محمد الوشيحي

هؤلاء هم الحضر والشيعة

بدءاً، لا بد من الإشادة بموقف ناشر هذه الجريدة، الأستاذ محمد الصقر، الذي طعنتُ أنا رفاقه وزملاءه السابقين في نحورهم، فتعرض للومهم وعتبهم، كما فهمت من افتتاحيته التي أوضح فيها موقفه، وشدد فيها على أن ما يُكتب في المقالات لا علاقة له به.

أعرف وأدرك جيداً أن ملّاك الصحف ورؤساء التحرير «المهنيين»، يتعرضون لضغوط لو تعرضت لها الأرض لتفجرت منها الينابيع والارتوازات، فينحني بعضهم بحجة آلام في البطن، ويقف البعض الآخر شامخاً أمام مقالات الكتاب يدفع عنها أذى المحتجين، حتى إن كانوا من الأقارب. والصقر محمد من الصنف الثاني… شكراً بو عبدالله.

أيضاً، أقول لأبناء القبائل وأنا أشير بإصبعي إلى التحالف الوطني الديمقراطي وأمينه العام خالد الفضالة: «هؤلاء هم إخواننا الحضر والشيعة»… شمعنى؟ شجاب الطاري؟

سأجيب عن «شمعنى» وعن «الطاري»: الموضوع يا سيدي أنني كلما كتبت منتقداً القبائل في تصرف ما، أو منتقداً نائباً أو مرشحاً من قبيلتي، هبّت في وجهي رياح «السرّايات» من بعض أبناء القبائل الذين قد أجد لهم عذراً غير مقبول، فاقتلعتني من جذوري: «شفيك يا أخي، ألا تقرأ ما يكتبه آية الله الذي يدّعي الليبرالية، لكنه لا يعرف إلا الهجوم على أبناء القبائل حتى على دبّة النملة، ولم يسبق أن هاجم أحداً من أبناء طائفته؟ ألا تشاهد كيف وقف النواب الحضر ضد استجواب وزير الداخلية على أساس عنصري فئوي بغيض؟ وفي الوقت الذي نريد منك أنت تكون عوناً لنا أصبحت فرعونَ علينا؟»… وأشياء أخرى مثل هذا الكلام! وأكرر «بعضهم، أو القلة منهم». فكان ردي عليهم: قاتل الله من دفعكم إلى مثل هذا الطريق، لكن يا سادة القوم، رغم صدق جزء من حديثكم، لماذا تستمعون فقط إلى النشاز، لماذا لا تصفقون للأنغام الرائعة؟ لاحظوا مواقف الشامخ أحمد السعدون، وكم دفع من ثمن، وكم تحمل من تهم بموالاة البدو على حساب الحضر، ولم يهتز، فعيناه لا ترى الحضر والبدو والشيعة، فقط ترى «الكويتيين». أليس السعدون حضرياً بحسب تصنيفاتنا الغبية؟ وكذلك الكاتب العظيم أحمد الديين كذلك، أليس من أبناء الحضر حسب توقيتكم المحلي، فهل قادته «حضريته» إلى اتخاذ مواقف على أساس عنصري؟

طيب، دعوا عنكم السعدون والديين، وانظروا إلى التحالف الوطني الديمقراطي، الذي صوّره البعض كـ»معقل الحضر والشيعة»، وادّعوا أن «الجاهل الصغير»، المعروف بعنصريته، سينضم إليهم، فإذا بأمين عام التحالف الوطني الديمقراطي، خالد الفضالة، يقف مخاطباً أبناء القبائل بكل مسؤولية، ويهاجم من يهاجمهم، بل ويذكر الجاهل الصغير بالاسم، ويعلن البراءة منه ومن تصرفاته، ويطالب العقلاء بطرده وعدم استقباله «لأنه يتعرض لأهلنا من أبناء وبنات القبائل».

ولولا أن المقالة طالت، لتحدثت أكثر وأكثر، لكنني حقيقة لا أستغرب مثل هذه المرجلة من بو سند، خالد الفضالة، الذي قال لي إن هذا ليس موقفه وحده، بل موقف التحالف الوطني كله. والمعروف أنَّ في التحالف، إلى جانب الحضر، مجموعةً من الشيعة، وعلى رأسهم الصديق النقيّ الصاخب، عبدالكريم الشمالي، ذو القلب الحلو، الذي تأكل أصابعك وراه، ويحذّر الأطباء مرضى السكر من مجالسته، وفيه أيضاً الزميل بشار الصايغ، الخدوم الودود (كدت أكتب «الولود» لكن ربك ستر)، وجاسم القامس، وآخرون.

