احمد الصراف

النّصب الديني.. والبلاك بري!

منذ ظهور الأديان، بدائية أو سماوية أو وحدانية أو متعددة الأرباب، لم يعدم المشتغلون بها وسيلة إلا لجأوا اليها للتكسب من احترام البشر شبه الفطري لرجال الدين وتوقيرهم، وتصديق غالب -إنْ لم يكن كل- ما يصدر عنهم. ويبدو أن التكسب من الدين سيكون آخر تجارة بائرة، طالما بقي الناس على حرصهم على وضع المسؤولية على عاتق غيرهم من منطلق «حطها براس عالم واخرج منها سالم»!
لا نود التطرق الى الطرق القديمة في الاستفادة من الدين، فهي عديدة ومعروفة وسئمنا من سماعها وتكرار قولها، ولا بد بالتالي من البحث عن الجديد في طرق النصب والاحتيال، فالفكر الشرير، كما في عالم الجريمة ومكافحتها، يسبق الفكر الطيب، وآخر هذه الطرق، النصب بإرسال رسالة نصية تقول:
فسر حلمك على هدي الكتاب والسنة وأخبار أهل العالم واتصل على الرقم (..)، وتكلفة الدقيقة على المتصل 300 فلس!
وحيث ان 300 فلس مبلغ تافه جدا لدى الكثيرين، والغالبية لديها حلم أو أكثر تريد له تفسيرا، قبل أن تنساه لتنتقل الى حلم آخر، فعلينا تخيل ما يمكن جنيه من هذه الطريقة المبدعة من مال سهل.. وحلال وزلال!
كما توجد على الانترنت طريقة إثراء عجيبة أخرى من خلال استغلال الدين، وذلك بالإعلان عن أداء الحج أو العمرة إلكترونيا، فما على الراغب في ذلك إلا تعبئة نموذج محدد عن طريق الانترنت، وإرسال مبلغ من المال لحساب مصرفي، ليقوم من تتوافر فيه الشروط الصحيحة بالحج أو العمرة عن السائل الكسول، أو العاجز.
كما قام بعض المحتالين في إيران، وربما في العراق، باتباع طريقة احتيال مبتكرة لم يفكر أحد فيها من قبل، على الرغم من سهولتها، وحتى عندما كانت الأمية أكثر انتشارا والجهل أكثر استشراء، ويهدف أصحاب هذه الطريقة الى «مساعدة المؤمنين والفقراء» أو أولئك الذين لا تسمح لهم ظروف العمل أو العائلة بالسفر الى زيارة الأماكن والعتبات المقدسة، وذلك بصنع أشكال تشبه الأضرحة والانتقال بها على عربات نقل تجوب المدن والقرى النائية، لكي يتمكن القرويون المؤمنون من لمسها والتبرك بها وشمها وضمها وتقبيلها والرجاء منها تلبية دعواتهم وسماع صلواتهم وإعادة الغائب منهم لأهله، ومن ثم -وهذا هو المهم- التبرع للمؤسسة الدينية برمي الأموال من خلال فتحات الضريح النقال!
وهكذا، نجد أن طرق النصب والاحتيال تتقدم وتتطور تبعا لتقدم العصر ومتطلباته، من دون الوقوف ولو لبرهة أمام عائق العادات والتقاليد، فمنذ متى كان من عاداتنا طرح الأسئلة الدينية وطلب تفسير حلم من خلال جهاز البلاك بري؟.. ولكن يبدو أن متطلبات الإثراء السريع وغير المشروع تبرر كل شيء!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

علي محمود خاجه

شيك بو لحية

برأيي المحورالثاني هو الأهم في استجواب فيصل المسلم، وهو موضوع شيك صدر من سمو الرئيس لأحد النواب السابقين أثناء فترة نيابته كما ادعى فيصل المسلم، وأعتقد أنه صادق في ادعائه لعدم نفي أي جهة لهذا الخبر، ولجوئهم إلى منطق «من وين ياب الشيك؟ وشلون يابه؟».

طيّب، نحن أمام مشكلة حقيقية لا تُبرَّر… حتى إن أحببنا شخصية ونوايا الشيخ ناصر، المشكلة تتمثل في تقديمه أموالاً لنائب دوره يتمثل في مراقبة ومحاسبة سمو الرئيس ومن في فريقه، فتقديم الشيخ ناصر مبلغاً من المال، أكرر أيا كانت النية وأيا كان الحساب شخصيا أم غيره، هو إهانة للعمل البرلماني والنظامي، فهي رشوة إن كنا صريحين وتصرف مرفوض إن كنا أقل صراحة.

