احمد الصراف

عنصرية أولاد بطنها ضد أولاد ظهرها

اشتهر الألمان بصلافتهم واعتدادهم الكبير بأنفسهم وبكونهم، كآريين، أعلى عرقا من غيرهم من الشعوب الأخرى، وقد دفعتهم هذه الترهات التاريخية، التي لا تستند إلى أي أساس متين، الى خوض حربين عالميتين كلفتاها والعالم أجمع كثيرا في الأرواح والأموال، ولايزال من بقوا أحياء ممن شاركوا في الحرب العالمية الثانية، يحتفظون بذكريات أليمة عن أهوال تلك الحرب وآثامها.
اليوم، وبعد 65 عاما من انتهاء الحرب تلك المعارك اللعينة، التي نتج عنها هزيمة الرايخ وسقوط نظرية التفوق الآري، والتي حولت ألمانيا إلى دولة مسالمة، وبعد سقوط جدار برلين واتحاد الألمانيتين، وبعد أن أصبحت ألمانيا عضوا مؤسسا في أكبر وأقوى اتحاد في العالم، نرى أن تلك التغيرات «الإيجابية» قد أثرت في كل مناحي الحياة، وأصبح الألماني الآري الأبيض الفخور بأنكلوسكسونيته أكثر تقبلا للآخر واندماجا معه، وهو ما فشلا في تحقيقه بجدارة مخجلة، وبعد أكثر من ألف عام. ويمكن ملاحظة تلك التحولات الإيجابية في أوروبا عموما وفي قلبها الألماني، عندما قامت حكومتها باختيار يتيم من أصل «فيتنامي» قدم طفلا إلى ألمانيا بلا اسم ولا اصل ولا فصل، قامت باختياره وزيرا للصحة في واحدة من أقوى دول العالم اقتصادا وأكثرها جدية واحتراما للعمل وتفانيا في أدائه. والغريب، أو المدهش، أن وسائل الإعلام الألمانية كافة تناولت بدهشة وفخر تعيين فيليب روزلر، وهذا هو الاسم الذي أعطي له وهو صغير، وزيرا للصحة في حكومة أنجيلا ميركل أول مستشارة في تاريخ ألمانيا، علما بأن الوزير الجديد لا يتجاوز عمره السادسة والثلاثين عاما!
وهنا في الكويت، صلّ. على النبي، لا يسمح لفئات محددة من الشعب، وبعد مرور قرون على وجودهم في وطنهم، وبعد أن ضحى أبناؤهم وبناتهم وأهاليهم بدمائهم وأموالهم فداء الكويت، لا يسمح لهم بمجرد الدخول، دع عنك العمل، في جهات حكومية عديدة، والأمثلة أكثر من أن تحصى أو تعد، فأي سخافة هذه وأي تفرقة عنصرية مذهبية نتنة تلك، والتي نحن أبعد ما نكون عنها، ثم لتأتي صحيفة وتضع في صفحتها الأولى صورة رمزية لنا ونحن نضع دستور البلاد، الذي انتهك وينتهك مرارا وتكرار كل يوم في سطل ماء. آه، كم أنت جميل ورائع.. أيها الخجل!

أحمد الصراف