترض في ظروف كهذه ان تتم معادلة الضعف الجسدي بالراحة النفسية الا ان بعض اللاعبين على ساحتنا السياسية من مختلف التوجهات وجميع السلطات يأبون إلا أن يزيدوا الضعيف ضعفا عبر عمليات التسخين السياسي الدائمة التي تشكل ضغوطا نفسية تقضي على ما تبقى من مناعة الأجساد المنهكة، والأمر المستغرب ان يهدد بعض المتسببين في تلك الأزمات والضغوطات مسؤولي الصحة بالمحاسبة وهم من يفترض ان يحاسبهم الشعب الكويتي على ما يقترفون بحقه وحق.. صحته.. من جرائم!

يتبقى ان هناك دراسة علمية تساعد على تحصين الجسم من ذلك الڤيروس الذي يمكن وبحق ان يسلب الانسان اعز ما يملك ونعني بالطبع الحياة، تنصح تلك الدراسة بالمضمضة اليومية بالماء والملح أو مطهرات الفم وتنظيف الأنف كذلك بنفس المحلول حيث ثبت ان الڤيروس يبقى لمدة 48 ساعة في الأنف والبلعوم في حالة ضعف شديد قبل ان يقوى وينتشر، وقد ثبت ان تلك الممارسة تجعله عديم الضرر، كما تنصح الدراسة بشرب الشاي الساخن كونه يطهر البلعوم ويقضي على الڤيروس.

آخر محطة:

(1) تناول عزيزي القارئ حبوب الڤيتامينات والمعادن لتقوية مقاومة الجسم ولا تكتف بذلك بل حول احد «ديكورات» المنزل ونعني السَّلطات والفواكه الى وجبات يومية حقيقية بدلا من الوجبات المطبوخة.

(2) في الهند ما ان تتساقط الأمطار التي تجرف أوساخ الشوارع عبر المجاري للبحر حتى يتوقف الناس هناك عن أكل السمك (ويصدروه لبلدنا)، وفي الكويت لم يتوقف الناس بعد كارثة محطة مشرف عن أكل السمك مزدوج الجنسية (كويتي ويدعى انه ايراني للخداع).

(3) للمسؤولين.. هناك مشروع وطني لتفعيل النشاط البدني الذي يقوي مناعة الأجسام يشرف عليه د.جاسم رمضان، نرجو الالتفات اليه ودعمه بدلا من دعم السياسيين.. الضارين بالصحة.

احمد الصراف

صراع السلف والإخوان وخراب البلد

ورد في القبس (9/11)، ومن مصادر في وزارة الأوقاف، أن قياديي السلف في الوزارة يمارسون ضغوطا على الوزير لإجباره على إجراء تعديلات على هيكل الوزارة، لكي تتاح لهم السيطرة على قطاعات معينة، وتعيين قيادات منتمية إليهم لكي تحقق لهم مصالحهم «الدنيوية»! ويركز هؤلاء على قطاعات المساجد والإفتاء والثقافة الإسلامية، وليس غريبا اهتمامهم بهذه القطاعات، فهي الأكثر صرفا للمال من جهة، ونفوذا وتحكما بعقول العامة من جهة أخرى!
والطريف، أو المضحك حقا، أن وزارة الأوقاف تفكر جديا في إلغاء قطاع الثقافة الإسلامية بعد استقالة الوكيل المساعد للقطاع منذ ستة اشهر، ظل خلالها المنصب شاغرا! وقرار الوزارة إلغاء المنصب يؤكد أنه ربما خلق لشخص معين، وليس لغرض مشروع، وبالتالي انتفت الحاجة له مع استقالة من سبق ان صُمم له المنصب! ومن المفترض أن قيادات الوزارة، الإخوانية الهوى والانتماء، لن يستسلموا بسهولة لضغوط السلف، وسيقاوموا دفاعا عن مكاسبهم المالية والافتائية، إلا إذا تدخلت الحكومة «الرشيدة وغير ذلك» وقررت تحقيق مطالب من أجل مصالح سياسية.
ومن جهة أخرى، ورد في صحيفة الجريدة في اليوم نفسه أن مراقبي الجمعيات الخيرية والمبرات في وزارة الشؤون، الذين يكسرون الخاطر، قد قاموا بتحرير جملة من المخالفات، وربما بالآلاف، بحق هذه الجمعيات، والتابعة لدولتي السلف والإخوان، والتي تمثلت، للمرة الألف، في اتباع هذه الجمعيات المسماة بالخيرية لطرق غير قانونية في «استجداء» التبرعات من المواطنين والمقيمين! وبالرغم من علم هذه الجمعيات بأنها ترتكب مخالفة قانونية، فإن من الواضح أن المشرفين عليها لا يؤمنون بأن ما يقومون به يشكل مخالفة أصلا. كما انهم على ثقة بأن الوزارة بكامل طاقمها، مع وزيرها الذي نكن له حقيقة كثيرا من الاحترام والمحبة، عاجزون عن وقفهم عند حدهم، كما ان، وهذا أهم، ما يتم جمعه من مال سهل يذهب جزء كبير منه إلى جيوب جامعيه، يستحق ارتكاب المخالفة والأخرى وحتى الألف. كما أن تهديدات الوزارة ستبقى كعادتها في إطار «اللوم الشفوي والعتاب الإخواني»، وربما إحالة الشكاوى إلى اللجان التي يشرف عليها إما متعاطفون مع هذه الأحزاب السياسية الدينية، أو ممن لا حول ولا قوة لهم في ظل غياب سياسة حكومية واضحة، فيما يتعلق بمثل هذه الجرائم المالية.
وهنا لا يسعنا إلا التمني على الإخوة في الحزبين السلفي والإخوان الاجتماع في جاخور، أو زريبة، كما فعل إخوة لهم في وقت سابق، لتسوية خلافاتهم والاتفاق على تقاسم الكيكة بطريقة عادلة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

