سامي النصف

اغتيال الكويت

ذكرنا في أكثر من مقال سابق ان هناك من يدمر الكويت ويغتالها سياسيا واقتصاديا تحت رايات مدغدغة ظاهرها رحمة وباطنها عذاب وقلنا ان تلك الافعال تصب لصالح جهات تستفيد مما يحدث فلا يمكن ان يكون البعض منا بهذا الغباء القاتل ولا يعي تبعات ما يقول ويفعل.

ففي الشق السياسي لا يمكن التفكير للحظة في أن ما يجري له علاقة من قريب أو بعيد بالديموقراطية او الحفاظ على الدستور، كما لا يمكن ان يدعي احد ان ما نراه من عبث هو انعكاس لرغبات الاباء المؤسسين ممن يتبرأون مما يرون ويسمعون براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

فقد دمرت مشاريع الـ B.O.T عبر شروط التعسف والاذعان ودعاوى اشراك الشعب الكويتي كافة في الاكتتاب بتلك المشاريع غير مضمونة الربح مما يعني شفط مدخرات الفقراء بحجة اثرائهم ! ولو كانت تلك الافكار الطاردة المجنونة فاعلة ومقبولة لسبقتنا إليها الدول المتقدمة الاخرى التي تعلم علم اليقين ان تفتيت الثروة هو تدمير لها.

وكنا منذ الصغر نعلم ان اسوأ طريقة لاستخدام ثروة الكويت الناضبة ونعني النفط هي عبر بيعه كمادة خام حيث تتذبذب اسعاره بينما ترتفع بشكل دائم اسعار منتجاته كالكيماويات والبلاستيك والبنزين.. الخ، لذا كان مستغربا (او غير مستغرب) ان نُمنع من انتهاز الفرصة الذهبية التي اتاحها لنا الانهيار العالمي ويتم الغاء مشروعي الداو والمصفاة الرابعة لاسباب غير معروفة ودون محاسبة احد وكأن المقصود هو فقط تدمير اي امل في نهوض الكويت مستقبلا.

والامر كذلك مع مشاريع الاتصالات وانشاء بنوك التي اضعفت وبشكل شديد اهم صروحنا الاقتصادية ونعني قطاعي البنوك والاتصالات، والتي نشهد اندماجها في الدول الاخرى لا انشاء المزيد منها كحالنا ودون اي كسب حقيقي للمواطنين المخدوعين والمغلوبين على امرهم فاسعار المكالمات كما هي والحال كذلك مع فوائد وتسهيلات البنوك وعوائد تلك المساهمات «ان ربحت» لن تزيد عن 6 – 8 دنانير في العام.

وقبل عامين صدر قرار اعدام «الكويتية» بعد ان لاحظ الجناة انها بدأت تسلك المسار الصحيح وتعتزم تحديث اسطولها ومد شبكة تشغيلها لمشارق الارض ومغاربها كي تنافس زميلاتها في المنطقة ولخدمة مشروع المركز المالي الكويتي دون ان تكلف المال العام فلسا واحدا فتم الضغط انذاك على مسؤول اشتهر بالحمرنة والحرمنة معا، فألغى مشروع تحديث الاسطول بحجة الخصخصة وبيعها للقطاع الخاص ودمرت بذلك احدي اقدم مؤسسات الطيران في الخليج.

وبعد ان فرغ الجناة من تدمير حاضر الشعب الكويتي توجهوا لتدمير مستقبله فتسببوا في إفلاس مستقبلي لمؤسسة التأمينات الاجتماعية عبر ادخالها في دين اكتواري فاق 10 مليارات دينار بسبب التقاعد المبكر وغيره، ثم دفعوا بسلسلة مشاريع مدغدغة غير مسبوقة في التاريخ كالقروض و50 مشروعا آخرى كفيلة بتجفيف الميزانية وشفطها وتحول بلدنا الى مدينة ذهب اخرى يهجرها اهلها وتذروها الرياح، وكم من جرائم ترتكب في حق الشعب الكويتي تحت دعاوى محبته!

أخر محطة:
 
(1) في عام 90 تسببت خلافاتنا في دعوة الدب الصدامي الى حقلنا واغتيلت الكويت في فجر 2/8 ثم عادت للحياة بمعجزة في 26/2 ونقسم ان ضاعت أو اغتيلت الكويت هذه المرة (وليس بالضرورة عبر الغزو) فإنها لن ترجع للحياة ولن يرحم التاريخ بعد ذلك احدا.. اللهم فاشهد.

