علي محمود خاجه

شيك بو لحية

برأيي المحورالثاني هو الأهم في استجواب فيصل المسلم، وهو موضوع شيك صدر من سمو الرئيس لأحد النواب السابقين أثناء فترة نيابته كما ادعى فيصل المسلم، وأعتقد أنه صادق في ادعائه لعدم نفي أي جهة لهذا الخبر، ولجوئهم إلى منطق «من وين ياب الشيك؟ وشلون يابه؟».

طيّب، نحن أمام مشكلة حقيقية لا تُبرَّر… حتى إن أحببنا شخصية ونوايا الشيخ ناصر، المشكلة تتمثل في تقديمه أموالاً لنائب دوره يتمثل في مراقبة ومحاسبة سمو الرئيس ومن في فريقه، فتقديم الشيخ ناصر مبلغاً من المال، أكرر أيا كانت النية وأيا كان الحساب شخصيا أم غيره، هو إهانة للعمل البرلماني والنظامي، فهي رشوة إن كنا صريحين وتصرف مرفوض إن كنا أقل صراحة.

ولنفرض أنني صاحب شركة وقدمت أموالا من حساب الشركة أو من حسابي الخاص لوزير التجارة أو المسؤول عن الشركات في وزارة التجارة حتى لو كانت هذه الأموال من باب المساعدة الإنسانية فهل سيعاقب المسؤول في حال علم الأعلى منه في الدرجة الوظيفية بتلك الأموال التي قدمتها؟ وهل سيشكل مصدر الأموال سواء من حساب شركتي أو من حسابي الخاص فرقا لديه؟

نحن أمام نفس المسألة بالنسبة لسمو الرئيس، فتقديمه الأموال لنائب أثناء ممارسة مهامه لا يجوز، قد لا يكون سمو الشيخ ناصر أول من يقوم بهذه الفعلة، وقد تكون هذه الهبات أو المنح أو سمّوها ما شئتم سنّة استنها الشيخ ناصر ممن سبقوه، ولكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن هذه السنّة صحيحة أو مقبولة، برأيي يا سمو الرئيس أن هذا الاستجواب الوحيد طوال فترة وزاراتك الذي يستحق فعلا الاستقالة والاعتذار عن تولي أي وزارة قادمة.

أما بالنسبة للنائب فيصل المسلم فأنت لم تقدم الحقيقة كاملة، وهو ما يبين لنا كارثية العمل داخل تيار دون فهم أن التيار لا يعني أبدا تغطية أخطاء أو هفوات أعضاء التيار، ففي مارس الماضي اعترف والاعتراف سيد الأدلة زميلك في كتلة التنمية والإصلاح الدكتور وليد الطبطبائي باستلامه مبلغا من سمو رئيس الوزراء وأكرر أياً كانت النوايا والأسباب، فرئيس الوزراء قدم أموالاً لنائب، والمصيبة أن هذا النائب مستمر في عمله النيابي وليس كبطل محور استجوابك الذي لم يعد عضوا في المجلس، وما يثبت أنك متناقض ولا ترفض مبدأ قبض الأموال هو أنك قبلت أن تكون عضواً في كتلة ثلاثية، الدكتور وليد أحد أضلاعها بعد اعترافه باستلام الأموال، وهو يعني أنك لا ترفض مستلم الأموال وتستجوب مقدمها!! أم أن اللحى تشفع لأصحابها حتى إن أخطؤوا يا دكتور؟

أصبحنا للأسف في بلد كله تناقضات وأوله من يفترض بهم أن يكونوا نخبة المجتمع السياسي وصفوته.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

تنشد عن الحال؟!

في مثل هذه الأيام من عام 1971 فقدت عزيزا لي وقد شاهدته في المنام قبل أيام يسألني عن حال الكويت وهو الذي تركها عندما كانت بالفعل لؤلؤة الخليج المتألقة والسباقة في كل مناحي الحياة فماذا بإمكاني أن أجيبه عن تساؤلاته؟!

هل أقول له ان ديموقراطية البناء والتعمير والتخاطب الراقي في أيامهم تحولت في أيامنا هذه الى لعبة سياسية مسخ لا يعرفها من انشأها من الآباء المؤسسين، وانها استبدلت البناء بالهدم والتعمير بالتدمير، والتخاطب الراقي بالألفاظ التي يستحي منها حتى أبناء الشوارع؟ واذا كان الآباء المؤسسون قد ضحوا بمصالحهم الخاصة لأجل المصلحة العامة، وبأموالهم الخاصة للحفاظ على الأموال العامة فقد انعكس الحال وأصبح أرخص ما يضحى به هذه الأيام هو مصلحة الوطن وأمواله لأجل ملء جيوب لا تمتلئ أبدا.

وهل أحدثه عن أوضاعنا الاقتصادية التي كانت في أحسن حال وسعر البرميل في أيامهم لا يتجاوز الدولار الواحد بسبب الحكمة والحنكة وحسن التدبير فأضحت هذه الأيام مصيبة المصائب رغم ان سعر النفط تجاوز 80 دولارا، ووصل قبل عام الى 150 دولارا ومع ذلك نعيش في كوارث وأزمات مالية لا تعاني من مثلها بلدان مليارية الأعداد كالهند والصين.

وهل أخبره عن ضياع القدوات الحسنة في السياسة والاقتصاد ومجالات الحياة الأخرى وحتى لدى رجال الدين وهم من يفترض بهم أن يكونوا قمم الفضيلة والزهد والصدق والتجرد، فقد جرفتهم السياسة والمصالح الضيقة فيما جرفت، وأصبحت لهم قصور شاهقة تفوق قصور الأباطرة والقياصرة وأصبحت آراء ومواقف البعض منهم للأسف تباع وتشترى في أسواق نخاسة المال والذهب الرنان.