عنصرية أولاد بطنها ضد أولاد ظهرها

اشتهر الألمان بصلافتهم واعتدادهم الكبير بأنفسهم وبكونهم، كآريين، أعلى عرقا من غيرهم من الشعوب الأخرى، وقد دفعتهم هذه الترهات التاريخية، التي لا تستند إلى أي أساس متين، الى خوض حربين عالميتين كلفتاها والعالم أجمع كثيرا في الأرواح والأموال، ولايزال من بقوا أحياء ممن شاركوا في الحرب العالمية الثانية، يحتفظون بذكريات أليمة عن أهوال تلك الحرب وآثامها.
اليوم، وبعد 65 عاما من انتهاء الحرب تلك المعارك اللعينة، التي نتج عنها هزيمة الرايخ وسقوط نظرية التفوق الآري، والتي حولت ألمانيا إلى دولة مسالمة، وبعد سقوط جدار برلين واتحاد الألمانيتين، وبعد أن أصبحت ألمانيا عضوا مؤسسا في أكبر وأقوى اتحاد في العالم، نرى أن تلك التغيرات «الإيجابية» قد أثرت في كل مناحي الحياة، وأصبح الألماني الآري الأبيض الفخور بأنكلوسكسونيته أكثر تقبلا للآخر واندماجا معه، وهو ما فشلا في تحقيقه بجدارة مخجلة، وبعد أكثر من ألف عام. ويمكن ملاحظة تلك التحولات الإيجابية في أوروبا عموما وفي قلبها الألماني، عندما قامت حكومتها باختيار يتيم من أصل «فيتنامي» قدم طفلا إلى ألمانيا بلا اسم ولا اصل ولا فصل، قامت باختياره وزيرا للصحة في واحدة من أقوى دول العالم اقتصادا وأكثرها جدية واحتراما للعمل وتفانيا في أدائه. والغريب، أو المدهش، أن وسائل الإعلام الألمانية كافة تناولت بدهشة وفخر تعيين فيليب روزلر، وهذا هو الاسم الذي أعطي له وهو صغير، وزيرا للصحة في حكومة أنجيلا ميركل أول مستشارة في تاريخ ألمانيا، علما بأن الوزير الجديد لا يتجاوز عمره السادسة والثلاثين عاما!
وهنا في الكويت، صلّ. على النبي، لا يسمح لفئات محددة من الشعب، وبعد مرور قرون على وجودهم في وطنهم، وبعد أن ضحى أبناؤهم وبناتهم وأهاليهم بدمائهم وأموالهم فداء الكويت، لا يسمح لهم بمجرد الدخول، دع عنك العمل، في جهات حكومية عديدة، والأمثلة أكثر من أن تحصى أو تعد، فأي سخافة هذه وأي تفرقة عنصرية مذهبية نتنة تلك، والتي نحن أبعد ما نكون عنها، ثم لتأتي صحيفة وتضع في صفحتها الأولى صورة رمزية لنا ونحن نضع دستور البلاد، الذي انتهك وينتهك مرارا وتكرار كل يوم في سطل ماء. آه، كم أنت جميل ورائع.. أيها الخجل!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