ولنفرض أنني صاحب شركة وقدمت أموالا من حساب الشركة أو من حسابي الخاص لوزير التجارة أو المسؤول عن الشركات في وزارة التجارة حتى لو كانت هذه الأموال من باب المساعدة الإنسانية فهل سيعاقب المسؤول في حال علم الأعلى منه في الدرجة الوظيفية بتلك الأموال التي قدمتها؟ وهل سيشكل مصدر الأموال سواء من حساب شركتي أو من حسابي الخاص فرقا لديه؟

نحن أمام نفس المسألة بالنسبة لسمو الرئيس، فتقديمه الأموال لنائب أثناء ممارسة مهامه لا يجوز، قد لا يكون سمو الشيخ ناصر أول من يقوم بهذه الفعلة، وقد تكون هذه الهبات أو المنح أو سمّوها ما شئتم سنّة استنها الشيخ ناصر ممن سبقوه، ولكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن هذه السنّة صحيحة أو مقبولة، برأيي يا سمو الرئيس أن هذا الاستجواب الوحيد طوال فترة وزاراتك الذي يستحق فعلا الاستقالة والاعتذار عن تولي أي وزارة قادمة.

أما بالنسبة للنائب فيصل المسلم فأنت لم تقدم الحقيقة كاملة، وهو ما يبين لنا كارثية العمل داخل تيار دون فهم أن التيار لا يعني أبدا تغطية أخطاء أو هفوات أعضاء التيار، ففي مارس الماضي اعترف والاعتراف سيد الأدلة زميلك في كتلة التنمية والإصلاح الدكتور وليد الطبطبائي باستلامه مبلغا من سمو رئيس الوزراء وأكرر أياً كانت النوايا والأسباب، فرئيس الوزراء قدم أموالاً لنائب، والمصيبة أن هذا النائب مستمر في عمله النيابي وليس كبطل محور استجوابك الذي لم يعد عضوا في المجلس، وما يثبت أنك متناقض ولا ترفض مبدأ قبض الأموال هو أنك قبلت أن تكون عضواً في كتلة ثلاثية، الدكتور وليد أحد أضلاعها بعد اعترافه باستلام الأموال، وهو يعني أنك لا ترفض مستلم الأموال وتستجوب مقدمها!! أم أن اللحى تشفع لأصحابها حتى إن أخطؤوا يا دكتور؟

أصبحنا للأسف في بلد كله تناقضات وأوله من يفترض بهم أن يكونوا نخبة المجتمع السياسي وصفوته.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

تنشد عن الحال؟!

في مثل هذه الأيام من عام 1971 فقدت عزيزا لي وقد شاهدته في المنام قبل أيام يسألني عن حال الكويت وهو الذي تركها عندما كانت بالفعل لؤلؤة الخليج المتألقة والسباقة في كل مناحي الحياة فماذا بإمكاني أن أجيبه عن تساؤلاته؟!

هل أقول له ان ديموقراطية البناء والتعمير والتخاطب الراقي في أيامهم تحولت في أيامنا هذه الى لعبة سياسية مسخ لا يعرفها من انشأها من الآباء المؤسسين، وانها استبدلت البناء بالهدم والتعمير بالتدمير، والتخاطب الراقي بالألفاظ التي يستحي منها حتى أبناء الشوارع؟ واذا كان الآباء المؤسسون قد ضحوا بمصالحهم الخاصة لأجل المصلحة العامة، وبأموالهم الخاصة للحفاظ على الأموال العامة فقد انعكس الحال وأصبح أرخص ما يضحى به هذه الأيام هو مصلحة الوطن وأمواله لأجل ملء جيوب لا تمتلئ أبدا.

وهل أحدثه عن أوضاعنا الاقتصادية التي كانت في أحسن حال وسعر البرميل في أيامهم لا يتجاوز الدولار الواحد بسبب الحكمة والحنكة وحسن التدبير فأضحت هذه الأيام مصيبة المصائب رغم ان سعر النفط تجاوز 80 دولارا، ووصل قبل عام الى 150 دولارا ومع ذلك نعيش في كوارث وأزمات مالية لا تعاني من مثلها بلدان مليارية الأعداد كالهند والصين.

