سامي النصف

«دعل» الديموقراطية الكويتية

«الدعلة» في اي لعبة هو اللاعب السيئ الذي لا يتقبل الخسارة بسهولة، فاذا ما بقي بيده «الجيكر» في لعبة «الكوت» قال انه «ما يخيس»، اما اذا بقي في يد غريمه اعلى صوته بأنه «يخيس وعشرة»، واذا اصابت الكرة دون قصد يد لاعب دفاع الخصم صاح «بلنتي» اما اذا اصابت يد دفاع فريقه صرخ «ما فيها شي»!

يرفض دعل اللعبة السياسية الكويتية وجود شيء اسمه حل غير دستوري ـ رغم انه جُرِّب مرتين في السابق ـ ويضيفون ان الحل الوحيد المسموح به هو الحل الدستوري، وهو امر مقبول لولا انهم يقومون بعد ذلك بتقديم استجوابات غير دستورية كأن تتطرق لامور حدثت ابان حكومات سابقة او خارج الـ 16 ضابطا للاستجوابات، كما اتى في حكم المحكمة الدستورية الصادر في اكتوبر 2006، ومن يرفض الحل غير الدستوري يفترض ان يرفض معه الاستجواب غير الدستوري، سواء بسواء، والا سقطت مصداقيته.. ان بقي منها شيء!

ويقول «دعل» الديموقراطية الكويتية ان الاستجواب اداة دستورية فلماذا الجزع منه؟ وهو امر مقبول كذلك لولا انهم يبدون جزعا شديدا عند استخدام المستجوب لادوات دستورية مشروعة ما وضعت الا لمثل هذه الحالات، مثل طلب التأجيل او الاحالة للمحكمة الدستورية او اللجنة التشريعية او المطالبة بسرية الاستجواب متى ما كانت الامور المتطرق لها متصلة بالامن القومي الكويتي، ومن اعطى «الدعل» حق تحريم الحلال الدستوري الذي هو امر مطابق لتحليل الحرام الدستوري؟!

ويتساءل البعض عن سبب اختصاص الاستجوابات بأبناء الاسرة الحاكمة الذين يفترض ان يكونوا آخر من يتم استجوابهم لخصوصية اوضاعهم ـ بعكس الآخرين ـ كون تلك الاستجوابات تخدش امراء المستقبل ابان حقبة تدريبهم السياسي الدستورية، والحقيقة ان السبب الوحيد الذي جرّأ الجميع على التطاول على ابناء الاسرة وكسر هيبة السلطة، وهي قضايا خطيرة جدا لا يجوز الاستهانة بتداعياتها المستقبلية، هم ابناء الاسرة الحاكمة انفسهم.

فانهيار تلك الهيبة اتى بالدرجة الاولى عندما سمح لأصحاب السمعة السيئة بالتعرض لابناء الاسرة الحاكمة كونهم فقط اوقفوا سرقاتهم وتجاوزاتهم على الاموال العامة التي يملكها الشعب الكويتي قاطبة ثم تُركوا يتبجحون بعد ذلك في المجالس والمنتديات العامة ـ وكنا حضورا للبعض منها ـ بانهم يدخلون على كبار المسؤولين في مخادعهم وغرف نومهم لتلقي التعليمات منهم (!)، واذا هانت كرامة من هم ابناء حكام ومن اعمامهم واجدادهم المباشرون حكام فماذا تبقى من الهيبة للاسرة وكيف لا يتجرأ الآخرون على البقية منهم؟!

آخر محطة:
 
1 ـ تشير محاضر المجلس التأسيسي لمحاولة المختص الوحيد بالدستور – ونعني د.خليل عثمان – تحصين منصب رئاسة الوزراء من الاستجواب طمعا في الاستقرار السياسي عبر منع تقلده احدى الوزارات او طرح الثقة بالحكومة (كحال جميع الديموقراطيات الاخرى)، والممارسة تظهر ان الرئيس سيبقى حاضرا ومستقبلا عرضة للاستجوابات المتكررة، فلماذا لا نشهد تعديلا دستوريا مستحقا يسمح له بتقلد وزارة او اكثر كي يخفف العبء عن الوزراء الآخرين ويسمح كذلك بطرح الثقة بالحكومة حتى يلجأ النواب او حتى الحكومة له عندما يكثر النقد لها كي يقرر المجلس ما اذا كانت لاتزال تحوز الثقة ومن ثم توقُّف الانتقادات وقبلها الاستجوابات متى ما حازت تلك الثقة المتجددة؟!