(2) حكم اغتيال الكويت قد صدر وما نراه من مصائب وغرائب هو خطوات متعاقبة على طريق التنفيذ، والله المستعان!

احمد الصراف

لمياء.. يا حلم الوطن

حصلت لمياء على شهادة الدكتوراه في تخصص نادر، وعملت قبل الغزو والاحتلال في وزارة الصحة في مجال المناعة الوراثية، واستمرت فيه لما بعد التحرير، ثم انتقلت للعمل في لندن، وهناك تسلمت وظيفة إدارية عالية في أحد أكبر مستشفياتها، وبعدها انتقلت الى روما، حيث بدأ نجمها العلمي والعملي بالظهور، بعد أن عينت مندوبة دائمة للكويت في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وهي المنظمة الأكثر نشاطا وأهمية بين جميع المنظمات الدولية. وفي الفاو، ومن واقع شهادات مكتوبة ممن عملت معهم من كبار سفراء الدول العظمي، أبلت بلاء حسنا في وظيفتها المرموقة، وخلال فترة ترؤسها للجنة الـ77 التي تضم أكثر من 130، وفي المناصب الأخرى التي تولتها في المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي، والذي كان له الأثر الايجابي على اعمال المنظمة ووطنها بشكل عام.
وفجأة، أقيلت لمياء من وظيفتها، وجميع مهامها الأخرى، وشوهت سمعتها من خلال صحف معروفة بعدائها للمرأة، وتركت في روما لكي «تعابل» نفسها، بعد أن رفضت حكومتها حتى التكفل بأمر عودتها الى وطنها.
هذه هي لمياء السقاف، التي كانت وجه الكويت الحضاري في المنتديات والمحافل الدولية، والتي تمت قبل فترة قصيرة إقالتها من وظيفتها المهمة، التابعة للهيئة العامة للزراعة، وبطلب من وزارة الخارجية الكويتية!
قد يكون لنائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية، الشيخ الدكتور محمد الصباح أسبابه في ما قام به، وقد يكون لمدير عام هيئة الزراعة عذره هو الآخر في قبول الأوامر، ولكن من المؤسف حقا أن نرى كفاءة نادرة تقال هكذا دون الاستفادة من خبراتها وعلاقاتها الدولية لأسباب ضخمت بشكل غير صحيح، وهي الآن منظورة أمام القضاء العادل، كالقول بانها متزوجة من غير جنسية الكويت، ولكن هؤلاء فات عليهم أنها ليست دبلوماسية، وبالتالي لا يشملها الحظر، علما أن هناك أكثر من حالة مستثناة من هذا النظام، ضمن السلك الدبلوماسي.
كما أن ما اتهمت به من اقامة حفلة مخالفة للعادات والتقاليد (!!) لأربع نائبات كويتيات لا صحة له، وغير ذلك من التهم التي لا تستحق حتى التطرق اليها.
إن البعض منا لا يكتفي بالتعدي على مخرجات التعليم وتشويه تربية النشء، بل يسعون كذلك لوأد الكفاءات، وكأن ما لدينا يزيد على حاجتنا بكثير.
لست هنا في معرض الدفاع عن السيدة لمياء، ولا أعتقد أنها بحاجة لدفاعي او للوظيفة الحكومية، ولكن مؤلم أن نرى كيف يعامل الإنسان المخلص في أروقة الحكومة، فلو كانت هذه السيدة رجلا يدخل الدواوين ويعرف النواب لكان الوضع مختلفا. كما أن تجاربها مع «الموظف الكويتي» أعادتني الى فترة الستينات، عندما كنت أعمل رئيس قسم في أحد المصارف، حيث كنت أعاني الكثير مع الفئة نفسها التي تسببت في المشكل للمياء، وهي الفئة التي تأتي السوالف وطلب زيادة الراتب والمزايا عندها قبل واجبات الوظيفة والتفاني في أدائها!
نعم، مؤسف أن نرى من تعبت على تعليم نفسها وتثقيف ذاتها تقبع في البيت للقيام بأعمال تستطيع مدبرة منزل متواضعة الفهم، ومقابل 60 دينارا، القيام بها، نقول ذلك ونحن على ثقة ان معرفة الحقيقة في هذه القضية ليست بالأمر الصعب المنال.
أحمد الصراف
habibi [email protected]