محمد الوشيحي

آخ… يا واسَفا

بعد أسبوعين من الراحة، خلعت فيهما عقلي من رأسي، ونفيته إلى جزيرة سانت هيلانة لدواعي الغسل والتشحيم، أعود لأعترف أنني فُجعت وأنا أتابع «فضيحة الشيك»، وهي من أكبر الفضائح في تاريخ الكويت المحلي، ورائحتها نتنة عفنة عطنة، أنتن وأعفن من رائحة بيت الأسد الإفريقي.

على أن هذه الفضيحة لم تصدمني كما صدمني بحثي في قش التصريحات عن تصريح للنائب الذي أحبه وأجله، عبدالله الرومي، يبدي فيه غضبه مما حدث… فلم أجد، «يا واسَفا»!

طبعا، الرومي ليس الوحيد ممن كنا نعول عليهم فصمتوا، فكتلة العمل الوطني – وهي الكتلة التي أُعيد إحياؤها خلسة تحت لحاف الظلام – صمتت، ولم تنبس، ولم تنبر، صكتم بكتم. ولا أدري من هم أعضاؤها بالضبط، ولا أظن أحداً يدري، فهي مثل صلاة الدرزي، لا يعرفها إلا الدروز، وأنا لا أعرف من الدروز إلا جنبلاط وطلال أرسلان وفريد الأطرش والزميل ناصر العتيبي… لكنني سأفترض أنهم بعض النواب الحضر السنة، من ذوي المواقف المشهودة، ومنهم مرزوق الغانم، وصالح الملا، وعبدالرحمن العنجري، ود. أسيل العوضي، وعادل الصرعاوي (سابقاً)، وغيرهم ممن يجيدون العزف على وتر الدستور والقوانين بلا نوتة، هكذا عمياني.

وإن كانت د. أسيل – التي أضحكتنا وأبكتنا شفقة عليها وهي تبحث في الحروف الأبجدية عن مبرر لفضيحة الشيك – تمشي في شارع السياسة برشاقة، وتعتني بأظافرها، وتجالس وتؤانس العضوة الحاجة سلوى الجسار، التي التبست عليها الأمور فراحت تتصرف كما تتصرف أميرات بطرسبورج في صلفهن وكبريائهن، وتمشي وتأكل وتشرب وهي ممسكة برجل كرسي البرلمان. و»القرين بالمقارن يقتدي»، ولا فرق في الأداء بين أسيل وسلوى… أقول مهما فعلت أسيل، فلن تموء قطة في الشارع، ولن يرف جناح عصفور، إذ لا تاريخَ حافلاً يثقل كاهلها، ولا سيرة عطرة حفرتها بأظافرها في الصخور، أما الرومي ذو التاريخ والسيرة والمسيرة، فسكوته يشيب له شعر الليل، حتى إن أسَرّ لجلسائه أن سبب سكوته هو البعد عن التأزيم والخوف على الديمقراطية.

وهو بهذا يذكرني بالعجوز اليمنية التي ركبت الطائرة أول مرة، وتسمرت في مكانها، لا تلتفت ولا تتكلم، وما إن أقلعت الطائرة، وتحرك الركاب في الممر، حتى صرخت فيهم: «ما تتحركوش، شاتكع التِيّارة»، أي ستقع الطائرة، فتجمهروا حولها يسكّنون روعها، ولا فائدة، واصلت المدموزيل عويلها وصراخها في وجه كل من يتحرك ويتسبب في هز الطائرة: «ويلش يا أمي ويلش، ما يقرّوش، شاتكع التيارة، شاتكع، شااااتكع»، تقول ذلك وهي تضرب رأسها وتهزه يميناً ويساراً.

وعبدالله الرومي خوفاً من أن «تكَع التيارة»، كما يدّعي، يتفرج بصمت على أنصار سمو رئيس الحكومة وهم يعبثون بالدستور الذي منح النواب حرية الحديث تحت القبة من دون أي مؤاخذة؟ حسافة عليك يا بومحمد. حسافة أن تكنس تاريخك تحت سجادة الصمت، حسافة أن يلتبس الأمر على الأجيال المقبلة فيظنوك واحداً من الذين تُنثر لهم الحبوب في العشة، فينحنون ليأكلوها.

