استقلت الكويت في صيف عام 1961 وتبنت بحكمة بالغة آنذاك الديموقراطية السياسية والليبرالية الاقتصادية نهجا لها كحال ارقى دول العالم مثل اليابان واوروبا واميركا، بينما اختارت مصر في حينها الحكم القمعي كنهج سياسي والاشتراكية والتأميم وسيادة القطاع العام كنهج اقتصادي حالها حال اكثر دول العالم تخلفا مثل الاتحاد السوفييتي ومنظومته.
منذ ذلك الحين ازداد عدد مصر الولادة بما يتجاوز 60 مليون نسمة (من 20 إلى 80) في بلد محدود الموارد، بينما لا يتجاوز سكان الكويت هذه الايام 3 ملايين نسمة يعيشون فوق محيط من النفط وفوائض مالية في الميزانية قل ان وجد لها مثيل عالميا وسط الكارثة الاقتصادية القائمة، لذا فهناك سبق كويتي في المسارين السياسي والاقتصادي يقارب العقد ونصف، عن مصر التي ابتدأت خطوات الانفتاح الحقيقية منتصف السبعينيات.
زرت الاسبوع الماضي جنة أو رائعة شرم الشيخ وامضيت بها 8 أيام في عملية استكشاف دائمة وذهلت مما رأيت رغم تكرار زياراتي لها في الماضي، فعمليات التوسع والانماء والبناء قائمة على قدم وساق حتى ان منطقة «نبق» الواقعة شمال المطار والتي لم يسمع بها أحد هي أكبر واجمل في مشاريعها الضخمة من منطقة خليج نعمة وما يحيط بها.
وأول ما يلحظه الزائر هو سخاء مصر الشديد بإعطاء الأراضي للمستثمرين والمعمرين ولمدة 99 عاما (لا 25 عاما كحالنا)، ولا تأخذ رخص البناء عبر سياسة «الشباك الواحد» إلا أياما قليلة مما أحال تلك الاراضي الصحراوية الجرداء الشبيهة بأراضينا الى منتجعات احلام خضراء وزرقاء.
وقد اغمضت عيني وتصورت ما كان سيحدث لمثل تلك المشاريع الكبرى لو تركت لادائنا الحكومي المترهل ولبعض نوابنا من رافعي شعار «العرض ولا الأرض» وممن يهدفون إما بجهل فاضح او بعلم فاضح، وهذا هو الأنكى، لأن نورث الكويت صحراء قاحلة لاجيالنا المستقبلية بدلا من انشاء ما هو قريب من شرم الشيخ التي تدر على الميزانية المصرية ما يقارب 10 مليارات دولار كل عام.
آخر محطة:
(1) تفهمت بعدما رأيت رفض مصر انشاء جسر يوصل دول الخليج بسيناء وشرم كونها ستحضر نوعية واحدة من السائحين و«يطفش» البقية ولن يستطيع 35 مليون خليجي ان يعوضوا سياحة مفتوحة لـ 7 مليارات من البشر الآخرين.
(2) تهدف الادارة المصرية لجلب ملايين المتقاعدين ورجال الأعمال والسائحين للاستقرار في شرم وما حولها عبر اغرائهم بـ 365 يوما مشمسا في السنة بعكس الجنوب الفرنسي والايطالي والاسباني اضافة الى رخص المعيشة، فليتر بنزين السيارة لا يزيد سعره على 15 بنسا مقابل اكثر من جنيه استرليني في اوروبا، وقلة الضرائب.
(3) سبب المقارنة هو اظهار كم الدمار الشديد الذي تعرضت له الكويت بسبب الضعف الحكومي والجهل النيابي وما أجمل جلد الذات عندما يدفعنا للندم والحركة.