سامي النصف

من عبدالعزيز إلى عبدالعزيز

أكتب من شرم الشيخ الرائعة التي وصلت إليها من القاهرة، حيث ساهم الإعلام ـ لا الرياضة ـ في كل من مصر والجزائر في الإساءة الشديدة للعلاقات الودية والتاريخية التي تربط البلدين الشقيقين مما يتسبب بأفدح الضرر للعمل العربي المشترك، حيث إن مصر هي البلد العربي الأكبر والأكثر عددا وتليه مباشرة الجزائر.

وما كان للأمور أن تنجرف وتنحرف لهذا الدرك المؤسف لولا التأجيج والتحريض الإعلامي الذي بالغ في نقل الوقائع وعمم الإساءة التي إن تمت فقد حدثت من قطاع شبابي كروي صغير يوجد مثله في أكثر دول العالم رقيا وتقدما، ولم يكن من العدل والإنصاف أن تعمم خطيئة القلة على الملايين الأخرى في البلدين وكنت في هذا السياق قد كتبت قبل مدة قصيرة رافضا أن يؤخذ 25 مليون عراقي بجريرة وجريمة غزو عام 90.

وكالعادة، لم تقم الأمانة العامة للجامعة العربية بدورها المفترض لإصلاح ذات البين بين الشقيقين الكبيرين مصر والجزائر بل ظلت صامتة ـ دون حكمة ـ وكأنها تفرح وتسعد وتسر وتطرب لأي عمل أو مصيبة تفرق بين شعوبنا العربية وتلك خطيئة كبرى تضاف إلى خطاياها الأخرى وما أكثرها.

وبمقابل إعلام الانفعال في البلدين اطلعت على عدة مقالات ولقاءات هنا في مصر توفق ولا تفرق، تجمع ولا تبدد كحال مقال الصديق أحمد المسلماني في المصري اليوم «تحية الى شعب البربر» وما ذكره الزميل محمود سعد في برنامجه الشائق «البيت بيتك» من أن على مصر أن تبقى الكبيرة دائما وأن تعكس تحضرها عبر ردود الفعل الهادئة والحكيمة رافضا ما يقال في بعض البرامج الرياضية ومثنيا على الاتصالات الهاتفية الحكيمة لبعض البرامج التي يقوم بها السيد علاء مبارك، ومثل ذلك ما قاله النائب والإعلامي مصطفى بكري الذي نختلف معه في بعض المواقف إلا أننا نتفق معه تماما على ضرورة بقاء العلاقات الودية والمصالح المشتركة بين الشعبين الشقيقين في مصر والجزائر.

آخر محطة:

أرسل الرئيس الجزائري المثقف عبدالعزيز بوتفليقة رسالة معبرة للصديق عبدالعزيز البابطين بمناسبة الاحتفال بمرور 20 عاما على قيام مؤسسته والتي اقيمت في القاهرة، اثنى خلالها على ما حققته المؤسسة في عالم الفكر والثقافة والأدب، وفي مجال تعليم الشعر العربي ونشره في أصقاع الأرض، متمنيا للعاملين في المؤسسة المزيد من التوفيق في عملهم، ان اخفقت الجامعة العربية في واجباتها ـ وما الجديد ـ فقد يحتاج الأمر لتدخل شخصية ثقافية مثل الدكاترة عبدالعزيز البابطين كي تصلح الثقافة ـ كالعادة ـ ما يفسده الإعلام والسياسة.

احمد الصراف

النّصب الديني.. والبلاك بري!

منذ ظهور الأديان، بدائية أو سماوية أو وحدانية أو متعددة الأرباب، لم يعدم المشتغلون بها وسيلة إلا لجأوا اليها للتكسب من احترام البشر شبه الفطري لرجال الدين وتوقيرهم، وتصديق غالب -إنْ لم يكن كل- ما يصدر عنهم. ويبدو أن التكسب من الدين سيكون آخر تجارة بائرة، طالما بقي الناس على حرصهم على وضع المسؤولية على عاتق غيرهم من منطلق «حطها براس عالم واخرج منها سالم»!
لا نود التطرق الى الطرق القديمة في الاستفادة من الدين، فهي عديدة ومعروفة وسئمنا من سماعها وتكرار قولها، ولا بد بالتالي من البحث عن الجديد في طرق النصب والاحتيال، فالفكر الشرير، كما في عالم الجريمة ومكافحتها، يسبق الفكر الطيب، وآخر هذه الطرق، النصب بإرسال رسالة نصية تقول:
فسر حلمك على هدي الكتاب والسنة وأخبار أهل العالم واتصل على الرقم (..)، وتكلفة الدقيقة على المتصل 300 فلس!
وحيث ان 300 فلس مبلغ تافه جدا لدى الكثيرين، والغالبية لديها حلم أو أكثر تريد له تفسيرا، قبل أن تنساه لتنتقل الى حلم آخر، فعلينا تخيل ما يمكن جنيه من هذه الطريقة المبدعة من مال سهل.. وحلال وزلال!
كما توجد على الانترنت طريقة إثراء عجيبة أخرى من خلال استغلال الدين، وذلك بالإعلان عن أداء الحج أو العمرة إلكترونيا، فما على الراغب في ذلك إلا تعبئة نموذج محدد عن طريق الانترنت، وإرسال مبلغ من المال لحساب مصرفي، ليقوم من تتوافر فيه الشروط الصحيحة بالحج أو العمرة عن السائل الكسول، أو العاجز.
كما قام بعض المحتالين في إيران، وربما في العراق، باتباع طريقة احتيال مبتكرة لم يفكر أحد فيها من قبل، على الرغم من سهولتها، وحتى عندما كانت الأمية أكثر انتشارا والجهل أكثر استشراء، ويهدف أصحاب هذه الطريقة الى «مساعدة المؤمنين والفقراء» أو أولئك الذين لا تسمح لهم ظروف العمل أو العائلة بالسفر الى زيارة الأماكن والعتبات المقدسة، وذلك بصنع أشكال تشبه الأضرحة والانتقال بها على عربات نقل تجوب المدن والقرى النائية، لكي يتمكن القرويون المؤمنون من لمسها والتبرك بها وشمها وضمها وتقبيلها والرجاء منها تلبية دعواتهم وسماع صلواتهم وإعادة الغائب منهم لأهله، ومن ثم -وهذا هو المهم- التبرع للمؤسسة الدينية برمي الأموال من خلال فتحات الضريح النقال!
وهكذا، نجد أن طرق النصب والاحتيال تتقدم وتتطور تبعا لتقدم العصر ومتطلباته، من دون الوقوف ولو لبرهة أمام عائق العادات والتقاليد، فمنذ متى كان من عاداتنا طرح الأسئلة الدينية وطلب تفسير حلم من خلال جهاز البلاك بري؟.. ولكن يبدو أن متطلبات الإثراء السريع وغير المشروع تبرر كل شيء!

أحمد الصراف
habibi [email protected]