وهل أخبره عن ضياع القدوات الحسنة في السياسة والاقتصاد ومجالات الحياة الأخرى وحتى لدى رجال الدين وهم من يفترض بهم أن يكونوا قمم الفضيلة والزهد والصدق والتجرد، فقد جرفتهم السياسة والمصالح الضيقة فيما جرفت، وأصبحت لهم قصور شاهقة تفوق قصور الأباطرة والقياصرة وأصبحت آراء ومواقف البعض منهم للأسف تباع وتشترى في أسواق نخاسة المال والذهب الرنان.

أما الوحدة الوطنية يا عزيزي الراحل الكبير فقد أصبحت شعارا يطنطن به ويرفع دون مضمون وكلاما يقال دون ان يفقه قائله معناه واستحقاقاته، فليس من الوحدة الوطنية في شيء كما تعلمون ان يقدم ولاء العائلة أو القبيلة أو الطائفة أو ولاء الدول الأخرى على الولاء للوطن، وليس من الوطنية ان يتم التجاوز على الأموال العامة بدلا من دفع الضرائب والأموال لدعم الميزانية العامة، لقد قتل وطننا بعد رحيلكم على يد الغريب وتُقطع أوصاله وينحر من الوريد الى الوريد هذه الأيام على يد أبنائه ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وإن كان الجيران والآخرون يأتون في أيامكم لبلدنا للعلاج والتعليم والسياحة والاستثمار فقد أصبحنا ولله الحمد والمنة نصدر السائحين والمستثمرين والطلبة والمرضى لبلدانهم، اما انجازاتنا الرياضية فقد تحولت الى اخفاقات بعد ان تسابقنا على الاستعانة بالغريب على القريب، ولن أحدثك عن النهضة الأدبية والشعرية والمسرحية ومعرض كتاب الكويت الشهير، فجميع تلك الأمور أصبحت من المحرمات لا يجوز ممارستها أو الحديث عنها.

آخر محطة:

أسوأ ما يحدث في أيامنا هذه هو ان الجميع يتحدث عن المستقبل «المجهول» ولا أحد يتحدث عن المستقبل المشرق الزاهر.

احمد الصراف

موسيقى حائط المبكى

في آخر يوم عمل لصحافية بريطانية في القدس، طلبت مقابلة شخصية مميزة، فقيل لها ان عليها لقاء «راباي» يصلي منذ سنوات طويلة أمام حائط المبكى، وعندما قابلته سألته عما يفعله أمام الحائط منذ سنوات، فقال انه يصلي منذ أربعين عاما من أجل السلام بين اليهود والفلسطينيين والعرب، ويصلي من أجل أطفال يهودا والسامرة، وأطفال القدس ورام الله وغزة وحطين، وكل مدن فلسطين، يصلي من أجل أطفال العرب وأفريقيا والعالم، ومن أجل السلم والوئام والاستقرار ونهاية الحروب، وعالم من غير أسلحة دمار شامل! وهنا سألته الصحافية عما تحقق من صلواته: فنظر إليها باستغراب، وكأنها لا تفهم، وقال: ألا ترين أنني أتحدث مع حائط من الحجر؟!
تذكرت هذه الطرفة وأنا أستذكر كل ما كتبناه، وعدد من الزملاء والزميلات، عن فضل الموسيقى وأهميتها في حياة كل واحد منا، ومدى تأثيرها في خلجات أنفسنا، ودورها في الحروب والغوص والتجارة، وتذكر الأهل والحنين إلى الوطن، والتفاعل مع الروح الإنسانية العالية، التي تجرد منها البعض، وأصبحوا أقرب إلى الأغنام منهم إلى البشر، وذلك في معرض دفاعنا عن موقف وزارة التربية من تدريس مادة الموسيقى في المدارس الحكومية، فموقفنا جميعا يشبه إلى حد كبير موقف ذلك الراباي، وهو يتحدث مع حائط مبني من الصخر لا يفقه شيئا. فالمسألة لا تتعلق بمنطق لكي يكون العقل هو الحكم، ولا بذوق عند من لا يعرفه، ولا بتربية مع من خلت الأصوات المرحة والجميلة، دع عنك العالمية والسامية، من حياته، بل الأمر يتعلق بقناعات ومواقف لا تعرف غير شد أحزمة المتفجرات وتفجيرها في الرضع والأمهات، ابتغاء ملاقاة الحور العين أو ما هو أعلى في طرفة عين!
إن العيب لا يكمن في عقول وأنفس المعترضين على تدريس الموسيقى في المدارس الحكومية، ولا في عقول من تظاهروا مطالبين بمنع «سماعها» دع عنك تدريسها، لأبنائهم، بل بتلك المناهج البالية التي طالما كتبنا مطالبين بتشذيبها من البالي من الأفكار التي تخرج هكذا عقليات لا تعرف غير تحريم ما تشتهي وتحليل ما ترغب، متذرعة بمقولة الحرام بين والحلال بين.
نعود ونقول، ولايزال في الوقت متسع، بأن ما نحصده الآن من مواقف متشددة، ما هو إلا نتيجة ما درس في مدارس الحكومة من تخلف. وما سنحصده ونراه في السنوات العشر أو العشرين المقبلة، هو ما يدرس الآن في مدارسنا ومعاهدنا، والخيار أمامكم، إما اللحاق، ما أمكن، بركب بقية الأمم، وإما الرضا بالبقاء في الحضيض، مع غربان البين، رغبة في إرضاء من لا يرتوون من أي رغبة!
ملاحظة: كتب من كنا نعتقد برجاحة عقله أنه درس الموسيقى سنوات في المدرسة، ومع هذا لم تعن له غير «تاتا فافا تراتا»، ولهذا فهي، أي الموسيقى، لا تعني شيئا!