وبعدين، كيف تنادون بالتهدئة، ثم تهددون باستجواب وزير الشؤون على خلفية الرياضة؟ أم أن الخلاف الرياضي أهم من قصقصة أجنحة النائب وشراء ذمته وكسر عينه اليمنى؟ شفيك يا بومحمد، يا قانوني يا مخضرم؟

أتريد الحقيقة يا بومحمد، نحن نعرف تفسير موقفك هذا، أنت وكتلتك، وهو أكثر خطورة من «شيك الرئيس»! لكن الحديث عنه قد يجرنا إلى دهاليز زلقة مميتة. وليتك وكتلتك تتعلمون من شباب التحالف الوطني الديمقراطي، وتتابعون مواقفهم المفخرة، والتحالف كما تعلم هو التوأم غير الشقيق للكتلة… ومرة أخرى… يا واسفا. 

سامي النصف

المركز المالي الإسلامي هو الحل

للمعلومة، تنقسم المراكز المالية الى أنواع عدة منها المركز المالي «العالمي» كحال طوكيو ولندن ونيويورك، واحتمال ان ننافسهم أو نصبح مثلهم أقرب منه احتمال أن تشرق الشمس من الغرب أو تغرب من الشرق أو أن تنتهي المشاكل السياسية من حياتنا الكويتية.. لا فرق.

نوع آخر هو مراكز «الأوف شور» المالية والبنكية كحال جزر الكايمان وهذا الدور قامت به وبكفاءة عالية ومنذ سنوات طوال مملكة البحرين التي وطنت مئات البنوك الأجنبية لديها (مقابل أقل من عشرة لدينا) ومن ثم علينا ان نغسل أيدينا من هذا الخيار إن أردنا الواقعية.

النوع الثالث هو المركز «الإقليمي» المالي، وإشكالية هذا الخيار انك لا تختاره لنفسك فقط بل يجب ان يختاره العالم والدول المجاورة لك، والذي يكتفي في كل مرة بمركزين ماليين إقليميين لكل إقليم جغرافي كحال هونغ كونغ وسنغافورة في شرق آسيا، وسويسرا ولوكسمبورغ في أوروبا ..الخ، وواضح ان هذين المركزين قد تأسسا في الخليج عبر ما نراه قائما في دولتي الإمارات وقطر.

ومزايا هاتين الدولتين مقارنة بالكويت لا تعد ولا تحصى، فلهم أولا السبق الزمني وما دفعوه من مئات المليارات لتطوير بناهم التحتية وتطوير تشريعاتهم، وقضائهم على الروتين واستقرارهم السياسي ووجود شركات طيران وطنية عملاقة (القطرية، الإماراتية، الاتحاد)، تجلب ملايين السائحين والمستثمرين لبلدانهم، اضافة الى الحياة الاجتماعية المنفتحة (لا مركز ماليا دون ذلك الشرط) والأنظمة التعليمية المختلطة والمتطورة التي لا يتدخل أحد في مناهجها أو.. حفلاتها الموسيقية!

الأمل «الوحيد» للكويت بعد تلك المعطيات هو في خلق مركز مالي إقليمي أو عالمي للاقتصاد «الإسلامي» وهو ما يعكس وبحق واقعنا، وهذا الخيار لن يبقى طويلا على الطاولة حيث يمكن لمدن سريعة القرار كالرياض أو جدة أو مسقط أن تستحوذ عليه في ظل بقاء «اللاخبرات» الاقتصادية الكويتية الشهيرة بمحدودية التفكير والقدرات وتركيزها الشديد والوحيد على ما ينفعها شخصيا ويملأ جيوبها لا ما ينفع الكويت ومستقبلها.

آخر محطة:
 
(1) يمكن ان تشتري أعلى الشهادات الجامعية وحتى الدكتوراه، ويمكن كذلك تعلم اللغات الأجنبية عبر التواجد في الخارج، ويمكن الخداع والتظاهر بالعلم والمعرفة، إلا أن ما لا يشترى بمال هو الذكاء والحنكة والحكمة التي لو تواجدت لدى بعض «اللاخبرات» الكويتية لما صنفنا تقرير شركة ميريل لينش العالمية الصادر أمس بأننا سنبقى الأسوأ اقتصاديا وبعشرات الأضعاف من دول المنطقة لعام 2010.. ولما بعده على الأرجح!

