كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
تحولت الاستجوابات من «اداة دستورية» خلقت لاجلاء الحقائق واعادة الاموال العامة الى خزائنها الى «جرائم كبرى» ترتكب بحق استقرار الوطن وثرواته مع سبق اصرار وترصد شديدين من قبل الفاعلين او القابضين لا فرق، وانتهت تلك الادوات الخيرة لأن تصبح ادوات ارهاب وقمع لآراء الحكماء والعقلاء من النواب وبعيدة كل البعد عن نصوص وروح الدستور وما قصده ورغب فيه الآباء الشرعيون له.
فأغلبية الاستجوابات المقدمة هذه الايام هي استجوابات غير دستورية كونها تتحدث عن قضايا تمت في وزارات سابقة، وقد اتى نص حكم المحكمة الدستورية واضحا وصريحا في هذه القضية، كما انها بعيدة كل البعد عن الـ 16 ضابطا التي وضعتها المحكمة الدستورية الموقرة في حكمها الصادر في اكتوبر 2006، وما فائدة تلك الاحكام اذا لم نعمل او نستشهد بها؟!
والانكى والامر انها في الواقع استجوابات «مدفوعة الثمن» كاملة الدسم رفعت لاجل فتح سوق نخاسة وتكسب وخلق ثروات لبعض النواب الآخرين من حساب الشعب الكويتي المغلوب على امره في نهج مدمر يبعد البلد عن مساره التنموي الصحيح وفي وقت تتبخر فيه مليارات الدنانير من مدخرات المواطنين عبر انهيارات متتالية لسوق الاوراق المالية بسبب الازمات السياسية المتلاحقة التي «طفشت» الاموال وطردت رجال الاعمال مع.. سبق اصرار وترصد!
وقد كان الشيخ جابر المبارك كبيرا وفارسا في خصومته عندما خرج من جلسة رفع الحصانة عن النائب الذي يستجوبه كون الوزير المعني قد «طبق القانون» ابان الانتخابات الماضية، وكأن رسالة الاستجواب هي الدعوة للفوضى وللتحول الى دولة شريعة الغاب، لا بلد احترام القوانين والتشريعات.
ولم اجد في استجواب وزير الدفاع الا «شخصنة مطلقة» ومحاور غير دستورية كونها تمت ابان عمل حكومات سابقة، فالعلاج في الخارج في وزارة الدفاع الذي يتباكى البعض عليه يصرف ـ للعلم ـ من الاموال العامة نفسها التي تصرف على العلاج في الخارج في وزارة الصحة والذي يعلم الجميع من كان فارسها والمستفيد الاول منها!
كما ان حادث «الاديرع» المؤسف مضت عليه سنوات عدة ويحدث مثله في جميع جيوش العالم مادام هناك تعامل يومي مع مواد شديدة الخطورة والانفجار، ويُظهر تضمينه الاستجواب الضعف الشديد للمحاور الاخرى.
آخر محطة:
1 ـ بودنا ان يسن وزير الدفاع سنة ديموقراطية حسنة بألا يطيل الحديث والا يزيد جوابه عن دقيقة او دقيقتين يشير من خلالهما لعدم دستورية هذا المحور او ذاك وأي اجراءات تمت، فمن معه معه ومن دفع للوقوف ضده سيقف ضده سواء أطال او اختزل.
2 ـ تقصّد وزراء السيادة يدل على كبر حجم المبالغ المتسلمة ويستدعي تفعيل «لجان القيم» وقوانين «من اين لك هذا؟».
يقول الصديق ناصر في رسالته إنه كان بالأمس يتحدث مع ابنه، أثناء مشاهدة فيلم سينمائي، عن ضرورة اهتمامه بالدراسة والحصول على علامات جيدة. وقال له، في محاولة لاغرائه بالاجتهاد في دروسه، انه سيسافر به في الصيف الى أي مدينة يحب، وربما الى أميركا، ان سمحت ظروفهم المالية بذلك، وانه سيتمكن ربما من زيارة مدينة والت دزني للملاهي، التي طالما حلم بها، بعد أن سمع عنها وشاهد الكثير من معالمها في الصور والأفلام السينمائية. ولكن ناصر فوجئ بالدهشة لسماع ابنه يقول انه لا يود السفر الى أميركا، وعندما سأله عن السبب، قال أحمد، وهذا اسم ابنه، لأنهم «كفارررر»! هكذا نطقها بتشديد عميق على حرف الراء. فسأله والده، وهو مصدوم من اجابته، عمن قال له ذلك؟ فقال انها مدرسة الدين في المدرسة، وأضاف أحمد ان الأميركان يأكلون لحم الخنزير، وكل ما يستخرج منه، وانهم كفار والله ما يحبهم لأنهم ما يعبدونه، ولهذا السبب، أو علشان جذي، لا أريد أن أسافر الى أميركا ولا أشوف «والت ديزني»!
وهنا تدخلت زوجة ناصر، التي كانت تستمع لابنهما وأبدت شديد غضبها من حديثه، وقالت انها ستذهب في الغد الى المدرسة لمعرفة ما يجري بها من غسل لأدمغة الطلبة، فطيب ناصر خاطرها ووعدها خيرا وجلس في تلك الليلة طويلا مع ابنه يطلعه على الكثير مما احتوته مكتبته من أفلام تعليمية وصور وكليبات «اليوتيوب» التي تبين دور أميركا في الكثير من المكتشفات والاختراعات والأدوية، وما قاموا به من جهود عظيمة في تحرير الكويت واعادتها حرة لأبنائها، والتركيز بدرجة أكبر على أن أميركا دولة لا يختلف شعبها عن أي شعب آخر وأنهم بشر طبيعيون، وأننا ندين لهم بالكثير وعلينا محبتهم، أو على الأقل عدم معاداتهم أو كرههم!
أنهى ناصر رسالته بالقول انه شعر بأن الصبي قد اقتنع قليلا بكلامه، لكن ليس تماما، فبعد كل ذلك الكم من الصور والأفلام وكليبات اليوتيوب التي أطلعه عليها، كان الصبي يقلب رأسه ويمط شفتيه وكأنه غير مقتنع تماما، وأن تأثير كلام معلمته فيه كان قويا لدرجة أقلقته كثيرا!
المهم في الموضوع أن أحمد لا يتجاوز من العمر أكثر من ثماني سنوات، وعلى الرغم من ذلك تعرض على يد معلمته، أو «الأبلة»، لاعتداء عقلي شرير خلق منه ارهابيا صغيرا على استعداد للقيام بما يرضي المعلمة، ويسيء لأميركا الكافرة، وكل ذلك من خارج مناهج المدرسة. وهذا يبين أن القضية ليست فقط قضية مناهج خربة بل ومدرسين نجحت الآلة الدينية الحزبية للسلف والاخوان في تحويلهم لأدوات مفسدة للنشء ومخربة لعقولهم. فيا موضي كم هي صعبة مهمتك!!
أحمد الصراف
[email protected]