أحمد الصراف
[email protected]

سامي النصف

استجوابات سبق الإصرار والترصد

تحولت الاستجوابات من «اداة دستورية» خلقت لاجلاء الحقائق واعادة الاموال العامة الى خزائنها الى «جرائم كبرى» ترتكب بحق استقرار الوطن وثرواته مع سبق اصرار وترصد شديدين من قبل الفاعلين او القابضين لا فرق، وانتهت تلك الادوات الخيرة لأن تصبح ادوات ارهاب وقمع لآراء الحكماء والعقلاء من النواب وبعيدة كل البعد عن نصوص وروح الدستور وما قصده ورغب فيه الآباء الشرعيون له.

فأغلبية الاستجوابات المقدمة هذه الايام هي استجوابات غير دستورية كونها تتحدث عن قضايا تمت في وزارات سابقة، وقد اتى نص حكم المحكمة الدستورية واضحا وصريحا في هذه القضية، كما انها بعيدة كل البعد عن الـ 16 ضابطا التي وضعتها المحكمة الدستورية الموقرة في حكمها الصادر في اكتوبر 2006، وما فائدة تلك الاحكام اذا لم نعمل او نستشهد بها؟!

والانكى والامر انها في الواقع استجوابات «مدفوعة الثمن» كاملة الدسم رفعت لاجل فتح سوق نخاسة وتكسب وخلق ثروات لبعض النواب الآخرين من حساب الشعب الكويتي المغلوب على امره في نهج مدمر يبعد البلد عن مساره التنموي الصحيح وفي وقت تتبخر فيه مليارات الدنانير من مدخرات المواطنين عبر انهيارات متتالية لسوق الاوراق المالية بسبب الازمات السياسية المتلاحقة التي «طفشت» الاموال وطردت رجال الاعمال مع.. سبق اصرار وترصد!

وقد كان الشيخ جابر المبارك كبيرا وفارسا في خصومته عندما خرج من جلسة رفع الحصانة عن النائب الذي يستجوبه كون الوزير المعني قد «طبق القانون» ابان الانتخابات الماضية، وكأن رسالة الاستجواب هي الدعوة للفوضى وللتحول الى دولة شريعة الغاب، لا بلد احترام القوانين والتشريعات.

ولم اجد في استجواب وزير الدفاع الا «شخصنة مطلقة» ومحاور غير دستورية كونها تمت ابان عمل حكومات سابقة، فالعلاج في الخارج في وزارة الدفاع الذي يتباكى البعض عليه يصرف ـ للعلم ـ من الاموال العامة نفسها التي تصرف على العلاج في الخارج في وزارة الصحة والذي يعلم الجميع من كان فارسها والمستفيد الاول منها!

كما ان حادث «الاديرع» المؤسف مضت عليه سنوات عدة ويحدث مثله في جميع جيوش العالم مادام هناك تعامل يومي مع مواد شديدة الخطورة والانفجار، ويُظهر تضمينه الاستجواب الضعف الشديد للمحاور الاخرى.