«أحد شاف… القلاف»؟


النائب سيد حسين القلاف، هذا الرجل الذي شغل الرأي العام منذ ترشحه الذي أتذكره جيداً في عام 1992 في الدائرة الثامنة بتقسيمة الـ25 السيئة الذكر كأول معمم يخوض الانتخابات، وحقق المركز الثالث في تلك الانتخابات على ما أذكر، ليليها فوز في المجلس الذي تلاه فوراً في عام 1996 (أيام كان المجلس يدوم أربع سنوات) ويصبح أول نائب يلبس العمامة في مجلس الأمة الكويتي، ووسط الخشية والتخوف من أن تكون هذه العمامة حكراً على طائفة معينة في الكويت، وأن يكون نصيراً لهذه الطائفة دون غيرها من الكويتيين، إلا أنه تمكن سريعاً من تبديد هذه المخاوف وكانت مواقفه أو على الأقل ما كنت ألاحظه بأن عمامته لا تمثل سوى قناعته، وأنه يمثل الجميع وليس محصوراً على أحد. ولأنني أحترم أصحاب القناعات وغير المتلونين، حتى إن اختلفت معهم فكرياً، فهذا ما أجبرني على احترام قناعاته كما أحترمها في نائب كعادل الصرعاوي مثلاً، ولكن ليسأل القلاف نفسه قبل أن نسأله، هل «بوصادق» 2009 هو نفس النائب في 1996؟ هل مكانته كنائب ذي صوت كثيراً ما كان يتسم بالعقلانية أصبح يرضى أن يندرج اسمه مع بعض المتشرذمين من أمثال سين، ودال، وميم مثلاً؟ لماذا تحولت يا «بوصادق» من نائب للأمة إلى نائب عن الخطأ؟ استفزني كثيرا تصريحك السيئ الذكر عن أزمة بعض الخارجين على القانون كطلال الفهد وأتباعه، ودفاعك المستميت عنهم على الرغم من علانية تمردهم على القانون، فقد دافعت عن الباطل الصريح، وعدت للكتابة في مؤسسة ديدنها الواضح الفرقة بين أبناء المجتمع، ولا دليل أكبر من استضافتهم لمدعٍ بأن إعدام صدام كان إعداماً طائفياً؟ قد أتفق معك بأن ما تراه في المجلس من نفاق وتلون يدفعان المرء للحيرة وضبابية جادة الصواب، فالمنادي بالدستور هو نفسه المرحب بخريج الفرعيات، وحامي الأموال هو نفسه مبددها، وغيرها من إهانات للمبدأ والعقل، ولكن هذا لا يعني أبداً أن تنحى تجاه الدفاع عن الباطل، كرد فعل على الممارسات الباطلة. تصرفك هذا يا سيد أشبه بأن يتجه المرء للإلحاد لأن «ملالوة» السياسة يشوهون الدين، فيتخذ الملحدون ذلك ذريعة لهم يبررون بها إلحادهم، نعم يا سيد لقد ألحدت سياسياً، كما أراك، ولم يعد القلاف «ينشاف»، أكرر كنت أختلف معك كثيراً ولكن كنت أحترم قناعاتك لأنها كانت جليّة ولا تتغير، أما اليوم فأنا أختلف معك ولا يوجد لديك قناعات كي أحترمها، والله يستر من ردك، اسمي علي خاجة فلا تقول عني ناصبي، كما تردد كثيرا في الفترة الأخيرة. خارج نطاق التغطية: خمس بطولات خليجية من أصل خمس بعيداً عن سلطة أبناء الشهيد، وانتصاران متتاليان لم نحققهما منذ زمن، وأيضاً بعيداً عن أبناء الشهيد، ولايزال البعض يعتقد أن وجود أبناء الشهيد على قمة هرم الرياضة هو النجاح؟ 