أما الوحدة الوطنية يا عزيزي الراحل الكبير فقد أصبحت شعارا يطنطن به ويرفع دون مضمون وكلاما يقال دون ان يفقه قائله معناه واستحقاقاته، فليس من الوحدة الوطنية في شيء كما تعلمون ان يقدم ولاء العائلة أو القبيلة أو الطائفة أو ولاء الدول الأخرى على الولاء للوطن، وليس من الوطنية ان يتم التجاوز على الأموال العامة بدلا من دفع الضرائب والأموال لدعم الميزانية العامة، لقد قتل وطننا بعد رحيلكم على يد الغريب وتُقطع أوصاله وينحر من الوريد الى الوريد هذه الأيام على يد أبنائه ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وإن كان الجيران والآخرون يأتون في أيامكم لبلدنا للعلاج والتعليم والسياحة والاستثمار فقد أصبحنا ولله الحمد والمنة نصدر السائحين والمستثمرين والطلبة والمرضى لبلدانهم، اما انجازاتنا الرياضية فقد تحولت الى اخفاقات بعد ان تسابقنا على الاستعانة بالغريب على القريب، ولن أحدثك عن النهضة الأدبية والشعرية والمسرحية ومعرض كتاب الكويت الشهير، فجميع تلك الأمور أصبحت من المحرمات لا يجوز ممارستها أو الحديث عنها.

آخر محطة:

أسوأ ما يحدث في أيامنا هذه هو ان الجميع يتحدث عن المستقبل «المجهول» ولا أحد يتحدث عن المستقبل المشرق الزاهر.

احمد الصراف

موسيقى حائط المبكى

في آخر يوم عمل لصحافية بريطانية في القدس، طلبت مقابلة شخصية مميزة، فقيل لها ان عليها لقاء «راباي» يصلي منذ سنوات طويلة أمام حائط المبكى، وعندما قابلته سألته عما يفعله أمام الحائط منذ سنوات، فقال انه يصلي منذ أربعين عاما من أجل السلام بين اليهود والفلسطينيين والعرب، ويصلي من أجل أطفال يهودا والسامرة، وأطفال القدس ورام الله وغزة وحطين، وكل مدن فلسطين، يصلي من أجل أطفال العرب وأفريقيا والعالم، ومن أجل السلم والوئام والاستقرار ونهاية الحروب، وعالم من غير أسلحة دمار شامل! وهنا سألته الصحافية عما تحقق من صلواته: فنظر إليها باستغراب، وكأنها لا تفهم، وقال: ألا ترين أنني أتحدث مع حائط من الحجر؟!
تذكرت هذه الطرفة وأنا أستذكر كل ما كتبناه، وعدد من الزملاء والزميلات، عن فضل الموسيقى وأهميتها في حياة كل واحد منا، ومدى تأثيرها في خلجات أنفسنا، ودورها في الحروب والغوص والتجارة، وتذكر الأهل والحنين إلى الوطن، والتفاعل مع الروح الإنسانية العالية، التي تجرد منها البعض، وأصبحوا أقرب إلى الأغنام منهم إلى البشر، وذلك في معرض دفاعنا عن موقف وزارة التربية من تدريس مادة الموسيقى في المدارس الحكومية، فموقفنا جميعا يشبه إلى حد كبير موقف ذلك الراباي، وهو يتحدث مع حائط مبني من الصخر لا يفقه شيئا. فالمسألة لا تتعلق بمنطق لكي يكون العقل هو الحكم، ولا بذوق عند من لا يعرفه، ولا بتربية مع من خلت الأصوات المرحة والجميلة، دع عنك العالمية والسامية، من حياته، بل الأمر يتعلق بقناعات ومواقف لا تعرف غير شد أحزمة المتفجرات وتفجيرها في الرضع والأمهات، ابتغاء ملاقاة الحور العين أو ما هو أعلى في طرفة عين!
إن العيب لا يكمن في عقول وأنفس المعترضين على تدريس الموسيقى في المدارس الحكومية، ولا في عقول من تظاهروا مطالبين بمنع «سماعها» دع عنك تدريسها، لأبنائهم، بل بتلك المناهج البالية التي طالما كتبنا مطالبين بتشذيبها من البالي من الأفكار التي تخرج هكذا عقليات لا تعرف غير تحريم ما تشتهي وتحليل ما ترغب، متذرعة بمقولة الحرام بين والحلال بين.
نعود ونقول، ولايزال في الوقت متسع، بأن ما نحصده الآن من مواقف متشددة، ما هو إلا نتيجة ما درس في مدارس الحكومة من تخلف. وما سنحصده ونراه في السنوات العشر أو العشرين المقبلة، هو ما يدرس الآن في مدارسنا ومعاهدنا، والخيار أمامكم، إما اللحاق، ما أمكن، بركب بقية الأمم، وإما الرضا بالبقاء في الحضيض، مع غربان البين، رغبة في إرضاء من لا يرتوون من أي رغبة!
ملاحظة: كتب من كنا نعتقد برجاحة عقله أنه درس الموسيقى سنوات في المدرسة، ومع هذا لم تعن له غير «تاتا فافا تراتا»، ولهذا فهي، أي الموسيقى، لا تعني شيئا!

أحمد الصراف
[email protected]