(2) قابلت خلال الأسابيع الماضية في الكويت وخارجها العشرات من العراقيين ممن كان لديهم انطباع واحد هو ان شعبهم يختلف على كل شيء إلا في تحميل الكويت مسؤولية الأوضاع السيئة التي يعيشونها مستشهدين بما أعلناه – دون داع أو قدرة – من رفضنا اخراج بلدهم من قرارات الفصل السابع، كيف نفكر في مشروع المركز المالي ونحن نسيء عبر النصح السيئ لدول الجوار التي يفترض ان تقبل بأن نكون بوابتها للعالم؟! مستقبل و«بقاء» الكويت يفرضان علينا تغييرا جذريا في النهج والفكر وقبلهما في شخوص..اللاخبراء!

سعيد محمد سعيد

مسابقة الأبحاث الأمنية

 

لم يعتد الناس في الوطن العربي والإسلامي على رؤية صورة حضارية مغايرة لوزارات الداخلية، يمكن أن تطغى أو تغير صورة القمع والنفوذ والتسلط وتجاوز حقوق الإنسان…حتى مع محاولة الكثير من تلك الدول تغيير الصورة النمطية المخيفة والقاهرة، سواء كان ذلك في منطقة الشرق الأوسط أو في شمال أو وسط إفريقيا وبعض الدول الآسيوية، إلا أن الفشل يكون حليفها لأنها لا تزال تعتمد على أقطاب قمعية قديمة في إدارة شئونها الأمنية.

ولعلي أضم صوتي الى صوت الزملاء والمهتمين الذين رأوا في خطوة وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بإعلان جائزة الأبحاث الأمنية 2010 واحدة من الخطوات التي تعكس حاجة المجتمع البحريني، بل وحاجة المجتمع الخليجي والعربي والإسلامي، الى هذا النوع من الخطوات القادرة على استبدال صور التسلط والفرض والقمع، بصورة أخرى هي الصورة الحقيقية لأي تمدن في أي مجتمع…وهي صورة البحث والدراسة والتحليل والنقد البناء.

إن الخطوة التي أعلنها معالي وزير الداخلية تتخذ مسارين من الأهمية من وجهة نظري المتواضعة، وخصوصا على صعيد القضايا والملفات الأمنية والسياسية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع البحريني:

-أولا:وأعني المسار الأول، وهو وجود فكرة قائمة يحملها الكثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين والباحثين والكثير من المواطنين الذي لا يرون في فكرة «الشراكة المجتمعية» إلا حال غير حقيقية لا يراد منها التواصل مع فئات المجتمع المختلفة للتعاون في شأن القضايا التي يتطلب فيها التواصل بين الأجهزة الأمنية وبين المواطنين، ويعتبرون الشراكة المجتمعية طريقا واحدا للنيل من المناضلين ومن الذين ينادون ويطالبون بالحقوق، وهنا يصبح الطريق أمام هذه الفئة مفتوحا بقوة لطرح ما يرونه خطأ من خلال الأبحاث والدراسات التي لا يمكن الحجر عليها في المسابقة، وإن تم ذلك فهناك أكثر من خيار لنشرها في الصحافة وفي المواقع الإلكترونية وفي المجلات والدوريات الصادرة عن الجمعيات، لكن تبقى الفرصة مهمة للباحثين، وخصوصا على صعيد الاتجاه الذي يؤكد على ضرورة وضع الحلول السياسية والاجتماعية في حال مناقشة القضايا الأمنية.

-ثانيا:إن وجود مسابقة أبحاث أمنية، تعتبر فرصة سانحة للكثير من الشباب من الجنسين، سواء من العاملين في القطاع الأمني كشرطة المجتمع أو غيرها، أو من طلبة الجامعات والمعاهد، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني لتشجيع البحث والدراسة في القضايا والظواهر التي يعاني منها المجتمع البحريني، ومملكة البحرين، وعلى رأسها وزارة الداخلية، في حاجة ماسة الى الأبحاث والدراسات الميدانية المحلية العميقة التي تعالج قضية أو ظاهرة تتطلب عقولا بحثية، وليس سطوة حديدية أو قمع أو حجارة أو حرائق.

يبدو لي أنه من الأهمية الإسراع في وضع شروط المشاركة في المسابقة الأمنية 2010، ونتمنى أن تكون دورتها الأولى موفقة من خلال نوعية الأبحاث التي ستقدم ومضامينها، ونتمنى أن تكون مشاركة الشباب الباحثين قوية، مهما كانت الافتراضات أو المعوقات أو القراءات السلبية