آخر محطة:
 
1 ـ بودنا ان يسن وزير الدفاع سنة ديموقراطية حسنة بألا يطيل الحديث والا يزيد جوابه عن دقيقة او دقيقتين يشير من خلالهما لعدم دستورية هذا المحور او ذاك وأي اجراءات تمت، فمن معه معه ومن دفع للوقوف ضده سيقف ضده سواء أطال او اختزل.

2 ـ تقصّد وزراء السيادة يدل على كبر حجم المبالغ المتسلمة ويستدعي تفعيل «لجان القيم» وقوانين «من اين لك هذا؟».

احمد الصراف

الإرهابي أحمد بن ناصر

يقول الصديق ناصر في رسالته إنه كان بالأمس يتحدث مع ابنه، أثناء مشاهدة فيلم سينمائي، عن ضرورة اهتمامه بالدراسة والحصول على علامات جيدة. وقال له، في محاولة لاغرائه بالاجتهاد في دروسه، انه سيسافر به في الصيف الى أي مدينة يحب، وربما الى أميركا، ان سمحت ظروفهم المالية بذلك، وانه سيتمكن ربما من زيارة مدينة والت دزني للملاهي، التي طالما حلم بها، بعد أن سمع عنها وشاهد الكثير من معالمها في الصور والأفلام السينمائية. ولكن ناصر فوجئ بالدهشة لسماع ابنه يقول انه لا يود السفر الى أميركا، وعندما سأله عن السبب، قال أحمد، وهذا اسم ابنه، لأنهم «كفارررر»! هكذا نطقها بتشديد عميق على حرف الراء. فسأله والده، وهو مصدوم من اجابته، عمن قال له ذلك؟ فقال انها مدرسة الدين في المدرسة، وأضاف أحمد ان الأميركان يأكلون لحم الخنزير، وكل ما يستخرج منه، وانهم كفار والله ما يحبهم لأنهم ما يعبدونه، ولهذا السبب، أو علشان جذي، لا أريد أن أسافر الى أميركا ولا أشوف «والت ديزني»!
وهنا تدخلت زوجة ناصر، التي كانت تستمع لابنهما وأبدت شديد غضبها من حديثه، وقالت انها ستذهب في الغد الى المدرسة لمعرفة ما يجري بها من غسل لأدمغة الطلبة، فطيب ناصر خاطرها ووعدها خيرا وجلس في تلك الليلة طويلا مع ابنه يطلعه على الكثير مما احتوته مكتبته من أفلام تعليمية وصور وكليبات «اليوتيوب» التي تبين دور أميركا في الكثير من المكتشفات والاختراعات والأدوية، وما قاموا به من جهود عظيمة في تحرير الكويت واعادتها حرة لأبنائها، والتركيز بدرجة أكبر على أن أميركا دولة لا يختلف شعبها عن أي شعب آخر وأنهم بشر طبيعيون، وأننا ندين لهم بالكثير وعلينا محبتهم، أو على الأقل عدم معاداتهم أو كرههم!
أنهى ناصر رسالته بالقول انه شعر بأن الصبي قد اقتنع قليلا بكلامه، لكن ليس تماما، فبعد كل ذلك الكم من الصور والأفلام وكليبات اليوتيوب التي أطلعه عليها، كان الصبي يقلب رأسه ويمط شفتيه وكأنه غير مقتنع تماما، وأن تأثير كلام معلمته فيه كان قويا لدرجة أقلقته كثيرا!
المهم في الموضوع أن أحمد لا يتجاوز من العمر أكثر من ثماني سنوات، وعلى الرغم من ذلك تعرض على يد معلمته، أو «الأبلة»، لاعتداء عقلي شرير خلق منه ارهابيا صغيرا على استعداد للقيام بما يرضي المعلمة، ويسيء لأميركا الكافرة، وكل ذلك من خارج مناهج المدرسة. وهذا يبين أن القضية ليست فقط قضية مناهج خربة بل ومدرسين نجحت الآلة الدينية الحزبية للسلف والاخوان في تحويلهم لأدوات مفسدة للنشء ومخربة لعقولهم. فيا موضي كم هي صعبة مهمتك!!
أحمد الصراف
[email protected]

سامي النصف

اغتيال الكويت

ذكرنا في أكثر من مقال سابق ان هناك من يدمر الكويت ويغتالها سياسيا واقتصاديا تحت رايات مدغدغة ظاهرها رحمة وباطنها عذاب وقلنا ان تلك الافعال تصب لصالح جهات تستفيد مما يحدث فلا يمكن ان يكون البعض منا بهذا الغباء القاتل ولا يعي تبعات ما يقول ويفعل.

