لو قُدِّرَ لي أن أقدّم ملفا إذاعيا مسموعا بالمكالمات التي وردت من المعلمين والمعلمات الذين تهافتوا لطرح وجهات نظرهم بشأن واقع مهنة التعليم في بلادنا منذ نشر الحلقة الأولى من هذه السلسلة يوم الأحد الماضي، أقول لو قُدِّرَ لي ذلك، لاحتجنا إلى ساعات وساعات للاستماع الى صور من المعاناة تختلف كل واحدة عن سابقتها وقَلّما تشابهَت.
ولابد من التأكيد مرة أخرى، على أن فتح سلسلة للفْتِ الاهتمام إلى أهم شريحة مهنية، لا يعني الانتقاص من المسئولين في وزارة التربية والتعليم الذين نُكنُّ لهم كل الإحترام ونحن على تواصل كريم معهم، إلا أن الجانب الأهم من ذلك، هو الوقوف إلى جانب الوزارة وحثها على الانطلاق في مشروع تطويري شامل للمعلمين والمعلمات، وظيفيا ومهنيا ومعيشيا، حتى لا تكثر رسائل وطلبات الاستقالة، وحتى نرى أمامنا المعلم يقف باعتزاز وثقة ليقوم بدوره الديني والوطني المقدس في تعليم أبناء بلده… بدلا من آلاف العلامات من الإحباط والألم والتذمر واللوعة.
أقول إن العشرات من الاتصالات والتعقيبات وردت من العاملين في سلك التعليم، بحرينيين وغير بحرينيين، كان أهم ما في محتواها هو أنهم على استعداد لأن يعملوا ليل نهار، على أن تكون هناك بادرة أمل لتحسين الأوضاع ولو بعد حين، وهنا، من حق هذا المعلم الذي خدم الوزارة 12 عاما، وواصل تعليمه لنيل شهادة الماجستير وبقي حاله لم يتغير من دون تقدير… من حقه أن يُعبّر عن حالة الإحباط التي يعيشها.
أما بالنسبة إلى المعلمين والمعلمات الذين أصابهم الإحباط بسبب قول (مسئول ما) في الوزارة بأنهم لن يحصلوا على الترقية والدرجة الاستثنائية حتى بعد أن شارفوا على إنهاء سنوات الدراسة الليلية الأربع، فليس هناك ما يؤكد هذا القول؟ ولم يبادر أحد بتقديم اسم ذلك المسئول، لكن على أي حال، هاهي الملاحظة مطروحة، ولن يقصر الإخوة في الوزارة من توضيحها لكننا لا نستطيع أن نطرحها كاهتمام ضمن سلسلتنا هذه التي ستتطلب الكثير من النشر.
لاشك في أن المعلمين والمعلمات الذين أجمعوا على أهمية العمل على تصحيح العلاقة بين وزارة التربية والمعلمين، يدركون أهمية تطوير التعليم حتى تتطور البلد فعليا ويتم القضاء على الكثير من المشاكل والسلوكيات والممارسات المتخلفة التي نعيشها يوميا وعلى رأسها سوء المستوى الإنتاجي، وهذا يتطلب إنهاء أي حال تجاذب وخلاف بين الطرفين، والابتعاد عن أية قرارات قد تضاعف من تعقيد الأمور ولاسيما في أمر (عقدة الكادر)… وهذه ستكون مجالا للنقاش في الأعمدة المقبلة، ونتمنى من الجميع المشاركة بالآراء التي تمكننا من الوصول إلى تصور عملي يحافظ على المتميزين من المعلمين والمعلمات.