سامي النصف

التدمير والتعمير تحت ظلال الدستور

المؤكد ان الآباء المؤسسين للدستور لو أطال الله في أعمارهم لما ارتضوا بتحول ديموقراطيتنا من القدوة الحسنة للآخرين إلى القدوة السيئة، واقتصادنا من الريادة والقيادة في المنطقة إلى المتخلف عنها والحال كذلك مع تراجعنا الشديد والملحوظ في كل مجالات الحياة الاخرى، لذا فعدم الرضا المفترض لا علاقة له بالديموغرافيا بل بالممارسة الخاطئة أين كان مصدرها.

ان الدساتير والديموقراطيات والحريات في العالم اجمع ما وضعت الا لتوحيد الأمم لا تفريقها (كحالنا)، ولدعم عمليات التنمية لا تعطيلها، وللحفاظ على الوحدة الوطنية لا تمزيقها، ولمحاربة الفساد المالي والإداري لا تشجيعه، وللقضاء على التعصب والتطرف لا المساهمة في دعمه عبر الإعلام غير المسؤول، وشتان ما بين ديموقراطية متقدمة معمرة ارادها الآباء المؤسسون وديموقراطية متخلفة مدمرة نعيشها هذه الأيام.

لقد اختار الآباء المؤسسون وببعد نظر ثاقب الأخذ بالخيار الديموقراطي الذي لم يكن معروفا أو معمولا به في العالم أجمع آنذاك، حيث كانت جل الدول تنقسم ما بين ديكتاتوريات يسارية وقومية وديكتاتوريات عسكرية ويمينية لا فرق بينهما في القمع ومصادرة الحريات ولم تكن الديموقراطية الحقة ممارسة الا في قلة قليلة من دول غرب أوروبا وشمال أميركا ولبنان واسرائيل.

ومن الامور التي تميز بها الآباء المؤسسون قدرتهم على التنظير والممارسة السياسية الراقية وهو ما تشهد به محاضر المجلس التأسيسي، حيث استحال في زمنهم صدور مطالبات شعبوية مدغدغة ومدمرة تستخدم المال العام في قضايا لا عائد ماليا لها على الدولة، والمؤسف بل والمخجل ان بعض من يدعون الوصل بالأولين وحمل الراية والحفاظ على الدستور هذه الايام هم كبار المزايدين والمدغدغين في قضايا شعبوية غير عقلانية يعلمون قبل غيرهم ان حكماء الدستور ومؤسسيه لا يرضون بها او بمثلها ابدا.

ان السبب الرئيسي الذي يمنع احزاب المعارضة في الدول المتقدمة ـ وحتى المتأخرة ـ من طرح مشاريع وقضايا مدغدغة كالتوقف عن تحصيل الضرائب او مستحقات الدولة والبنوك وغيرها من افكار غبية كوسيلة للوصول او للعودة للكراسي النيابية، هو وجود مفكرين ومنظرين وساسة ومستشارين لدى حكوماتهم قادرين على تفنيد المطالبات المجنونة وكشف الضرر الفادح لها على حاضر بلادهم ومستقبل اجيالها وهو ما نفتقده تماما في كويت الحاضر الذي تفشت فيه ظاهرة فريدة وخطيرة هي من يحصدون الآلاف بل والملايين من جيوب الشعب وأمواله العامة ثم يصمتون صمت الحملان عن هدر موارد الدولة حفاظا على سلامتهم وأموالهم الخاصة.

آخر محطة :

(1) السبب «الحقيقي» لدعاوى البعض الزائفة بالحفاظ على الدستور هو الخوف الشديد من اضافة بنود تحد من الفساد التشريعي الفاضح الذي أزكم الأنوف، وتحاسب من احال الكراسي الخضراء إلى مناجم ذهب لم يشهد لها العالم مثيلا.

(2) أعتذر لأسباب فنية تتعلق بوجودي خارج البلاد من عدم الرد «مؤقتا» على الرسائل الالكترونية وستصل الإجابة فيما بعد.