ففي الشق السياسي لا يمكن التفكير للحظة في أن ما يجري له علاقة من قريب أو بعيد بالديموقراطية او الحفاظ على الدستور، كما لا يمكن ان يدعي احد ان ما نراه من عبث هو انعكاس لرغبات الاباء المؤسسين ممن يتبرأون مما يرون ويسمعون براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

فقد دمرت مشاريع الـ B.O.T عبر شروط التعسف والاذعان ودعاوى اشراك الشعب الكويتي كافة في الاكتتاب بتلك المشاريع غير مضمونة الربح مما يعني شفط مدخرات الفقراء بحجة اثرائهم ! ولو كانت تلك الافكار الطاردة المجنونة فاعلة ومقبولة لسبقتنا إليها الدول المتقدمة الاخرى التي تعلم علم اليقين ان تفتيت الثروة هو تدمير لها.

وكنا منذ الصغر نعلم ان اسوأ طريقة لاستخدام ثروة الكويت الناضبة ونعني النفط هي عبر بيعه كمادة خام حيث تتذبذب اسعاره بينما ترتفع بشكل دائم اسعار منتجاته كالكيماويات والبلاستيك والبنزين.. الخ، لذا كان مستغربا (او غير مستغرب) ان نُمنع من انتهاز الفرصة الذهبية التي اتاحها لنا الانهيار العالمي ويتم الغاء مشروعي الداو والمصفاة الرابعة لاسباب غير معروفة ودون محاسبة احد وكأن المقصود هو فقط تدمير اي امل في نهوض الكويت مستقبلا.

والامر كذلك مع مشاريع الاتصالات وانشاء بنوك التي اضعفت وبشكل شديد اهم صروحنا الاقتصادية ونعني قطاعي البنوك والاتصالات، والتي نشهد اندماجها في الدول الاخرى لا انشاء المزيد منها كحالنا ودون اي كسب حقيقي للمواطنين المخدوعين والمغلوبين على امرهم فاسعار المكالمات كما هي والحال كذلك مع فوائد وتسهيلات البنوك وعوائد تلك المساهمات «ان ربحت» لن تزيد عن 6 – 8 دنانير في العام.

وقبل عامين صدر قرار اعدام «الكويتية» بعد ان لاحظ الجناة انها بدأت تسلك المسار الصحيح وتعتزم تحديث اسطولها ومد شبكة تشغيلها لمشارق الارض ومغاربها كي تنافس زميلاتها في المنطقة ولخدمة مشروع المركز المالي الكويتي دون ان تكلف المال العام فلسا واحدا فتم الضغط انذاك على مسؤول اشتهر بالحمرنة والحرمنة معا، فألغى مشروع تحديث الاسطول بحجة الخصخصة وبيعها للقطاع الخاص ودمرت بذلك احدي اقدم مؤسسات الطيران في الخليج.

وبعد ان فرغ الجناة من تدمير حاضر الشعب الكويتي توجهوا لتدمير مستقبله فتسببوا في إفلاس مستقبلي لمؤسسة التأمينات الاجتماعية عبر ادخالها في دين اكتواري فاق 10 مليارات دينار بسبب التقاعد المبكر وغيره، ثم دفعوا بسلسلة مشاريع مدغدغة غير مسبوقة في التاريخ كالقروض و50 مشروعا آخرى كفيلة بتجفيف الميزانية وشفطها وتحول بلدنا الى مدينة ذهب اخرى يهجرها اهلها وتذروها الرياح، وكم من جرائم ترتكب في حق الشعب الكويتي تحت دعاوى محبته!

أخر محطة:
 
(1) في عام 90 تسببت خلافاتنا في دعوة الدب الصدامي الى حقلنا واغتيلت الكويت في فجر 2/8 ثم عادت للحياة بمعجزة في 26/2 ونقسم ان ضاعت أو اغتيلت الكويت هذه المرة (وليس بالضرورة عبر الغزو) فإنها لن ترجع للحياة ولن يرحم التاريخ بعد ذلك احدا.. اللهم فاشهد.

(2) حكم اغتيال الكويت قد صدر وما نراه من مصائب وغرائب هو خطوات متعاقبة على طريق التنفيذ، والله المستعان!