ولو أردت تعداد أسماء الشيعة الأنقياء فلن أنتهي: النائب حسن جوهر، وعباس الشعبي، والصديق اللذيذ بدر ششتري، وآخرون لا حصر لهم…

فانظروا إلى الزاوية الجميلة من اللوحة، واتركوا عنكم التركيز على الشخابيط السوداء. 

احمد الصراف

سمك بنك وربة

انتشرت على الإنترنت قصة عن الكيفية التي أنشئت فيها جامعة ستانفورد الأميركية الشهيرة في ولاية كاليفورنيا. وكتب البعض القصة نفسها، نقلا عن الإنترنت، وكيف أن رجلا وزوجته دخلا جامعة «هارفارد» الأكثر شهرة في العالم وطلبا مقابلة رئيسها لأمر ما. وبسبب مظاهر الفقر البادية عليهما وملابسهما الرثة، لم يحسن رئيس الجامعة استقبالهما لمناقشتهما بخصوص ما قدما من أجله وهو التبرع لبناء مبنى يحمل اسمهما ضمن حرم الجامعة، وأدى هذا الى غضبهما ودفعهما للعودة الى كاليفورنيا وتأسيس جامعتهما الخاصة، التي أصبحت تعرف بـ «ستانفورد» والتي خلدت اسم «ليلاند وجين ستانفورد» للأبد، والتي تعتبر اليوم من بين أفضل عشر جامعات في العالم، وأضاعت «هارفارد» تبرعا سخيا بسبب سوء تصرف رئيسها!
هذه القصة مختلقة بكاملها، فليلاند ستانفورد Leland Stanford مؤسس جامعة ستانفورد، الذي سبق أن ولد في ولاية نيويورك، ودرس الحقوق فيها وهاجر الى كاليفورنيا مع موجة البحث عن الذهب، حقق ثروة كبيرة في مقتبل عمره من العمل في صناعة وتشغيل السكك الحديدية. كما كان في فترة حاكما لولاية كاليفورنيا، وسيناتورا معروفا في سبعينات القرن التاسع عشر، وكان واسع الثراء وأنيقا في ملبسه وحياته. وقد قام في عام 1876 بشراء مساحات شاسعة من أفضل الأراضي لبناء سكن خاص لعائلته، وبلغت مساحة الأراضي التي ابتاعها 32 مليون متر مربع. وقرر الزوجان، في لحظة تجل، وهما في زيارة لإيطاليا، منح تلك الأرض الكبيرة لأبناء كاليفورنيا، تعويضا لفقد ابنهما الوحيد، الذي لم يكن يتجاوز الخامسة عشرة من عمره عندما توفي متأثرا بإصابته بالتيفوئيد الذي لم يمهله كثيرا.
ويذكر التاريخ أن الزوجين، ومن واقع الموقع الإلكتروني الرسمي للجامعة، قد قاما بالفعل بزيارة رئيس جامعة هارفارد للاستفادة من خبرته في مجال تأسيس الجامعات، وليس للتبرع لبناء مبنى يحمل اسمهما.
ولو كنا أنفقنا مبلغ المائتي مليون دينار، أو 700 مليون دولار، الأخيرة التي صرفت على إسقاط قروض البعض، الوهمية في غالبيتها، وتأسيس بنك لا حاجة لنا به، على مشروع علمي كتأسيس جامعة رائدة لأصبح عدد الجهلة والفقراء بيننا أقل، ولما احتاجت «الأمة» لمن يسقط عنها قروض بعض أفرادها ولا من يعطيها أسهما مجانية لا تساوي الكثير! فنحن بحاجة لمن يقوم بتعليم أبنائنا كيفية صيد السمك وليس لمن يرمي لنا سمكا على أبواب بيوتنا، والتي غالبا ما تترك هناك لتخيس، والدليل على ذلك أن نسبة المساهمة في أسهم بنك وربة «المجانية»، لم تتجاوز حتى الآن 78% بكثير، بالرغم من أنها مجانية.

أحمد الصراف