احمد الصراف

فضيحة الصحة المضادة

تعتبر جماعة الاخوان المسلمين، بتنظيمها العام في مصر، وفروعها المنتشرة في الدول العربية كافة، من أكثر الجهات السياسية نشاطا وصخبا منذ أكثر من 80 عاما. وبالرغم من طول تجربة الحزب واتساع رقعة انتشاره وكبر عدد الوصوليين وغيرهم من التابعين له، الا أن من الواضح افتقاده للعمق والفلسفة العملية الواضحة، ويمكن القول أيضا أن انتشارهم يعود إلى تفشي الجهل، والأمية السياسية والثقافية، في مجتمعاتنا، الحديثة العهد بمبادئ الحرية والمساواة والرافضة للأفكار الليبرالية والتقدمية، أكثر منه لوجود فلسفة واضحة لديه! وأبلغ دليل كثرة شعارات الحزب الهلامية التي تحتمل أكثر من تفسير وتأويل. ولو استثنينا كتابات ومؤلفات سيد قطب، لوجدنا أن هناك شحا كبيرا في عدد المفكرين النيرين في صفوف الاخوان، وما كتبته، ويكتبه كتبة الحزب من أمثال يوسف القرضاوي ومحمد سعيد العوا ومحمد عمارة، على سبيل المثال لا الحصر، لا يعدو أن يكون مجموعة من التفاسير والفتاوى والشروح الدينية، اضافة إلى كتابات تبريرية وتحريضية ضررها أكثر من نفعها.

•••
في محاولة لإحراج وزير الصحة، د. هلال الساير، قام الزميل عادل القصار بكتابة مقال ضمّنه رابطا عن تصريح لوزيرة الصحة الفنلندية قالت فيه إن أميركا تهدف إلى تقليص سكان العالم بنسبة الثلثين، من دون تكبد شيء، بل وجني المليارات(!) واجبار منظمة الصحة العالمية على تصنيف إنفلونزا الخنازير كوباء مهلك كي يجعلوا التلقيح اجباريا، وأن حكومة الوزيرة الفنلندية رفضت ذلك التصنيف وجعلت درجة المرض عاديا، وأن لا أحد يعرف نتيجة أخذ الطعم أو اللقاح بعد سنوات، وقد ينتج عنه عقم مطلق أو سرطان أو أمراض فتاكة(!). كما ورد في مقاله الذي نشر في عدد الأربعاء الماضي أمور أخرى لا نود التطرق لها هنا.
لعلم عادل القصار ومن قرأ مقاله، وعلق عليه بالانترنت اعجابا، فان من أطلق عليها «وزيرة الصحة الفنلندية وأنها زميلة د. هلال الساير، والتي ربما لم يعرف اسمها، هي Rauni-Leena Luukanen-Kilde من مواليد 1939 وكانت قبل ربع قرن ضابطة صحية في احدى مقاطعات فنلندا، ولم تكن في أي وقت وزيرة للصحة أو لغيرها. كما أصيبت في عام 1986 في حادث سير جعلها عاجزة عن القيام بأي عمل جدي، كما أنها، اضافة لما يشاع عن هلوساتها، مسكونة بنظرية المؤامرة العالمية، وبوجود مخلوقات في العالم الخارجي. وقد وضعت بعض المؤلفات في هذين المجالين منها كتاب عن لقاءاتها المائة مع مخلوقات من الفضاء الخارجي، وكيف أن تلك المخلوقات أنقذت حياتها 3 مرات من موت محقق! كما أنها لم تتردد في ادعاء ألقاب وظيفية عالية من دون سند. ولمزيد من المعلومات عنها يمكن البحث في غوغل.
وهنا نتمنى على الأخ عادل توخي الحذر عما يخبره به أو ينقله الآخرون له.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

آخ… يا واسَفا

بعد أسبوعين من الراحة، خلعت فيهما عقلي من رأسي، ونفيته إلى جزيرة سانت هيلانة لدواعي الغسل والتشحيم، أعود لأعترف أنني فُجعت وأنا أتابع «فضيحة الشيك»، وهي من أكبر الفضائح في تاريخ الكويت المحلي، ورائحتها نتنة عفنة عطنة، أنتن وأعفن من رائحة بيت الأسد الإفريقي.

على أن هذه الفضيحة لم تصدمني كما صدمني بحثي في قش التصريحات عن تصريح للنائب الذي أحبه وأجله، عبدالله الرومي، يبدي فيه غضبه مما حدث… فلم أجد، «يا واسَفا»!