احمد الصراف

لمياء.. يا حلم الوطن

حصلت لمياء على شهادة الدكتوراه في تخصص نادر، وعملت قبل الغزو والاحتلال في وزارة الصحة في مجال المناعة الوراثية، واستمرت فيه لما بعد التحرير، ثم انتقلت للعمل في لندن، وهناك تسلمت وظيفة إدارية عالية في أحد أكبر مستشفياتها، وبعدها انتقلت الى روما، حيث بدأ نجمها العلمي والعملي بالظهور، بعد أن عينت مندوبة دائمة للكويت في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وهي المنظمة الأكثر نشاطا وأهمية بين جميع المنظمات الدولية. وفي الفاو، ومن واقع شهادات مكتوبة ممن عملت معهم من كبار سفراء الدول العظمي، أبلت بلاء حسنا في وظيفتها المرموقة، وخلال فترة ترؤسها للجنة الـ77 التي تضم أكثر من 130، وفي المناصب الأخرى التي تولتها في المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي، والذي كان له الأثر الايجابي على اعمال المنظمة ووطنها بشكل عام.
وفجأة، أقيلت لمياء من وظيفتها، وجميع مهامها الأخرى، وشوهت سمعتها من خلال صحف معروفة بعدائها للمرأة، وتركت في روما لكي «تعابل» نفسها، بعد أن رفضت حكومتها حتى التكفل بأمر عودتها الى وطنها.
هذه هي لمياء السقاف، التي كانت وجه الكويت الحضاري في المنتديات والمحافل الدولية، والتي تمت قبل فترة قصيرة إقالتها من وظيفتها المهمة، التابعة للهيئة العامة للزراعة، وبطلب من وزارة الخارجية الكويتية!
قد يكون لنائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية، الشيخ الدكتور محمد الصباح أسبابه في ما قام به، وقد يكون لمدير عام هيئة الزراعة عذره هو الآخر في قبول الأوامر، ولكن من المؤسف حقا أن نرى كفاءة نادرة تقال هكذا دون الاستفادة من خبراتها وعلاقاتها الدولية لأسباب ضخمت بشكل غير صحيح، وهي الآن منظورة أمام القضاء العادل، كالقول بانها متزوجة من غير جنسية الكويت، ولكن هؤلاء فات عليهم أنها ليست دبلوماسية، وبالتالي لا يشملها الحظر، علما أن هناك أكثر من حالة مستثناة من هذا النظام، ضمن السلك الدبلوماسي.
كما أن ما اتهمت به من اقامة حفلة مخالفة للعادات والتقاليد (!!) لأربع نائبات كويتيات لا صحة له، وغير ذلك من التهم التي لا تستحق حتى التطرق اليها.
إن البعض منا لا يكتفي بالتعدي على مخرجات التعليم وتشويه تربية النشء، بل يسعون كذلك لوأد الكفاءات، وكأن ما لدينا يزيد على حاجتنا بكثير.
لست هنا في معرض الدفاع عن السيدة لمياء، ولا أعتقد أنها بحاجة لدفاعي او للوظيفة الحكومية، ولكن مؤلم أن نرى كيف يعامل الإنسان المخلص في أروقة الحكومة، فلو كانت هذه السيدة رجلا يدخل الدواوين ويعرف النواب لكان الوضع مختلفا. كما أن تجاربها مع «الموظف الكويتي» أعادتني الى فترة الستينات، عندما كنت أعمل رئيس قسم في أحد المصارف، حيث كنت أعاني الكثير مع الفئة نفسها التي تسببت في المشكل للمياء، وهي الفئة التي تأتي السوالف وطلب زيادة الراتب والمزايا عندها قبل واجبات الوظيفة والتفاني في أدائها!
نعم، مؤسف أن نرى من تعبت على تعليم نفسها وتثقيف ذاتها تقبع في البيت للقيام بأعمال تستطيع مدبرة منزل متواضعة الفهم، ومقابل 60 دينارا، القيام بها، نقول ذلك ونحن على ثقة ان معرفة الحقيقة في هذه القضية ليست بالأمر الصعب المنال.
أحمد الصراف
habibi [email protected]

محمد الوشيحي

هؤلاء هم الحضر والشيعة

بدءاً، لا بد من الإشادة بموقف ناشر هذه الجريدة، الأستاذ محمد الصقر، الذي طعنتُ أنا رفاقه وزملاءه السابقين في نحورهم، فتعرض للومهم وعتبهم، كما فهمت من افتتاحيته التي أوضح فيها موقفه، وشدد فيها على أن ما يُكتب في المقالات لا علاقة له به.