2 ـ الا يعلم البعض بديهية ان تبنيهم لارذال القوم هو نقيصة كبرى في حقهم لدى الشعب الكويتي الذي يعتبر مدح هؤلاء قدحا، وقدحهم في حق الآخرين مدحا، وان ما يخطونه من مقالات هو اقرب للشيكات التي مهما كبرت ارقامها فإنها تبقى دون رصيد لدى الناس؟!

سعيد محمد سعيد

يا… «حظنا الأقشر»!

 

حالة الالتياع والألم على السواحل وما حل بها من مصائب بسبب دفان وتسوير وبيع وشراء قائمة طيلة العام، لكنها تزداد لوعة وأسى عصر عيد الأضحى من كل عام إذ جرت العادة التراثية لأهل البحرين والخليج أن يلقوا (الحيه بيه)، وهي سلة أو علبة معدنية مزروعة ببعض النباتات، في البحر كنوع من الموروث التراثي.

البحث عن مكان مناسب لأخذ الأطفال لإلقاء (الحيه بيه) لم يعد سهلا إطلاقا! اللهم إلا إذا تم استحداث جزء من ساحل هنا أو هناك في المستقبل يكون مخصصا لإلقاء (الحيه بيه) إن سنحت الفرصة أصلا لتوفير ذلك الجزء وإلا فالمتاح هو أجزاء من السواحل المدفونة القريبة من المناطق السكنية هنا أو هناك، أو تحمل مشوار طويل للذهاب إلى بلاج الجزاير لغير أهالي قرية الزلاق والمناطق القريبة منها، أو ساحل الحد لرمي (الحيه بيه) وكأننا نريد أن نتخلص من شيء خطير نلقيه بعيدا ونقفل راجعين.

وعلى رغم ما حل بالسواحل، إلا أن أهل البحرين لم يتركوا هذه العادة التراثية… بل يتحمل الكثير من الناس العناء والمنظر المحزن للكثير من السواحل المدفونة ليثبتوا حضورهم في لقاء جميل لا يمكن إزالة ارتباطه بعيد الأضحى المبارك مهما كانت الظروف، والحاصل، أن الصغار والكبار ما زالوا متعلقين بعصرية عيد الأضحى إذ يجري الأطفال وفي أيديهم (حياتهم) بفرحة وسرور وهم يرددون الأهازيج الشعبية من قبيل: حيه بيه… راحت حيه ويات حيه وما شاكلها.

غير أن هذه العادة التراثية أصبحت تأخذ مسارا آخر بدأ في السنوات الماضية، وهو إصرار أهل البحرين على إثبات ارتباطهم ببحرهم وسواحلهم وحبهم لأرخبيل جزرهم المحاط بالبحر من كل الجهات والفاقد لشاطئ واحد يستطيعون أن يمشوا على رماله الناعمة ويسبحوا في مياهه الجميلة.

المهم، إحياء تراث (الحيه بيه) كان مستمرا لم ينقطع وسيستمر، سواء كان الساحل مهيأ أم لا، لأن الناس يريدون أن يعبروا عن سعادتهم بإتمام الحجيج من ذويهم أو من سائر المسلمين طبعا لمناسك الحج والاحتفال بالعيد من جهة، أو ليلتقوا في اجتماعهم السنوي على سواحلهم المدمرة من جهة أخرى.

وعلى قول المونولوجيست البحريني علي مهنا:

يا أضحى حيه بيه

سواحلنا الضحية

باجر يا حظنا لقشر

نرمي الضحية في البر

عيدكم مبارك، وعساكم من عواده