طبعا، الرومي ليس الوحيد ممن كنا نعول عليهم فصمتوا، فكتلة العمل الوطني – وهي الكتلة التي أُعيد إحياؤها خلسة تحت لحاف الظلام – صمتت، ولم تنبس، ولم تنبر، صكتم بكتم. ولا أدري من هم أعضاؤها بالضبط، ولا أظن أحداً يدري، فهي مثل صلاة الدرزي، لا يعرفها إلا الدروز، وأنا لا أعرف من الدروز إلا جنبلاط وطلال أرسلان وفريد الأطرش والزميل ناصر العتيبي… لكنني سأفترض أنهم بعض النواب الحضر السنة، من ذوي المواقف المشهودة، ومنهم مرزوق الغانم، وصالح الملا، وعبدالرحمن العنجري، ود. أسيل العوضي، وعادل الصرعاوي (سابقاً)، وغيرهم ممن يجيدون العزف على وتر الدستور والقوانين بلا نوتة، هكذا عمياني.

وإن كانت د. أسيل – التي أضحكتنا وأبكتنا شفقة عليها وهي تبحث في الحروف الأبجدية عن مبرر لفضيحة الشيك – تمشي في شارع السياسة برشاقة، وتعتني بأظافرها، وتجالس وتؤانس العضوة الحاجة سلوى الجسار، التي التبست عليها الأمور فراحت تتصرف كما تتصرف أميرات بطرسبورج في صلفهن وكبريائهن، وتمشي وتأكل وتشرب وهي ممسكة برجل كرسي البرلمان. و»القرين بالمقارن يقتدي»، ولا فرق في الأداء بين أسيل وسلوى… أقول مهما فعلت أسيل، فلن تموء قطة في الشارع، ولن يرف جناح عصفور، إذ لا تاريخَ حافلاً يثقل كاهلها، ولا سيرة عطرة حفرتها بأظافرها في الصخور، أما الرومي ذو التاريخ والسيرة والمسيرة، فسكوته يشيب له شعر الليل، حتى إن أسَرّ لجلسائه أن سبب سكوته هو البعد عن التأزيم والخوف على الديمقراطية.

وهو بهذا يذكرني بالعجوز اليمنية التي ركبت الطائرة أول مرة، وتسمرت في مكانها، لا تلتفت ولا تتكلم، وما إن أقلعت الطائرة، وتحرك الركاب في الممر، حتى صرخت فيهم: «ما تتحركوش، شاتكع التِيّارة»، أي ستقع الطائرة، فتجمهروا حولها يسكّنون روعها، ولا فائدة، واصلت المدموزيل عويلها وصراخها في وجه كل من يتحرك ويتسبب في هز الطائرة: «ويلش يا أمي ويلش، ما يقرّوش، شاتكع التيارة، شاتكع، شااااتكع»، تقول ذلك وهي تضرب رأسها وتهزه يميناً ويساراً.

وعبدالله الرومي خوفاً من أن «تكَع التيارة»، كما يدّعي، يتفرج بصمت على أنصار سمو رئيس الحكومة وهم يعبثون بالدستور الذي منح النواب حرية الحديث تحت القبة من دون أي مؤاخذة؟ حسافة عليك يا بومحمد. حسافة أن تكنس تاريخك تحت سجادة الصمت، حسافة أن يلتبس الأمر على الأجيال المقبلة فيظنوك واحداً من الذين تُنثر لهم الحبوب في العشة، فينحنون ليأكلوها.

وبعدين، كيف تنادون بالتهدئة، ثم تهددون باستجواب وزير الشؤون على خلفية الرياضة؟ أم أن الخلاف الرياضي أهم من قصقصة أجنحة النائب وشراء ذمته وكسر عينه اليمنى؟ شفيك يا بومحمد، يا قانوني يا مخضرم؟

أتريد الحقيقة يا بومحمد، نحن نعرف تفسير موقفك هذا، أنت وكتلتك، وهو أكثر خطورة من «شيك الرئيس»! لكن الحديث عنه قد يجرنا إلى دهاليز زلقة مميتة. وليتك وكتلتك تتعلمون من شباب التحالف الوطني الديمقراطي، وتتابعون مواقفهم المفخرة، والتحالف كما تعلم هو التوأم غير الشقيق للكتلة… ومرة أخرى… يا واسفا. 