أعرف وأدرك جيداً أن ملّاك الصحف ورؤساء التحرير «المهنيين»، يتعرضون لضغوط لو تعرضت لها الأرض لتفجرت منها الينابيع والارتوازات، فينحني بعضهم بحجة آلام في البطن، ويقف البعض الآخر شامخاً أمام مقالات الكتاب يدفع عنها أذى المحتجين، حتى إن كانوا من الأقارب. والصقر محمد من الصنف الثاني… شكراً بو عبدالله.

أيضاً، أقول لأبناء القبائل وأنا أشير بإصبعي إلى التحالف الوطني الديمقراطي وأمينه العام خالد الفضالة: «هؤلاء هم إخواننا الحضر والشيعة»… شمعنى؟ شجاب الطاري؟

سأجيب عن «شمعنى» وعن «الطاري»: الموضوع يا سيدي أنني كلما كتبت منتقداً القبائل في تصرف ما، أو منتقداً نائباً أو مرشحاً من قبيلتي، هبّت في وجهي رياح «السرّايات» من بعض أبناء القبائل الذين قد أجد لهم عذراً غير مقبول، فاقتلعتني من جذوري: «شفيك يا أخي، ألا تقرأ ما يكتبه آية الله الذي يدّعي الليبرالية، لكنه لا يعرف إلا الهجوم على أبناء القبائل حتى على دبّة النملة، ولم يسبق أن هاجم أحداً من أبناء طائفته؟ ألا تشاهد كيف وقف النواب الحضر ضد استجواب وزير الداخلية على أساس عنصري فئوي بغيض؟ وفي الوقت الذي نريد منك أنت تكون عوناً لنا أصبحت فرعونَ علينا؟»… وأشياء أخرى مثل هذا الكلام! وأكرر «بعضهم، أو القلة منهم». فكان ردي عليهم: قاتل الله من دفعكم إلى مثل هذا الطريق، لكن يا سادة القوم، رغم صدق جزء من حديثكم، لماذا تستمعون فقط إلى النشاز، لماذا لا تصفقون للأنغام الرائعة؟ لاحظوا مواقف الشامخ أحمد السعدون، وكم دفع من ثمن، وكم تحمل من تهم بموالاة البدو على حساب الحضر، ولم يهتز، فعيناه لا ترى الحضر والبدو والشيعة، فقط ترى «الكويتيين». أليس السعدون حضرياً بحسب تصنيفاتنا الغبية؟ وكذلك الكاتب العظيم أحمد الديين كذلك، أليس من أبناء الحضر حسب توقيتكم المحلي، فهل قادته «حضريته» إلى اتخاذ مواقف على أساس عنصري؟

طيب، دعوا عنكم السعدون والديين، وانظروا إلى التحالف الوطني الديمقراطي، الذي صوّره البعض كـ»معقل الحضر والشيعة»، وادّعوا أن «الجاهل الصغير»، المعروف بعنصريته، سينضم إليهم، فإذا بأمين عام التحالف الوطني الديمقراطي، خالد الفضالة، يقف مخاطباً أبناء القبائل بكل مسؤولية، ويهاجم من يهاجمهم، بل ويذكر الجاهل الصغير بالاسم، ويعلن البراءة منه ومن تصرفاته، ويطالب العقلاء بطرده وعدم استقباله «لأنه يتعرض لأهلنا من أبناء وبنات القبائل».

ولولا أن المقالة طالت، لتحدثت أكثر وأكثر، لكنني حقيقة لا أستغرب مثل هذه المرجلة من بو سند، خالد الفضالة، الذي قال لي إن هذا ليس موقفه وحده، بل موقف التحالف الوطني كله. والمعروف أنَّ في التحالف، إلى جانب الحضر، مجموعةً من الشيعة، وعلى رأسهم الصديق النقيّ الصاخب، عبدالكريم الشمالي، ذو القلب الحلو، الذي تأكل أصابعك وراه، ويحذّر الأطباء مرضى السكر من مجالسته، وفيه أيضاً الزميل بشار الصايغ، الخدوم الودود (كدت أكتب «الولود» لكن ربك ستر)، وجاسم القامس، وآخرون.

ولو أردت تعداد أسماء الشيعة الأنقياء فلن أنتهي: النائب حسن جوهر، وعباس الشعبي، والصديق اللذيذ بدر ششتري، وآخرون لا حصر لهم…

فانظروا إلى الزاوية الجميلة من اللوحة، واتركوا عنكم التركيز على الشخابيط السوداء.