علي محمود خاجه

ماكو أحد؟!

بمعنى أن لدينا مئة ألف كويتي وكويتية إن لم يكن أكثر من ذلك غادروا البلاد مع بداية الإجازة التي تنتهي اليوم، أي 10% من الكويتيين تقريبا غادروا الكويت غير الحجاج طبعا.

طيب، لماذا يسافر الكويتيون في هذه الإجازة، فالجو بديع كما تلاحظون، إذن فحُجَّة الحر والغبار غير موجودة، والإجازة قصيرة لا تستحق تكبد عناء السفر خصوصا إلى البلدان الأوروبية أو غير الخليجية بشكل أدق، إلا في حالة واحدة أن البلد لا يطاق البقاء فيه لولا الدوام.

لن أتطرق إلى اللهو غير المقبول عقلاً كالمسكرات أو القمار أو الجنس، والذي قد يكون- وهذا ما لا أتمناه- سببا في نزوح البعض إلى الخارج، وأتمنى، أكثر مما أعتقد، أن يكون المغادرون لهذا السبب قلة، نسبة إلى الـ10% من المغادرين.

لكن البقية تطير إلى الخارج لأن البلد خالٍ من المتعة المقبولة عقلا، فأماكن الفرح محدودة، فإما اللجوء إلى المجمعات التي نملؤها دون تسوق وإما الذهاب إلى المنتجعات الشاطئية التي تكون أسعارها أغلى من السفر أو محجوزة بالكامل من قبل أن يدخل رمضان.

ما آخر مشروع ترفيهي حكومي في البلد؟ الإجابة هي متنزه الخيران في 1987 قبل أكثر من عشرين عاما، وما آخر مشروع ترفيهي خاص؟ أعتقد أنه متنزه الشعب الترفيهي في منتصف التسعينيات، وذلك إن استثنينا بعض المتنزهات المائية التي تغلق أبوابها في الشتاء.

لا حفلات غنائية بحجة أنها مرفوضة في مجتمع محافظ و10% من هذا المجتمع يسافرون إلى بلدان تحلل ما نحرمه، ولو كان بمقدور الآخرين السفر من الناحية المادية لسافروا، فلا أماكن للترفيه والمتعة، ولا نملك صالة عرض مسرحية محترمة كي يكون لدينا مسرح لا تهريج، ولا ملعب رياضيا جيدا يمكّننا من استضافة أحداث رياضية تستقطب الجماهير.

بحسبة بسيطة فإن كان متوسط ما يصرفه المسافر في هذه الإجازة من تذاكر سفر وسكن وترفيه هو 400 دينار كويتي وأعتقد أن المبلغ أكبر من ذلك، فإن هذا يعني أن شعب الكويت المسافر صرف 40 مليون دينار لقضاء خمسة أيام خارج الحدود!!

هل رأيتم حجم «الكدر» الذي نعيشه لدرجة تجعلنا فرحين في صرف 40 مليون عن طيب خاطر في خمسة أيام، المصيبة أن 40 مليوناً تصرف لأننا اخترنا من لا يريد الترفيه في الكويت ويرفض الابتسامة، والمصيبة الأكبر أن هذه الأموال التي تنعش «أبو الاقتصاد» تذهب أمام ناظر الدولة والحكومة مرارا وتكرارا دون أن تقدم البديل كي يصب الدهن في المكبّة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

والحكمة ما قاله حكمة

لا يختلف اثنان على كم الاشكالات والأزمات التي تعيشها الكويت والتي ان استمرت دون معالجة فسيكون لها افدح الضرر سياسيا وامنيا واقتصاديا مستقبلا، وقد تم اكثر من مرة تغيير الوزارات كما تم حل البرلمانات، الا ان الاوضاع بقيت كما هي مما يشير الى ان هناك موقعا آخر يحتاج لمعالجته لمصلحة الكويت والقائمين عليها.

وعبر العصور كانت البطانة هي الفيصل الحقيقي في اداء الدول والممالك فبصلاحها وكفاءتها تصلح الامم ويرتفع شأنها، وفي اخفاقها وانتهازيتها واستغلالها لمواقعها اثر مدمر وسالب كما يشهد بذلك ما حدث بممالك مصر وليبيا والعراق في عصرنا الحديث.

والبطانة بشكل عام هي كل من يحيط بالمسؤولين، صغر المسؤول ام كبر، وللبطانة عبر التاريخ صفات مشتركة وطرق متشابهة في العمل تقلب من خلالها الابيض اسود والاسود ابيض ولا توجد بطانة حقيقة تستحق او تستأهل ان يضحى بمصالح الاوطان او سمعة المسؤولين لأجلهم، وكم من اوطان وممالك كانت ستبقى لو تخلصت من البطانات السيئة بدلا من النهايات المفجعة التي حدثت، ولا شك ان اداء اي مسؤول في اميركا أو الهند أو السند هو نتاج لقدرات الفريق المحيط به.

ومن الصفات المشتركة تاريخيا للبطانة غير الصالحة: (1) تقصدها وتسببها في إساءة العلاقة بين المسؤولين ورعيتهم واقاربهم وتصوير هؤلاء بأنهم الاعداء وان تلك البطانة هي فقط المخلصة والمحبة وسط الكارهين والحاقدين.. بئس ما قالوا وروجوا. (2) استخدام الكذب الشديد دون حياء للوصول للمقاصد مع اخفاء الحقائق عن المسؤولين حتى تحيل اعداءها الشخصيين لأعداء للمسؤولين فتفرق بدلا من ان تجمع وتدمر بدلا من ان تعمر. (3) وتتم فلترة المعلومات فلا يصل الا ما يودون له ان يصل على طريقة (ولا تقربوا الصلاة) لذا لا عجب ان نقرأ في صفحات التاريخ مقولة ماري انطوانيت الخالدة «اين البسكويت؟!» عندما اخبرت بأن الشعب جائع ولا يجد الخبز. (4) كما تتم عادة فلترة المقابلات حتى لا يلتقي المسؤول الا من يريدون له ان يلتقيه. (5) وفي الحالات التي يلتقي فيها المسؤولون دون اذنهم بالناصحين يقومون بإفساد تلك اللقاءات عبر تسريبها وتحريض الاعلام المأجور عليها للادعاء بأن تلك اللقاءات لا يأتي منها الا الاذى والصداع فيتوقفون عنها. (6) وتعمل البطانة على افساد جهد واعمال الآخرين مستخدمة اساليب الزيف والخداع وعدم ايصال المعلومات لإرسال رسالة غير مباشرة للمسؤولين بأنكم تسيئون الاختيار فاتركوا الامور لنا. (7) كما تعمل البطانة في الخفاء وتحت جنح الظلام للتحريض وشتم المخلصين عبر الإعلام المأجور ثم ابداء البراءة الكاذبة مما يجري.

آخر محطة:

صدر في بيروت كتاب الصحافي حكمة سليمان ابوزيد الذي عمل مستشارا اعلاميا لرؤساء الوزارات اللبنانية لمدة 31 عاما (1969 – 2000) عاصر فيها 10 منهم ويذكر ان سبب نجاحه انه اصر منذ اليوم الاول على ان يكون مستشارا لرئيس الوزراء وليس مستشارا في مكتبه والفارق كما يقول كبير حيث ان وجود الوسطاء قد يجعلهم يعمدون لتشويه وتزوير الحقائق دون ان تكون له قدرة الرد على افتراءاتهم.