سامي النصف

المركز المالي الإسلامي هو الحل

للمعلومة، تنقسم المراكز المالية الى أنواع عدة منها المركز المالي «العالمي» كحال طوكيو ولندن ونيويورك، واحتمال ان ننافسهم أو نصبح مثلهم أقرب منه احتمال أن تشرق الشمس من الغرب أو تغرب من الشرق أو أن تنتهي المشاكل السياسية من حياتنا الكويتية.. لا فرق.

نوع آخر هو مراكز «الأوف شور» المالية والبنكية كحال جزر الكايمان وهذا الدور قامت به وبكفاءة عالية ومنذ سنوات طوال مملكة البحرين التي وطنت مئات البنوك الأجنبية لديها (مقابل أقل من عشرة لدينا) ومن ثم علينا ان نغسل أيدينا من هذا الخيار إن أردنا الواقعية.

النوع الثالث هو المركز «الإقليمي» المالي، وإشكالية هذا الخيار انك لا تختاره لنفسك فقط بل يجب ان يختاره العالم والدول المجاورة لك، والذي يكتفي في كل مرة بمركزين ماليين إقليميين لكل إقليم جغرافي كحال هونغ كونغ وسنغافورة في شرق آسيا، وسويسرا ولوكسمبورغ في أوروبا ..الخ، وواضح ان هذين المركزين قد تأسسا في الخليج عبر ما نراه قائما في دولتي الإمارات وقطر.

ومزايا هاتين الدولتين مقارنة بالكويت لا تعد ولا تحصى، فلهم أولا السبق الزمني وما دفعوه من مئات المليارات لتطوير بناهم التحتية وتطوير تشريعاتهم، وقضائهم على الروتين واستقرارهم السياسي ووجود شركات طيران وطنية عملاقة (القطرية، الإماراتية، الاتحاد)، تجلب ملايين السائحين والمستثمرين لبلدانهم، اضافة الى الحياة الاجتماعية المنفتحة (لا مركز ماليا دون ذلك الشرط) والأنظمة التعليمية المختلطة والمتطورة التي لا يتدخل أحد في مناهجها أو.. حفلاتها الموسيقية!

الأمل «الوحيد» للكويت بعد تلك المعطيات هو في خلق مركز مالي إقليمي أو عالمي للاقتصاد «الإسلامي» وهو ما يعكس وبحق واقعنا، وهذا الخيار لن يبقى طويلا على الطاولة حيث يمكن لمدن سريعة القرار كالرياض أو جدة أو مسقط أن تستحوذ عليه في ظل بقاء «اللاخبرات» الاقتصادية الكويتية الشهيرة بمحدودية التفكير والقدرات وتركيزها الشديد والوحيد على ما ينفعها شخصيا ويملأ جيوبها لا ما ينفع الكويت ومستقبلها.

آخر محطة:
 
(1) يمكن ان تشتري أعلى الشهادات الجامعية وحتى الدكتوراه، ويمكن كذلك تعلم اللغات الأجنبية عبر التواجد في الخارج، ويمكن الخداع والتظاهر بالعلم والمعرفة، إلا أن ما لا يشترى بمال هو الذكاء والحنكة والحكمة التي لو تواجدت لدى بعض «اللاخبرات» الكويتية لما صنفنا تقرير شركة ميريل لينش العالمية الصادر أمس بأننا سنبقى الأسوأ اقتصاديا وبعشرات الأضعاف من دول المنطقة لعام 2010.. ولما بعده على الأرجح!

(2) قابلت خلال الأسابيع الماضية في الكويت وخارجها العشرات من العراقيين ممن كان لديهم انطباع واحد هو ان شعبهم يختلف على كل شيء إلا في تحميل الكويت مسؤولية الأوضاع السيئة التي يعيشونها مستشهدين بما أعلناه – دون داع أو قدرة – من رفضنا اخراج بلدهم من قرارات الفصل السابع، كيف نفكر في مشروع المركز المالي ونحن نسيء عبر النصح السيئ لدول الجوار التي يفترض ان تقبل بأن نكون بوابتها للعالم؟! مستقبل و«بقاء» الكويت يفرضان علينا تغييرا جذريا في النهج والفكر وقبلهما في شخوص..اللاخبراء!